أخبار

القوات البريطانية تنسحب من آخر مواقعها في البصرة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لندن: أعلن ضابط عراقي كبير الاثنين ان القوات البريطانية انسحبت من اخر مواقعها في البصرة جنوب العراق وسلمت المسؤولية الامنية في القصور الرئاسية التي كانت تشغلها في وسط المدينة الى الجيش العراقي. وقال الفريق الركن موحان فهد الفريجي قائد عمليات البصرة ان "القوات البريطانية انسحبت عند الساعة 00، 23 بالتوقيت المحلي (00، 19 تغ) من مساء الاحد من القصور الرئاسية في منطقة البراضعية وسط مدينة البصرة".

واضاف ان "الجيش العراقي استلم مسؤولية حماية القصور واعتبرت المنطقة الان منطقة عسكرية يحظر الاقتراب منها الا من المخولين لحين صدور اوامر من رئاسة الوزراء حول مصيرها".

وكان مسؤول امني عراقي اعلن في وقت سابق عن الاستعداد لسحب القوات البريطانية من وسط البصرة الى المطار الذي يبعد 25 كيلومترا عن المدينة وحيث يتمركز نحو خمسة الاف جندي. ومؤخرا كان يوجد نحو 500 جندي بريطاني في قصر صدام السابق في البصرة، ثاني مدن العراق. ويفترض ان تخفض بريطانيا قواتها في العراق من 5500 الى 5000 بنهاية العام الجاري.

وقتل 159 جنديا بريطانيا في العراق منذ مشاركة لندن في الاجتياح الاميركي لهذا البلد في اذار/مارس 2003. وصرح رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون في الفترة الاخيرة ان القوات البريطانية ستواصل بعد الانسحاب من قصر البصرة الاضطلاع بدور "الاشراف" وتدريب القوات العراقية، على ان تقدم لها المساعدة عند الضرورة. وفي نهاية آب/اغسطس، دافع براون عن تدخل جنوده في العراق، معلنا انهم "يقومون بعمل مهم" في هذا البلد الذي تمزقه الحرب.

براون يوضح ان الانسحاب من البصرة "مخطط له ومنظم"

وشدد براون على ان انسحاب القوات البريطانية ياتي في اطار عملية "مخطط لها ومنظمة" وليس هزيمة. وقال براون في حديث الى القناة الرابعة في هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي 4) "انها عملية مخطط لها وعبارة عن انتقال منظم من قصر البصرة الى مطار البصرة" واعدا بان البريطانيين "سيحترمون التزاماتهم" تجاه العراقيين وتجاه الامم المتحدة. واضاف براون "ما يجري بشكل اساسي هو الانتقال من موقع كان لنا فيه دور قتالي في اربع محافظات الى اعتماد الاشراف وهذا يعني باننا سنكون قادرين على التدخل من جديد اضافة الى القيام باعمال تدريب".

واعتبر انه حسب الوضع الجديد فان القوات البريطانية ستكون قادرة على التدخل من جديد "في بعض الظروف" مضيفا ان "الهدف هو نقل (ادارة) الامن من الجيش البريطاني الى قوات الامن العراقية".

الانسحاب في الصحف البريطانية

ونشرت صحيفة الاندبندنت البريطانية تحت عنوان" البريطانيون يغادرون آخر قاعدة متبقية في البصرة"، يقول كيم سينجوبتا إن انسحاب القوات البريطانية من آخر قاعدة داخل جدران مدينة البصرة هو مؤشر إلى رغبة بريطانيا في فك ارتباطها بكل ما تعلق بالنزاع القائم هناك.

كما يسلط الضوء على تزايد الخلافات بين واشنطن ولندن بشأن العراق ولا سيما أن الأميركيين يقولون إن هذه الخطوة ستؤدي إلى الإخلال بالأمن بشكل كبير، وكذلك ستعرض خط إمداداتهم القادمة من الكويت إلى الخطر. ويقول الكاتب إن الإدارة الأميركية تنظر إلى قرار بريطانيا مقاومة ضغوطها المتزايدة على أنه مؤشر إلى الرغبة العارمة التي تحدو جوردن براون في فك ارتباط حكومته بالمأزق العراقي.

ويضيف سينجوبتا أن الجنود البريطانيين المتمركزين في قصر البصرة كانوا في الواقع يعيشون تحت حصار حقيقي في ظل تعرض القصر باستمرار إلى هجمات بالصواريخ وقذائف الهاون، وهم يدربون القوات العراقية على تولي المهام الأمنية في المدينة.

نهاية مخزية

الصحافي باتريك كوكبورن يقول في تقرير بعنوان " نهاية مخزية لعملية عسكرية أودت بحياة 168 بريطانيا" إن انسحاب القوات البريطانية من قصر البصرة قبيل انسحابها المتوقع من المدينة في أوائل الشهر المقبل على أقرب تقدير يمثل بداية نهاية إحدى المهمات العسكرية الأكثر فشلا في تاريخ الجيش البريطاني.

ويتابع قائلا إن البريطانيين كما يبدو سيسلمون الملف الأمني في البصرة إلى قوات الأمن العراقية لكن في الواقع فإن سيطرتهم على البصرة ضعيفة كما أن الميليشيات الشيعية تسيطر على قوات الأمن العراقية سيطرة واضحة. ويضيف أن الفشل البريطاني بات شبه كلي بعد أربع سنوات من الجهود ومقتل 168 جنديا بريطانيا.

ويمضي قائلا نقلا عن تقرير لمجموعة الأزمات الدولية في بروكسيل "إن سكان البصرة ورجال الميليشيا لا ينظرون إلى هذا الانسحاب على أنه انسحاب منظم وإنما على أنه فشل مخز. فالمدينة اليوم خاضعة لسيطرة الميليشيا والتي يبدو أنها صارت أكثر قوة وانفلاتا مقارنة بما كان عليه وضعها في ما مضى."

الانسحاب يحظى بشعبية سياسية ويخاطر بإغضاب اميركا

ويمثل هذا الانسحاب خطوة نحو تسليم السيطرة الأمنية في محافظة البصرة للقوات العراقية بحلول نهاية العام وتمهيد الطريق امام انسحاب القوات البريطانية من العراق في نهاية المطاف. ويدرك براون الذي خلف توني بلير كرئيس للوزراء في حزيران/ يونيو ان حرب العراق عائق انتخابي لحزب العمال الحاكم وانها اسهمت في استقالة بلير المبكرة.

وتتزايد التكهنات باحتمال ان يدعو براون الى انتخابات عامة هذا العام او العام التالي ويعتقد معلقون سياسيون كثيرون انه يريد سحب القوات البريطانية من العراق او على الاقل تقليص التدخل البريطاني قبل دخوله الانتخابات . ويتعرض براون لضغوط من حزب الاحرار الديمقراطيين وهو ثاني اكبر احزاب المعارضة في بريطانيا لتحديد جدول زمني لمغادرة العراق في الوقت الذي تشكك اجهزة الاعلام البريطانية على نحو متزايد في الجدوى من صراع اودى بحياة 168 جنديا بريطانيا.

ويعترف ضباط الجيش بأن الجيش البريطاني الذي لديه سبعة آلاف جندي آخرين في افغانستان قد استخدم كل طاقاته. ويأتي الانسحاب من البصرة في الوقت الذي يناضل فيه الرئيس جورج بوش لاقناع الاميركيين بأن زيادة عدد القوات الاميركية الى 160 الف جندي ساعد على اخماد العنف. ويأتي ايضا وسط تبادل اتهامات على نحو متزايد بين الجنرالات الاميركيين والبريطانيين السابقين بشأن حرب العراق.

ونشر وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان مقالا افتتاحيا في صحيفة اميركية الاسبوع الماضي دافعا فيه عن دور بريطانيا في مواجهة اشارات في وسائل الاعلام الاميركية بان القوات البريطانية اخفقت في البصرة وتستعد للهروب. ونقل عن جنرالين بريطانيين متقاعدين انتقادهما بشدة في مطلع الاسبوع واشنطن ولاسيما وزير الدفاع الاميركي السابق دونالد رامسفيلد لافتقارها التخطيط لما بعد الغزو.

ومن المتوقع مبدئيا على الاقل ان يتم سحب الخمسمئة جندي بريطاني الى مطار البصرة حيث يوجد لبريطانيا خمسة آلاف جندي. ولكن مينزيس كامبيل زعيم الاحرار الديمقراطيين ابلغ البي بي سي انه يتوقع ان يبلغ براون البرلمان في تشرين الاول (اكتوبر) انه تم تقليص 500 جندي من القوة البريطانية في العراق .

وقال تيم ريبلي وهو محلل دفاعي في دورية جينز العسكرية ان الانسحاب من قصر البصرة ادى الى "موقف اكثر ايجابية من الناحية التكتيكية" للقوات البريطانية من خلال تقليص تعرضها للهجوم في المدينة. واضاف"لكنه يوسع الهوة في موقفنا..عن موقف حلفائنا الاميركيين الذين يواصلون عملياتهم لزيادة القوات.

ويعتقد محللون عسكريون ان القوات البريطانية ستبقى في مطار البصرة خلال المستقبل المنظور لانها تلعب دورا مهما في حماية خطط امدادات الاميركيين . وقال ريبلي "قضية هذا الانسحاب من القاعدة الجوية قرار سياسي واستراتيجي مفعم جدا سيؤثرفي علاقات بريطانيا مع الولايات المتحدة على مستوى عال جدا. انه ليس قرارا يؤخذ باستخفاف."

الأمم المتحدة تجاهد لمساعدة العراقيين

وفي الشأن العراقي، يقول مراسل صحيفة الديلي تلغراف في دمشق، داميان ماك إلروي، في مقال بعنوان "الأمم المتحدة تسعى لمساعدة العراقيين من الطبقة المتوسطة الذين فروا إلى سورية" إن الأمم المتحدة تحاول جاهدة مساعدة مئات الآلاف من العراقيين، الذين فروا إلى سورية هربا من جحيم العنف في العراق، على المحافظة على مستوى معيشي لائق بصفتهم لاجئين في سورية.

وينقل المراسل عن ناطق باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة قوله "لسنا مجهزين بما فيه الكفاية لمساعدة لاجئين من الطبقة المتوسطة. عندنا الخيام والمعدات الطبية للطوارئ، لكن ماذا يمكن أن نقدم لأشخاص لا يريدون أن يعيشوا في الخيام أو الوقوف في طوابير من أجل الحصول على الطعام؟"

ويضيف المراسل أن نحو 1.4 مليون عراقي فروا إلى سورية منذ غزو العراق عام 2003، وتقريبا أجبروا كلهم على ترك منازلهم بسبب العنف الطائفي. ويتابع أن معظمهم من الطبقة المتوسطة وتلقوا تعليما راقيا وكانوا يدخرون بعض المال ساعدهم على الذهاب إلى سورية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف