أخبار

بري لـ الرأي: نناقش مع الحريري فرص الحل قبل القمة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لبنان على مشارف الإنهيار ولدينا إصرار على إنقاذه
بري لـ الرأي: نناقش مع الحريري فرص الحل قبل القمة

تفاؤل لبناني بعد اللقاء الثاني بين بري والحريري

قوات اليونيفيل تطلب حرية اكبر لمواجهة حزب الله

أجواء إيجابية تواكب تسارع المحادثات بين الموالاة والمعارضة

رئيس الوزراء السوري يزور ايران هذا الاسبوع

وسام ابو حرفوش من بيروت: أعلن رئيس البرلمان نبيه بري أنه لمس لدى رئيس "كتلة المستقبل" النائب سعد الحريري في اللقائين اللذين جمعا بينهما، نية صادقة للتوصل إلى حل للأزمة الراهنة، لافتًا إلى أن هناك إجتماعات أخرى على الأبواب، ولديه شخصيًا إصرار أو محاولة إصرار على التوصل إلى حل قبل القمة العربية التي ستنعقد في السعودية، ومشيرًا إلى أنهم يستشرفون الآن مخارج لهذه الأزمة.

أكد في حديث إلى صحيفة "الرأي" الكويتية يُنشر اليوم وتنشره "إيلاف" بالتزامن معها، أن العمل الحثيث واللقاءات المتسارعة هي ترجمة للرغبة في أن نذهب إلى القمة العربية وتكون الأمور قد إنتهت إن شاء الله.

إذ أعلن أن اللقائين بينه وبين النائب الحريري كانت فائدتهما كبيرة لجهة إنعكاسهما إيجابًا على المناخ المذهبي والطائفي الذي كان قائمًا في لبنان، ولا سيما ضمن الطائفة الإسلامية الواحدة، وقال: "بين ليلة وضحاها وبعدما كنا بحسب تعبير القرآن الكريم "على شفا جرف من النار"، أصبحنا بنعمته إخوانًا".

وردًا على سؤال أوضح أنه لا بد من وجود سلة كاملة متكاملة للحل ولكن لا يمكن بطبيعة الحال تنفيذها دفعة واحدة"، لافتًا إلى "أننا عندما وصلنا إلى طاولة التشاور وجدنا أنفسنا أمام المحكمة والحكومة، وهو ما يتم العمل في شأنه الآن بالتوازي والتوازن"، وقال: "لا يمكن القول إن علينا تحقيق كل الأمور التي بحثت في مؤتمر الحوار الوطني والتشاور والمحكمة وحكومة الوحدة الوطنية على غرار ما حصل مع إخواننا الفلسطينيين ولكن قلنا إنه لا بد من حصول تفاهم بادئ الأمر. كل هذه الأمور وغيرها أو إحداها يمكن أن تكون موضوع الحل، لذلك سبق أن قلت لكم إننا ما زلنا نبحث عن الطريق".

واذ أوضح أن الرغبة في الحفاظ على لبنان كانت الدافع للقاء بالنسبة إليه وبالنسبة إلى الشيخ سعد الحريري، ولفت إلى أن لبنان على مشارف الإنهيار، إن لم يكن إنهيار النفوس، فقد حصل إنهيار في النصوص الدستورية نتيجة الممارسات التي جرت، وأيضًا هناك واقع يهدد بإنهيار إقتصادي.

وحذّر من انه اذا بقي الوضع على حاله واستمرت الازمة فان ما حصل عليه لبنانفي مؤتمر "باريس ـ 3" قد "يطير" في اقل من شهرين او ثلاثة "، ومنبهاً الى انه "إذا حصل لا سمح الله العصيان المدني الذي نبّهتُ منه والذي قالوا انني أهدّد به فان "باريس ـ3" سيكون كأنه لم يكن وعندئذٍ يحصل الانهيار".

وردًا على سؤال، أشار إلى أن هناك أجواءً عربيةً ومحاولات جديةً جدًا من المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران تساعد على بلوغ حل للأزمة، لافتًا في هذا الإطار إلى الاتصالات التي بدأت بين السعودية وسوريا، وقال: "انا صاحب نظرية الـ "S.S" اي السعودي ـ السوري"، مشيرًا إلى ان الحَدَث الذي تشهده المنطقة في هذه الأثناء وتحديدًا في العراق، حيث بدأ الأميركيون يهتدون إلى دخول البيوت من أبوابها (...) هو على طريقة "بحاكيك يا كنّة تسمعي يا جارة"، أي أنه حديث مع جوار العراق، وأضاف أن كل هذه الامور مجتمعة، من دون إغفال الزيارة المرتقبة للممثل الأعلى للسياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي خافيير سولانا لسوريا، قد ساعدت. ولكن العاملين الرئيسين هما الموقف السعودي المتابع لهذا الموضوع تحت ضغط القمة أو غيرها، وأيضًا الخشية التي برزت لدى القيادات اللبنانية بالنسبة إلى خطر إنهيار لبنان.

بري والحريري في آخر لقاء بينهما وهل ستكون "الضمانات السعودية" جزءًا من المخرج؟ قال: "يقول المثل العامي "بدك تأخذ حسنتك بالدبوس". نريد ضمانة سعودية وإيرانية وسورية، ونريد ضمانة من "كل الدنيا". لست ضد ذلك ولكن يهمني في النهاية أن أجد الحل اللبناني، أي الذي يتوافق عليه اللبنانيون. وجلالة الملك عبد الله، خادم الحرمين الشريفين، عقد في غضون الشهرين الماضيين ما لا يقلّ عن أربعة إجتماعات أو خمسة من أجل لبنان، وفي البداية ذهبتُ أنا إلى المملكة العربية السعودية، ونعم من أجل محاولة تقريب وجهات النظر السعودية ـ السورية. كيف أنكر هذا الأمر وهو ينعكس على بلدي؟ والجمهورية الإسلامية في إيران كان لها دور أساسي أيضًا في هذا المضمار ونحن نرحّب بذلك".

وهل حصل على ضمانات سورية بتسهيل الحل؟ أجاب: "كل الذي أطلبه هو أنه على الأقل البلد الذي لا يريد أن يساعد وألا يعرقل. وهناك أجواء سورية ليست ضد الحل".

وردًا على الكلام الأخير لوزير الخارجية السوري وليد المعلّم عن المحكمة والحدود قال الرئيس بري: "ما الجديد في كلام معالي الوزير المعلّم؟ السوريون ومنذ أشهر عدة أعلنوا موقفهم حين وقف معاون وزير الخارجية فيصل المقداد وقال إن سورية غير معنية بالمحكمة الدولية. هذا الكلام ردده الأستاذ وليد جنبلاط عن لساني عندما تحدّث عن أن نبيه بري قال إن سورية لا تريد المحكمة الدولية. والرئيس بشار الأسد نفسه قال إنه عندما تثبت إدانة أي سوري سنحاكمه، والكلام الذي قاله الوزير المعلم هو أن سورية غير معنية بالمحكمة الدولية، أي الكلام نفسه. أما حول الحدود فالسوريون في المرة الماضية أقفلوا الحدود (...) وهل كان في الإمكان أن تكون طريقة كلام المعلّم افضل؟ هذه وجهة نظر يمكن أن أكون معها، لكن مثلاً عندما طرح وزير الخارجية البلجيكي مسألة نشر قوات طوارئ دولية على الحدود بين البلدين كان يمكن أن يقال له تمامًا كما يفترض نشر قوات دولية بين بلجيكا ولوكسمبورغ. أما في مضمون الكلام فلم أجد فيه أي جديد ولو أنني كنت أتمنى أن تكون اللغة اكثر تصويبًا لأنها في معرض الرد على ما طرحه وزير الخارجية البلجيكي وجاءت في الشكل كأن المشكلة بين لبنان وسوريا".

وردًا على سؤال حول المعلومات عن أن مقررات مؤتمر الحوار والبنود السبعة لا بد أن تكون جزءًا من التفاهمات لقيام حكومة الوحدة، وهل يتعلق الأمر ببيان وزاري جديد؟ قال: "ما قررناه في الحوار تم بمشاركة أغلبية الأغلبية في مجلس النواب، وتاليًا أنا لست ضد هذا الأمر الذي لا يشكل عقبة في رأيي. والبنود السبعة وافقت عليها حكومة لبنان عندما كانت حكومة، وبالإجماع". وأضاف: "لا مشكلة عندي في بيان وزاري جديد على أن كلمة واحدة تطال المقاومة أو تحذف المقاومة أو تنتقص من حق المقاومة فهو ليس من مصلحة لبنان وليس من مصلحة العرب وكذلك ليس من مصلحة الأمة، وتاليًا إذا كان المقصود مقررات الحوار والبنود السبعة فزيادة الخير خير، فلا مشكلة. أما إذا كان المطلوب الوصول إلى موضوع المقاومة فهذا حرام ... أنا صاحب قول إنه لو كانت إسرائيل على حدود كسروان لكنت كسروانيًا ولو كانت إسرائيل على حدود عكار لكنت عكاريًا، وهو كلام قلته منذ تأسيس المقاومة وليس الآن وتاليًا فهذه الورقة، التي اسمها المقاومة، لن تستمر إلى أبد الآبدين "ما يفكروها اكلة عسل" (...) أين مزارع شبعا وأين حقوقنا؟ أين الجيش اللبناني يثبت وجوده؟ والحمد لله أصبح اليوم موجودًا. عندما تتحقق كل هذه الأمور تكون المقاومة قد أدت واجبها المجل وتنتهي لوحدها".

ورفض محاولات إيحاء "كأن السنّة في لبنان يريدون المحكمة الدولية والشيعة لا يريدونهه فهذا حرام"، وقال: "قبل نحو عامين سئلت بالنسبة إلى إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري فقلت أنا مع محكمة دولية مختلطة (...)"، لافتًا إلى ان حق المناقشة فيها مقدّس ويمكن أن يكون لمصلحة المحكمة بدليل أنه الآن لا يناقش أحد بحق مناقشة نظام المحكمة.

وعن الخشية من تفريغ المحكمة من مضمونها، قال: "لا احد يستطيع أن يفرّغ لأننا نقول إننا نريد المناقشة. وسبق أن قلت للشيخ سعد قبل اليوم أن كل شيء يؤدي إلى الحقيقة ممنوع المس به، ولكن هناك أشياء تلحق ضررًا بلبنان. هناك أشياء أسأل ما الهدف منها. مثلاً في مسألة العفو (منع صدور عفو) ما علاقتها بعمل المحكمة لإكتشاف حقيقة الإغتيال؟ هل نحن على علم بمن إرتكب جريمة؟ هل نحن على علم بمن إرتكب جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري او باغتيال فلان أو فلان وصدر بحقه حكم ونريد منع العفو عنه؟ إذا قال خبير دستوري أنه نتيجة الخوف من أن يتم العفو عن المجرم في المستقبل ويجب إلغاء المادة في هذا الشأن (التي تسمح بالعفو) فالأمر يحتاج إلى تعديل دستوري. وإذا أردنا تعديل الدستور يحتاج الأمر إلى أكثرية الثلثين، فكيف يمكن تأمين ذلك؟ (من دون الحاجة إلى المعارضة)؟".

أضاف: "لو أراد نبيه بري عرقلة المحكمة لفتح أبواب المجلس على مصراعيه ولترك المشكلات تقع داخل المجلس ليصبح موضع شكوك في شرعيته على غرار الحكومة وغير الحكومة، ولقال إنه ماش في النص المطروح ولكن تفضلوا لإقرار تعديلات دستورية لن تتوافر لها أكثرية الثلثين، يعني "طارت" المحكمة كلها".

أضاف: "نحن من يريد الحقيقة كما يطالب بها سعد الحريري وكما تريدها نازك الحريري، وكما تريدها بهية الحريري، حليفتي وزميلتي منذ عام 1992 وحتى الآن. أما عندما يقال كلام آخر عن أن المقاومة يمكن أن تكون مشاركة في الإغتيالات ألا يريدون أن يأخذ الناس تحوطات في هذا الأمر؟".
وما التعديلات التي تريدونها على المحكمة؟ قال: "الذي صدر عني وعن قيادة "حزب الله" هو أننا مع كل ما يؤدي إلى الحقيقة ونرفض أن تمس، لكن نريد مناقشة ما يتصل بأمور سياسية أو إستهدافات سياسية".

وهل المقصود مسؤولية الرئيس عن المرؤوس؟ أجاب: "وزيرالعدل شارل رزق جاء إليّ وصرّح على الباب، وقال لي إذا كانت المسألة تتعلق بالرئيس والمرؤوس فيمكن حلها، فقلت له هذه المسألة موجودة في النص، ونريد أن نناقش، لو كان الأمر مرتبطاً بهذه المسألة لحلت. ووزير العدل سبق أن عرض عليّ الأمر وأعلن ذلك في تصريح له على الباب".

وفي ما يأتي نص الحديث كاملاً:
* بدأتم بعقد لقاءات مع النائب سعد الحريري أملاً في التوصل إلى صيغة حل تنهي الأزمة التي أقل ما يقال عنها إنها وضعت لبنان على فوهة الإنفجار... ما الذي تغيّر للقول إنه بات متاحًا الخروج من أزمة عمرها أكثر من أربعة اشهر؟
ـ ما يمكنني قوله إن اللقاء مع الأخ الشيخ سعد الحريري ليس حَدَثاً في رأيي. إذ في الأساس لم يحصل أي إنقطاع (في التواصل) بيني وبين سعد الحريري ولا حتى بيني وبين أكثرية رموز 14 آذار (مارس). وكان هناك دائمًا تواصل في شكلأو بآخر، سواء بالهاتف أو بوسائل أخرى. وحتى قبيل اللقاء، كانت هناك لجنة مشتركة قبل نحو 10 أو 12 يومًا ضمّت ممثلين للشيخ سعد وآخرين لنا بهدف بحث بعض الأمور، علّنا نصل إلى حل بها. ولكن هذا لا يعني أن اللقاء بيني وبين الشيخ سعد بلا جدوى، على العكس كان عظيم الشأن وكانت فائدته كبيرة لجهة إنعكاسه ـ مع الاسف الشديد ـ على المناخ المذهبي والطائفي الذي كان قائمًا في لبنان، ولا سيما ضمن الطائفة الإسلامية الواحدة. وبين ليلة وضحاها وبفعل اللقاء، وبعدما كنا بحسب تعبير القرآن الكريم "على شفا جرف من النار"، أصبحنا بنعمته إخوانًا، وهذا بالنسبة إليّ هو أبرز نتائج ومفاعيل اللقاء.

هذا في شكل اللقاء ونتائجه على مستوى الواقع الإسلامي في لبنان. أما في الأساس، فيمكنني قول إن هناك بحثًا جديًا ونية صادقة لدى الشيخ سعد. ولمستُ هذه المرة نية صادقة عند الرجل للتوصل إلى حل. وحتى الآن عقدنا إجتماعين، وهناك اجتماعات أخرى على الأبواب، ولديّ شخصيًا إصرار أو محاولة إصرار على ان أتوصل إلى حل قبل القمة العربية التي ستنعقد في المملكة العربية السعودية. ونحن الآن نستشرف مخارج لهذه الأزمة التي قامت على أثر (طاولة) التشاور وهي مستمرة.

* ولكن كان الإنطباع أن الأفق مسدود. والآن ثمة إنطباع بان المخارج متاحة. ما الذي تغيّر؟ هل وصل الأطراف إلى طريق مسدود؟ وهل المناخ الإقليمي والدولي هو الذي ساعد؟
ـ جمعنا الحفاظ على بلدنا. لبنان على مشارف الإنهيار، إن لم يكن إنهيار النفوس، فقد حصل إنهيار في النصوص الدستورية نتيجة الممارسات التي جرت، وايضًا هناك واقع يهدد بإنهيار إقتصادي. وهل سنحصل على دعم أكثر من الذي تلقيناه في "باريس ـ3"؟ سأعود هنا بالذاكرة إلى مؤتمر "باريس ـ2" الذي "طارت" مفاعيله في غضون شهرين أو ثلاثة نتيجة الخلافات آنذاك. وبالنسبة إلى "باريس ـ3" فإن ما حصلنا عليه قد "يطير" في أقل من شهرين أو ثلاثة إذا بقي الوضع على حاله، ولا سيما إذا استمرت الأزمة. وأقول إنه إذا حصل لا سمح الله العصيان المدني الذي نبّهتُ منه والذي قالوا إنني أهدّد به فإن "باريس ـ3" سيكون كأنه لم يكن وعندئذٍ يحصل الإنهيار.


إذًا الرغبة في الحفاظ على لبنان كانت الدافع بالنسبة إليّ وبالنسبة إلى سعد الحريري. كما أن هناك أجواءً في المنطقة، أي ثمة أجواء عربية ومحاولات جدية جدًا من المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران، وهناك إتصالات بدأت بين السعودية وسورية. وأنا صاحب نظرية الـ "S.S" أي السعودي ـ السوري، من دون إغفال الحَدَث الذي تشهده المنطقة في هذه الأثناء وتحديدًا في العراق، حيث بدأ الأميركيون يهتدون إلى دخول البيوت من ابوابها. وما يحصل في العراق الآن ليس مؤتمرًا من أجل العراق فقط، وقد تكون هناك فائدة منه للعراق ونأمل في ذلك، ولكنه أيضًا على طريقة "بحاكيك يا كنّة تسمعي يا جارة"،أي أنه حديث مع جوار العراق. وكل هذه الأمور مجتمعة، من دون إغفال الزيارة المرتقبة للممثل الأعلى للسياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي خافيير سولانا لسورية، قد ساعدت. ولكن العاملين الرئيسين هما الموقف السعودي المتابع لهذا الموضوع تحت ضغط القمة أو غيرها، وأيضًا الخشية التي برزت لدى القيادات اللبنانية بالنسبة إلى خطر إنهيار لبنان.

* هناك مناخ ملائم ورغبة في التوصل إلى حل. على مستوى التقدم الذي أحرز في اللقائين بين دولتك وبين النائب الحريري. هل هذا التقدم يؤسس لتسوية قد ترى النور قبل القمة العربية؟
ـ نعم، العمل الحثيث واللقاءات المتسارعة هي ترجمة للرغبة في أن نذهب إلى القمة العربية وتكون الأمور قد إنتهت إن شاء الله.

* محكمة وحكومة، لا غالب ولا مغلوب، تلازُم وتوازي، ما هي العناصر التي تم التوافق عليها كعناوين عامة في صيغة الحل، وهل يمكن الحديث عن سلة واحدة تنفَّذ على مراحلأم ماذا؟
ـ إسمح لي أن ابدأ من الأخير. لا بد من وجود سلة كاملة متكاملة ولكن لا يمكن بطبيعة الحال تنفيذها دفعة واحدة. نحن الآن في شهر آذار (مارس) وكنا قد بدأنا في البحث عن حلول في آذار (مارس) 2006 . وفي الثاني من آذار (مارس) العام الماضي دعوت إلى مؤتمر الحوار ووصلنا إلى نتائج، ثم جاءت حرب 12 تموز (يوليو) فأرجأت الأمور. وأتينا إلى التشاور فوجدنا أنفسنا أمام المحكمة والحكومة، وهو ما يتم العمل في شأنه الآن بالتوازي والتوازن. ولا يمكن القول إن علينا تحقيق كل الأمور التي بحثت في مؤتمر الحوار الوطني والتشاور والمحكمة وحكومة الوحدة الوطنية مرة واحدة، لكن هذه المسائل مثل السبحة تكر واحدة تلو الأخرى، فلا بد من أن يتم التلاقي على كل النقاط، وهذا ما جعلنا نسكتشف على مدى جلستين كل الأمور. ويفترض الآن أنا والشيخ سعد (الحريري) أن ندخل في خريطة طريق معينة إذا صح التعبير، توصلنا إلى الغايات المرجوة. وليست هذه الإجتماعات كما يشاع أنها بين طرفين، لأنه في لبنان والحمد لله إذا ارادوا انتخاب ملكة جمال يحتاجون لواحد مسلم وآخر مسيحي ليتم الإنتخاب.

* يتم التداول بسيناريوات عدة لتظهير الإتفاق المرتقب، من الكلام عن إعلان نوايا يمهد لإطلاق آليات الحل، إلى الحديث عن إجتماع يعقد في المملكة العربية السعودية تتويجًا للتفاهم ... ما هو الأكثر رجحانًا على هذا المستوى؟
ـ كله صحيح، لأنه أنا صاحب فكرة (إصدار إعلان نوايا)، ولستُ ممن يتنكرون لشيء حتى ولو لم ينجح. وعندما دعوت إلى طاولة الحوار إنتقد بعض الكتاب والأصدقاء الأمر، وقالوا إن الحوار لم يصل إلى حل، فيما الحقيقة أن الحوار قدم خدمة للبنان لن ينساها اللبنانيون وهي أنه جاء العدوان الإسرائيلي فهجّر وأثّر على نصف الشعب اللبناني على الأقل، على نحو مباشر، فما الذي حصل؟ نتيجة الحوار الذي كان قائمًا فُتحت الكنائس والمدارس والمذاهب والطوائف، وانفتحت المناطق كلها بعضها على بعض. وبعد ذلك، وعندما توقف القتال وبقي الحصار الإسرائيلي، نزلنا إلى مجلس النواب وهناك اجتمعنا ونمنا حتى فك الحصار. هذا كله كان من ثمار الحوار. أما عندما تقدم على أمر آخر تقوم بمحاولات، وعند المؤمنين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، إذا أردت فعل شيء ما وكانت نواياك حسنة وتوفّقت بتحقيقه لك أجران واذا فشلت فلك أجر واحد لأن نواياك حسنة ... نعم أنا قلت دعونا نصدر بيان نوايا أو إعلان نوايا وعلى أساسه ننطلق وبالتوازي بالمحكمة والحكومة ... ولأسباب لم يتم التوافق على هذا الأمر، وكنت قبل ذلك قد أطلقت فكرة قيام حكومة وحدة وطنية من عشرة. وكي لا يقال إننا نريد تطيير (رئيس الحكومة فؤاد) السنيورة (ممازحاً ... أساساً لم يكن طيرًا في زمانه كي يطير) إقترحنا حكومة من عشرة برئاسته على غرار حكومة شكلت في العام 1984، فأُطلق النار على تلك المبادرة، ثم إقترحنا عقد إجتماع في المملكة العربية السعودية على غرار ما حصل مع إخواننا الفلسطينيين ولكن قلنا إنه لا بد من حصول تفاهم بادئ الأمر. كل هذه الأمور وغيرها أو إحداها يمكن أن يكون موضوع الحل، لذلك سبق أن قلت لكم إننا ما زلنا نبحث عن الطريق.


* من الواضح أن القمة السعودية ـ الإيرانية التي إنعقدت أخيرًا في الرياض وفرت المناخ الملائم لمعاودة الحوار في بيروت، هل ستكون "الضمانات" السعودية جزءًا من المخرج؟
ـ يقول المثل العامي "بدك تأخذ حسنتك بالدبوس". نريد ضمانة سعودية وإيرانية وسورية، ونريد ضمانة من "كل الدنيا". لست ضد ذلك ولكن يهمني في النهاية أن أوجد الحل اللبناني، الحل الذي يتوافق عليه اللبنانيون.

وسبق أن أشرتُ مرتين في سياق حديثي إلى المؤازرة والدعم السعودي. فجلالة الملك عبد الله، خادم الحرمين الشريفين، عقد في غضون الشهرين الماضيين ما لا يقلّ عن أربعة إجتماعات أو خمسة من أجل لبنان، وفي البداية ذهبتُ أنا إلى المملكة العربية السعودية، ونعم من أجل محاولة تقريب وجهات النظر السعوديةـ السورية. كيف أنكر هذا الأمر وهو ينعكس على بلدي؟ والجمهورية الإسلامية في ايران كان لها دور أساسي أيضًا في هذا المضمار ونحن نرحّب بذلك.

* طبعًا كنتم أول من استشرف ضرورة "تطبيع" العلاقة بين دمشق والرياض تسهيلاً للحل في لبنان، هل أنتم مطمئنون إلى وجود مظلة كافية على هذا المستوى؟ وهل ستكون سوريا جزءًا من الحل؟
ـ في لبنان وفي أيّ مكان آخر "إسأل عن الجار قبل الدار". لبنان له حدود، والحد العربي الوحيد فيه سوريا، من هنا على العالم أخذ العِبر. هذا الكلام يفسَّر أنه تبعية؟ نحن الحمد لله نطلب من الله عزّ وجلّ أن يعتبرنا تابعين له ولا أعرف إذا قبِل أو لا.

* هل حصلتم على ضمانات سورية بتسهيل الحل؟
ـ أنا كل الذي أطلبه هو أنه على الأقل البلد الذي لا يريد أن يساعد أو يعرقل. هناك أجواء سورية ليست ضد الحل.

* وماذا عن كلام وزير الخارجية السوري وليد المعلم أخيرًا عن المحكمة والحدود ...
ـ دعوني أسأل: ما الجديد في كلام معالي الوزير المعلّم؟ الجديد أنه في لبنان سرعان ما يلجأون إلى "الطنطنة" في الإعلام ويعملون على تكبير الأمور. السوريون ومنذ أشهر عدة أعلنوا موقفهم حين وقف معاون وزير الخارجية فيصل المقداد وقال إن سورية غير معنية بالمحكمة الدولية. هذا الكلام ردده الأستاذ وليد جنبلاط عن لساني عندما تحدّث عن أن نبيه بري قال إن سورية لا تريد المحكمة الدولية. الموقف السوري من المحكمة تكرر مرات عدة. فالرئيس بشار الاسد نفسه قال إنه عندما تثبت إدانة أي سوري سنحاكمه، والكلام الذي قاله الوزير المعلم هو أن سوريا غير معنية بالمحكمة الدولية، أي الكلام نفسه. أما حول الحدود فالسوريون في المرة الماضية أقفلوا الحدود.

كان في الإمكان أن تكون طريقة كلام المعلّم أفضل؟ هذه وجهة نظر يمكن أن أكون معها، لكن مثلاً عندما طرح وزير الخارجية البلجيكي مسألة نشر قوات طوارئ دولية على الحدود بين البلدين كان يمكن أن يُقال له تمامًا كما يفترض نشر قوات دولية بين بلجيكا ولوكسمبورغ. أما في مضمون الكلام فلم أجد فيه أي جديد ولو أنني كنت أتمنى أن تكون اللغة أكثر تصويبًا لأنها في معرض الرد على ما طرحه وزير الخارجية البلجيكي وجاءت في الشكل كأن المشكلة بين لبنان وسوريا.

وأتمنى أن تترك العلاقة اللبنانية ـ السورية للبلدين، وما زلت متمسكاً حتى هذه اللحظة بما قررناه في مؤتمر الحوار الوطني من ضرورة قيام علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسوريا مع أفضل الروابط وأوثق العلاقات بين البلدين مع إستقلالية كل منهما، وأنا مصرّ على تنفيذ هذا الأمر.

* ثمة من أوحى أن مقررات مؤتمر الحوار الوطني والبنود السبعة ومسائل أخرى لا بد من أن تكون جزءًا من التفاهمات لقيام حكومة وحدة وطنية، هل يتعلق الأمر ببيان وزاري جديد؟
ـ أولاً ما قررناه في الحوار تم بمشاركة أغلبية الأغلبية في مجلس النواب وتاليًا أنا لست ضد هذا الأمر الذي لا يشكل عقبة في رأيي. ثانيًا البنود السبعة وافقت عليها حكومة لبنان عندما كانت حكومة، وبالإجماع، أي أن الحكومة وافقت عليها بوجود وزراء حركة "امل" و"حزب الله". ووزراء المعارضة وافقوا قبل غيرهم على البنود السبعة. أكثر من ذلك إن النقاط السبع لا يستطيع أن يتميّز بها فريق عن آخر في لبنان. وقد كُتبت على هذه الطاولة (أشار إلى طاولة في مكتبه) بيني وبين الرئيس فؤاد السنيورة قبيل ذهابه إلى روما، ونسّقناها معًا ودوّزناهامعًا، والذي لم يأخذ بها هو مؤتمر روما ومن يعدّون أنفسهم حلفاء للبنان، وليست المعارضة اللبنانية من وقف ضدها ... ذهب الرئيس السنيورة من هنا إلى روما مدعومًا من رئيس مجلس النواب ومن إجماع في مجلس الوزراء بحضور فخامة الرئيس (اميل لحود). وأردتُ ان أطلق إشارة أكثر دعمًا للرئيس السنيورة فدعيت الصحافة الإيطالية في ذلك الوقت، وكنت مكلفًا من "حزب الله" بالنسبة إلى موضوع الأسيرين وأعلنت أنه اذا تم الإتفاق على وقف إطلاق النار فأنا مستعد للقيام بصفقة تبادل في اليوم عينه، لكن فوجئنا أنهم لا يريدون النقاط السبع لوجود خطة يراد منها الوصول إلى القرار 1701 بصورته البشعة، أي بصيغته الأولى، إذًا فلا مشكلة في النقاط السبع.

البيان الوزاري الجديد ماذا يعني؟ لا مشكلة عندي في بيان وزاري جديد على أن كلمة واحدة تطال المقاومة أو تحذف المقاومة أو تنتقص من حق المقاومة، فهو ليس من مصلحة لبنان وليس من مصلحة العرب وكذلك ليس من مصلحة الأمة، وتالياً إذا كان المقصود مقررات الحوار والبنود السبعة فزيادة الخير خير، فلا مشكلة. أما اذا كان المطلوب الوصول إلى موضوع المقاومة فهذا حرام ... كل شيء في لبنان له صيغة (حتى الشورما ـ ممازحاً) إذا كان قدر أحدى الطوائف الأساسية في لبنان أن تكون على الحدود مع إسرائيل وقاومت، فإن المقاومة كانت من أجل كل لبنان. أنا صاحب قول إنه لو كانت إسرائيل على حدود كسروان لكنت كسروانيًا ولو كانت إسرائيل على حدود عكار لكنت عكاريًا، وهو كلام قلته منذ تأسيس المقاومة وليس الآن وتاليًا فهذه الورقة، التي اسمها المقاومة، لن تستمر إلى أبد الآبدين "ما يفكروها اكلة عسل" وأعتقد أن يزيد بن معاوية يقول في أحد أبياته "حتى على الموت لا أخلو من الحسد". أين مزارع شبعا وأين حقوقنا؟ اين الجيش اللبناني يثبت وجوده؟ والحمد لله اصبح اليوم موجودًا. عندما تتحقق كل هذه الأمور تكون المقاومة قد أدّت واجبها الجلل وتنتهي لوحدها.

في العشرين من الشهر الحالي، أي مع بدء الدورة العادية لمجلس النواب تصبح المحكمة الدولية استحقاقًا وسط كلام كثير قيل عن خطف المجلس والفصل السابع وما شابه. هل سيتم ملاقاة هذا الإستحقاق بالتفاهم؟
ـ ما علاقة الدورة بالمحكمة؟

الأكثرية تعتبر أنه مع بدء الدورة العادية للمجلس لا بد من طرح المحكمة كاستحقاق تشريعي ...
ـ أريد ان أخاطب الرأي العام العربي عبر "الرأي" الكويتية لأقول إن هناك تعمية هائلة، فحرام، حرام، وللتاريخ فقط، فالشعب العربي الواعي والمدرك لعروبته ولتاريخه سيكتشف لكن قد يكتشف متأخرًا. هناك فكرة وكأن المحكمة الدولية يريدها بعضهم في لبنان وبعضهم الآخر لا يريدها، ولنتكلم بصراحة أكثر كأن السنّة يريدون المحكمة والشيعة لا يريدونها.
وفي مقابلة على محطة "الجزيرة" في برنامج "زيارة خاصة" قبل الإنتخابات النيابية، أي قبل نحو عامين سئلت بالنسبة إلى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري فقلت أنا مع محكمة دولية مختلطة على غرار سيراليون، والفارق بين ما قلته وما حصل لاحقًا بالنسبة إلى المحكمة هو أنني أردت أن تنعقد في لبنان لإعتبارات مالية فقط.

تاريخيًا هذا هو موقفنا واستمرينا عليه، في 2 آذار(مارس) 2006 ويشهد الله أنني وضعت جدول أعمال الحوار بعدما قمت بجولة عربية وتمنيت أن يوافق عليه القادة اللبنانيون، فاستجيبت أمنيتي. ما هي البنود الأولى؟ التحقيق، توسيع التحقيق الدولي والمحكمة. وخلال ساعة وخمس دقائق أقر الأمر بالإجماع، وانتظرنا بعدها مشروع المحكمة. وبحسب معلوماتي إنه في لبنان وفي أي دولة عربية أو في العالم قاطبة كل شيء قابل للنقاش، باستثناء كتابين هما القرآن الكريم والانجيل المقدس. مناقشة نظام المحكمة الدولية إستمرت نحو 7 أو 8 اشهر مع الأمم المتحدة، هل يعقل ألاّ تناقَش في الحكومة ومجلس النواب؟

إثر اغتيال الشهيد جبران تويني وقعت مشكلة، فقط كي لا تؤجل المسألة من الإثنين إلى الخميس الذي يليه، وأدى الأمر إلى عزوف وزرائنا سبعة لأيام. وحتى الآن هل بدأ التحقيق في إغتيال تويني؟ لماذا كان الإستعجال؟ في المرة الثانية كنا في التشاور، ربما هناك من يسأل لماذا القطيعة حتى الآن بيني وبين الرئيس السنيورة؟ سبب القطيعة لا يعود إلى عدم إحترام للرجل أوعدم محبة له، السبب هو هذا الأمر، لأنه أوقع البلاد بالفتنة وكنا على شفير جرف من النار، وصلنا إليه في جامعة بيروت العربية، علمًا أنني كنت تحدثت مع الرئيس السنيورة وقال "أبدًا" (اي عدم تحديد موعد لمجلس الوزراء قبل مناقشة نظام المحكمة). وأكثر من ذلك سأكشف عن سر بأنه في تلك الليلة كان زارني ليل الجمعة الأستاذ وليد جنبلاط وهم يعرفون أنني يوم السبت عليّ السفر إلى طهران، فقلت له "إصْحك يوقّعنا بمشكلة مثل المرة الماضية" (اي الرئيس السنيورة). سألني جنبلاط عن موعد عودتي من طهران فقلت له يوم الأربعاء فكان رده إنه يمكن تأجيل الأمر حتى الخميس. في اليوم التالي نزلنا إلى التشاور وكرسي الرئيس السنيورة إلى جانبي، واكتشفت أنه عيّن جلسة لمجلس الوزراء ولم يخبرني بالأمر، فشعرت بهزة حقيقية لأنه خلال تعاوننا، وهذا جزء من واجباتي فهو ابن منطقتي وابن بلدي (صيدا والمصليح) فتساءلت لماذا دفع الأمور كي يقال إن فريقًا من اللبنانيين أكانوا شيعة أم أرثوذكس أو تتر هم ضد المحكمة؟ علمًا أن حق المناقشة فيها مقدّس ويمكن أن يكون لمصلحتها ـ أي لمصلحة المحكمة ـ بدليل إنه الآن لا يناقش أحد بحق مناقشة نظام المحكمة، فلماذا؟ دولة الرئيس فؤاد السنيورة بعث إليّ بنسخة عن نظام المحكمة في الليل في العاشرة وخمس دقائق، فكيف يمكن أن تكون جلسة مناقشتها يوم الإثنين والامر يحتاج إلى قراءة وتدقيق؟ وكانت النتيجة إستقالة الوزراء ولا تزال القصة على الأرض قائمة. ثم دخلنا في موضوع الحكومة الوطنية، فإذا كان وزراء المعارضة وبعضهم يمثل رئيس مجلس النواب ورئيس حزب (حركة امل) وبعضهم الآخر يمثل المقاومة ورئيس حزب (حزب الله) ولم يمونوا على التأجيل لـ 48 ساعة، مما طرح موضوع حكومة الوحدة الوطنية والثلث المعطل، وهو الأمر الذي أدى تاليًا إلى اعتصامات وما شابه. وما زلنا في هذا الإطار.

اؤكد لكم وللرأي العام عبركم، بعضهم يقول إن هؤلاء عملاء لسورية ولأنهم كذلك لا يريدون المحكمة الدولية، يا اخي ما دامت سوريا قالت إنها غير معنية بالمحكمة الدولية ونحن نقول إننا معنيون ونريد مناقشتها، فكيف نكون عملاء؟

* هناك خشية من تفريغ المحكمة من مضمونها ...
ـ لا أحد يستطيع أن يفرّغ لأننا نقول: "نريد أن نناقش". وعندما يكون ثمة قضية يفترض أن نقررها معًا، فيجب أن أناقشها. وفي النهاية الأكثرية داخل الحكومة لمن؟ (لفريق 14 آذار (مارس) إذًا يحق لي أن أناقش وربما أقنعك. وسبق ان قلت للشيخ سعد قبل اليوم إن كل شيء يؤدي إلى الحقيقة ممنوع المس به، ولكن هناك أشياء تلحق ضررًا بلبنان. وهنا أريد أن انبّه إلى امر. مَن اخترع المقصلة أُعدم فيها. هناك أشياء أسأل ما الهدف منها. مثلاً في مسألة العفو (منع صدور عفو) ما علاقتها بعمل المحكمة لإكتشاف حقيقة الإغتيال؟ هل نحن على علم بمن إرتكب جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أو بإغتيال فلان أو فلان وصدر بحقه حكم ونريد منع العفو عنه؟ إذا قال خبير دستوري إنه نتيجة الخوف من أن يتم العفو عن المجرم في المستقبل ويجب إلغاء المادة في هذا الشأن (التي تسمح بالعفو) فالأمر يحتاج إلى تعديل دستوري. وإذا أردنا تعديل الدستور يحتاج الأمر إلى أكثرية الثلثين، فكيف يمكن تأمين ذلك؟ (من دون الحاجة الى المعارضة)؟ لذا فإذا أردنا العرقلة، وهنا أريد أن اتحدث عن أمر لأول مرة، فلو نبيه بري أراد العرقلة لفتح أبواب المجلس على مصراعيه ولترك المشكلات تقع داخل المجلس ليصبح موضع شكوك في شرعيته على غرار الحكومة وغير الحكومة، ولقال إنه ماشي في النص المطروح ولكن تفضلوا لإقرار تعديلات دستورية لن تتوافر لها إكثرية الثلثين، يعني "طارت" المحكمة كلها.

نحن من يريد الحقيقة كما يطالب بها سعد الحريري وكما تريدها نازك الحريري، وكما تريدها بهية الحريري، حليفتي وزميلتي منذ عام 1992 وحتى الآن. أما عندما يقال كلام آخر عن أن المقاومة يمكن أن تكون مشاركة في الإغتيالات، ألا يريدون ان يأخذ الناس تحوطات في هذا الأمر؟

* ما التعديلات التي تريدونها على المحكمة؟
ـ صدقوني إن الكلام الذي صدر عني وعن قيادة "حزب الله" هو أننا مع كل ما يؤدي إلى الحقيقة ونرفض أن تمس، لكن نريد مناقشة ما يتصل بأمور سياسية أو إستهدافات سياسية.

* هل المقصود مسؤولية الرئيس عن المرؤوس؟
ـ وزيرالعدل شارل رزق جاء إليّ وصرّح على الباب، وقال لي إذا كانت المسألة تتعلق بالرئيس والمرؤوس فيمكن حلها، فقلت له هذه المسألة موجودة في النص، ونريد أن نناقش، لو كان الأمر مرتبطًا بهذه المسألة لحلت. ووزير العدل سبق أن عرض عليّ الأمر وأعلن ذلك في تصريح له على الباب.

