هجمات المتشددين تختبر السياسة الأمنية للجزائر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الجزائر: أثارت هجمات جديدة شنها متشددون اسلاميون من بينها ثاني هجوم استهدف اجانب هذا العام تساؤلات بشأن الاستراتيجية الامنية في الجزائر ودعوات بتبني فكر جديد في الصراع من اجل انهاء العنف السياسي. ولا تزال السلطات تقول ان السبيل الوحيد لوقف اراقة الدماء المستمرة منذ 15 عاما هو السعي لتحقيق "المصالحة الوطنية" وهي سياسة تمنح العفو لجميع المسلحين الذين لهم صلة بالقاعدة مقابل نزع سلاحهم.
ولكن المعلقين يقولون ان هذه الاستراتيجية التي فشلت في وقف المسلحين الذين يزدادون جرأة لم تضع في الاعتبار خلفية اجتماعية قاتمة من البطالة والفقر تؤجج حالة عدم الرضى وتسهل تجنيد مهاجمين انتحاريين. وقال هنري ويلكنسون المحلل في مؤسسة جانوسيان لادارة المخاطر الامنية ومقرها بريطانيا "اذا تجاهلت السلطات المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وركزت على الامن وحسب فلن تجدي (الاستراتيجية)." ويمثل المناخ الاجتماعي الذي يزداد تدهورا بسبب البطالة والفقر المدقع تهديدا للاستقرار. وأضاف "قضية الشرعية -الاحساس بأن الحكومة تقف بجانب الشعب- حاسمة بالنسبة للسلطات."
وفي استطلاع لاراء القراء نشرته صحيفة الاخبار الاكثر مبيعا يوم الاحد ذكر 76 في المئة ممن شملهم الاستطلاع ان المصالحة الوطنية حل "غير كاف" للتصدي للارهاب. وقال قادر عبد الرحيم الخبير بشؤون المغرب العربي في معهد العلاقات الاستراتيجية والدولية في باريس ان فشل الدولة في توفير فرص عمل وما يشعر به كثير من الجزائريين من عزلة عن السياسة الرسمية يمثل تهديدا امنيا. وتابع "انه وضع قابل للانفجار."
وتوفير وظائف وتحسين ظروف الاسكان والصحة والتعليم عوامل رئيسة لاستقرار البلاد التي يقطنها 33 مليون نسمة ولا تزال متأثرة بأعمال العنف التي شهدها عقد التسعينات. ويعاني نحو 75 في المئة من الجزائريين دون الثلاثين من البطالة.
وبرز التهديد الامني يوم الجمعة حين انفجرت قنبلة قرب قافلة للشرطة مصاحبة لعمال اجانب ما اسفر عن اصابة تسعة من بينهم فرنسيان وايطالي. واعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي مسؤوليته عن الهجوم الذي وصفه بانه "استشهادي" وهو الاسلوب نفسه المستخدم في هجمات سابقة على مواقع للشرطة والجيش هذا العام.
وهذا ثاني هجوم يستهدف اجانب منذ مارس اذار حين قتل ثلاثة جزائريين وروسي في هجوم على حافلة تقل عمالا من شركة روسية تمد خطوط انابيب لنقل الغاز. وابرز هجومين في العام الجاري محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في بلدة باتنة وتفجير انتحاري في مبنى يضم مكتبي رئيس الوزراء عبد العزيز بلخادم ووزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني. وقال عبد الرحيم "الرسالة واضحة ومفادها.. يمكننا ان نضرب حيث نشاء."
ودعا ايمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في شريط فيديو اذيع يوم الخميس الماضي مسلمي شمال افريقيا "لتطهير" ارضهم من الاسبان والفرنسيين والعودة لحكم الاسلام. وتدرك السلطات ان حالة الغضب تجاه حكومة لا تستجيب لمطالب المواطنين وازاء نقص فرص العمل وضعف ما يقدم من خدمات اساسية ساعد في زيادة التأييد للجماعات الاسلامية المتشددة في الثمانينات قبل ان تسقط الجزائر فريسة لاعمال العنف في التسعينات.
ويقول الجزائريون ان المشاكل الاجتماعية مستمرة لان الحكومة لاتزال تصارع لتنفيذ الاصلاح بعد عقود من التخطيط المركزي. ويعوق الفساد والروتين ونقص الشفافية اجتذاب الاستثمار والخبرة الاجنبيين. يقول كلود مونيكيه من المركز الاوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والامن في بروكسل "الاطار الاجتماعي مشابه لما كان سائدا قبيل القلاقل في التسعينات."
وفي الوقت ذاته كان تبني الهجمات الانتحارية وتكنولوجيا تصنيع قنابل اكثر فتكا ونشاط عمليات جمع الاموال من التهريب والاتاوات واستخدام الة دعائية متطورة تعتمد على شبكة الانترنت كلها عوامل ساهمت في استمرار نشاط القاعدة.
ويقول جزائريون ان احد المشاكل في هذا الصدد ان بعض اكثر الخبراء الامنيين الجزائريين تمرسا في محاربة المتشددين الاسلاميين تركوا الخدمة. ويقول محللون انه ربما تكون هناك تحركات لاعادة بعضهم للخدمة.
واذهلت بعض الثغرات الامنية الجزائريين. فقد اخترق مفجرون انتحاريون ثكنات قوات الامن مرتين متنكرين على هيئة عمال يقومون بتوصيل الاطعمة. وفي باتنة فجر المهاجم قنبلته وسط حشد ينتظر بوتفليقة للترحيب به. وسقط اكثر من 200 ألف قتيل ضحية الصراع بين الجيش والجماعات الاسلامية المتشددة عقب الغاء انتخابات تشريعية في عام 1992 كان الاسلاميون في سبيلهم للفوز بها.