أخبار

في غزة سجن كبير وآمال متواضعة بالسلام

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يوميات الشرق الأوسط:
في غزة سجن كبير وآمال متواضعة بالسلام
غزة:
كان يوما حارا مع دخول شهر رمضان عندما كنت جالسا مع راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان في مدينة غزة.
وبحسب تقرير لـ: بي بي سي لم يكن هناك شيء يتحرك في الشارع، ولم يجب ذلك؟ فالاقتصاد في القطاع في حالة انهيار.
ومنذ استيلاء حركة حماس بالقوة على القطاع وتنحية حركة فتح في حزيران/ يونيو الماضي أغلق المعبر الذي كان يستخدم لمرور البضائع بين غزة وإسرائيل والعالم الخارجي. ومن بين الـ 1.4 مليون نسمة الذين يسكنون قطاع غزة، يتلقى 1.1 مليون منهم معونات غذائية من الامم المتحدة.
وتنظر إسرائيل، وكذلك معظم حلفائها في الغرب، إلى حماس باعتبارها منظمة إرهابية تسعى إلى القضاء على الدولة اليهودية وتعتقد أن الحصار والعزلة سيسهمان في تقويضها ووضعها في مزبلة التاريخ.
حركة فتح من جانبها تحتج على حصار غزة وتأثيره على السكان هناك، لكنها تمنح موافقتها الضمنية على ذلك سرا. ومن الامور المثيرة للسخرية بالنسبة إلى كثير من الفلسطينيين استعداد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإجراء محادثات مع المسؤولين الاسرائيليين في الوقت الذي يرفض فيه التفاوض مع حماس التي فازت في انتخابات ديمقراطية في كانون الثاني / يناير عام 2006.
ناقشت الصوراني كل هذا، ثم حدثني عن بعض أشجار البرتقال التي تملكها أسرته.
ورغم أن غزة تعد إحدى أكثر المناطق المكتظة في العالم، فإن بها مساحات من الاراضي الزراعية وهو ما يثير الاندهاش. وتحدث الصوراني كيف أنه في الايام شديدة الحرارة مثل ذلك اليوم الذي كنا نجلس فيه كان يتوجه مع أسرته في رحلة خلوية تحت ظل هذه الاشجار.
وأوضح صوراني أنه لم يعد بإمكانهم القيام بذلك الان لان الجرافات الاسرائيلية اقتحمت غزة ودمرت بساتين البرتقال. وقد دمرت القوات الاسرائيلية شريطا عريضا من الاراضي الحدودية لاسباب أمنية كما تقول، حتى يتمكن الجيش من كشف المسلحين الذين يسعون إلى قتل إسرائيليين.
ويعتقد كثير من الفلسطينيين أن الدواعي الامنية قد تكون أيضا غطاء للعقاب الجماعي.
"أمور أسوأ تقع"
وكنت أتوقع أن يتحدث صوراني عن الاسى الذي يشعر به لخسارة شيء له فيه ذكريات أسرية كثيرة، وقد أكد لي أنه شعر بالالم لذلك. لكنه أيضا وصف كيف أن والدته المسنة طالبت الاسرة بالتماسك وشرحت لهم أن ما دمر هو مجرد أشجار يمكن أن تنمو ثانية وأن الاهم أن أيا منهم لم يمت.
الحكمة من الكتابة عن ذلك هو أن الام قالت إن هناك أمورا كثيرة أسوأ مما حدث لهم تقع في غزة حيث التعرض للقتل يعد جزءا من حياة كل إنسان في القطاع. في وقت لاحق من اليوم ذاته ذهبت إلى منزل أسرة تقيم حدادا لفقدان ثلاثة أطفال، صبيان وفتاة يبلغون من العمر 10 و 12 و 12 عاما.
وقتل أبناء العم بطريق الخطأ على يد القوات الاسرائيلية الشهر الماضي لانهم كانوا يلهون بالقرب من قاذفات صواريخ خارج بيت حانون. على الجانب الاخر من الاسلاك الحدودية وفي بلدة سديروت جنوب إسرائيل سقط صاروخ بعد يومين من لقائي صوراني بالقرب من دار الحضانة في البلدة.
ولحسن الحظ لم يصب أحد بسوء في الهجوم. لكن الحادث ملأ الاسرائيليين الذين شاهدوا على شاشات التلفزيون الاطفال المذعورين، بالغضب والاحباط. وتساءلت الصحف الاسرائيلية عما كانت ستفعله إسرائيل في حال مقتل أطفال في حضانة سديروت (وكانت إجابتهم: لنعيد احتلال غزة) ورفضوا بغضب فكرة أن يكون معدل القتل الذي تحدثه الصواريخ الفلسطينية معيارا للسياسة الاسرائيلية تجاه غزة.
وهذا أدى إلى دعوات إلى إيجاد سبل لمعاقبة سكان غزة لسماحهم بانطلاق صواريخ من أراضيهم، وتعالت هذه الصيحات بعد إصابة أكثر من 60 جنديا إسرائيليا في هجوم صاروخي آخر.
وجاءت إجابة الحكومة الاسرائيلية هذا الاسبوع بأن صنفت غزة على أنها "كيان معادٍ" وأنها ستحتفظ بحق فرض عقوبات جماعية بقطع إمدادات الوقود والكهرباء عن القطاع والحد من تنقل الافراد. ومن شأن وضع غزة الجديدة أن يمأسس الاساليب التي تستخدمها إسرائيل بالفعل لتخفيف الضغوط عليها.
وطالب الامين العام للامم المتحدة بان كي-مون إسرائيل بإعادة النظر في موقفها قائلا إنه يجب "ألا يعاقب سكان غزة بجريرة أعمال غير مقبولة من مسلحين ومتطرفين".
الفلسطينيون الذين التقيتهم تساءلوا عن الجديد في القرار الاسرائيلي وقالوا إنهم لسنوات يعتبرون غزة سجنا كبيرا. وفي الواقع يصعب تفنيد وصف كهذا. حيث إن فرض العقوبات الجماعية التي تنتهك معاهدة جنيف الرابعة ظل أمرا شائع الحدوث منذ احتلال القطاع قبل 40 عاما. ومع تدهور الاوضاع الحياتية لسكان غزة، يأمل السياسيون والدبلوماسيون الغربيون في وجود فرصة مواتية لإحياء عملية السلام بشكل حقيقي لاول مرة منذ انهيار قمة كامب ديفيد عام 2000.
فبالنسبة إليهم كل الامور باتت أسهل بعد استيلاء حماس على غزة حيث بإمكانهم الان التعامل بشكل منفرد مع حركة فتح التي شكلت حكومة تكنوقراط دون مشاركة حماس. ويركز الاسرائيليون والغرب والسلطة الفلسطينية الان على المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الاوسط الذي دعت إليه واشنطن والمقرر في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ولا يزال يتعين على وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، التي تبذل جهودا في منطقة الشرق الاوسط للتحضير لإنجاح المؤتمر، التعامل مع مشكلة تجاهل الاستراتيجية الاميركية في المنطقة لكل من حماس والحكومة السورية، وهما الكيانان القادران على تقويض أي نتائج يخرج بها المؤتمر لا تتوافق مع رغباتهما.
فقط أصدقاء الولايات المتحدة دعوا إلى هذا المؤتمر. ووصلت دعوة لمكتب صوراني لمقابلة مبعوث الرباعية للسلام في الشرق الاوسط توني بلير.
لكن صوراني لم يمنح تصريحا من السلطات الاسرائيلية للسفر إلى القدس.
وقد أصابه ذلك بالاحباط، لكنه أيضا لم يمنح تصريحا لزيارة زوجته وأطفاله في مصر.
والان يتعين على المرء التخمين أيهما يؤلم بشكل أكبر. عندما تتحطم الاحلام على معابر القطاع الموصدة:كابوس توجيهي 2007 لم ينته بعد.. ومعبر بيت حانون اصعب الحلقات في دائرة مغلقة علق خريجي التوجيهي لسنة 2006- 2007 في قطاع غزة , من أمامهم حدود مغلقة ومن خلفهم طموحات وأحلام باتت تتكسر على شواطئ غزة بعد أن نفذت آخر قطرة أمل لتحقيقها. وتقول وكالة معا الإخبارية إن منهم من كان حلمه أن يمسي طبيبا أو مهندسا أو أحد دارسي اللغات ولربما حتى مصمما للديكور كلها تخصصات مستجدة على جامعات القطاع وبعضها لم يدرج على القائمة بعد , وكلهم ضاقوا ذرعا بمشكلة المعابر والسفر والحصول على المنحات وتصديق الشهادات وسيل العراقيل المتواصل أمامهم . أحدهم كان الطالب هشام الحسيني (حاصل على 85% ) , الذي تقدم بطلب التحاق بجامعات مصر وحصل عليه بشق الأنفس بعد رحلة طويلة من إيصال الشهادات والوثائق والمعاملات الرسمية وأدرج اسمه في قائمة المسافرين عبر معبر العوجا. وقطع مسافة السفر وصولا للقاهرة وهناك أعيد ترحيله إلى غزة مرة أخرى و لا لسبب أمني وإنما لكونه لم يدفع رسوم الجامعة التي لم يصلها بعد. زميله أدهم سكيك ( حاصل على 94 ) شاركه رحلة السفر في المرة الثانية التي لم يفلحا فيها باجتياز الحدود فيها أيضا لأسباب سياسية. "معدلي 98,5 يؤهلني لدراسة طب الأسنان إلا أن أملي في ذلك بات لا يتعدى ال 90% " هكذا تضاءل طموح ندى الريس في أن تلتحق بكلية الطب في الجامعة الأردنية. أضافت :" بدأت دوامي الدراسي في الجامعة المحلية في غزة نظرا لتعقد أمور الدراسة في الخارج لكن سعيي لا زال متواصلا لأجل إتمام دراستي كما اطمح " كذلك عُكر صفو سعادة التوأمين ماري وحنا بربارة بنجاح كل منهما بامتياز حين أعيد إرسالهما إلى غزة مرتين على الرغم من كل المحاولات المبذولة. من جانبها أعربت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ تجاه سياسة الإغلاق الإسرائيلية. وحذرت الضمير _في بيان لها وصل معا _ مما وصفته بـ " ترسيم " قطاع غزة على أساس احتجاز السكان بداخله وقطع صلاتهم بالعالم الخارجي. وقالت :" إن حكومة الاحتلال تمارس سياسة عقاب جماعي متجاوزةً في ذلك ابسط قواعد ومفاهيم حقوق الإنسان وتطالب المجتمع الدولي بالخروج عن صمته والوفاء بالتزاماته تجاه المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وتمكينهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي." وناشدت الشؤون المدنية الفلسطينية وضع معايير واضحة تحدد الأولوية لمغادرة المسافرين وتوضيح هذه المعايير للجمهور من خلال الإعلام , وطالبت المجتمع الدولي التدخل والضغط على حكومة الاحتلال لرفع قيودها ووقف انتهاكها للحق في التنقل والسفر للسكان من قطاع غزة ومن الجدير بالذكر أن سياسة تضييق الخناق على المسافرين من والى قطاع غزة قد تسببت في حرمان أكثر من مليون ونصف المليون نسمة من حرية التنقل والسفر. يذكر ان الجيش الاسرائيلي قرر اغلاق معبر رفح بشكل كامل منذ سيطرة حماس على غزة في الرابع عشر من حزيران(يونيو) الماضي في حين كان الاغلاق جزئيا منذ عملية اسر شاليط ليصبح المنفذ الوحيد وللحالات الطارئة معبر العوجا الذي يجب ان تمر اليه عبر معبر بيت حانون وكلاهما تسيطر عليهما اسرائيل بشكل كامل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف