موريتانيا: حكم قريب على إسلاميين عاونوا القاعدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الدفاع يتهم النظام السابق بتلفيق التهم للتيار السلفي
موريتانيا: حكم قريب على إسلاميين عاونوا القاعدة
سكينة اصنيب من نواكشوط: قالت مصادر قضائية أن الحكم في قضية الاسلاميين المتهمين بمساعدة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي على تنفيذ هجوم مسلح على حامية للجيش خلف مقتل 18 جنديا في مايو 2005، سيصدر يوم الاثنين القادم، لينهي آخر محاكمتها نشطاء اسلاميين ينتمون الى التيار السلفي المتشدد في موريتانيا.
وأكدت هذه المصادر "لايلاف" أن أحكام بالسجن ستصدر على أغلب المتهمين الـ14 نظرا للتهم الموجهة اليهم وهي تهم حمل السلاح ضد الدولة الموريتانية والانتماء لمنظمات إرهابية والتزوير واستخدام وثائق مزورة والاشتراك في هجوم عام 2005 على موقع للجيش قتل فيه 18 جنديا موريتانيا. وهي تهم تصل عقوبتها الى الاعدام.وكان محامو المتهمين في الملف المعروف بـ "قضية لمغيطي" (الحامية العسكرية التي هاجمها تنظيم القاعدة على الحدود مع الجزائر)، دافعوا في جلسة الغرفة الجنائية بمحكمة ولاية انواكشوط يوم الاثنين الماضي، ببطلان اتهام موكليهم على أساس قانون الإرهاب الصادر بعد واقعة لمغيطي التي يتهم فيها بعض موكليهم.
وأشار المحامي الشيخ ولد حندي الى أن الدستور الموريتاني المعمول به يضمن حق الأفراد والجماعات في التنظيم وتكوين الجمعيات وأن النصوص القانونية التي يحاكم على أساسها موكليهم قوانين صدرت سنة 1964، مشيرا الى عدم دستورية هذه القوانين.
وأوضح أن الملف الذي يحاكم فيه المتهمون خال من أي دليل أو قرينة اثبات، وأضاف أن محاضر الضبطية القضائية لا تشكل قناعة الا للنيابة التي قال انها استعاضت عن تقديم الأدلة بدغدغة العواطف، وقال أن قضاة التحقيق دأبوا على التأشير على محاضر الشرطة دون أن يتكلفوا "عناء البحث والتحقيق الذي يخولهم إياه القانون".
وأضاف أن التعليم الديني في موريتانيا أصبح مظنة لإلصاق تهم الارهاب وممارسة العنف، مبرزا أن موكليه اعتقلوا على أساس تهم لا يجرمها القانون (تكوين جمعيات).
وبين أن التهم الموجودة في محاضر الشرطة لا تنطبق عليها أحكام مواد قانون الارهاب الذي كيفت النيابة على أساسه التهم الموجهة الى بعض المشمولين في الملف.
وتساءل عن سر عدم الاهتمام بضحايا واقعة لمغيطي من طرف الدولة الموريتانية ومغزى عدم الاستماع الى شهادات الجرحى والمصابين في هذه العملية.
وركز المحامي عبد الله ولد محمد على ما اعتبره أجندة خارجية "تهدف الى تجفيف منابع التدين والصاق تهم الارهاب بكل ما يتصل بالاسلام"، معتبرا أن اتهام موكليه يدخل في اطار هذا التوصيف.
وقال ان اتهامات النيابة لموكليه بالوقوف وراء عملية لمغيطي التي "راح ضحيتها 15 جنديا موريتانيا" على فرض صحتها غير موثقة بشهادات وفاة أو عجز لجرحاها وأن الواقعة ربما "تكون تغطية من النظام السابق على خوفه من المؤسسة العسكرية"، مشيرا الى أن التزام موكليه الديني يمنعهم من التفكير في قتل النفس، وهو ما أكد عليه المحامي أحمد سالم ولد أكاه الذي نبه الى عدم قانونية تأخير محاكمة المتهمين طيلة هذه المدة الطويلة، مشيرا الى أن اعتقال بعض موكليه مضى عليه حتى الآن أكثر من سنة كاملة.
وطالب بعدم الركون الى محاضر الشرطة التي قال ان لها سوابق كثيرة في "تلفيق التهم وحبك المؤامرات"، منبها الى أن التحقيق مع المتهمين من طرف أجانب-ان ثبتت صحته يعتبر "تنازلا عن السيادة".
يذكر أن النيابة طالبت بعقوبات للمتهمين في ملف لمغيطي تتراوح بين الاعدام لاثنين، والسجن 12 سنة لتسعة متهمين، في حين فوضت النيابة المحكمة توقيع العقوبة بحق ثلاثة متهمين.
وكانت محكمة الجنايات بنواكشوط قد شهدت فصول من الشد والجذب بين النيابة وهيئة الدفاع، حيث طرد نقيب المحامين أحمد ولد يوسف من قاعة المحكمة، ورفض المتهمون الادلاء بشهاداتهم، واتهم بعضهم الشرطة الموريتانية بتعذيبهم خلال فترات متفاوتة من مدة احتجازهم دون محاكمة وهي المدة التي تجاوزت السنتين، وأكدوا أن الاعترافات المنسوبة اليهم انتزعت منهم بالإكراه والتعذيب الشديد.
وكانت المحكمة الجنائية في نواكشوط برأت في الخامس من يونيو (حزيران) 24 اسلاميا من أصل 25 اسلاميا كانوا يحاكمون بتهمة الانتماء الى منظمات غير مرخص لها وأصدرت حكما بالسجن لمدة عامين على واحد فقط.
وكانت السلطات الموريتانية اعتقلت قبل أسبوعين ستة أشخاص بعد أن داهمت مقاه للانترنت وسط العاصمة نواكشوط، وتشتبه السلطات في علاقة المعتقلين وهم مغربيان وجزائريان وموريتانيان بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، دخلوا موريتانيا بغرض التخطيط لأعمال إرهابية، واستقطاب الشباب الموريتاني الراغب في الالتحاق بالتنظيم.
وترى مصادر قضائية أن هذه القضية تختلف عن المحاكمة السابقة لأن الأظناء متهمين بالمشاركة في جريمة بشعة هزت الرأي العام الموريتاني وطالب بالقصاص من كل من يثبت تورطه بها، وأضافت هذه المصادر أن تأثر الموريتانيين بهذه الجريمة سينعكس حتما على القضاة وعلى الحكم الذي سينطقون به، ووصف الجنود الذين نجوا من المذبحة كيف أقدم الارهابيون على قتل جنود حديثو التجنيد بدم بارد وكيف أجهزوا على الجرحى ونكلوا بالجثث.
وتؤكد مصادر أمنية أن بعض المتهمين اعترفوا بالتهم الموجهة اليهم وأقروا بالمشاركة في العملية الارهابية، إلا أن مصادر في الدفاع تقلل من قيمة هذه الاعترافات وتؤكد أنها انتزعت تحت التعذيب في عهد الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع حيث كانت أجهزة الأمن تمارس عليهم أقسى صنوف التعذيب.
وكان بعض المتهمين وبينهم اكثر من عشرة أئمة قد اتهموا بتلقي تدريب من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الذي كان يعرف باسم الجماعة السلفية للدعوة والقتال. وقال محامو الاسلاميين الذين اعتقل بعضهم في عام 2005 ان الشرطة عذبت موكليهم للحصول على اعترافات.
وظل ملف المعتقلين السلفيين تتجاذبه أطراف عدة ويتنقل من حكومة لأخرى ومن عهد الى آخر، حيث أن السلفيين اعتقلوا في آخر عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع بالتحديد في 20 أبريل (نيسان) 2005 ابان الضجة التي رافقت زيارة سلفان شالوم وزير الخارجية الاسرائيلي الى نواكشوط، ثم ورث المجلس العسكري الذي قاد انقلابا ضد ولد الطايع ملف المعتقلين السلفيين، وأحجم عن إعطاءهم عفوا واستثناهم من العفو الشامل الذي أطلقه بعد سيطرته على الحكم في موريتانيا، وظل العسكريون يماطلون في تقديم السلفيين للمحاكمة حتى أن وزير العدل في حكومتهم محفوظ ولد بتاح أصيب بحرج شديد لأنه كان مقربا من الأوساط الحقوقية وموضع ثقة واحترام من جميع الناشطين الذين بحت أصواتهم مطالبة بتقديم السلفيين للمحاكمة أو اطلاق سراحهم. وورث النظام الجديد برئاسة سيدي ولد الشيخ عبد الله ملف السلفيين لكنه كان أكثر شجاعة من غيره وأوفى بالوعد الذي قطعه بتقديم السلفيين للمحاكمة.
ودأبت السلطات الموريتانية منذ سنوات على توقيف مجموعات سلفية، قبل أن تفرج عنها بمنحها حرية مؤقتة، وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تنظيم محاكمة لأعضاء من تنظيمات اسلامية.