موريتانيا: أصوات المرشحين الخاسرين ستحسم النتيجة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سكينة اصنيب من نواكشوط
لم تختلف الصورة عن الجولة الأولى من الانتخابات الموريتانية: طوابير طويلة تقف في انتظار دورها أمام مكاتب التصويت في جولة الاعادة الأولى من نوعها في البلاد، فبعد مرور عدة ساعات على فتح مكاتب التصويت عرفت هذه المكاتب في العاصمة نواكشوط اقبالا كبيرا حيث اصطف المئات من الناخبين أمامها في انتظار أداء واجبهم الانتخابي، وبدت الحركة هادئة في شوارع نواكشوط فيما انتشرت فرق الأمن بالمدينة.
وفي باقي الولايات الداخلية توجه الناخبون الموريتانيون الى صناديق الاقتراع منذ الساعة السابعة صباحا بتوقيت غرينتش ونواكشوط. ويبلغ عدد المسجلين لهذه الانتخابات 1133152 ناخبا يدلون بأصواتهم في 2378 مكتبا موزعة على عموم التراب الموريتاني.
وقال مصدر مطلع في وزارة الداخلية الموريتانية لـ"إيلاف" أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية وصلت الى حدود الساعة الثانية عشر ظهرا بتوقيت نواكشوط الذي يوافق التوقيت الدولي %68.
وأكد المسؤول أن نسبة المشاركة عرفت ارتفاعا ملحوظا مقارنة بالدور الأول وعزى المسؤول هذا الارتفاع الى رغبة الناخبين الذين لم يشاركوا في الدور الأول في حسم النتيجة والمشاركة في اختيار الرئيس الجديد، بعد أن أسقط الدور الأول 17 مرشحا. وتوقع المسؤول أن يتواصل اقبال الناخبين بكثافة على مكاتب التصويت حتى نهاية الفترة المخصصة للتصويت.
وأكد أغلب الناخبين الذين التقتهم "إيلاف" أنهم جاؤوا لتأكيد تصويتهم للمرشح الذين صوتوا له في الدور الأول، بينما اعترف بعضهم أن قناعاته تغيرت بعض التطورات التي شهدتها الساحة السياسية بين الشوطين الأول والثاني.
ويؤكد المراقبون أن الأصوات التي حصل عليها المرشحون الخاسرون في الشوط الأول ستحسم نتيجة الاقتراع لصاحب أحد المرشحين المتأهلين للدور الثاني أحمد ولد داداه الذي حصل على %20.68 وسيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حصل على %24.79، على اعتبار أن أغلب الناخبين الذين صوتوا لهذين المرشحين لن يغيروا توجهاتهم ولن يؤثروا على نتيجة التصويت.
وتعد هذه الانتخابات سابقة من نوعها في العالم العربي حيث هي المرة الأولى التي تجري فيها انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافية بشهادة المراقبين الدوليين الذي يشرفون على مراقبة الانتخابات التي تنظمها لجنة مستقلة، كما أنها المرة الأولى التي لا يترشح فيها الرئيس للانتخابات الرئاسية، ومن ضمن مميزات هذه الانتخابات كذلك تنظيم جولة اعادة بعد فشل أحد المرشحين في الحصول على نسبة %50 من الأصوات، كما نظمت مناظرة تلفزيونية بين المتأهلين للدور الثاني.
وأعرب الشيخ سيد احمد ولد باب مين رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات عن ارتياحه لمستوى اقبال المواطنين على مكاتب التصويت، وأكد أن عمليات الاقتراع انطلقت في ظروف اعتيادية ولم تسجل فيها أية مشاكل، مضيفا ان جو السكينة والمسؤولية الذي يطبع سير هذه الانتخابات يبعث على الارتياح والطمأنينة. وقال ولد باب مين أن ما جرى في الشوط الأول من حياد للادارة وشفافية في سير الانتخابات كانت له أهميته في انجاح المرحلة الأخيرة من المسلسل الديمقراطي .
ويشرف على هذه الانتخابات التي يتوقع ان تعرف نتائج يوم الاثنين، حوالي 300 مراقب دولي بينهم بعثة من الاتحاد الاوروبي تضم 81 مراقبا، كما يشرف عليها 500 مراقب محلي موزعين على 2378 مكتبا انتخابيا في 53 مقاطعة. ويتوزع الناخبون على 13 محافظة تأتي في مقدمتها العاصمة نواكشوط بـ 262.670 ناخب، تليها محافظة الترارزة (جنوب نواكشوط) بـ136.737، ثم محافظة الحوض الشرقي بـ117.661.
وقد اختلفت الحملة الدعائية لهذه الانتخابات عن سابقاتها حيث لم يكن للجانب المادي فيها كبير الأثر في تقديم المرشحين والتعريف بهم. وبدأت المواجهة بقوة بين أربعة مرشحين منذ بداية الحملة الانتخابية وتبادل بعضهم الاتهامات فيما استنزف آخرون أموالهم في جولاتهم داخل البلاد.
إلى ذلك صدرت الأوامر لكل الجهات المعنية في وزارة الداخلية واللجنة المستقلة للانتخابات باتخاذ كافة الإجراءات الفنية اللازمة لتنظيم الاستحقاقات في أحسن الظروف. وتعهدت السلطة الانتقالية بالحياد التام خلال هذا الاقتراع.
ونظم المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس السابق ولد الطايع في انقلاب ابيض في 3 أغسطس (آب) 2005، استفتاء حول تعديل الدستور في يونيو (حزيران) 2006، ونال نسبة %94.96، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، نظم انتخابات تشريعية وبلدية، تلتها انتخابات لمجلس الشيوخ في يناير (كانون الثاني) الماضي.
الى ذلك قال علي ولد محمد فال الرئيس الموريتاني إنه سيسلم السلطة لمن يفوز في الشوط الثاني من الانتخابات التي تجري اليوم في التاسع عشر من إبريل (نيسان) القادم وفقا لما اتفق عليه قادة المجلس العسكري.
وأكد عقب إدلائه بصوته الانتخابي بالعاصمة نواكشوط، على حياد المجلس العسكري والحكومة الانتقالية ازاء عملية التصويت في الجولة الثانية من الانتخابات الموريتانية.
وأوضح أن الجيش الموريتاني سيسلم السلطة ويعود للقيام بمهمته الأساسية وهي حماية الدستور وبناء الدولة، مشيرا الى أن الرئيس المنتخب سيكون هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الوطنية، وفقا لما ينص عليه الدستور.
وستعرف اليوم هوية الرئيس الجديد الذي سيقود البلاد لخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. وبنهاية هذا اليوم الانتخابي يكون المجلس العسكري قد أوفى بالالتزامات التي تعهد بها غداة انقلاب 3 أغسطس (آب) 2005.
علي ولد محمد فال
ولد علي ولد محمد فال سنة 1952 في نواكشوط، وبعد إتمام المدرسة الابتدائية في نفس المدينة، انتقل إلى المدارس الفرنسية والمغربية حيث حصل على اجازة بالقانون سنة 1973، والتحق بالأكاديمية العسكرية بمكناس المغربية وتخرج منها.
شارك في حرب الصحراء التي دارت بين موريتانيا وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر سنة 1975، وتدرج في الرتب العسكرية، وشغل منصب مدير الأمن مدة 18 سنة، وفي 3 أغسطس (آب) 2005 نفذ انقلابا أبيض على معاوية ولد سيدي أحمد الطايع. ووضع جدولا زمنيا للانتخابات متعهدا بأن لا تتعدى فترة حكمه للبلاد سنتان.
ومن أهم الاصلاحات التي قام بها تعديل الدستور واضافة مادة تمنع تجديد مأمورية الرئيس لأكثر من ولايتين مدة كل منها خمس سنوات، وأنشأ مفتشية عامة للرقابة على مؤسسات الدولة لترقية الحكم الرشيد والتسيير السليم للشؤون العمومية ومكافحة الرشوة ومحاربة المخالفات ذات الطابع الاقتصادي والمالي.
وأصدر عفوا شاملا عن جميع معتقلي الرأي بمن فيهم الاسلاميين المتهمين بـ"التخطيط لأعمال ارهابية وإنشاء جمعية أشرار وتعريض موريتانيا لانتقام خارجي وربط صلات بمنظمات ارهابية"، والعسكريين المدانين "بالتخطيط والمشاركة في ثلاث محاولات انقلابية" ضد نظام الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، وشمل قرار العفو 32 عسكريا و45 اسلاميا. وسمح للمعارضين والمبعدين الموجودين خارج موريتانيا بالعودة الى البلاد.
ونظم انتخابات تشريعية في 19 تشرين الثاني 2006، وانتخابات مجلس الشيوخ في 21 كانون الثاني 2007. ودعا كافة الموريتانيين الى الحوار في "الأيام الوطنية للتشاور حول العملية الانتقالية الديموقراطية"، التي نظمت ممن 25 الى 29 تشرين الأول 2005 بمشاركة نحو 600 شخص يمثلون أحزابا سياسية ومنظمات من المجتمع المدني والسلطات، والتي تمخضت عن انشاء "سلطة ادارية مستقلة" للاشراف على المسار الانتخابي.
ودعا الى "اقتراح النظام السياسي المستقبلي للبلاد الذي يضمن الانتقال السلسل والحقيقي الى الديموقراطية والعدالة والمساواة"، كما يضمن "الحريات ويكرس الديموقراطية التعددية، والتناوب السلمي على السلطة على نحو ينهي الحقب القائمة من تاريخ "موريتانيا".
وكانت أول بادرة حسن نية صدرت عن علي ولد محمد فال اصدار قانون دستوري لا يجيز ترشح اعضاء المجلس العسكري الحاكم والحكومة للانتخابات المقبلة. كما قام بزيارات لدول عربية واسلامية وغربية لحشد الدعم الدولي وتحسين علاقات موريتانيا مع الدول التي أساء اليها النظام السابق.