* واحد من المظاهر المنسوبة للأزمة كان إيقاظ الفتنة السنية ـ الشيعية وهو الأمر الذي ترك أصداءً سلبية على عموم المنطقة. هل أنتم مطمئنون إلى تجاوز هذا "القطوع" الخطر؟
ـ مر أحد الخلفاء الراشدين على إمرأة كانت تبكي، وسألها عن السبب فقالت إن ناقتها، مصدر رزقها، أصيبت بالجرب وهي خائفة عليها من الموت وتدعو الله لشفائها ... فقال لها أضيفي إلى دعائك شيئًا من القطران. الدعاء وحده مهم لكنه لا يكفي. لا يكفي قول ما سأقوله كي نقول أن الأمور قد إنتهت.
أولاً في المعنى الإسلامي، إيماني كان ولا يزال أنه لا يوجد في الإسلام طائفة شيعية ولا طائفة سنية، يوجد طائفة واحدة اسمها الإسلام، هناك 76 مذهبًا "عداً ونقداً"، لكن على مر التاريخ والأجيال بقي منهم بقوة وثقل (مع احترام المذاهب الاخرى) خمسة مذاهب. اربعة ينتمون إلى ما يسمى المذاهب السنية وهم الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي، وضمن المذاهب الشيعية العديدة، الزيدية، الاسماعيلية والدروز ـ والدروز اصلهم شيعة ـ وبقي اكثر المذاهب إنتشارًا المذهب الجعفري ... يوجد بين المذاهب السنية فيما بينها فوارق أكثر مما هو بين السني والجعفري. إذًا، بين مجتهد ومجتهد في المذهب الواحد هناك فروقات أكثر مما هي بين المذاهب. رحمة الله على (جمال) عبد الناصر، فلم يكتف بالقول بل وضع المذاهب الخمسة لتدريسها في الأزهر. والله يرحم الدكتور صبحي المحمصاني عندما كنا ندرس في الحقوق المذاهب الأربعة فأضاف إليها المذهب الخامس.

في لبنان، لا اريد أن أتجاهل التشظي العراقي، نجحوا في العراق بافتعال هذا الامر (الفتنة)، فمن خلال الإعلام والميديا ووسائل الإتصال صارت الأمور تدخل إلى البيوت، وعندما يشاهد المرء ما يحصل في العراق لا يمكنه تجنب "هذه الكهرباء ـ الحساسية" لكن في لبنان الأمر يختلف عن كل الأمور كالعادة. وهناك 361 ألف زيجة مختلطة بين الشيعة والسنة، إذا إعتبرنا أن في كل عائلة ولدان، يعني هناك أكثر من 700 الف ينادون للجد الشيعي نفسهوالجد السني نفسه. واذا علمنا أن المسلمين عددهم في لبنان لا يتجاوز المليونان أو المليونان ونصف، فإذًا هناك الثلث اذا لم يكن النصف زيجات مختلطة، فماذا يفعل هؤلاء؟ لا يوجد بيت تقريبًا ولا توجد عائلة خالية من الزيجة المشتركة، إبتداء من بيتي، أنا عندي صهر سني وفي الكتلة التي أترأسها أيضًا.

هذا لبنان لا يمشي، ليس لأن الشيعة والسنة متنابذان، بل إذا كان اللاتين مع إحترامي لهم كأقليات كانت حقوقهم منبوذة. قيمة لبنان كما قال الإمام موسى الصدر إن وجود الطوائف فيه نعمة أما الطائفة فهي النقمة. دعونا نلاحظ لقد نقلونا من الطائفية إلى المذهبية، أصبحنا نترحم على الطائفية.

أود لفت النظر إلى إحصاء نشر أخيرًا وتوقفتُ أمامه ملياً، وهذا الأمر حصل قبل لقائي مع سعد الحريري قبل أيام، سألوا جمهور "امل" و"حزب الله" أي جمهور الشيعة أي طرف تفضلون التحالف معه فكان جواب 54 في المئة مع "تيار المستقبل"، وسألوا جمهور "المستقبل"، اي الجمهور السني، فكان الجواب 39 في المئة مع حركة "امل" و"حزب الله"، هذا رغم الأجواء التي كانت واقفة "على صوص ونقطة".

الوعي اللبناني، الإدراك اللبناني، الدرس الذي ما زال يتردد صداه من العام 1975 وحتى الآن. بعض الناس ما زال يطالب بأولاده المفقودين ابان الحرب، ما زلنا نداوي الجرحى والمعوقين من أيام الحرب، هناك مدارس مفرزة على أساس طائفي ومذهبي، ما زال هناك من لم يتعرف على "الطرف الآخر" كما يجب من المسلمين والمسيحيين ... لذلك السؤال صحيح والجواب مؤلم، فالأمر يحتاج إلى عمل، علينا إستعجال الحل السياسي وإطلاق برامج بين اللبنانيين ... أمضينا حياتنا في لبنان نقول نبدأ بالنصوص، ومن ثم النفوس وبالعكس، في الحقيقة يجب العمل على النصوص والنفوس معًا، والحقيقة أنه يجب الإنتقال بلبنان إلى المجتمع المدني، أن نتحول من سلطة إلى دولة، عندها تصبح الطائفة درجة ثانية، نحن الآن ننتمي إلى الدولة عبر وسيط اسمه الطائفي.

* غالبًا ما تتهم المعارضة الولايات المتحدة وفرنسا بعرقلة مساعي الحل في لبنان، كجزء من صراع المحاور في المنطقة، هل في الإمكان تجنيب لبنان لعبة المحاور؟
ـ الحقيقة "جسمهم لبيس" ولكن في مرات كثيرة نحن من يتحمل المسؤولية. قلت مرة إنه عندما تذهب إسرائيل بمن سنتحجج؟ علينا البدء بأنفسنا، إذا كان الأميركي يتدخل او سواه لماذا نترك له المجال؟ أبدأ الملامة بنفسي ولا أقصد تبرير الآخرين، هناك تدخلات غير معقولة تتم أحيانًا وتصريحات غير معقولة لا يشهد مثيلاً لها أي بلد.

نحن أدخلنا الآخرين في شؤوننا، في العائلة إذا كانت المرأة وزوجها على خلاف، حتى الأولاد يلعبون بهما، وإذا كانا على إتفاق لا الأولاد ولا الجيران يمكن أن يلعبوا بهما ... الحمد لله (ممازحًا) عندنا الأولاد والجيران يلعبون.

تنشر المقابلة بالتزامن والإتفاق مع جريدة "الرأي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف