براون يخلف بلير الأحد على رأس حزب العمال البريطاني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
شخصية فذة تفتقر الى الحضور القوي
براون يخلف بلير الاحد على رأس حزب العمال البريطاني
لندن: يتسلم وزير المالية البريطاني غوردن براون زعامة حزب العمال غدا الاحد وهي المرحلة الاخيرة التي يجب ان يمر بها قبل ان يخلف رئيس الوزراء توني بلير في 27 حزيران/يونيو. وخلال مؤتمر في مانشستر شمال غرب انكلترا، سيعلن رسميا عن انتخابه على رأس حزب العمال بعد اقتراع داخل الحزب كان براون المرشح الوحيد فيه. ولم يتمكن منافسوه من الحصول على الدعم الكافي للترشح ضده.
بموجب النظام السياسي البريطاني، لا يتوجب تنظيم انتخابات تشريعية في حال اتى زعيم جديد على رأس الحزب الحاكم في منتصف الولاية. وبالتالي، فان براون (56 عاما) سيصبح تلقائيا رئيس الوزراء البريطاني الجديد بعد تسلمه زعامة حزب العمال. وسيكرس المؤتمر الاحد في قاعة "بريدجووتر هول" القطيعة النهائية مع حقبة بلير الذي هيمن على الساحة السياسية البريطانية منذ العام 1997. واظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "ذي غارديان" اليوم السبت ان غالبية الناخبين البريطانيين (61%) يتوقعون استمرارية على مستوى سياسة الحكومة بعد عملية التسلم.
ورأى 51% من الناخبين الذين شملهم الاستطلاع ان براون سيكون اكثر نزاهة من توني بلير، في حين اعتبر 61% انه سيكون اقل اهتماما بصورته امام الرأي العام. والسؤال المطروح هو حول ما اذا سيتمكن غوردن براون من الحفاظ على النجاح الذي حققه حزب العمال حين سيخلف بلير الاربعاء المقبل.
وكان حزب العمال حقق فوزا كاسحا في الانتخابات التشريعية عام 1997 وبدأ بحكم البلاد مدعوما بشعبية غير مسبوقة. لكنه شهد في السنوات الاخيرة استقالة عدد من اعضائه وتراجعا في شعبيته وفي تمويله.
كذلك ازدادت الانتقادات من جانب الجناح اليساري في الحزب الذي اصبح مهمشا نتيجة حركة التجديد التي اطلقها توني بلير تحت عنوان "حزب العمال الجديد" ("نيو ليبور") والذي اصبح حزب يسار وسط قريبا من اوساط رجال الاعمال. وسيتوجب على غوردن براون توحيد مختلف التيارات واعادة الثقة بعد قضية فساد في تمويل الحزب اساءت الى سمعة بلير في السنة الاخيرة من حكمه.
كما سيكون عليه اقناع الناخبين والرد على من ينتقد حضوره الضعيف وميله الى اتخاذ القرارات بمفرده والتحكم بكل شيء وهو ميل وصف ب"الستاليني". وغدا الاحد، سيتم ايضا اختيار الرجل الثاني في الحزب والذي لن يكون بالضرورة نائب رئيس الوزراء في حكومة براون. وطوال الحملة الانتخابية داخل الحزب، ادلى براون بتصريحات عدة لكن لم يكشف عن برنامجه بالتفصيل.
وفي ما يتعلق بالخارج، اعلن براون انه لا ينوي سحب القوات البريطانية من العراق على الفور. وهو يريد مواصلة "الحرب على الارهاب" والتطرف كما فعل سلفه، وتثبيت تحالف بلاده مع الولايات المتحدة كما مع اوروبا. كذلك سيسعى براون وهو ابن قس بروتستانتي الى معالجة حالات عدم المساواة الاجتماعية والتأكيد على الدور الريادي للتربية. ومن بين اولوياته ايضا مكافحة الفقر والتغيرات المناخية.
ولن يكون بوسع براون تغيير سياسة الحكومة بشكل جذري باعتبار انه كان احد ابرز مهندسي "حزب العمال الجديد". وخلال تبوئه منصب وزير المالية على مدى 10 سنوات، قام بتمويل سياسة الحكومة بما فيها الحرب على العراق المرفوضة من الرأي العام البريطاني والتي وافق عليها. ووعد بلير بتأييد خلفه بشكل كامل متناسيا بذلك خلافاته مع شريكه السياسي.
نبذة عن غوردون براون
غوردن براون الذي سيصبح رئيس الوزراء البريطاني الجديد في 27 حزيران/يونيو هو اسكتلندي لامع ودائم التذمر وذو شخصية معقدة سيضطر الى تعلم كيفية نيل اعجاب الجمهور لتحويل شعبيته داخل حزبه الى انتصار حقيقي خلال عامين. وقد ترعرع براون (56 عاما) في اوساط قريبة من حزب العمال. وخلافا لتوني بلير، لطالما ساورته فكرة العدالة الاجتماعية بفضل تأثير والده الذي كان قسا بروتستنتيا في رعية فقيرة بالقرب من ادنمبره.
وهو يقول انه خلال فترة المراهقة، شهد "ما يكفي من المشاكل ليتكون لديه شعور بضرورة تغيير الواقع". ويصفه شقيقه بانه "ممل انما ذكي جدا". وعلى غرار توني بلير، انتخب نائبا عام 1983. وتشارك الرجلان المكتب ذاته في مجلس النواب وكانا يلقبان ب"التوام" و"الاخوة في الدم". وفيما بعد، تمت مقارنة خلافاتهما بتلك التي طبعت علاقة جون لينون ببول ماكارتني من فرقة "البيتلز".
ويعتبر غوردون براون عراب "حزب العمال الجديد" الذي يمثل الحركة العمالية الواقعية التي تهدف الى حماية الفرد من دون اثارة قلق اوساط رجال الاعمال التواقين الى التحرر من سلطة الدولة. وفي العام 1994، وبعد وفاة الزعيم العمالي جون سميث بشكل مفاجئ، لم يعرف انتهاز الفرصة لخلافته وانحنى امام توني بلير الذي تزعم حزب العمال.
ويقول كاتب سيرته توم باور ان براون "اعتمد على مواظبته على العمل وعلى ذكائه (لإقناع الرأي العام) لانه لم يشأ او لم يعرف من اين ياتي بالدعم".
ويبدو براون غير قادر على منافسة توني بلير الانكليزي المنشرح الوجه والمرهف وزوجته تشيري واولاده الاربعة، فهو تزوج في سن متأخرة ويفضل كرة القدم والسياسة على الرفقة النسائية، وهو يبدو دائما غير انيق المظهر.
وفي اليوم الذي تنازل براون عن طموحاته خلال "مادبة غداء سرية"، حصل في المقابل على منصب وزير المالية وعلى وعد من بلير بانه سيخلفه في رئاسة الوزراء. وخلال استلامه وزارة المالية، منح المصرف المركزي البريطاني استقلاليته ورفض ان تعتمد بريطانيا عملة اليورو. ويبلغ الدين العام حاليا 40%، وهي نسبة اقل من تلك التي تسجلها معظم الدول الاوروبية المجاورة. اما نسبة البطالة فهي بحدود 5،5% مقابل 1،7% في منطقة اليورو و2،8% في فرنسا. واصبح مركز الاعمال في لندن (ذي سيتي) يضاهي وول ستريت في نيويورك.
وتزوج غوردن براون عام 2000 من سارة ماكاولي المسؤولة عن العلاقات العامة. وتوفيت ابنتهما جنيفر اواخر 2001 بعد عشرة ايام فقط من ولادتها. ثم رزق براون بجون عام 2003 ثم بجيمس فريزر الذي اصيب بالليفة الكيسية (افرازات في الغدد تحدث اضطرابات هضمية وتنفسية). وقد اصبحت شخصية براون اكثر مرونة بفعل الابوة وهذه المصاعب العائلية.
لكن في العام 2005، انتخب توني بلير للمرة الثالثة من دون ان يعلن عن رحيله القريب عن السلطة، فطفح الكيل لدى وزير المالية. ويقول مستشاره السابق لورد تورنبول، ان براون يمكن ان تكون له تصرفات "ستالينية" و"متعالية" و"فظة". لكن اصدقاءه يؤكدون انه وفي انما لا يسامح في حال تعرض للخيانة.
ويبدو انه هو الذي ادار الحملة من وراء كواليس الحزب التي حملت توني بلير في ايلول/سبتمبر على اعلان رحيله القريب. ويقول توم باور ان "غياب الشجاعة" في المعركة السياسية وعدم وضوح البرنامج يعكسان "صراعاته الداخلية". ويبدو براون مبتسما اكثر منذ تعيينه. لكن اضطر الى الحديث عن "اخطاء" في الحرب على العراق والتعبير عن تشكيكه في المشروع الاوروبي.
وسيكون عليه ان يتعلم كيفية اعجاب الرأي العام لا سيما ان الامتحان الاول له على المستوى الوطني سيكون في 2009، عن عمر 58، حيث سيواجه الزعيم الشاب للحزب المحافظ ديفيد كامرون الذي يشكل صورة طبق الاصل عن توني بلير عام 1994.
ابرز مواقف غوردن براون
ولا يزال غوردون براون متكتما جدا حول السياسة التي سينتهجها، مفضلا على الارجح خلق مفاجأة لدى خلافته توني بلير. وفي ما يلي بعض من مواقفه المعروفة:
السياسة الخارجية:
يدعو غوردن براون الى تحالف وثيق بين لندن وواشنطن لا سيما على مستوى مكافحة الارهاب. وهو ايضا يدعو الى اتحاد اوروبي اكثر مرونة واقل حمائية واقرب من واشنطن، خصوصا انه يعتبر اقل حماسة للمشروع الاوروبي من توني بلير. وبراون من كبار المدافعين عن ديون الدول الفقيرة ويريد ان تؤدي لندن دورا رياديا في محاربة الفقر والتغيرات المناخية.
وبشأن العراق، اقر رئيس الوزراء المقبل انه "تم ارتكاب اخطاء"، لكنه ايد الدعم البريطاني للاجتياح الاميركي ولم يتحدث عن انسحاب بلاده من هذا البلد. ويرفض غوردن براون استبعادا كاملا لاحتمال تدخل عسكري ضد ايران التي تشتبه الدول الغربية في سعيها الى تخصيب اليورانيوم لغايات عسكرية، مشيرا في الوقت ذاته الى تفضيله ان تحل هذه الازمة "من خلال ضغوط متعددة الاطراف". ويولي براون الذي تولى منصب وزير المالية على مدى 10 سنوات، اهمية كبرى للهند والصين القوتين الاقتصاديتين البارزتين حاليا.
الهوية والهجرة:
يطمح رئيس الوزراء المقبل الى ايلاء اهمية كبيرة للهوية البريطانية لمواجهة انغلاق المجموعات على ذاتها واحتمال تنامي التطرف. وهو يشدد على ان الحقوق المرتبطة بالمواطنية لا يمكن فصلها عن الواجبات.
المؤسسات:
وعد براون ان يعزز دور النواب ومحاسبة النواب والوزراء. وتحدث رئيس الوزراء المقبل عن وضع مدونة سلوك للوزراء لمكافحة الفساد. كما وعد بمنح البرلمان امكانية التصويت على قرار المشاركة في حرب مستقبلا، ومنح مزيد من الصلاحيات للافراد والمؤسسات المحلية. واقترح براون اعادة اطلاق النقاش حول وضع دستور مكتوب لبريطانيا.
الامن الداخلي:
يؤيد براون تعزيز قانون مكافحة الارهاب لا سيما تمديد مدة احتجاز مشتبه بالارهاب 90 يوما من دون توجيه التهمة اليه، مقابل 28 يوما حاليا.
الملف النووي:
اعلن براون تأييده لتجديد نظام "تريدنت" للردع النووي الذي يريد الجناح اليساري في حزب العمال التخلي عنه. كما انه يؤيد اعادة اطلاق خطة لتطوير الطاقة النووية.
اقتصاد:
يتبع براون مدرسة آدم سميث الليبرالية وهو يعارض الحمائية بشدة. وقد شدد على تطوير التربية التي تشكل احدى اولوياته والعلوم بهدف تعزيز التنافسية البريطانية.
الملف الاجتماعي:
يريد براون ان يوفر عملا لاكبر عدد من المستفيدين من التقديمات الاجتماعية. وهو كان حاول ذلك من خلال تسهيلات في تسديد الضرائب ومكافحة استغلال التقديمات.
كما وعد بخفض الفقر لدى الاطفال البريطانيين الى النصف في العام 2010 والقضاء على هذه الظاهرة بحلول العام 2020. وتظهر المؤشرات ان هذا الهدف سيكون صعب المنال.