بلاك ووتر تستأنف عملياتها الأمنية في العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بغداد: عادت قوات شركة "بلاك ووتر" الأميركية الخاصة للامن لاستئناف عملياتها الامنية في العاصمة بغداد بعد إنهاء الحظر الذي فرض على عملها عقب مقتل عراقيين مدنيين في عملية لها يوم الاحد.
وقالت السفارة الأميركية في بغداد إنها استأنفت تنقلات موظفيها في الطرقات خارج المنطقة الخضراء شديدة التحصين وإن عناصر بلاك ووتر ستوفر الحراسة لبعض هذه التنقلات.
يذكر أن 11 عراقيا مدنيا قتلوا يوم الاحد عندما أطلق حراس أمن تابعون للشركة النار في مفترق طرق مزدحم في بغداد.
وقالت الشركة ان رجالها اطلقوا النار على 11 شخصا في ساحة النسور وسط العاصمة العراقية الاحد الماضي "دفاعا عن النفس"، لكن شهودا عراقيين نفوا ذلك.
وعلقت الحكومة العراقية عمل الشركة وفتحت تحقيقا مشتركا مع الجيش الأميركي.
وقالت السفارة إن استئناف العمليات المحدودة لشركة الامن جاء بموافقة الحكومة العراقية.
وكان الرئيس الأميركي جورج بوش قد عبر عن "حزنه" لمقتل المدنيين العراقيين في بغداد، ودعا في مؤتمر صحافي في البيت الابيض الى انتظار نتائج التحقيق في الحادث.
وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد قال ان بلاك ووتر تورطت في سبعة حوادث من هذا القبيل، حسب بيانات وزارة الداخلية، منددا بما اسماه "استخفافا بارواح المدنيين العراقيين".
الوضع القانوني المبهم لمقاولي الأمن في العراق
يتهم الكثير من العراقيين الرجال العاملين لصالح هذه الشركات - التي تضطلع باعمال صعبة وخطرة في اغلب الاحيان - بالتهور نظرا لاطمئنانهم الى عدم امكانية مقاضاتهم عن اي عمل قد يقترفونه. ففي آخر حادث من نوعه، قتل 11 مدنيا عراقيا يوم الاحد الماضي عندما فتح حرس تابعون لشركة (بلاكووتر) للمقاولات الامنية النار عشوائيا في ساحة النسور ببغداد بعد ان تعرض موكبهم لهجوم بالهاونات.
من جانبها، قالت الشركة إن منتسبيها ردوا على الهجوم الذي استهدفهم "بشكل مناسب وضمن المعايير القانونية." ولكن الحادث، الذي حدا برئيس الوزراء العراق نوري المالكي الى اصدار بيان ادان فيه قتل المدنيين "بدم بارد" وحظر بموجبه الشركة من العمل في العراق، اثار من جديد مشكلة لم يتسن العثور على حل مقنع لها الا وهي الجهة التي ينبغي ان تحاسب بلاكووتر وسواها من شركات المقاولات الامنية.
منحت سلطة التحالف المؤقتة في العراق شركات المقاولات الامنية العاملة لحساب الحكومة الامريكية وغيرها حصانة مطلقة من المقاضاة امام القضاء العراقي بموجب قانون صدر عام 2003. وقد جدد العمل بهذا القانون قبل ايام قليلة فقط من حل سلطة التحالف (CPA) في شهر يونيو حزيران عام 2004.
يقول يحيى سعيد، وهو اكاديمي عراقي المولد يعمل في كلية لندن للدراسات الاقتصادية (London School of Economics) إن الوضع القانوني المبهم لهذه الشركات هو السبب الرئيسي للحنق الذي يشعر به تجاههم العراقيون.
ويضيف يحيى: "انهم مقاولون يتمتعون بحصانة قانونية بحيث لا يستطيع القضاء العراقي ملاحقتهم. انهم فوق القانون." فهؤلاء الحرس، الذين يعتبرون مقاولين ثانويين وليسوا موظفين حكوميين، لا تسري عليهم القوانين الدولية ولا الانظمة الامريكية ولا القوانين العراقية، ولو انهم - من الناحية الفنية على الاقل - يخضعون لقوانين بلدهم الام.
وبالرغم من محاولات الكونجرس الامريكي حث وزارة الدفاع على اصدار تعليمات تتيح مقاضاة هذه الشركات بموجب القوانين الامريكية المدنية او العسكرية، لم تسفر هذه المحاولات عن اية نتائج ملموسة لحد الآن.
ولذلك، والكلام ليحيى سعيد، تقوم هذه الشركات بمراقبة ومقاضاة نفسها ذاتيا، حيث يقول: "خارج هذا الفراغ القانوني، يعتمد كل شئ على القيم الخاصة التي تؤمن وتنادي بها كل شركة على حدة، وهو امر لا يمكن الاعتداد به. يجب اخضاع هذه الشركات لشكل من اشكال المحاسبة، والا سيكون احترام حقوق الانسان من عدمه امر خاضع لها ولاختيارها."
ولكن ممثل بريطانيا السابق في العراق ابان فترة حكم سلطة التحالف السير جيريمي جرينستوك - الذي استفاد من الحماية التي يوفرها المقاولون الامنيون اثناء الاشهر الستة التي قضاها في البلاد - يدافع عن الحصانة التي تتمتع بها هذه الشركات حيث يقول: "هناك اساس قانوني لهذه الحصانة. فهناك سوابق في هذه المضمار، كما ان الحصانة ضرورية اذا اردنا اجتذاب الاشخاص المناسبين للعمل في هذا المجال."
ويمضي السير جيريمي الى القول إن الدور الذي يلعبه المقاولون الامنيون في بناء مستقبل العراق من خلال تأمينهم لسلامة المسؤولين وخطوط الامداد ومنشآت البنية التحتية ثمين جدا ولا يمكن الاستهانة به. ويقول: "إن عملهم حيوي بالنسبة لأية شركة اجنبية تريد العمل في العراق. فلا يمكن للموظف الاجنبي ان يقوم بمهام عمله في تلك البلاد دون حماية."
ويدافع السير جيريمي عن المهنية العالية التي يتمتع بها الكثير من الحرس الذين هم في اغلب الحالات جنود وضباط سابقون في وحدات عسكرية عالية التدريب حيث يقول: "ان معظمهم يؤدون واجباتهم بكفاءة عالية جدا. فهم يبدون شجاعة فائقة في العناية بزبائنهم ويحوزون على ثقتهم."
الا ان يحيى سعيد لا يعتقد ان الحصانة ضرورية لعمل هذه الشركات. فهو يقول إن المقاولات التي تحصل عليها مربحة بشكل كبير، وان غياب الحصانة لن يثني الكثيرين عن العمل كحرس خصوصا وانهم يحصلون على مرتبات تتجاوز الـ 500 دولار يوميا.
ولكنه يعترف بأن السمعة التي تحيط بهؤلاء الحرس بوصفهم مرتزقة مسلحون وعدائيون قد تكون بعيدة عن الواقع بعض الشئ حيث يقول: "إن سمعتهم سيئة لانهم مرتزقة. فرغم منظرهم العدائي، فانهم احسن تدريبا واكثر مهنية من كثير من العسكريين. فهم ليسوا مجندين شباب، ولا يستخدمون الاسلحة الثقيلة. انهم لا يلقون قنابل زنتها 500 رطل على احد."
اما السير جيريمي جرينستوك فيقول إن وجود حرس مدربين تدريبا جيدا على حماية الاشخاص يقومون بعمل لا تقوى الجيوش عليه. اضافة لذلك، فهم بقيامهم بواجباتهم يتيحون للجيوش التركيز على واجباتها.
ولكن يحيى سعيد يقول إن الشكوك التي تحيط بهؤلاء المرتزقة مردها بشكل رئيسي هو هذا الحد المبهم الذي يفصل بين العسكري الرسمي والحارس الخاص، والذي ينتهك مبدأ اساسيا من المبادئ التي نؤمن بها الا وهو اننا لا نعترف بالمسلحين الا اذا كانوا ممثلين لدول وحكومات. اما المسلحون الذين يعملون لدى شركات خاصة فننظر اليهم نظرة مختلفة حيث ان الاعتقاد السائد هو ان القوة يجب ان تكون حكرا على الحكومات بسبب خضوع العسكريين للمحاسبة من جانب قادة منتخبين انتخابا ديمقراطيا الامر الذي لا يتوفر في حالة شركات المقاولات الامنية.