دراسة: التشدد ظاهرة دخيلة على المجتمع الإسلامي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
صنعاء: أكدت دراسة حول الغلو والتشدد أن هذه الظاهرة دخيلة على المجتمع الإسلامي وتتركز في ثمانية بواعث وأسباب نفسية وواقعية وعلمية وذاتية وسياسية واقتصادية وثقافية وإعلامية وطارئة .
وأوضحت الدراسة التي أعدها الدكتور محمد إبراهيم البحيصي المحاضر في المعهد العالي للإرشاد إن الباعث النفسي يتعلق بتوهمات النفس ومرده إلى شعور بالتقصير بحثا عن الكمال ويرى صاحبه في الإفراط طريقًا إلى ذلك، وإن في الإفراط حسن متابعة وتأسٍ ومنه مرضاة الله كما أن توهمات النفس تدفعه إلى سؤ الظن بالآخرين مما يوهمه بأنه يجب أن يتميز عنهم عن طريق التشدد.
وأشارت الدراسة إلى إن الباعث الواقعي له علاقة بأحوال أهل الزمان وما آلت أليه الأوضاع من انحراف وفساد، وأن الباعث العلمي مرتبط بسوء الفهم للنصوص من كتاب الله وسنة النبي على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم اجتهادًا أو تلقيًا أو سوء فهم لأحوال المدعوين وتنوع واختلاف استعدادهم وقابليتهم ومصالحهم. فيما الباعث الذاتي له علاقة ببناء الإنسان وتربيته وجملة المؤثرات التي تسهم في نشأته وتأسيسه.
وذكرت الدراسة أن الباعث السياسي مرده الاستبداد في الحكم والفساد السياسي وغياب العدل واتساع الهوة بين الحاكم والمحكوم والراعي والرعية وان الباعث الاقتصادي يتمثل في الفقر والبطالة التي تعاني منها مجتمعاتنا وكل ما له علاقة بالمسألة الاقتصادية، وان الباعث الثقافي والإعلامي يتمثل في المادة الإعلامية الثقافية والمناهج التي يتلقاها النشء في مراكز علمية تحرص على فهم النصوص فهمًا ضيقًا، كما أن المادة الإعلامية في وسائل الإعلام تسهم من خلال برامجها المنفتحة في إيجاد رد فعل متشدد على هذه البرامج .
أما الباعث الطارئ فترى الدراسة انه يتمثل في ردات الفعل على الأحداث التي تشهدها المنطقة والعدوان الذي تتعرض له الأمة والمؤامرات التي تحاك ضدها والقهر الذي يمارس على شعوبها مثلما نشهد الآن في فلسطين والعراق وسواهما .
وتقول الدراسة أن ظاهرة الغلو والتشدد ألحقت افدح الضرر بمضامين الشريعة الإسلامية التي قامت على قاعدتي الوسطية والاعتدال مما أوقع الناس في الحرج والضيق وصورت الإسلام على غير صورته التي ارتضاها الله سبحانه وتعالى من رحمة ولين وخفض جناح مستشهدة بقوله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .
وذكرت الدراسة أن الإسلام وبقدر ما كفل وحمى حق الإنسان في التفكير الحر بحثا عن الحقيقة وتحريا للصواب وجعل من ذلك فريضة دينية وضرورة عقلية فانه وبنفس القدر نهى عن الشطط والغلو والتشدد بحيث جعله سببًا في الهلاك تمثلا بقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ( إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين ) وهو عين التحذير الذي خوطب به أهل الكتاب من قبلنا لقوله تعالى ( قل يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم غير الحق ).
وفي الوقت نفسه تؤكد الدراسة إن التسامح في الإسلام هو المعادل الموضوعي للدعوة وهو محور حركته بين الناس جميعا حيث قام به واستوى وبه انتشر في طول الأرض وعرضها وبه سيظهره الله على الدين كله .
مؤكدة أن التسامح في الإسلام كفل الحرية بكل أبعادها ومستوياتها للإنسان من حيث هو إنسان فعلى مستوى حرية العقيد فقد كفل الإسلام حرية المعتقد للمخالف من الملل والشرائع الكتابية فلا إكراه ولا إلغاء للآخر لقوله تعالى ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) فقط يطلب الإسلام من الآخرين أن يسمحوا بعرض شرعه ومنهاجه دونما عوائق وموانع، تاركًا للناس بعد ذلك الخيار في الأخذ أو الترك قال تعالى (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر ) ، وقوله تعالى ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) بعيدا عن تأثير وضغط الطاغوت الذي يحول بين الإنسان وبين الحق ويحجبه عنه ويصرفه .
وعلى مستوى الحرية الشخصية، فإن الإسلام جاء بالحرية المطلقة المستبطنة للمسؤولية باعتبارها ملاك الحرية وعلى مستوى الحرية السياسية، فإن الإسلام يعتبر أن الناس أحرار في اختيار ولاة أمورهم ومراقبتهم ومحاسبتهم والنصح لهم وإلزامهم بالشورى والسمع والطاعة في المعروف بالعدل والقسط وكذلك حقهم في تشكيل الأطر السياسية والمؤسسات التي ترعى حقوقهم وتنظم قدراتهم ومسؤولية المسلم عن الحرية لا تتجزأ فهو لا يستطيع أن ينجز حريته الخاصة دون مسئوليته عن حرية الآخر .
وأما على مستوى الحرية المعرفية فقد أوضحت الدراسة أن الإسلام ضرب المثل في حرية الفكر والبحث والنظر والمعرفة وما كل تلك المدارس الكلامية والفقهية والسلوكية إلا بعض تجليات هذه الحرية المعرفية .
وقالت : الإسلام أعطى لأتباعه الحق في هذه الحرية ، وأفسح لغير متبعيه المساحة نفسها التي من خلالها يمكنهم أن يمارسوا الحرية المعرفية وفق معتقداتهم وتصوراتهم حيث لا حجر على العقل الإنساني الذي هو مناط التكليف .
وعلى مستوى الحرية الاقتصادية فقد كفل الإسلام هذه الحرية في إطار من العدل ودونما ضرر ولا ضرار وفي مناخات تحقق مصالح المجتمع في طريق القسطاس المستقيم فلا تفاوت مخل ولا مماثلة معقدة ولا احتكار للمال في يد الأغنياء .