أخبار

انتخابات تشريعية الأحد في تركيا وسط أجواء توتر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

انقرة، دياربكر (تركيا): لا يتوقع المحللون ان تؤدي الانتخابات التشريعية المبكرة، التي دعا اليها رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ردا على إلغاء الانتخابات الرئاسية في نيسان/ابريل الماضي الذي كان للجيش دور كبير فيه، الى وضع حد للتوتر السائد بين المدنيين والعسكريين.

ولم يكن تحذير قيادة الجيش من اي تشكيك في مبدأ علمانية الدولة الذي ارساه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال اتاتورك عام 1923 سوى تذكير سافر بنفوذ المؤسسة العسكرية على الحياة السياسية وعزمها على الاستمرار في ممارسته.

ويقول الخبير احسان داغي "العفريت خرج من القمقم واعادته ستتطلب وقتا. اذ قد يستغرق الامر من ثلاث الى خمس سنوات قبل ان تصبح العلاقات بين العسكريين والمدنيين كما يجب ان تكون عليه". ورغم تصدر حزب العدالة والتنمية، المنبثق من التيار الاسلامي، جميع استطلاعات الرأي بفارق كبير فانه قد يخوض صراعا جديدا مع الجنرالات بعد الانتخابات التشريعية اذا لم يتم الاتفاق على مرشح للرئاسة.

كان الخلاف قد ظهر الى العلن في نيسان/ابريل الماضي عندما حاول رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان فرض وزير خارجيته وذراعه اليمنى عبد الله غول رئيسا للجمهورية ما دفع الاوساط العلمانية ومن بينها الجيش الى اتهام حزب العدالة والتنمية بالرغبة في العودة عن مبدأ الفصل الصارم بين الدولة والدين.

وهدد الجيش، الذي اسقط اربع حكومات منذ عام 1960، بالتدخل للدفاع عن النظام العلماني وقررت المحكمة الدستورية في نهاية المطاف إلغاء الانتخابات الرئاسية. لكن الامر لا يتعلق في الواقع بأزمة بشأن علمانية تركيا وانما بشأن نظامها السياسي الذي يمنح الرئيس حق مراقبة اداء الحكومة ويمنح الجيش دور حامي مؤسسات الدولة كما يرى المعلق السياسي علي بيرم اوغلو. وقال اوغلو موضحا "انه صراع على السلطة مع العسكريين الذين يتصدون بشدة لاي انتقاص من دورهم في حال تولى حزب العدالة والتنمية الرئاسة".

بدات متاعب الجيش في السنوات الخمس الاخيرة عندما اعتمد حزب العدالة والتنمية، الفائز في الانتخابات التشريعية السابقة عام 2002، عدة اصلاحات لتسهيل انضمام البلاد الى الاتحاد الاوروبي انتقصت بعضها من سلطات العسكريين. هذه الاصلاحات شجعت ايضا زيادة التحرر الاقتصادي الذي كانت ثمرته معدل نمو قوي واستثمارات خارجية قياسية. ويقول البروفسور داغي "في مجتمع يشهد هذا التحول السريع لا يمكن ان نتحدث عن دور خاص للجيش".

وفي هجومه المضاد حصل الجيش على الدعم من ملايين الاتراك الذين نزلوا الى الشوارع في كبرى مدن البلاد للتنديد بحزب العدالة والتنمية وايضا بالاتحاد الاوروبي والعولمة استجابة خاصة للتنظيمات العلمانية التي تضم عددا كبيرا من العسكريين السابقين.

ويقول سونر جاغبتاي مدير برنامج الابحاث المتعلقة بتركيا في معهد واشنطن لابحاث الشرق الادنى "واشنطن انستيتيوت فور نير ايست بوليسي" "اجمالا تعد تركيا بلدا مستقرا مع خمس سنوات من النمو. لكن اذا نظرنا بامعان نجد ان تركيا ليست مستقرة على الاطلاق بالنسبة إلى ملايين الاتراك من ابناء الطبقة المتوسطة الذين يرون في حزب العدالة والتنمية تهديدا".

وقد مارس العسكريون ايضا ضغوطا على الحكومة في الاشهر الاخيرة كي تتدخل ضد قواعد مقاتلي حزب العمال الكردستاني (الانفصالي المحظور) في شمال العراق المجاور. الا ان اردوغان اكد بحزم ان هذا القرار يرجع الى الحكومة وحدها داعيا العسكريين الى الاهتمام اولا بالمتمردين الموجودين داخل البلاد.

الاكراد قد يدخلون البرلمان مجددا

فبعد 13 عاما على استبعادهم عن البرلمان، يتوقع ان يدخله النواب الاكراد مجددا بموجب نتيجة الانتخابات التشريعية. وسيترشح 60 عضوا من الحزب من اجل مجتمع ديمقراطي بصفة مستقلين في استراتيجية تهدف الى الالتفاف على قاعدة الحصول على 10% من الاصوات كحد ادنى على المستوى الوطني لكي يتمكن حزب ما من الدخول الى البرلمان.

وبحسب استطلاعات الرأي فانه يمكن انتخاب 20 الى 30 منهم بسبب الدعم القوي الذي يستفيدون منه في جنوب شرق البلاد حيث تعيش غالبية كردية. وقبل ايام من الانتخابات، بدأت مظاهر الحماسة في دياربكر التي تعتبر ابرز مدينة كردية في جنوب شرق البلاد حيث علق الاف المتطوعين صور المرشحين في كل انحاء المدينة فيما يقومون بحملة لصالحهم.

وقال فرحات بائع الخضار البالغ من العمر 22 عاما "سنصوت لصالح الاكراد للاثبات اننا موجودون في هذا البلد وانه لنا صوت نحن ايضا". وتتمحور حملة المرشحين حول موضوع المصالحة بين الاتراك والاكراد. ويدعون انقرة الى التخلي عن الخيار العسكري ضد انفصاليي حزب العمال الكردستاني (المحظور) والى زيادة حقوق هذه الاقلية لافساح المجال امام تسوية سلمية للنزاع الذي يعود الى 23 سنة. لكن ليست لديهم اي اوهام حيال ما سيكون عليه موقف انقرة في حال انتخابهم.

وقالت احدى المرشحات ايسل توغلوك "نعلم انه سيكون امرا صعبا لكننا سنتصرف بتعقل. سيتعلم الناس كيف يتعرفون الينا بشكل افضل في البرلمان وسيرون اننا لسنا وحوشا". وقد زاد حزب العمال الكردستاني عملياته هذه السنة ما اجج ردود فعل القوميين والدعوات الى التدخل في شمال العراق المجاور حيث يملك المتمردون قواعد خلفية.

واثار الحزب من اجل مجتمع ديمقراطي غضب انقرة عبر رفضه اعتبار حزب العمال الكردستاني "منظمة ارهابية" في حين ان الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة يطلقان عليه هذه الصفة. وقال مرشح اخر صلاح الدين دميرتاس ان "حزب العمال الكردستاني ليس فقط عصابة رجال مسلحين، انه يحظى بدعم قوي لدى الشعب الكردي" مضيفا ان "ادانته تعني ادانة الشعب".

ويرفض الحزب من اجل مجتمع ديمقراطي اي علاقة له بحزب العمال الكردستاني لكن بعض اعضائه يعترفون بان المتمردين يمارسون نفوذا على الحزب. وقال ناشط رفض الكشف عن اسمه ان "نجاح نوابنا رهن بالطريقة التي ستعاملهم بها السلطة وما اذا كان حزب العمال الكردستاني يدعم الديمقراطية او يمارس نفوذا عليهم لكي يعتمدوا مواقف اكثر راديكالية". ويريد الحزب من اجل مجتمع ديمقراطي الحصول على عفو لاعضاء حزب العمال الكردستاني لكن انقرة تطالب باستسلامهم.

وكانت الخطوات الاولى لعشرين نائبا كرديا في البرلمان انتهت الى فشل دراماتيكي عام 1994 حين رفعت الحصانة عنهم بعد ان اتهموا بمساعدة حزب العمال الكردستاني. وبعضهم دخل السجن فيما اختار اخرون المنفى وانضم احدهم الى حزب العمال الكردستاني.

ومنذ ذلك الحين وبضغط من الاتحاد الاوروبي، منحت تركيا الاقلية الكردية مزيدا من الحرية في المجال الثقافي ورفعت حال الطوارئ في جنوب شرق البلاد. لكن الاكراد لا يزالون يشتكون من التمييز. ويطالبون بتعليم لغتهم في المدرسة والاعتراف باللغة الكردية في الحياة العامة. ويبقى الفقر ايضا يطرح مشكلة خطرة في هذه المنطقة حيث يمكن ان تصل معدلات البطالة الى 70% في المناطق المحرومة فيما لا يزال عدد كبير من القرى بدون كهرباء ولا مياه عذبة.

استطلاع يرجح فوز حزب أردوغان

وافاد استطلاع الخميس ان حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا والمنبثق من التيار الاسلامي سيفوز بالاغلبية المطلقة في البرلمان. وجاء في الاستطلاع الذي اجراه معهد كوندا لدى عينة من 3592 شخصا بين الرابع عشر والخامس عشر من تموز/يوليو ونشرته صحيفة راديكال، ان حزب العدالة والتنمية سيحصل على 42،6% من الاصوات. وبذلك سيفوز حزب رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بما بين 310 و340 مقعدا من اصل 550 في الجمعية.

وكان حزب العدالة حصل على 34% من الاصوات في الانتخابات التشريعية الماضية عام 2002 وسيطر على ثلثي مقاعد البرلمان (365) بفضل النظام الانتخابي النسبي في تركيا. ويتوقع ان تحصل اكبر قوة معارضة في البرلمان وهو حزب الشعب الجمهوري (اجتماعي ديمقراطي) على 17،3% من الاصوات ليفوز اي ما بين 100 الى 120 نائبا.

كذلك يرتقب ان يتخطى حزب ثالث هو حزب العمل القومي عتبة العشرة في المئة من الاصوات الضرورية على الصعيد الوطني للدخول الى البرلمان وان يحصل على نحو 12،5% من الاصوات (ما بين سبعين الى تسعين نائبا). وتوقع الاستطلاع ان يحصل المرشحون المستقلون ومعظمهم من الاكراد على 5،7% من الاصوات ما يعادل 25 الى 35 نائبا. واعرب 11،1% من الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع عن ترددهم.

وافاد معهد كوندا ان حزب العدالة قد يفوز بنحو 47،9% اذا تم احتساب اصوات المترددين. ودعا حزب العدالة الى اجراء الانتخابات بعد ازمة نيسان/ابريل التي اندلعت عندما حاول اردوغان فرض مساعده وزير الخارجية عبد الله غول في منصب الرئيس في حين تشتبه اوساط العلمانيين بما فيها الجيش، بان حزب العدالة يسعى الى الطعن في مبدا فصل الدولة عن الدين. وتسبب الجيش في اقالة اربع حكومات منذ 1960 وهدد بالتدخل دفاعا عن العلمانية في حين الغت المحكمة الدستورية في اخر المطاف انتخاب الرئيس من طرف البرلمان.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف