خبراء اميركيون يرهنون مستقبل العراق بسلوك ايران
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: رهن خبراء اميركيون مستقبل العراق على المدى البعيد بتحقيق مصالحة سياسية بين القوى العراقية وتبني ايران استراتيجية مختلفة تجاه العراق.واتفق هؤلاء في ندوة عقدها معهد (بروكينغز) على ان هذين العاملين وليس الجيش الأميركي هما المفتاح الرئيسي نحو مستقبل بعيد المدى للعراق.
واعتبر الباحث بمركز (صبان) لسياسات الشرق الاوسط بمعهد بروكينغز كينيث بولاك أن الحكومة العراقية الحالية بعيدة تماما عن تحقيق المصالحة السياسية في البلاد معتبرا ان الولايات المتحدة ليس امامها وقت طويل في العراق. وقال بولاك ان الاوضاع الامنية والتنمية الاقتصادية في العراق ستتأثر سلبا او ايجابا بما تقوم به الحكومة العراقية لناحية جهود تحقيق المصالحة.
وشكك في المناخ السياسي الراهن في العراق معتبرا ان "البرلمان العراقي خاضع لسيطرة لوردات الحرب الشيعة الذين ليست لديهم مصلحة في المصالحة السياسية مع السنة والأكراد".
وشدد على اهمية ايران بالنسبة لمستقبل العراق معتبرا ان طهران تقوم باستغلال الاخطاء الاميركية في الشرق الاوسط ما يظهر اهمية اتخاذ الرئيس الاميركي جورج بوش استراتيجية مختلفة في التعامل مع ايران تعتمد على الدفاع وليس الهجوم مع التوقف عن ارتكاب اخطاء في المنطقة.
وقال بولاك ان الولايات المتحدة ينبغي ان تسعى لتوزيع السلطة بين المحافظات وبعيدا عن الحكومة المركزية في بغداد مع حث تلك الحكومة على ضخ مزيد من الموارد في المحافظات مؤكدا ان السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو الدفع في اتجاه عقد انتخابات عراقية جديدة.
ورأى ان تحقيق النجاح السياسي في العراق يتطلب ان تكون الدولة اكثر فيدرالية وليست كما في مصر على سبيل المثال حيث تسيطر حكومة مركزية على البلاد بشكل كامل.
من ناحيته قال كبير المستشارين السابق في مجلس الامن القومي الأميركي بروس ريديل ان اجراء انتخابات جديدة في العراق سيؤدي الى نجاح مرشحين اقل طائفية. ورأى ريديل ان تقلص مستويات العنف الذي رصده قائد القوات الاميركية الجنرال ديفيد بيترايوس يعود بشكل رئيسي الى الارهاق واستنزاف القوى لدى الاطراف المتقاتلة.
واعتبر ان تزايد العنف مرة اخرى يعد امرا محتملا بمرور الوقت مشيرا الى صعوبة تقييم الاستراتيجية الجديدة قبل مغادرة العراق والتعرف الى تأثير تلك الخطوة. وقال ريديل ان ايران متغلغلة في العراق بشكل عميق للغاية اكثر مما هو معتقد وان الولايات المتحدة لا تمتلك اي استراتيجية للتعامل مع هذه القضية.
وذكر انه من صالح واشنطن على المدى الطويل ان تؤكد عدم رغبتها في الابقاء على قواعد عسكرية دائمة في العراق وتنفي وجود خطط محددة بالنسبة للنفط العراقي.
اما المدير السابق للشؤون الأوروبية بمجلس الأمن القومي فيليب غوردون رأى من جانبه أن زيادة عدد القوات الاميركية في العراق منذ مطلع العام الجاري لا يحقق الاهداف التي حددها الرئيس جورج بوش حين ذكر ان الاستراتيجية الجديدة تستهدف تحسين الأمن لاتاحة الوقت امام القيادات العراقية لتحقيق المصالحة السياسية.
وشكك غوردون في قدرة القيادات العراقية على تحقيق المصالحة السياسية في الاشهر الستة المقبلة والتخلي عن الاسلحة والانصياع للتوجهات القبلية والطائفية معتبرا ان تحول السنة ضد القاعدة في محافظة الانبار لا يعد نتيجة للاستراتيجية الامنية ولا يساعد في تحقيق الوحدة الوطنية.
وتوقع الا يغير الرئيس بوش سياسته خلال ما تبقى من رئاسته المنتهية في يناير 2009 معتبرا ان الكونغرس لن يكون بمقدوره ايضا اجبار الادارة على تبني اي تغيير في سياستها في العراق.
وقال غوردون ان غالبية العراقيين لا يعتقدون ان أميركا ستظل في بلادهم للأبد كما انهم لا يعتقدون ان قوات الامن العراقية ستصل الى مستوى تدريبي يؤهلها للسيطرة على الامن بمجرد انسحاب القوات الاميركية.
ومن جانبه، قال مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الامن الدولي بيتر رودمان ان العراقيين وشعوب المنطقة يراقبون عن كثب النقاش الدائر في أميركا حول العراق معتبرا ان الانسحاب سيكون له اثر سلبي كبير على المعتدلين في المنطقة وسيشجع المتطرفين ويضعف الاستراتيجية الاميركية في المنطقة.
واضاف رودمان ان زيادة عدد القوات الاميركية استهدفت التعامل مع تلك المخاوف وتعزيز الثقة في الولايات المتحدة باعتبار هذه الثقة "شرطا مسبقا لاي تقدم في العراق".
واشار الى ان الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة ينبغي ان تراعي تلك العوامل كونها ستسفر عن فوز رئيس جديد يرث الوضع الحالي في العراق مشددا على ضرورة ان يبذل الرئيس بوش ما باستطاعته لنشر الاستقرار واتاحة خيارات متعددة امام خلفه.
من جانبها رأت كبيرة المستشارين السابقة لشؤون الامن الوطني في الحملة الانتخابية لمرشح الرئاسة الديمقراطي السابق السيناتور جون كيري السيدة سوزان رايس ان العراق "دولة فاشلة في الوقت الراهن" ليس فقط لان الاستراتيجية الأميركية لا تحقق اهدافها بمساعدة العراقيين على تحقيق المصالحة بل ايضا لوجود انفصال حقيقي بين الاستراتيجية العسكرية الاميركية وما يجري على الارض ممثلا بحرب اهلية طائفية مستعرة.
وذكرت رايس ان بلادها تستخدم تكتيكا عسكريا وليس استراتيجية لمكافحة التمرد برغم انه في اي حرب اهلية من الصعب تحديد ماهية الاطراف المختلفة وما اذا كانت جيدة ام سيئة.
واعتبرت ان الحرب الاهلية لا تمكن طرفا من الانتصار على الاخر او التوصل الى تسوية سياسية مشيرة الى ان ايا من ذلك لا يحدث في العراق حاليا ففي ظل عدم وجود جهاز سياسي لتحقيق تسوية مع تراجع حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي عن تبني قرارات تقبلها جميع الاطراف العراقية.
وقالت ان أميركا ودول المنطقة لا تسعى الى حل هذه المعضلة التي بدت في مشكلة عدم تمرير قانون النفط على سبيل المثال حتى الان معتبرة ان عدم احراز اي تقدم اقتصادي في العراق يلهب الصراع الدائر.
وأكدت ضرورة اتفاق دول المنطقة على عدم التدخل في العراق ومساعدتها اقتصاديا عبر مفاوضات على مستوى اقليمي وتعزيز محاولات اجراء مصالحة سياسية داخلية.
من جهته قال الباحث المتخصص في دراسات السياسة الخارجية والاستراتيجية الدفاعية الاميركية بمعهد (بروكينغز) مايكل اوهانلون ان واشنطن بحاجة الى تغيير الوضع السياسي في العراق بشكل كبير معتبرا ان أميركا حققت حتى الان ما بين 10 الى 20 في المئة فقط مما ينبغي ان تفعله في العراق.
واضاف اوهانلون انه دون طفرة سياسية عراقية كبيرة فانه لن يكون هناك سبب حقيقي للتفاؤل بمستقبل العراق معتبرا ان الاجراءات الامنية الاميركية لا تفعل شيئا حقيقيا للقضاء على الغضب بين السنة والشيعة. ورأى انه من دون تمكن الشيعة والسنة من العمل معا فانه لن يكون هناك اي امل للعراق.