الأنفال : الانتهاء من مطالعات الدفاع والمحكمة غدا للاستماع للمتهمين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أسامة مهدي من لندن : انتهت المحكمة الجنائية العراقية العليا اليوم من الاستماع الى مطالعات محامي الدفاع عن جميع المتهمين في قضية الانفال وهم ستة من كبار ضباط النظام السابق بالمسؤولية عن ابادة عشرات الالاف من الاكراد والذين طلبوا البراءة والرأفة بموكليهم .. ثم اجلت المحكمة جلستها الى يوم غد الخميس للاستماع الى اخر اقوال المتهمين قبل تحديد جلسة للنطق بالحكم .
وقد انتهت المحكمة في جلستها الثامنة والخمسين اليوم من الاستماع الى دفوع محامي الدفاع عن جميع المتهمين الستة على مدى اربعة ايام بعد ان تليت مرافعتا الدفاع عن المتهمين علي حسن المجيد وفرحان مطلك الجبوري . وقال رئيس المحكمة محمد العريبي الخليفة ان جلسة غد ستكون الاخيرة قبل النطق بالحكم وستخصص لاخر الاقوال التييريد المتهمون الادلاء بها .
الدفاع عن المتهم علي حسن المجيد : واستمعت المحكمة على مدى ساعة الى مطالعة كانت الاقصر من بين جميع المطالعات لمحامي الدفاع عن المتهم الرئيس في القضية علي حسن المجيد الملقب "الكيمياوي" وهو ابن عم الرئيس السابق صدام حسين وكان يشغل منصب رئيس لجنة شؤون الشمال التي اختصت بالاشراف على عمليات الانفال عامي 1987 و 1988 . واستهل المحامي مطالعته بالقول ان المجيد لم يكلف محاميا للدفاع عنه وانه مكلف من قبل المحكمة بدفاعه هذا عنه . واشار المحامي الى انه يجب النظر الى قضية المتهمين ليس على انهم من رموز النظام السابق وانما اشخاص متهمون في قضايا لم تحسم المحكمة قرارها بشأنهم بعد . واضاف ان عمليات تهجير السكان الاكراد لم تكن تستهدفهم كقومية لان عمليات التهجير شملت جميع المناطق الحدودية مع ايران من الجنوب العربي الى الشمال الكردي وذلك بهدف الحفاظ على ارواحهم .
ولفت المحامي إلى أن عدد القتلى لا يشكل معياراً لتحديد جرائم الإبادة الجماعية بدليل عدد القتلى المرتفع خلال الحرب العالمية الثانية متسائلاً "لو كان هناك قرار بإبادة الأكراد فلماذا لم تضرب التجمعات السكانية الرئيسة في المدن وليس في القرى البعيدة." واتخذ المحامي من قضية دارفور مثالاً لاعتبار أن ما حدث ضد الأكراد ليس إبادة جماعية باعتبار أن الترحيل الإجباري والإخلاء وغيرها تم بهدف ضرب المسلحين.
وذكّر المحامي بشهادة نائب رئيس الوزراء العراقي السابق طارق عزيز الذي استعرض تقارير سابقة للبنتاغون تؤكد أن المنطقة ضربت بالاسلحة الكيماوية من قبل الإيرانيين.
واضاف ان عمليات احراق قرى كردية لم تكن متعمدة وانما تم ذلك نتيجة العمليات العسكرية ضد عدو خارجي هو ايران، يخوض حربا ضد العراق . وعن اتهام المجيد بارتكاب عمليات ابادة جماعية قال المحامي انه لم يثبت وجود خطط معدة لذلك واشار الى ان الاف الاكراد كانوا يشاركون القوات العراقية في العمليات العسكرية ضد القوات الايرانية وقوات البيشمركة الكردية المتحالفة معها ولا يعقل ان اولئك الاكراد المقاتلين كانوا يسعون إلى إبادة ابناء جلدتهم . ونفى المحامي صدور اوامر من المجيد باستخدام اسلحة كيماوية كما نفى علاقة موكله بمقابر جماعية لاكراد اكتشفت في بعض المناطق .
ثم طلب المحامي العفو والرأفة بموكله قائلا انه يجب التمثل بما قام به النبي محمد (ص) عندما عفى عن جميع الذين حاربوه .
الدفاع عن فرحان مطلك الجبوري : وفي دفاعه عن المتهم فرحان الجبوري مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشرقية السابق قال المحامي ان ما يثبت براءة موكله هو استعداد الرئيس العراقي جلال طالباني الحضور للادلاء بشهادته لصالح المتهم . واضاف ان الدائرة التي كان يشغلها المتهم لم تقترح ولم تنفذ أي عملية عسكرية في مناطق شمال العراق لان عملها كان مجرد جمع المعلومات عن العدو وهي ايران التي كان العراق يخوض حربا ضدها .
وقال ان لجنة شؤون الشمال هي التي كانت مسؤولة عن جميع ما يتعلق بالامور التي تخص المنطقة الشمالية حيث لم يكن لدائرة الاستخبارات او أي جهة اخرى اتخاذ أي قرار من دون صدوره من اللجنة . واشار المحامي الى ان جميع الوثائق الصادرة عن الدائرة التي كان يشغلها المتهم صدرت قبل توليه مسؤوليتها في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1987 .واوضح ان المحكمة استمعت الى حوالى 80 شاهدا كرديا لم يشر أي واحد منهم الى عمل ارتكبه المتهم ضدهم . ثم طلب البراءة لموكله واخلاء سبيله واتخاذ القرار العادل بحقه بعيدا عن الاعتبارات السياسية واذا كانت ستصدر قرارا بادانته فعليها التخفيف عنه نظرا لانه رجل عسكري ويخضع لاوامر عسكرية عليه تنفيذها ..
مطالبة هيئة الادعاء العام بمعاقبة المتهمين
وجاءت مطالعة الدفاع ضمن الدفوع المقدمة عن المتهمين الستة في قضية الانفال وهم من كبار القادة العسكريين في النظام السابق والمتهمين بالمشاركة في ابادة حوالى 180 الف مواطن كردي وترحيل عشرات الاف الاخرين وتدمير ثلاثة الاف من قراهم خلال عامي 1987 و1988 بعد ان كان رئيس هيئة الادعاء العام قد طلب في الثاني من الشهر الماضي انزال عقوبة الاعدام بخمسة من المتهمين وتجريمهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية منظمة ومتعمدة ضد ابناء الشعب الكردي وتبرئة المتهم السادس طاهر توفيق العاني وتخفيف الاعدام عن صابر الدوري مدير الاستخبارات السابق .
وكان قاضي المحكمة محمد الخليفة العريبي قد تلا في جلسة سابقة التهم ضد المتهمين الستة واحدا بعد الاخر وهي تتعلق بارتكاب جرائم حرب واخرى ضد الانسانية وثالثة بالابادة الجماعية وعقوبة كل واحدة منها الاعدام .. لكن جميع المتهمين دفعوا بانهم ابرياء .
المتهم الرئيس في القضية بعد اعدام صدام حسين
ويعتبر المتهم الرئيس في القضية حاليا علي حسن المجيد بعد تنفيذ حكم الاعدام بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كان يعتبر المتهم الرئيس فيها حيث تؤكد العديد من الوثائق انه وراء الاوامر التي صدرت بقصف القرى الكردية بالاسلحة الكيماوية . وعرض الادعاء خلال الاشهر الماضية حوالى 60 وثيقة صادرة عن مديرية الاستخبارات العسكرية وادارة الحكم الذاتي ومديرية الامن صيف عام 1987 تدعو قوات الجيش الى تنفيذ الاعدام باي شخص يدخل مناطق تم حظر الدخول اليها ممن تتراوح اعمارهم بين 15 و70 عاما من دون محاكمة ولكن بعد التحقيق معهم لاستحصال معلومات منهم واستخدام الطائرات لضرب من يدخل هذه المناطق ايضا .
وقد تم اسقاط التهم عن صدام حسين المتهم الرئيس في القضية بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعددا من مساعديه في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لإغتياله هناك عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية. واستمعت المحكمة منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) من العام الماضي الى حوالى 100 مشتك وشاهد وخبير اجنبي كما عرض عليها حوالى 60 وثيقة رسمية حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم.
المتهمون في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين الذي اسقطت عنه التهم اثر تنفيذ حكم الاعدام بحقه في الثلاثين من كانون الاول (ديسمبر) الماضي هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشرقية .
ويواجه المجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988.ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة "كيماوية" على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.وقد سميت الحملة " الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ".