تصريحات السعدون حول نظام الحكم تثير زوبعة في الكويت
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فاخر السلطان من الكويت : أثارت تصريحات رئيس مجلس الأمة الكويتي السابق والنائب الحالي أحمد السعدون في ندوة التحالف الوطني الديمقراطي (ليبرالي) مساء الإثنين الماضي، ردود أفعال كثيرة بعضها كانت عنيفة ضده وبعضها الآخر مدافعة عنه وعما قاله خلال الندوة. وكان التحالف الوطني الديمقراطي قد أطلق حملة شعبية لمواجهة ما أسماه المحاولات المتكررة لتعطيل الحياة البرلمانية في الكويت "من خلال تعليق الدستور"، وبدأت الحملة بعقد ندوة "إلا الدستور" مساء يوم الإثنين الماضي شارك فيها السعدون إلى جانب بعض النواب والفعاليات السياسية. ووجه السعدون خلال الندوة رسالة واضحة إلى كل من يدعو إلى تعديل الدستور وخاصة من أبناء الأسرة الحاكمة، وقال السعدون: "أي كلام عن تعديل الدستور هو إنقلاب على نظام الحكم وسنواجهه بغض النظر عن نتائجه". وأضاف أن أي محاولة ممّا يطرح حاليًا لتعديل الدستور لن تمر وسيواجهه الشعب.
وكان رئيس مجلس الأمة الكويتي جاسم الخرافي أكد في تصريح أمس، إعتبره المراقبون ردًا على ما قاله السعدون، إن الدستور الكويتي شبه جامد وتعديله صعب جدًا إلا أنه ليس قرآنًا منزلاً لأنه يجوز تعديله، إلا أن هذا يتطلب موافقة أغلبية مطلقة في مجلس الأمة. وأكد أنه توجد سوابق بشأن تعديل مواد الدستور ولم يستطع أحد أن يمرر تعديله على الرغم من أن هذا الإجراء مر عبر لجنة تنقيح الدستور، ولكن مبدأ التعديل لم يكن مقبولاً في ذلك الوقت، مضيفًا: "والدستور ليس قرآنًا منزلاً ولا يوجد ما يمنع التعديل إذا كان يصب في صالح تعزيز الديمقراطية وتحقيق قدر أكبر من الحريات العامة".
وقالت صحيقة الوطن، التي يملكها أحد أفراد الأسرة الحاكمة، في إفتتاحيتها اليوم: "عن أي نظام كان يتحدث السعدون، عن النظام العراقي البائد؟ أم عن السلطة الفلسطينية؟ أم عن تنظيم غير قانوني شكله نفران". وأضافت: "إنك يا أحمد لو كنت صادقًا في حب الكويت لأعنتهم (آل الصباح) على ترتيب صفوفهم، ولكنك أول الساعين لزرع الفتنة بينهم"، مشيرة إلى أن آل الصباح نظامك رغم أنفك، وما كنت ستصل إلى ما وصلت إليه لولا آل الصباح، مضيفة أن ممارساتك في السنين الأخيرة لم تحصد الكويت منها سوى الكآبة والتشاؤم والتصعيد والتأزيم، إلى متى يا أحمد؟".
كما نقلت الصحيفة إستياء نواب في كتل برلمانية من تصريحات السعدون، خاصة في كتلتي الإسلامية والمستقلين. كما كتب نائب رئيس التحرير في صحيفة الوطن في زاويته قائلاً إن الغرور قد بلغ مبلغًا غير مسبوق بالسعدون فوقف يزبد ويرعد ويهدد عبر خطبة شقشقية بإسقاط نظام الصباح المستقر في حكم الكويت منذ 300 سنة، ويلوح بقيادة الشعب الكويتي في مواجهة الشيوخ والنظام، وكل هذا دفاعًا عن دستور قرر أن يكون وحده هو حامي حماه والذائد عن حياضه والمدافع عن شرفه.
أما دفاعًا عن السعدون فقد كتب الكاتب السياسي والعضو البارز في تنظيم المنبر الديمقراطي (يساري) أحمد الديين في زاويته في صحيفة الرأي العام اليوم: "هناك فارق شاسع بين الإثارة والمغالطة عندما تتصل العناوين والمادة الخبرية (في الصحف) بأمور حساسة وبقضايا كبرى تتطلب الوضوح والدقة... فلم يوجّه أحد تهديدًا إلى الأسرة في ندوة التحالف الوطني الديمقراطي تحت عنوان إلا الدستور، التي حضرتها شخصيًا، واستمعت بانتباه إلى ما دار فيها، خصوصًا كلمة رئيس مجلس الأمة السابق النائب أحمد السعدون. فأحمد السعدون لم يوجه تهديدًا إلى الأسرة، وإنما أَبرَز في حديثه أهمية الدستور كمصدر للشرعية، ونبّه إلى المخاطر الناجمة عن نقض الدستور وما يمكن أن يترتب عليه من عواقب وخيمة تستهدف نظام الحكم في البلاد، الذي تصفه المادة السادسة من الدستور بأنّه نظام حكم ديمقراطي السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعًا... حيث بيّن النائب أحمد السعدون في كلمته خلال الندوة أنّ الإنقلاب على الدستور إنقلاب على نظام الحكم، ولا بد من التصدي له... وشتان بين هذا التنبيه وبين التهديد، الذي يدعيه بعضهم... وإن كان ثمة تهديد يجده بعضهم في كلمة النائب أحمد السعدون، فهذا التهديد ليس موجهًا إلى الأسرة، التي أوضح النائب أحمد السعدون في كلمته بجلاء أنّ بينها أشخاصًا عقلاء لا يقبلون المساس بالدستور، وإنما هو تهديد، إن كان يراه بعضهم تهديدًا، موجّه إلى دعاة الإنقلاب على الدستور أيًا كانوا من أفراد الأسرة أو من غيرهم".
من جانبه قال الكاتب البارز والمثير للجدل في صحيفة القبس عبداللطيف الدعيج إن حملة "إلا الدستور" ليست في مكانها ولا زمانها وليست على مضمارها الصحيح، مضيفًا بأنها جاءت متأخرة كثيرًا ومقامة على دعوى مللنا من سماعها وهي أن السلطة تتربص بالدستور. مع أنني كتبت أكثر من مرة ماذا تريد السلطة أفضل من هذا الوضع... مجلس يسيطر عليه المتخلفون يتولى الأعمال التي تستنكف عن القيام بها السلطة ويتحمل باسم الأمة مثالب ومساوئ القرارات والسياسات السلطوية".
وقال الدعيج: "كفاية أننا نتقهقر منذ ثلاثين عامًا واللوم كله يلقى على مجلس الأمة وحده. وها نحن وصلنا إلى طريق مسدود، وها نحن نسمع اليوم أصواتًا شعبية ووطنية تطالب بتقليص الإستجوابات والحد من المعارضة السياسية للحكومة!! لماذا لا نأخذ بيدهم ونساعد في حل مجلس لا يحل ولا يربط ونعلق دستورًا كل ما فيه معلق إلا المادتين الثانية والرابعة!!
وأضاف الدعيج : "إن دستور 1962 لا يستحق الدفاع عنه بل يتطلب تطويره وتثويره. والقوى الحرة الحقيقية مدعوة إلى أن تتطلع إلى الأمام، إلى الأفق، لا إلى الحفاظ على ما تحت أقدامها، وربما آن أوان الثقة بالناس والكف عن نضال وصراع النخبة فهو لم يقدم لنا شيئًا طوال السنوات التي مضت.. لهذا نحن نتمسك بدستور 1962 لأنه منذ نصف قرن لم تنجز الحركة الوطنية الديمقراطية شيئًا... ويا للعار!".
من جانبه حذر السياسي اليساري المخضرم الدكتور أحمد الخطيب مما يجري على الساحة من محاولات يراد بها الإجهاض على الدستور والعودة بالكويت إلى فترات التفرد في القرار وتغييب رأي الشعب وإبعاده عن إتخاذ القرار في قضاياه المصيرية.
وتحدث الخطيب أثناء منتدى الحوار الكويتي (محك) في ديوان الدكتور سعد بن طفلة وزير الإعلام السابق مساء أمس وسط حضور كثيف من أعضاء (محك) عن مسيرة الحركة الوطنية في الكويت منذ الأربعينات وحتى إقرار الدستور في العام 1962 وما مرت به الحركة في تلك الفترة من مراحل عصيبة إلا أنها ظلت في النهاية متماسكة وقوية وأسست لمرحلة الدستور .