أخبار

ليبيا والعودة إلى الساحة الدولية عبر قضية الممرضات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ليبيا تفرج عن الممرضات والطبيب البلغار ويصلون صوفيا

من هو الطبيب الفلسطيني والممرضات البلغاريات طرابلس-واشنطن: أتاحت قضية الممرضات والطبيب البلغار لليبيا التفاوض من موقع قوة لتطبيع علاقاتها مع الإتحاد الأوروبي، ما كرس عودتها إلى الساحة الدولية والتي كانت بدأت قبل أعوام. وقال وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم بعيد الإفراج عن الممرضات والطبيب بعد اعتقالهم ثمانية اعوام في ليبيا بتهمة تعمد نقل فيروس الإيدز إلى اطفال ليبيين في مستشفى بنغازي "حققنا مكتسبات سياسية وانسانية".

وطوال المفاوضات، حافظت ليبيا على سقف عال رافضة الاكتفاء بالانضمام الى عملية برشلونة الاوروبية المتوسطية او الى الاطار غير الرسمي لحوار غرب المتوسط الذي يضم خمس دول من كل من الضفتين. واوضح شلقم ان بلاده اشترطت وحصلت على اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي، اول بنوده مشاريع في مجالات الصحة والتعليم والاثار ومراقبة الحدود.

واضاف مسؤول حكومي ليبي ان الشروط التي وضعتها طرابلس لتسليم الممرضات والطبيب البلغار "تمت تلبيتها". وقال هذا المسؤول الذي رفض كشف هويته لوكالة فرانس برس "تلقينا ضمانات لتطبيع العلاقات مع الدول الاوروبية". من جهتهم، اكد مسؤولون اوروبيون كبار ان معالجة هذه القضية تمهد لتعزيز العلاقات مع طرابلس.

واعلن رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو انه تعهد للزعيم الليبي معمر القذافي تطبيع العلاقات بين الجانبين. وتحدثت المفوضة الاوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو فالدنر عن "علاقة جديدة ومعززة" فيما قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انه سيزور ليبيا الاربعاء لمساعدتها "على العودة الى صفوف المجتمع الدولي".

وبحسب دبلوماسي اوروبي في طرابلس فان الاتحاد الاوروبي الذي اكد مرارًا انه يرفض الابتزاز لضمان الافراج عن الممرضات البلغاريات "تنازل في النهاية لانه حقق مصالحه ايضا". وتحولت ليبيا، البلد النفطي الواقع بين افريقيا والمتوسط والذي يبعد اقل من ثلاث ساعات جًوا عن العواصم الاوروبية، معبرًا للمهاجرين غير الشرعيين الى اوروبا.

ولم تتعاون طرابلس خلال الاعوام الاخيرة مع الاتحاد الاوروبي على هذا الصعيد، رافضة مثلا تسيير دوريات مشتركة بحجة "المساس بسيادتها". واعتبرت ليبيا بلدًا يدعم الارهاب، وقاطعها المجتمع الدولي في الثمانينات بعدما اعتبرت مسؤولة عن الاعتداء على طائرة اميركية اسفر عن 270 قتيلاً في لوكربي (اسكتلندا) عام 1988، وعن اعتداء آخر على طائرة فرنسية في النيجر (1989) اسفر عن 170 قتيلاً.

وبدأت عملية تطبيع علاقات ليبيا مع المجتمع الدولي مع تسليمها اثنين من المشتبه فيهم في اعتداء لوكربي للقضاء البريطاني عام 1999، ثم اعلانها عام 2003 التخلي عن تطوير اسلحة الدمار الشامل، علمًا ان الولايات المتحدة اعادت علاقاتها الدبلوماسية رسميًا مع طرابلس في ايار/مايو 2006.

ومذذاك، تعتبر واشنطن ان ليبيا مثال يحتذى به على صعيد نزع السلاح ووقعت العديد من الشركات الاميركية عقودًا لانتاج المحروقات في ليبيا او للاشراف على هذا الامر. لكن قضية الممرضات والطبيب البلغار ظلت عائقًا يحول دون تطبيع تام للوضع.

وفيما كانت ترتسم ملامح حل لهذه المسألة، عين الرئيس جورج بوش قبل نحو عشرة ايام اول سفير للولايات المتحدة في طرابلس منذ 35 عامًا، في ما يؤشر الى احياء العلاقات مع طرابلس التي ادرجها البيت الابيض قبل بضعة اعوام على قائمة "الدول المارقة".

واشنطن: مسألة الممرضات البلغاريات ايجابي جدًا

من جهتها رحبت الولايات المتحدة الثلاثاء بإطلاق سراح الممرضات والطبيب البلغار في ليبيا ورات في الامر "تطورًا ايجابيًا جدًا". وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية شون ماكورماك "نحن سعداء لهؤلاء الاشخاص" مضيفًا "هذا يفسح المجال لطي صفحة اليمة جدًا بالنسبة إلى الجميع".

وتابع المتحدث "انه تطور ايجابي جدًا" معتبرًا أن هذه النهاية السعيدة "ستساعد في تغيير علاقات ليبيا مع بقية العالم". وكان اطلق سراح الممرضات الخمس مع الطبيب الفلسطيني الذي منح الجنسية البلغارية فجر الثلاثاء بعد ان امضوا ثماني سنوات في السجن في ليبيا اثر اتهامهم بنقل فيروس الايدز عمدًا الى مئات الاطفال الليبيين.

نبذة: العقيد القذافي، شريك الاوروبيين المحرج

بعد ان كان عدو الغربيين اللدود تحول الزعيم الليبي معمر القذافي وهو اقدم قائد عربي في السلطة، الى شريك محرج لا يمكن الاستغناء عنه، والى زعيم افريقي محترم.

ولد معمر القذافي عام 1942 تحت خيمة راع من بدو صحراء سرت من قبيلة القذاذفة ونشأ على تربية دينية صارمة بقى وفيًا لما لقنته من خشوع. واقدم القذافي، وهو في السابعة والعشرين من عمره، مع 11 ضابطًا آخر في الاول من ايلول/سبتمبر 1969 على الاطاحة بنظام الملك ادريس السنوسي المسن الذي كان في فترة نقاهة في تركيا دون اراقة قطرة دم واحدة.

وفرض القذافي نفسه "قائدا للثورة" معلنا "انتصار الثورة" باسم "الحرية والاشتراكية والوحدة". وحصل على دعم الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
وادى اعلان عداوته "للامبريالية الاميركية" الى تقاربه مع الاتحاد السوفياتي الى حد انه حاول الانضمام الى حلف وارسو. وكانت قضيته الاساسية هي فلسطين التي اتخذ بشانها مواقف متشددة لا مجال فيها لاي تسوية مع اسرائيل. واشتهر بالتصريحات المثيرة التي كان يتخذها خلال القمم العربية كلما كان يتكرم بالمشاركة فيها.

وسريعا ما اثار القذافي الحيرة من حوله، لا سيما لدى الغربيين بسبب غرابة اسلوب حياته وازيائه التقليدية وطريقته في ممارسة السلطة في ذاك البلد الشاسع الثري بالنفط والقليل السكان والغني بالاثار النادرة. ويتخذ القذافي قراراته من مكاتبه في طرابلس او بنغازي وفي اغلب الاحيان من خيمته المتنقلة في الصحراء في حماية وحدات امنية من النساء بالزي العسكري. ويكتفي القذافي بالقليل من القوت لا سيما من حليب الجمال.

ويضطر القادة الاجانب والصحافيون الى الانتظار ساعات طوال وربما عدة ايام قبل مقابلته لكنه يعرف كيف يستبقيهم طويلا وهم يرتشفون الشاي ويتطرقون لجميع قضايا العالم. وهو ايضا فاتن يحبذ رفقة النساء ويسعى الى التخلص من الصورة القبيحة التي اشتهر بها في الغرب.

وانطلق عام 1977 في شكل من اشكال الديمقراطية المباشرة التي تركز على "الجماهير" حتى اطلق على بلده اسم "الجماهيرية العربية الليبية" التي كان مفترضًا ان تطبق "الكتاب الاخضر" الذي حاول فيه التوفيق بين الاشتراكية والفكر الاسلامي في "طريق ثالث" بين الاشتراكية والراسمالية. لكنه احتفظ بسلطته الشخصية كما هي.

وكثيرا ما اختلف قبل ان يتصالح مع تونس التي اقترح عليها الوحدة، ومصر والسودان ومع قائد منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات.
وكانت سنة 1986 رهيبة. ففي الرابع من نيسان/ابريل شن الجيش الاميركي الذي اتهمه بانه "ارهابي كبير" وحمله مسؤولية اعتداء مناهض للولايات المتحدة في برلين الغربية، غارات على ليبيا قصف خلالها منزله في طرابلس.

وكانت الخسائر جسيمة. فقتلت ابنته الصغيرة بالتبني. ورفض جاك شيراك الذي كان حينها رئيس الوزراء ان تحلق الطائرات الاميركية في المجال الجوي الفرنسي. وتحول القذافي الى "اكبر عدو" للغرب بعد اعتداءين، الاول على طائرة اميركية لشركة بانام فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية والذي اسفر عن سقوط 270 قتيلا في 21 كانون الاول/ديسمبر 1988 والثاني على طائرة يو.تي.اي الفرنسية فوق صحراء تينيري في النيجر في التاسع عشر من تموز/يوليو 1989 (170 قتيلا).

واقرت ليبيا بعد 15 سنة مسؤوليتها ودفعت تعويضات لعائلات الضحايا لكنها خضعت قبل ذلك لحظر اقتصادي وجوي. وتساهم مؤسسة القذافي التي يراسها ابنه سيف الاسلام، وهي واجهة النظام "الخيرية"، في تسوية النزاعات مثل قضية الطبيب الفلسطيني والممرضات البلغاريات.

وخلال التسعينات، تحول القذافي الذي تقهقر على الصعيد العالمي وخيب امال اشقائه العرب، الى مناضل الوحدة الافريقية وساعد دولاً مثل تشاد ومالي اقتصاديا. واصبح صوته موضع اصغاء ويعتبر "حكيمًا".

ويحاول القذافي اعلاء صوت الاسلام والحوار مع المسيحيين وفي اب/اغسطس 2000، ساهم في الافراج عن سياح احتجزتهم مجموعة ابو سياف الارهابية في الفيليبين وفي كانون الاول/ديسمبر 2003 اعلن تفكيك كافة برنامج اسلحته السرية.

واقر الزعيم بأن "الاشتراكية اخفقت" واصبح من حينها ينفتح على الغرب سياسيًا واقتصاديًا، واستقبل جاك شيراك وتوني بلير ووقع عقودًا نفطية مع الاميركيين ويعد بالمساهمة في تسوية نزاع دارفور وقيام "شرق اوسط خال من اسلحة الدمار الشامل".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف