أخبار

زيارة مرتقبة لرايس الى طرابلس قد تنهي عزلة ليبيا الدولية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


واشنطن
: تبدو الزيارة المنتظرة لوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الى طرابلس مسألة وقت فقط لترسخ خلالها تطبيع العلاقات الاميركية الليبية بعد ثلاثة عقود من الدبلوماسية المتوترة بين البلدين. وقال المتحدث باسم مكتب الشرق الادنى في الخارجية الاميركية لوكالة الانباء الكويتية (كونا) "ان وزيرة الخارجية كانت واضحة جدا حول رغبتها في الزيارة ونحن نتطلع الى حصولها ربما هذا العام ونعتقد اننا على الطريق الصحيح".

وبحث مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى ديفيد ويلش مع المسؤولين الليبيين خلال زيارته الى طرابلس الاسبوع الماضي سبل التمهيد لهذه الزيارة التي تأتي بعد 54 عاما من زيارة وزير الخارجية الاسبق جون فوستر دلاس الى طرابلس في 28 مايو 1953.

ولكن هذا التقارب الاميركي الليبي لم يأت من فراغ بل هو حصيلة مسار متراكم بدأ منذ ثمانية اعوام حين سعى الزعيم الليبي معمر القذافي الى اعادة صياغة تحالفاته الاقليمية بعيدا عن العالم العربي والى ترتيب موقع بلاده على خريطة الساحة الدولية. واعتبر نائب رئيس معهد الشرق الاوسط في واشنطن ديفيد ماك الذي كان دبلوماسيا لثلاث سنوات في ليبيا انه لا يوجد "اي عقبات امام تطبيع كامل وتواصل رفيع المستوى" بين البلدين مبينا "ان واشنطن تتعامل مع ليبيا اليوم كحليف لها في الشرق الاوسط".

من جهته قال الامين التنفيذي لجمعية التجارة الاميركية الليبية ديفيد غولدوين في مقابلة منفصلة ان زيارة رايس الى طرابلس "على مستوى اليقين وبدون شروط" متوقعا ان تحصل في شهر تشرين الثاني / نوفمبر المقبل حيث ستزور وزيرة الخارجية الدول العربية الاربع في شمال افريقيا.

- ويعود التوتر في العلاقة بين البلدين منذ وصول العقيد معمر القذافي الى الحكم في عام 1970 واغلق حينها كل قنوات المصالح الاميركية في البلاد بعدها سحبت واشنطن سفيرها من طرابلس واعلنت ليبيا دولة راعية للارهاب في كانون الأول (ديسمبر) 1979 كما شهدت هذه العلاقة مواجهتين عسكريتين في عام 1981 بعدما كانت الطائرات الاميركية تقوم بمناورات روتينية في البحر الابيض المتوسط وفي عام 1986 حين اتهمت الولايات المتحدة ليبيا بالتفجيرات التي وقعت في ملهى لابيل الليلي في برلين ما ادى الى مقتل جنديين اميركيين.

وتحملت طرابلس في شهر اغسطس 2003 مسؤوليتها عن تفجير طائرة (بان ام) رحلة 103 فوق لوكربي في اسكوتلندا والتزمت بدفع تعويضات بلغت 7ر2 مليار دولار الى عائلات ضحايا الانفجار الذي وصل عددهم الى 270. ورأى فولي في هذا الاطار انه ما زال يوجد "قضايا ضد ليبيا في المحاكم الاميركية من قبل ضحايا هذه التفجيرات وبالتأكيد نريد ان نرى هذه القضايا تعالج في اقرب فرصة ممكنة" معتبرا ان مسألة التعويضات "ما تزال حتما عالقة".

وقد تخلت ليبيا في شهر ديسمبر 2003 عن ترسانة اسلحة الدمار الشامل التي تملكها بعد تسعة اشهر من المفاوضات السرية بين وكالة الاستخبارات الاميركية ونظيرتها البريطانية مع المسؤولين الليبيين. وقال الباحث في جمعية مراقبة الاسلحة في واشنطن بيتر كرايل ان "عوامل خطرة من الاسلحة النووية فككت وتم احضارها الى الولايات المتحدة" مضيفا ان ليبيا لم تكن تتمتع بتسهيلات جدية او التكنولوجيا الضرورية "لتحويل المواد التي حصلت عليها من السوق السوداء الى اسلحة نووية" مبينا ان تخصيب اليورانيوم "مسار تكتولوجي معقد" وليبيا لم تصل فيه الى حيث وصلت دول اخرى في المنطقة.

- ورأى كرايل ان حالة ليبيا "مثال ايجابي" على مدى نجاح الدبلوماسية الهادئة والتواصل المباشر في تفكيك اسلحة الدمار الشامل مضيفا ان هذه البرامج تتطلب "استثمارا ضخما وتترافق مع ثمن سياسي عال".

حتى الرئيس الاميركي جورج بوش اعتبر حينها المبادرة الليبية نموذجا يحتذى به لايران وكوريا الشمالية ووضعته الادارة الاميركية في هذا المعنى في خانة الانتصار الدبلوماسي وواحد من النجاحات الاقليمية المباشرة للحرب في العراق فيما اصرت ليبيا على ان لا علاقة لهذه الخطوة بالحرب في العراق بل نبعت من ارادة ذاتية.

وقال ديفيد ماك في هذا الاطار ان بوش نجح فعلا في تغيير التصرف الليبي بعد "علاقة شديدة الاستثنائية" مع طرابلس معتبرا ان الادارة الاميركية اليوم "ضعيفة بشكل ملحوظ" مقارنة بالاعوام الماضية لتبني على هذا النجاح في المنطقة. ورفعت ادارة بوش العقوبات عن ليبيا في شهر مايو 2006 وازالت ليبيا عن لائحة الدول الراعية للارهاب وطلبت تخصيص مبلغ 116 مليون دولار في ميزانيتها لعام 2008 من اجل بناء سفارة جديدة في طرابلس وعينت للمرة الاولى منذ عام 1972 سفيرا لها في ليبيا هو جين كريتز بانتظار ان يصادق الكونغرس على هذين الطلبين.

كما زار اربعة مسؤولين اميركيين ليبيا هذا العام وهم المبعوث الرئاسي الخاص بالسودان السفير اندرو ناستيوس في شهر مارس لبحث ازمة دارفور ونائب وزيرة الخارجية جون نغروبونتي في ابريل ومستشارة البيت الابيض لشؤون مكافحة الارهاب فرانسيس فراغو تاونسند التي حملت رسالة من بوش الى المسؤولين الليبيين. وتحدث فولي في هذا الاطار عن "التعاون البارز" مع ليبيا في مكافحة الارهاب منوها بدورها الايجابي في معالجة ازمة دارفور في السودان.

- وكانت ليبيا اطلقت الشهر الماضي سراح ستة عاملين اجانب في الحقل الطبي كانت حكمت عليهم بالاعدام لضلوعهم في نقل فيروس الايدز عمدا الى 438 طفلا ليبيا وبعدها بيوم واحد توجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى ليبيا موقعا اتفاق تسلح معها وبرنامج طاقة نووي لتوفير المياه العذبة. وعلق فولي على هذا الامر قائلا "هذا جزء من اعادة انخراط ليبيا مع العالم" مضيفا "نحن نرحب وندعم خطوات اضافية لدمج ليبيا مع سائر العالم".

والبعد الاخر لرسم السياسة الاميركية حيال ليبيا هو استهلاك الطاقة بما ان الاخيرة لديها احتياط النفط الاكبر في افريقيا ويشكل اكثر من 90 بالمئة من واردات صادراتها الوطنية. وذكر المحللون ان ليبيا تنوي في الاعوام الستة المقبلة رفع مستوى قدراتها الانتاجية 40 بالمئة من 8ر1 مليون برميل يوميا الى ثلاثة ملايين.

ومنذ القرار التنفيذي الذي اصدره بوش في سبتمبر 2004 الذي قضى برفع العقوبات الاقتصادية عن ليبيا بدأت شركات النفط الاميركية فورا التنقيب عن النفط كما استؤنفت صادرات النفط الليبية الى الولايات المتحدة ويتوقع ان يرتفع هذا التبادل التجاري في المرحلة المقبلة. وقال ديفيد ماك ان النفط الليبي "مفيد لكنه لا يبدأ حتى بالاقتراب من اهمية مصادر الطاقة في الخليج ".

وبينت احصاءات ادارة معلومات الطاقة في واشنطن ان واردات النفط الخام من ليبيا ارتفعت من 41ر7 ملايين برميل في عام 2004 الى 2ر31 مليون برميل في 2006 فيما المملكة العربية السعودية صدرت ما يعادل 560 مليون برميل الى الولايات المتحدة في عام 2005.

وقال غولدوين ان شركات النفط الاميركية لديها الافضلية في تكنولوجيا تعزيز استخراج النفط بحيث " تلتزم حقول نفطية قائمة وتطبق عليها هذه التكنولوجيا لزيادة انتاجيتها" مضيفا ان هذه الشركات تسعى إلى عروض ثنائية "مربحة جدا" لتجنب الاتفاقات الطويلة الامد التي تنتج مما وصفه بجولات المناقصات "الحديثة المبنية على الشفافية والجدارة" التي تنظمها ليبيا منذ شهر يناير 2005 نجحت الشركات الاميركية في الحصول على عقود في الجولة الاولى فقط حين فازت شركة (شيفرون - تكساكو) في مناقصة التنقيب عن النفط جنوب غرب البلاد قرب الحدود مع تشاد ولكن لم توفق الشركات الاميركية في الجولة الثانية والثالثة.

وسجل ايضا التبادل التجاري بين البلدين تقدما ملحوظا في السنوات الثلاث الماضية بحيث ارتفعت الصادرات الاميركية الى ليبيا لا سيما من ولاية تكساس من 190ر39 دولارا في عام 2004 الى حوالى 450 ألف دولار في عام 2006 وهو معدل قريب من الصادرات الاميركية الى تونس التي بلغت 360 الف دولار والصادرات الى المغرب التي وصلت الى 875 الف دولار هذا العام.

ولكن يحكم مستقبل هذه العلاقة المتجددة بين واشنطن وطرابلس بعض الغموض نظرا لسياسة معمر القذافي الخارجية التي يصعب التنبؤ بها ونظرا لجدول اعمال الولايات المتحدة ومصالحها في الشرق الاوسط وحتى ديفيد ماك شكك في هذه المسألة قائلا "ليبيا قد تقرر في مرحلة ما ان تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة يسبب مشاكل كثيرة لها".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف