مشاري بن سعود: القوات القطرية لم تساعد بالتحرير في حرب الخليج
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من الرياض: نفى وكيل الحرس الوطني للقطاع الشرقي الأمير مشاري بن سعود بن عبد العزيز ما يردده بعض من يتناول معركة تحرير الخفجي إبان الإحتلال العراقي لها عام 1990م أن يكون للجيش القطري أي دور في خوض معركة تحرير المدينة، مؤكداً أن القوات القطرية كانت "تقف على أهبة الاستعداد في الخطوط الخلفية، ولو طُلب منها المساندة لأدت دورها، ولكن ذلك لم يحدث". وتذكر الأمير مشاري بن سعود الدور الذي قام به لواء الملك عبدالعزيز في الحرس الوطني والذي قاد معركة تحرير مدينة الخفجي، وعن الأيام المتواصلة التي كان يقضيها وكبار الضباط في الحرس الوطني بجانب الجنود تأهباً لشارة البدء، ورفعاً للروح المعنوية للجنود. وتحدث الأمير مشاري لصحيفة "الحياة" السعودية عن الإتصال الهاتفي الذي جرى بينه والعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيس الحرس الوطني، إبان كان ولياً للعهد، حيث سأله العاهل السعودي بعد أن وصله خبر تحرير المدينة عن أي إصابات في صفوف الجنود، وقال الأمير مشاري" أول شيء استفسر عنه الملك عبدالله، هو وجود إصابات أو قتلى أو جرحى في قوات الحرس الوطني، فأطلعته أن الإصابات محدودة، وكان حريصاً جداً على أن لا يكون هناك مصابون، وآخر ما سأل عنه هو الآليات والمعدات، وهذه الأخيرة تُعوض، ولكن المواطن لا يعوض". وكشف وكيل الحرس الوطني للقطاع الشرقي الأمير مشاري بأن فكرة هي في طور الإنشاء والتأسيس تتعلق بتطوير الحرس الوطني، وهي تزويد الحرس بـ "مروحيات"، ولكن لم يبدأ تنفيذها، بالرغم أن تشكيلاتها أُسست، على أن تبدأ مهامها قريباً.وعن سؤاله عن مدى تعارض ذلك والطائرات العمودية التابعة للجيش السعودي قال الأمير مشاري بأن المروحيات لها مهام محدودة، فالدفاع المدني يمتلك مروحيات بقصد الإغاثة والإنقاذ من المرتفعات أو البحث عن مفقودين، وبالتأكيد ستكون للمروحيات في الحرس الوطني مهام أخرى تناسبه، وتضيف لإمكاناته، وعندها لن يكون هناك تعارض بين الطيران الأساس، الممثل في القوات الجوية، أو المروحيات التابعة للجيش السعودي بل ستكون إضافة له. وفيما يلي نص الحوار كما نشر في صحيفة "الحياة" اللندنية: ـ نعيش ذكرى مرور 16 سنة تقريباً على حرب تحرير الكويت، وهذا التحرير يُعدّ الحدث الأبرز لنا من خلال عملية احتلال الخفجي، وكان للحرس الوطني دور كبير، وكان لكم حضور، فكيف تلقيت خبر احتلال الخفجي؟
عندما تعرضت الكويت للغزو والاحتلال في العام 1990، وجدت قوات الحرس الوطني بكثافة جنوب مدينة الخفجي والمناطق الحدودية، وانتشرت فرق عمليات خاصة للحرس الوطني للقطاع الشرقي تقريباً شمال النعيرية، بمسافة متوسطة بينها وبين الخفجي، وفي الوسط بين الخفجي والحدود السعودية - الكويتية، وكنا نقضي في معسكر شمال النعيرية مع مساعد الوكيل للشؤون العسكرية واللواء محمد بن خليل (يرحمه الله) وأركانات الوكالة وبقية الزملاء، ومنهم العميد محمد الخليفة (يرحمه الله)، والعميد محمد بن طالب، والعقيد عبد العزيز المصيبيح، والعقيد محمد العراك، نحو أربعة أيام في الأسبوع، لمتابعة الوحدات الموجودة وبث الروح المعنوية فيها ومؤازرتها. وكما تعلمون عندما تطول الفترة على الجندي في الجبهة، يشعر بالملل، ويتمنى لو تمّ البتُّ في القضية بأي وسيلة ديبلوماسية أو عسكرية، وتمادى العراقيون آنذاك في التحرش بالمملكة العربية السعودية، ودخلت قواتهم إلى الخفجي، التي أُخليت آنذاك من ساكنيها، بعد ما صدرت أوامر في وقت سابق بإخلائها، للحفاظ على حياة المواطنين كافة، مخافة اندلاع الحرب وإطلاق النار، إذ كان متوقعاً أن يتم تبادله بين الطرفين في ما لو قامت الحرب، وكانت الخفجي منطقة شبه مهجورة، وتم اعتبارها منطقة عسكرية ميتة، لا تمثل موقعاً إستراتيجياً للقوات العراقية، فيما قصدت هذه القوات زعزعة أمن المملكة والتأثير النفسي على المواطن السعودي.
وكما سبق أن ذكرت، كنا نقضي أربعة أيام في المعسكر، ونأتي ثلاثة أيام إلى الدمام، لمتابعة الأمور الإدارية والاتصالات الهاتفية، فالجوال لم يكن متوافراً، ونقاط الهاتف كانت بعيدة عن المعسكر، ونسافر كل أربعة أيام لمتابعة الأمور مع القيادة في الرياض، للوقوف على النواقص وإبداء بعض الملاحظات والأمور اللوجستية. وتلقيتُ الخبر في المكتب على ما أذكر، قبل منتصف الليل بقليل، أو قبل ذلك، فتوجهتُ ومعي أركاني والمساعدون إلى المعسكر فوراً، لنكون موجودين في ما لو صدرت أوامر من القيادة بأي تحرك لقوات الحرس الوطني هناك، ولا أقصد أنه يمكن أن يكون لي تأثير تخطيطي أو ميداني، بقدر ما يكون لي تأثير معنوي على قلوب إخواني وأذهانهم في الحرس الوطني هناك، وكان لواء "الملك عبد العزيز الآلي"، هو القوة الأساس الموجودة، وصدرت الأوامر بتحرير الخفجي. وهنا وقع كثير من المغالطات، فالحرس الوطني كان ضمن منظومة عسكرية متكاملة، ساهمت في تحرير الخفجي، وحتى لو كان الحرس لاعباً أساساً، إلا أنه لم يخرج عن إطار المنظومة، ولم ينفرد بها، كما وجدت الدبابات القطرية جنوب الخفجي، وهذا جهد وعمل يُشكر عليه الأخوة في الخليج. ـ ألم يشاركوا في المعركة؟
لم يشتركوا أساساً، نرجع لمدينة الخفجي، فالوجود القطري هناك كان للإسناد، وهو عبارة عن دبابات، ودخول الدبابات إلى مدينة الخفجي كان سيضعها في موقع مكشوف للقوات العراقية المتمركزة في مواقع داخل المدينة، وكما هو معروف، الدبابات ثقيلة الحركة وكبيرة الحجم، ما يعرضها لنيران القوات المحتلة، وبالتالي كان وجودها خارج نطاق الاشتباكات. ـ نفهم من ذلك أنهم لم يحرروا الخفجي مثل ما أشيع آنذاك؟
نحن نُقدر جهد كل الأخوة الأشقاء والأصدقاء، وكل من ساعد في تحرير الكويت، ولكن في الخفجي القوات السعودية، ممثلة في الحرس الوطني في المقام الأول، مع دعم جوي من القوات السعودية وقوات التحالف، وهذه الأخيرة اشتركت إلى مرحلة متوسطة من بدء التحرير، لأنه لم يكن مناسباً دخول الخفجي لغير قوات "لواء الملك عبد العزيز"، نظراً لأنها مكونة من آليات مدرعة سريعة الحركة وأقل حجماً من الدبابات، بحيث تستطيع الدخول إلى المدينة، وأخذ مواقع مناسبة في أوقات قياسية، ما يجنب أفرادها التعرض إلى نيران القوات العراقية.
ونحن متأكدون أنه لو كانت الظروف تسمح أو استدعت تدخل الأشقاء القطريين لتدخلوا فعلياً، ولم يتوانوا عن ذلك، ولكن في الحقيقة قوات الحرس الوطني تحملت العبء الأكبر في تحرير الخفجي، وتمثلت المساندة القطرية في الجنوب من المدينة، استعداداً لطلب دعمها لو احتاج الأمر، إضافة إلى دعم محدود بالمروحيات ضمن قوات التحالف، وعندما دخلت قوات الحرس الوطني السعودي إلى الخفجي، كان من الصعوبة على الطائرات أن تميز بين القوات الصديقة والأخرى المعادية. ـ كمواطن، وعضو في منظومة الحكم، وأخيراً رجل عسكري في هذا البلد، ما الذي تبادر إلى ذهنك أول ما سمعت الخبر؟
ليس هناك أسوأ من أن يتعرض وطنك إلى احتلال من قوات خارجية، ولو كانت قوات شقيقة، أو مسلمة أو غير مسلمة، عربية أو غربية، لا يهم ما دام هناك احتلال، وهذا أقسى ما يمكن أن يمر على الإنسان في حياته، وعندما يُصاب إنسان بضرر ما، ويستأصل جزءاً من جسده، فبما يكون شعوره آنذاك؟، فما بالك لو كان هذا الجزء من وطنك الذي هو أغلى من نفسك. إنها لحظات عصيبة تمر على أي إنسان، فهذا الوطن المستقر الآمن بفضل من الله سبحانه وتعالى، ثم بتمسكه بعقيدته وعدل ولاة أمره ومحبة أفراد هذا الشعب الكريم الوفي ومؤازرته لهذا الكيان المستقر، يتعرض جزء كريم منه إلى احتلال، فهذه مصيبة كبرى. ـ لكن أود معرفة مَنْ كان أسبق في التفكير؟ مشاري بن سعود "الأمير" أم "العسكري" أم "المواطن"؟
لا والله، كلهم مجتمعون، فالمرء لا يستطيع أصلاً عندما يتجرد، من كونه مواطناً أن يكون آلة تنفذ ما يُطلب منها في ساعات العمل المحددة، ثم يذهب بعد ذلك حتى اليوم التالي. وأؤكد أن القيادة العامة وقتها كانت تقوم على قيادة قوات التحالف الإسلامي أو العربي والتحالف الغربي تحت قيادة الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز، وكان لها دور لافت وأساس في مجريات الأحداث، وأود هنا أن أنوه بدوره البارز، فما زلت أشعرُ تجاهه بكل محبة وعرفان، للجهد الكبير الذي قدمه في تلك الفترة. ـ ما هو أول ما عمل قمتم به بعد تحرير الخفجي؟
الاتصال بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، وكان آنذاك ولياً للعهد، وبشرته أن الأمور على وشك الانتهاء بنسبة مئة في المئة، بعد بدء العمليات، وأول شيء استفسر عنه الملك عبدالله، هو وجود إصابات أو قتلى أو جرحى في قوات الحرس الوطني. فأطلعته أن الإصابات محدودة، وكان حريصاً جداً على أن لا يكون هناك مصابون، وآخر ما سأل عنه هو الآليات والمعدات، وهذه الأخيرة تُعوض، ولكن المواطن لا يعوض. (بحسب وصفه). ومن المؤكد أيضاً أنه يحفظه الله قد وصلت إليه معلومات عن التحرير من مصادر أخرى. ـ هل كان لمعركة الخفجي أي تأثير على تغيير الإستراتيجيات العسكرية للحرس الوطني تحديداً؟
تحرص المملكة على الاستفادة من أبرز المستجدات، سواء في العلوم العسكرية أو أدواتها، بهدف تأمين الدفاع الشامل، وأيضاً تأمين الدفاع عن المملكة، وكما ترى، والحمد لله، المملكة لا تتوقع أن يكون لها عدو، فهي تنتهج سياسات تدعم السلام الإقليمي والدولي، وامتدت جهودها لتشمل دول العالم التي تعاني صراعات، سواء داخلية أو خارجية، وأعتقد أن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده يضعان ذلك في الحسبان على مستوى الإستراتيجية الدفاعية. ـ الحرس الوطني من القطاعات الفاعلة في الأزمة التي واجهتها المملكة مثل الإرهاب، فهل لكم أن تحدثونا عن ذلك؟
مكافحة الإرهاب أو القوات التي تواجه الإرهاب تتمثل في وزارة الداخلية، وهي مَن يتولى قيادة العمليات وكل ما يتعلق بها، والحرس الوطني أو خلافه من الأجهزة العسكرية مجرد أجهزة مساندة، إذا طلب منها، والحقيقة أن الأخوة في قطاعات وزارة الداخلية، ممثلة في وزير الداخلية ونائبه والمساعد، والإخوان كافة في الوزارة قاموا بواجباتهم على أكمل وجه، وما زالوا يقومون بها. ـ ما أوجه التعاون والتنسيق بينكم وبين إمارة المنطقة الشرقية عموماً، وبخاصةً الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز؟ وهل هناك تنسيق بينكما من نوع خاص؟
كما تعلمون أمير المنطقة هو حاكمها الإداري، وهو ممثل الحكومة ووزارة الداخلية والقيادة عموماً، ودائماً نكن كامل الاحترام لما يصدر من إمارة المنطقة الشرقية، والحقيقة نحن نجد كل الدعم والمؤازرة من الأمير محمد بن فهد، وأذكر أنه عندما تعرضت الكويت للعدوان العام 1990، قدمت إلى المملكة قوات صديقة وحليفة، ما استلزم استضافتهم في معسكرات الحرس الوطني، وتعرضنا إلى نقص في بعض الوحدات السكنية، فتكرّم أمير الشرقية مشكوراً بإرسال عدد من الوحدات السكنية الجاهزة، ولم يفرض عليه أحد القيام بذلك، فكانت لفتة كريمة وطيبة نُجلّها ونقدرها له، لما تجسده من معانٍ عظيمة. ـ وماذا عن التنسيق؟
هناك لجنة أمنية للمنطقة الشرقية، تشترك فيها الوحدات العسكرية والأمنية كافة، ويترأسها الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز، ولكل فريق أو جهاز استقلاليته وارتباطه المباشر بمرجعيته الإدارية في الرياض، ولكن على رغم ذلك، للأمير كل تقدير واحترام، وتوجيهاته كافة محل تقدير، ويؤخذ بها بعين الاعتبار. ـ هل هناك توجه لتعزيز قدرات الحرس الوطني؟
هناك فكرة هي في طور الإنشاء والتأسيس، وهي تزويد الحرس بـ"مروحيات"، ولكن لم يبدأ تنفيذها، بالرغم أن تشكيلاتها أُسست، وأن شاء الله تبدأ مهامها قريباً. ـ إلى أي درجة سيساهم ذلك في تعزيز قوات الحرس الوطني؟
لا شك أن أي خطوة في البداية تكون صغيرة، وما تلبث أن تنمو وتتطور، وقيادة الحرس الوطني حريصة أن تنشئ شيئاً يؤدي الغرض الذي وجد من أجله، إذ يجب أن لا تكون هناك إضافة من دون أن تحقق الفائدة المرجوة منها، ولا شك أن الفوائد مَنْ سيحددها هو الحرس الوطني، بعد تعزيزه جوياً، وقد تكون البداية محدودة، أو يتم التوسع فيها بحسب ظروف العمل والحاجة. ـ ألا يتعارض ذلك مع طيران الجيش أو القطاعات العسكرية الأخرى التي تمتلك مروحيات؟
المروحيات لها مهام محدودة، فالدفاع المدني يمتلك مروحيات بقصد الإغاثة والإنقاذ من المرتفعات أو البحث عن مفقودين، وبالتأكيد ستكون للمروحيات في الحرس الوطني مهام أخرى تناسبه، وتضيف لإمكاناته، وعندها لن يكون هناك تعارض بين الطيران الأساس، الممثل في القوات الجوية، أو المروحيات التابعة للجيش السعودي بل ستكون إضافة له. ـ هل فعلاً تلعب القبلية دوراً كبيراً في تشكيلات الحرس الوطني؟
إطلاقاً، وهذه فكرة خاطئة ومغلوطة، لأن الحرس الوطني في أولى بداياته، عندما تم توحيد المملكة العربية السعودية، واستقر المجتمع، كان قوامه يعتمد على المقاتلين الأشداء الذين قاموا مع مؤسس هذه البلاد (يرحمهم الله جميعاً)، فأرادت القيادة تكوين أفواج عسكرية تكريماً لهؤلاء، وجعلهم قوة فاعلة احتياطية، فيما لو احتاجهم الوطن.
وبعد ذلك انطلق الحرس الوطني انطلاقة جبارة، من خلال انطلاقات عدة، تمثلت في مراحل التكوين والتأسيس والانطلاق، وأعتقد أن انطلاقة الحرس الوطني الفعلية كانت بكل تجرد وأمانة عندما تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله رئاسته، فظهرت تشكيلات الفرق العسكرية، وتطورت من وحدات مشاة خفيفة إلى قطاعات سريعة الحركة وآلية مدرعة.
وأستطيع أن أؤكد أن الحرس الوطني يضم أبناء المجتمع السعودي كافة، فتجد فيهم أبناء الشمال والجنوب ونجد والمنطقة الشرقية والمنطقة الغربية. وربما وجد هذا الاعتقاد لأنه عند إنشاء الحرس الوطني تمّ الاعتماد على أبناء مَنْ قاتلوا مع الملك عبد العزيز (طيب الله ثراه)، لكن بعد ذلك انطلق الحرس الوطني انطلاقة كبيرة وموفقة.