لأول مرة في المغرب: بزوغ التهديد الكيميائي للجماعات الإرهابية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أيمن بن التهامي،أحمد نجيم من الدار البيضاء: لأول مرة في المغرب بزغ التهديد الكيميائي للجماعات الإرهابية، إذ أظهرت التحريات أن مصالح الأمن أوقفت مهندس كيميائي في مدينة المحمدية في ضواحي البيضاء، يشتبه في أنه كان تحت إمرة سعد الحسيني، الذي يعتقد أنه قائد الجناح العسكريلـ "الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة" التي إنصهرت، برفقة الجماعات الإرهابية المغاربية أخرى، في تنظيم جديد، إختار له أسامة بن لادن إسم "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". ورجح مصادر أمنية جيدة الإطلاع أن يكون المهندس وراء تهديد من نوع جديد، بعد أن ضبطت السلطات الأمنية بحوزته كميات من "التيتانوس" إستطاع الإرهابيون ترتيبها على طريقة المختبرات العلمية.
من جانبه، أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف في الرباط إحالة المتهم الحسيني على هذه المحكمة بعد ما توبع بعدة تهم تتعلق بالمس بسلامة الدولة الداخلية عن طريق تسلم مبالغ مالية في إطار تمويل نشاط من شأنه المس بسلامة الدولة، وتكوين عصابة لإعداد أعمال إرهابية وارتكابها في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطر بالنظام العام.
وذكر الوكيل العام، في بلاغ له، بأن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء تمكنت، في إطار تفكيك الخلايا الإرهابية، من إلقاء القبض على المسمى سعد، الذي أثبت البحث أنه بعد حصوله على إجازة في الكمياء إنتقل إلى أفغانستان حيث تلقى تدريبات شبه عسكرية. وأضاف أن هذه التدريبات تركزت حول كيفية استعمال الأسلحة النارية الخفيفة كلاشينكوف، وصناعة المتفجرات، وتصنيع السموم، وتقنيات الرمي والتسديد باستعمال المدافع كالهاون، وتقنيات حرب العصابات والقتال بالشوراع وإقامة الفخاخ، فضلاً عن تداريب حول الدوائر الإلكترونية والدوائر المتكاملة وهي تقنيات تستعمل في عمليات التفجير عن بعد.
وأشار الوكيل العام إلى أن المتهم إلتقى كذلك ببعض زعماء تنظيم القاعدة وبمجموعة من قيادييها في جهات مختلفة من العالم، مضيفًا أنه شارك في غضون شهر حزيران (يونيو92001، برفقة نور الدين نفيعا والطيب بنتيزي المحكوم عليهما على خلفية أحداث16 ماي 2003، ومحمد الكربوزي الموجود في حالة فرار خارج التراب الوطني، في الإجتماعات الرئيسية التي من خلالها تمت الهيكلة النهائية لما يعرف بالجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية، والتي تمخض عنها إنشاء مجلس الشورى والمجلس التنفيذي، إضافة إلى خمس لجان أخرى هي: اللجنة العسكرية واللجنة الدينية واللجنة الأمنية، واللجنة المالية، واللجنة الإعلامية.
وأبرز المصدر ذاته أنه بعد دخوله إلى المغرب، خلال سنة 2002، عمل على تنشيط الخلايا التابعة لهذه الجماعة من خلال إنشاء لجنة عسكرية تهدف إلى إقامة معسكرات في جبال الريف وجبال الأطلس، بغرض تدريب المتطوعين الجدد وإيواء أتباع الجماعة، وتشكيل في الوقت نفسه قواعد لتصنيع المتفجرات، كما قام بتنظيم تدريبات حربية لفائدة بعض أفراد الجماعة.
وبعد أحداث 16 أيار (مايو) 2003، وتفكيك الجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية، ومحاكمة مؤسسيها سواء في المغرب أو الخارج، يضيف الوكيل العام، أن الحسيني إختفى عن الأنظار، واهتم بإنشاء شبكة أخرى تتعلق باستقطاب المغاربة للذهاب إلى العراق، حيث تمكن من إرسال 18 شخصًا لهذه الغاية، مستغلاً الأموال التي حصل عليها من التنظيم المذكور.
80 ألف كلاشنيكوف في مالي ومادة سامة في المغرب
فيما أكدت معطيات استخباراتية وجود حوالى 80 ألف سلاح كلاشنيكوف في شمال مالي، حيث تنشط الجماعات الغرهابية، كشفت التحليلات المخبرية للمواد المحجوزة بالغرفة، التي تركها الانتحاري عبد الفتاح الرايضي في حي مولاي رشيد في الدار البيضاء، أنها كانت تحتوي على مادة سامة (titanos patogeacute;ne).
وقال شكيب بنموسى، وزير الداخلية، إن الرايضي هو الذي صنع المتفجرات، واستقطب الإنتحاريين للقيام بعملية 11 آذار (مارس)، مضيفًا أن السلطات الأمنية لم تحجز فقط مواد أولية في صناعة المتفجرات، بل أيضًا ستة كيلوغرامات ونصف من المتفجرات الجاهزة.
وأشار المسؤول الحكومي، في لقاء عقده مع الصحافة، أمس الأربعاء، في مقر الوزارة بالرباط، وحضره الوزير المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة، إلى أن كل حزام كان يحمل ما بين 330 و350 غرامًا من المتفجرات. وقادت التحقيقات إلى أن من بين 30 إرهابيًا متورطين في تفجير 11 آذار (مارس) في الدار البيضاء، اثنا عشر إنتحاريًا كانوا يتهيؤون للقيام بعمليات تخريبية ضد أهداف اقتصادية (تفجير البواخر الأجنبية الراسية بالميناء) وأمنية في العاصمة الاقتصادية، وسياحية في مدن الصويرة ومراكش وأكادير.
كما توصلت التحقيقات إلى أن تاجر المجوهرات محمد الطالبي، الذي إعقتل قبل أيام، يقف وراء تمويل الخلية، إذ سلم الرايدي مبلغ واحد وثلاثين ألف درهم، إضافة إلى خمسة آلاف درهم سلمها إياه حسن الخطاب، المتهم بتزعم خلية "أنصار المهدي"، المتابعة حاليًا أمام القضاء.
وذكر وزير الداخلية أن 16 من أعضاء الخلية الـ 30 تتراوح أعمارهم بين 18 و27 سنة، وأن 18 منهم يتحدرون من الحي نفسه، فيما أظهرت التحريات أن 11، من أصل 24 ألقي عليهم القبض، لهم سوابق عدلية، وأغلبهم يزاول حرفًا هامشية.
وأكد بنموسى أنه من الصعب إيجاد علاقة بين 11 آذار (مارس) المغربي و11 آذار (مارس) الإسباني، واستطرد قائلاً: "ما نعرفه هو أن الرايدي كان يتمنطق الحزام أربعة أيام قبل 11 آذار (مارس)، وكان مهيئًا لتفجير نفسه في أي لحظة، أما باقي الإنتحاريين فلم يكونوا مهيئين لتفجير أنفسهم في هذا التاريخ". وأوضح أن المغرب ليس في منأى عن خطر الإرهاب، وزاد مفسرًا: "لا يجب أن نقول إن علينا أن نرتاح، لأن المعلومات المتوفرة لدينا تؤكد أن المغرب مستهدف من طرف الشبكات الإرهابية"، وأضاف أنه صحيح أن المصالح الأمنية فعالة وتمتلك خبرة واسعة، لكن هذا ليس ضمان كافية لتفادي المخاطر، لذلك يجب أن يستمر الحذر في درجته القصوى.
وأكد فؤاد عالي الهمة، الوزير المنتدب في الداخلية، أن السنة المنصرمة عرفت تفكيك 16 خلية تجند متطوعين وترسلهم إلى العراق، منها 11 تحمل توقيع الجماعة المغربية المقاتلة، وهو ما أثار حنق القاعدة، وبالتالي أضحى المغرب هدفًا لها. وذكر فؤاد عالي الهمة أن المغاربة، الذين تدربوا على حمل السلاح في شمال مالي، قد تكون وجهتهم، منذ الإعلان عن (ميلاد) تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، العراق فقط، بل من المحتمل أن يعودوا إلى المملكة.
وأبرز محيي الدين أمزازي، الوالي المدير العام للشؤون الداخلية في الوزارة المذكورة، أن الإجراءات الأمنية المتخذة، أخيرًا، تمكنت، خلال الفترة الممتدة من 11 شباط (فبراير) إلى 10 آذار (مارس)، من الإستماع إلى 223 شخصًا، 186 منهم جرى إخلاء سبيله، فيما أحيل الباقين على العدالة.
كما أدت هذه الإجراءات، يضيف محيي الدين أمزازي، إلى إعتقال 10 أشخاص، من أصل 43، مبحوث عنهم في قضايا الإرهاب، مشيرًا إلى أنه تأكد للمصالح الأمنية أن 20 منهم يوجدون خارج التراب الوطني.
الداخلية المغربية: لا علاقة للعمل الإرهابي بالقاعدة
من جهة ثانية نفى الوزير المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة أن يكون للحدث الإرهابي الذي شهدته الدار البيضاء يوم 11 آذار (مارس) علاقة بتنظيم القاعدة أو غيرها من التنظيمات الإرهابية، وقال في لقاء مع الصحافة إن ما وقع في الدار البيضاء لا علاقة له بأي جهة خارجية، وإنما هو إنتاج محلي.
وأكد أن الإنتحاري قام بتشكيل خليته عقب خروجه من السجن بعد أن استفاد من عفو ملكي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وبدأ في جمع المواد المتفجرة التقليدية التي بلغت نحو6 كيلوغرامات وكانت كافية لصنع 20 حزامًا ناسفًا، وهو ما تم العثور عليه في أحد البيوت في حي مولاي رشيد. وأكد المسؤولان المغربيان أن العمليات الإرهابية كانت تستهدف ميناء الدار البيضاء ومنشآت سياحية في الصويرة ومراكش، بينما كانت قد تحدثت مصادر أمنية في السابق أن الخلية كانت تستهدف ولاية الأمن في الدار البيضاء.
وفي ما يتعلق بالتمويل قال الوزيران إن الانتحاري حصل على 10 آلاف درهمًا، قرابة ألف دولار، من معتقل آخر هو حسن الحطاب الذي ألقي القبض عليهالصيف المنصرم وورط معه رجال أمن ودرك وجيش. كما حصل إنتحاري الدار البيضاء على 31 ألف درهمًا من أحد بائعي المجوهرات في الدار البيضاء. ونفى وزير الداخلية أن يكون لـ "سعد الحسيني"، الذي حصل متفجرات 16 أيار (مايو) 2003 الإرهابية، بالحادث، وقال إنه كان من الباحثين عنهم منذ 5 سنوات ولا علاقة لإعتقاله بهذا الحادث.
وقد حاول إستقطاب 30 انتحاريًا آخر في خليته تلك، كما كشفت المعلومات أن المغرب كان لأول مرة مهددًا بأسلحة كيماوية. وفي علاقة بالموضوع كشفت رسالة تركها الإنتحاري قبل تنفيذ عمله الإرهابي، أنه تعرض لأنواع من التعذيب خلال استنطاقه من قبل رجال الشرطة ثم بسجن أوطيطة 2، وتحدث بيان للسلفية الجهادية عن أشكال أخرى من التعذيب ذاقها الرايدي، وقد أدانت السلفية الجهادية هذا العمل وقالت إنه لا مبرر له شرعيًا ولا عقليًا ولا واقعيًا.