العراق وفيتو بوش
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: قد تنتظر بوش مفاجأة. فعندما سيستأنف الكونغرس مشادته بعد عطلة عيد الفصح مع البيت الأبيض بشأن سحب القوات من العراق قد يعثر الرئيس الأميركي على ما لا يسره. وبالتحديد أن "الفيتو" الذي ينوي فرضه عاجز عن إعاقة الديمقراطيين عن تحقيق انسحاب الولايات المتحدة من الحرب العراقية. فبوش يعتبر مسودتي القانونين اللتين صادق عليهما الكونغرس للتو - وفي الحقيقة إذا أصبحتا قانونين - بمثابة كارثة للجيش الأميركي في العراق. ويرى الرئيس أن المقاتلين والإرهابيين من مختلف الأصناف سيتلقون إشارة بأن الولايات المتحدة اعترفت بهزيمتها. ووعد بفرض "فيتو" على ما يشجع جدا حسب رأيه العدو.
ولدى الأغلبية الديمقراطية في مجلسي الكونغرس وجهة نظر أخرى. فإن مسودتي القانونين تتضمنان كما يصر جوزيف بايدين رئيس لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الدولية رسالة موجهة لا إلى العراق على الإطلاق وإنما إلى الرئيس الأمريكي نفسه. والرسالة تتلخص في أنه يجب على بوش تخليص أمريكا من آتون حرب أهلية غريبة.
وقد صادق الكونغرس على مسودتين يتميز كل منهما عن الأخرى بالتفاصيل. وفي الحالتين تربط الوثيقتان مواصلة تمويل العمليات في العراق وأفغانستان (بمبلغ ما يقارب 90 مليار دولار) بتقليص التواجد العسكري الأمريكي في العراق تدريجيا. ولكن إذا أيد مجلس الشيوخ البدء بسحب القوات خلال الأربعة أشهر القادمة وحدد التاريخ 31 مارس (آذار) عام 2008 موعدا نهائيا ولكن غير إلزامي فإن صيغة مجلس النواب تبدو راديكالية أكثر. فهي تنص على أن تغادر الوحدات القتالية الأمريكية العراق حتى 1 سبتمبر (أيلول) عام 2008 بصورة إلزامية.
وإن عطلة عيد الفصح لدى أعضاء مجلس الشيوخ تستمر أسبوعا. وأما النواب فسيلتحقون بعملهم في موعد أبعد ـ في 16 أبريل (نيسان). ويتعين على المجلسين جمع صيغتي مسودتي القانونين في واحدة ورفع هذه الصيغة الوسط إلى رئيس الدولة للبت فيها وبعبارة أدق لنقضها (الفيتو). ويجدر انتظار تسوية المواجهة الكبرى "البيت الأبيض ـ البرلمان" حول معضلة بقاء القوات الأمريكية أو عدم بقائها في العراق بهذه الصورة في بداية أو أواسط مايو (أيار).
وإن هذا الاستعراض التاريخي هام لسبب بسيط إذ على وشك أن تنتهي الأموال لدى البنتاغون.
وبدون أموال ولكن من أجل الفكرة يستطيع الكفاح في العراق الأنصار المحليون و"القاعدة" وكل جماعة أخرى ولكن ليس الجيش النظامي ألأمريكي. وهذا بالرغم من أن لديه أيضا كما يبدو فكرته مثل إشاعة الديمقراطية وتحسين حياة شعوب الشرق الأوسط. وعلى أي حال نبه وزير الدفاع روبرت غيتس قبل أيام أنه إذا لم تتم المصادقة على قانون التمويل في الأسابيع القادمة فإن البنتاغون ستضطر إلى إعادة النظر في أبعاد وفترات إعداد وحدات الاحتياط الجديدة للعراق وتصليح المعدات الحربية.
وإن تركيز الكونغرس الاهتمام على الموضوع العراقي يجعله في نفس الوقت عاملا مساعدا رئيسيا في حملة انتخابات الرئاسة. ويبدي نشاطا أكبر لأسباب معروفة معسكر الديمقراطيين حيث مرشحوه الرئيسيون الثلاثة يدعون إلى إنهاء مشاركة الولايات المتحدة في الحرب العراقية ولكن بتباين ظريف.
فهيلاري كلينتون عضو مجلس الشيوخ عن نيويورك وجون أدواردز عضو مجلس الشيوخ في السابق عن ولاية أيووا يسعيان لتبرير ذنبهما السابق إذ أن الاثنين أدليا في عام 2002 بصوتيهما تأييدا لتخويل بوش بشن الحرب في العراق. وكثيرا ما يعرب أدواردز الآن بصدق وأمانة على الملأ عن ندمه على الخطأ الذي ارتكبه. وموقف كلينتون آخر ومبدئي أكثر كما يبدو للكثيرين. فلو كانت تعرف حقا أنه لا توجد لدى صدام حسين أسلحة دمار شامل لأدلت بصوتها ضد الحرب. ولكنها لا تتأسف على أي شيء. وتعلن عن استعدادها للإدلاء بصوتها كما في المرة السابقة لو قدمت لها نفس المعلومات.
ولم يبق لدى الديمقراطيين إلا خيار عمل واحد ـ تصعيد مشاعر الأمريكان المعادية للحرب إلى الحد عندما تنشأ في الكونغرس أغلبية من ثلثي الأصوات. فبوسع هذه الأغلبية التغلب على فيتو رئيس الدولة.