أخبار

الأنفال: معارضة إعدام وزير الدفاع السابق ستتحول إلى البرلمان

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

باتريوس يبلغ عائلة سلطان هاشم إلتزام تعهده باحترامه وسلامته
معارضة إعدام وزير الدفاع السابق ستتحول إلى البرلمان

سلطان هاشم وزير الدفاع العراقي السابقأسامة مهدي من لندن: تتصاعد حدة الخلاف حول اعدام وزير الدفاع العراقي السابق سلطان هاشم، أحد ثلاثة مسؤولين عسكريين سابقين كبار أدينوا بقضية الانفال المتعلقة بإبادة الأكراد، الأمر الذي قاد إلى معركة قضائية ورسمية وسياسية سيؤول مصيرها إلى مجلس النواب لحسمها وخاصة بعد أن دافع عنه الرئيس جلال طالباني، وقال إنه تحدث معه للانقلاب ضد الرئيس الاسبق صدام حسين وأثر تأكيد قائد القوات الاميركية في العراق ديفيد باتريوس إلتزامه بتعهد كان قطعه للوزير السابق بضمان احترامه وسلامته في حال تسليم نفسه... في وقت يتداول عراقيون معلومات لم تؤكد بعد عن تسليم القوات الأميركية للمتهم الرئيس بالقضية علي حسن المجيد إلى السلطات العراقية لتنفيذ حكم الإعدام به خلال 48 ساعة.

اعدام سلطان هاشم ومتطلبات صدور مرسوم جمهوري بالتنفيذ

فبعد أن وافقت محكمة التمييز العراقية الأسبوع الماضي على الاحكام التي اصدرتها المحكمة الجنائية العراقية في 24 حزيران (يونيو) الماضي بإدانة ثلاثة من متهمي الانفال والحكم عليهم بالإعدام شنقًا، بينهم سلطان هاشم وزير الدفاع السابق، إضافة إلى علي حسن المجيد ابن عم صدام والملقب بالكيمياوي والحاكم العسكري السابق لشمال العراق وحسين رشيد التكريتي معاون رئيس اركان الجيش السابق، فإن قانون المحكمة يقضي بتنفيذ الحكم بعد شهر واحد من المصادقة على الحكم... لكن نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الأمين العام للحزب الإسلامي السني، أثار ضرورة صدور مرسوم جمهوري بتنفيذ الحكم خلافًا لما تم عند اعدام صدام حسين ونائبه طه ياسين رمضان واخوه غير الشقيق ورئيس جهاز مخابراته برزان التكريتي ورئيس محكمة الثورة عواد البندر... حيث نفذت أحكام الإعدام بعد مصادقة رئيس الوزراء نوري المالكي على ذلك ومن دون صدور مرسوم جمهوري.

وقد جاءت المطالبة بصدور المرسوم الجمهوري لتنفيذ احكام الاعدام التي تصدرها المحكمة الجنائية العليا بعد أن قرر مجلس النواب في الثامن عشر من نيسان (ابريل) الماضي اعادة العمل بالمواد من 285 إلى 293 من قانون اصول المحاكمات الجزائية المرقم 13 لعام 2007 بعد أن كانت معطلة منذ عهد الحاكم الأميركي المدني السابق للعراق بول بريمر حيث أصبح الأمر يتطلب صدور مرسوم جمهوري لتنفيذ الحكم بالإعدام. وبعد القرار الذي صدر من المحكمة الجنائية وصودق عليه من هيئة التمييز، فإن التنفيذ هو الآن بانتظار المرسوم الجمهوري. وهنا يشير رئيس هيئة الإدعاء العام في المحكمة الجنائية جعفر الموسوي إلى أن الاعتراضات المثارة ضد اعدام سلطان هاشم غير مبررة بعد صدور الحكم والمصادقة عليه من محكمة التمييز .

وفي الوقت الذي لم يدافع فيه أحد عن علي حسن المجيد، فإن معلومات لم تتأكد بعد قد راجت في بغداد الليلة الماشية بأن القوات الاميركية قد سلمته الى السلطات العراقية لتنفيذ حكم الاعدام به مشيرة إلى ان ذلك يمكن ان يتم خلال الثماني والاربعين ساعة المقبلة.

باتريوس ملتزم بتعهده ضمان كرامة سلطان هاشم وسلامته

وقد ابلغ مصدر مقرب من عائلة وزير الدفاع العراقي السابق سلطان هاشم "ايلاف"، أن افرادًا من العائلة قد إلتقوا قائد القوات الاميركية في العراق ديفيد باتريوس مؤخرًا ومعهم نسخة من الرسالة التي كان قد وقعها حين كان قائدًا للفرقة 101 المحمولة جوًا، وهي موجهة الى سلطان هاشم في 28 اب (اغسطس) عام 2003 يدعوه فيها الى تسليم نفسه مقابل ضمان كرامته وسلامته. واشار المصدر الى ان العائلة قد استوضحت من باتريوس عما اذا كان ما زال ملتزمًا بتعهداته تلك، فأكد لهم انه عند كلمته. لكنه لم يعرف بعد الى أي مدى سيتمكن باتريوس من منع تنفيذ حكم الاعدام بسلطان هاشم الذي كان قد سلم نفسه في التاسع عشر من الشهر التالي ايلول (سبتمبر) إلى القوات الاميركية بناء على رسالة باتريوس هذه .

وكان باتريوس قد عنون رسالته الى سلطان هاشم مبتدءًا بها كما يلي:
... القائد العام للفرقة 101 المحمولة جوًا
.. الفريق الاول الركن سلطان هاشم احمد الطائي وزير الدفاع العراقي
عزيزي الفريق الأول الركن سلطان هاشم بالنيابة عن قوات التحالف في العراق اهديك تحياتي واتمنى ان تكون بصحة جيدة ..

وبعد مقدمة يشرح فيها باتريوس اسباب وظروف التدخل الاميركي في العراق يقول:

.. ولهذه الاسباب انني اعرض عليك خيارًا بضمن لك الاحترام او ان تحيا حياة تكون فيها هاربًا من قوات التحالف حتى تتجنب القاء القبض عليك حتى لا تودع السجن وتخسر كرامتك واحترامك كضابط معروف كفريق اول ركن .. ان عرضي لك بأنني اطلب منك رسميا ان تسلم نفسك وفي المقابل ساستلمك شخصيا . واني اتعهد لك بأنك ستعامل بأحترام فائق وكرامة وبأن لن يتعرض لك احد او يسيء معاملتك لاجسديا ولا معنويا طالما انت تحت وصايتي . وكعلامة على حسن النية سأتأكد شخصيا بأن كادري الطبي سيحضر ان دعت حالتك الصحية لهم . لقد خصص ساعي ليوصل هذه الرسالة الشخصية لك .. وانني اتوقع منك الرد وبطيب خاطر. وقبل ان اختم رسالتي انني اعتبر هذا كرم اخلاقك ولياقة منك في حالة قبولك عرضي . ومن اجل مستقبل هذه الامة العظيمة ارجو من الله بأن تتخذ القرار الصحيح الذي يمليه عليك اخلاصك.

مع خالص تحياتي
ديفيد أج باتريوس
الفريق الاول والامر في الجيش الاميركي

مجلس الرئاسة العراقي يعارض اعدام وزير الدفاع السابق

وبين معارضة الرئيس طالباني لاعدام هاشم وقيادة نائب الرئيس الهاشمي حملة موازية للهدف نفسه ومع ما ابلغت مصادر عراقية "ايلاف" بأن نائب الرئيس عادل عبد المهدي عضو قيادة المجلس الاعلى الاسلامي يتعاطف مع هذا الموقف... وبين اصرار المحكمة على تنفيذ الحكم، فإنه من المتوقع حل هذا الاشكال من خلال الرجوع الى مجلس النواب واستصدار عفو او تخفيف او اي تغيير اخر في الاحكام التي صدرت. وحول تفسير بعض الجهات القانونية لإمكانية تنفيذ الحكم بالإعدام بحق المتهمين في قضية الانفال بناءً على سابقة قضائية اخرى وهي تنفيذ الحكم على المتهمين في قضية الدجيل يقول الخبير القانوني طارق حرب، إن " تنفيذ الأحكام على المتهمين في قضية الدجيل جاء قبل صدور القانون رقم 13 والذي اوجب صدور مرسوم جمهوري لتنفيذ الاحكام".

وعن الجهة التي يعتقد ان لها الصلاحية لرفع الامر الى مجلس النواب قال حرب " مجلس النواب يجب ان يكون هو المبادر لحل هذه الاشكالية ويستطيع عدد من اعضائه تقديم مقترح قانون بذلك".

ويوم الجمعة الماضي، أكد الرئيس طالباني انه لن يصادق على تنفيذ الحكم بوزير الدفاع السابق سلطان هاشم، مشيرًا الى انه كانت له اتصالات معه للقيام بإنقلاب عسكري ضد صدام حسين. وأضاف طالباني انه لن يصادق على اعدام سلطان هاشم لانه يتحفظ على إعدام الضباط العراقيين. وأشار إلى أن مجلس شورى الدولة سيرفع أحكام الإعدام في قضية الأنفال الى مجلس الرئاسة للمصادقة عليها "وفي هذه الحالة فإن لدي تحفظات على تنفيذ حكم الإعدام بالضباط العراقيين وبخاصة سلطان هاشم وزير الدفاع العراقي الأسبق لأن العديد من الضباط العراقيين اجبروا على تنفيذ الأوامر بالقوة وتهديد بالموت." وقال "كانت تربطنا بهاشم علاقات في عهد النظام السابق حتى اننا كنا نتحدث معه مرة حول القيام بانقلاب عسكري" ضد صدام حسين . وأكد أنه اذا احيل قرار تنفيذ الاعدام بالمدانين الثلاثة فإنه لن يصادق عليه .

ومن جانبه، يقود الهاشمي اتصالات مكثفة تستهدف شرح وجهة نظره بعدم قانونية تنفيذ أحكام الإعدام التي تصدرها المحكمة الجنائية العراقية العليا دون مرسوم يصدره مجلس رئاسة الجمهورية أولاً. فقد اتصل الهاشمي بطالباني ونائبه عبد المهدي ومستشار رئيس الوزراء لشؤون الأمن القومي إضافة إلى رئاسة الادعاء العام كما أجرى أيضًا اتصالات عاجلة بموظف مرموق في البيت الأبيض وكذلك بالسفير الأميركي رايان كروكر إضافة إلى القيادة العسكرية الأميركية حيث استلم رسالة من السفارة الأميركية تؤكد حرص الجميع على عدم تجاوز الدستور والالتزام حرفيًا بقانون أصول المحاكمات الجزائية المعدل رقم 13 لسنة 2007 .

مجلس الشورى يريد مرسومًا والمحكمة مصرة على الإعدام

وقد دخل مجلس شورى الدولة العراقي المرجع القضائي الرسمي في حسم الخلافات في مثل هذه الامور على الخط، مؤكدًا عدم شرعية تنفيذ احكام الاعدام من دون اخذ موافقة مجلس الرئاسة بالتوقيع والمصادقة على قرارالتنفيذ. ففي رسالة تلقاها الهاشمي من مجلس الشورى الدولة يؤكد عدم جواز تنفيذ أحكام الإعدام إلا بعد صدور مرسوم جمهوري. ووفقًا لنص هذه الرسالة التي وقعها غازي إبراهيم الجنابي رئيس مجلس شورى الدولة فإنه يجب عدم تنفيذ أحكام الإعدام بعد تاريخ نشر قانون أصول المحاكمات الجزائية بالقانون رقم 13 لسنة 2007 في 18-4-2007 إلا بمرسوم جمهوري.

وقد رد الناطق الرسمي باسم المحكمة الجنائية العراقية العليا منير حداد على مطالبات بتخفيف حكم الاعدام عن سلطان هاشم قائلاًإن "أحكام الإعدام في المحاكم الأخرى غير المحكمة الجنائية العراقية العليا يستطيع رئيس الجمهورية أن يخفف الحكم من الإعدام إلى المؤبد ومن ثم يحتاج تنفيذ حكم الإعدام إلى تصديق رئاسة الجمهورية. بالنسبة إلى قرارات محكمتنا المحكمة الجنائية العراقية العليا... المادة 27 كانت واضحة جدًا حيث حددت ألا يجوز لأي جهة تخفيف الحكم أو تعديله بما في ذلك رئيس الجمهورية".

وكان الناطق باسم المحكمة قد اشار الاربعاء الماضي إلى أن تنفيذ السلطات التنفيذية حكم الإعدام جائز في أي وقت بعد صدور حكم التمييز. ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الأعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون إن أكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الآلاف.

وقد سميت الحملة " الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان".

سلطان هاشم... سيرة ذاتية

عرف الفريق أول ركن سلطان هاشم أحمد الطائي بأنه شخصية عسكرية تنتمي بكفاءة وخبرة الى الجيش العراقي السابق. وقد ولد في مدينة الموصل الشمالية وهو ينتسب لعشيرة طي العربية المعروفة. وتخرج في الكلية العسكرية العراقية في الستينات ومن كلية الأركان العراقية في عام 1975 وتدرج كضابط في الجيش العراقي. وشارك في الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت بين عامي 1980 و1988 بمنصب آمر لواء... ثم قائد فرقة... فقائد فيلق عام 1988 وحصل خلال الحرب على الكثير من اوسمة وانواط الشجاعة واداء الواجب العسكري .

وقد انتدب من قبل صدام حسين في المحادثات التي أفضت إلى وقف اطلاق النار في حرب الخليج الثانية مع الفريق ركن صلاح عبود فيما عرف باتفاق خيمة صفوان عام 1991. وبعد هذه المفاوضات قال عنه نورمان شوارتزكوف قائد قوات التحالف في مذكراته "وقفت أمام قائد عراقي محنك ومحترف أدار المفاوضات بحنكة وبراعة واعتداد بالنفس... لم أشعر أنني أمام مقاتل منهزم بل أمام رجل يعرف تقاليد العسكرية وأصولها وعنفوانها".

وعين سلطان هاشم بمنصب رئيس أركان الجيش حتى اختير لمنصب وزير الدفاع في 1995 خلفًا لعلي حسن المجيد الذي تفرغ لمهامه في القيادة القطرية. وهو احد المطلوبين في قائمة55 لدى القوات الاميركية وسلم نفسه بعد الاطاحة بالنظام العراقي السابق في 19 ايلول (سبتمبر) عام 2003 بوساطة من داود باغستاني (رئيس منظمة حقوق انسان كردية) بعد تعهد اميركي بحصوله على معاملة لائقة. وقدأحيل مع بعض قادة الجيش العراقي السابق على قضية الانفال. وفي 24 حزيران (يونيو) الماضي حكمت عليه المحكمة الجنائية العراقية العليا بالاعدام شنقًا حتى الموت.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف