خلافات الرؤية الأميركية ـ الإسرائيلية للخطر الإيراني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سيناريوهات التعامل الدبلوماسي والعسكري..وشبه العسكري :
خلافات الرؤية الأميركية ـ الإسرائيلية للخطر النووي الإيراني
واشنطن: "من الضروري بدء حوار مكثف وفعال بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول سبل التعامل مع التهديد النووي الإيراني ودرء خطره". انطلاقاً من هذه المقولة نشر "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، دراسة تحت عنوان: "الحديث عن المحظورات: الحوار الأميركي الإسرائيلي حول البرنامج النووي الإيراني. وقد أعد هذه الدراسة "تشك فريليتش" وهو يعمل أستاذاً للعلوم السياسية في جامعتي هارفارد وتل أبيب، كما تقلد عدة مناصب مهمة في الحكومة الإسرائيلية أبرزها نائب رئيس مجلس الأمن القومي، ومستشار سياسي لمجلس الوزراء، فضلاً عن كونه أحد كبار المحللين في وزارة الدفاع.
الرؤية الأميركية ـ الإسرائيلية للخطر الإيراني
بادئ ذي بدء تشير الدراسة إلى نظرة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل إلى إيران باعتبارها فاعلا مضرًا إقليميًا ودوليًا، حيث تدعم طهران النشاطات الإرهابية وهو ما يمثل تهديداً لعملية السلام في الشرق الأوسط ولجهود بناء الدولة العراقية. وعلى حد ذكر الدراسة فإن ثمة مخاوف تسيطر على واشنطن وتل أبيب من النفوذ الإيراني المتزايد في العراق ليس فقط لما يمثله من خطر على مستقبل الأوضاع في بلاد الرافدين، بل أيضاً لما ينطوي عليه من مخاطر على دول الجوار مثل السعودية والأردن (الحلفاء للولايات المتحدة) وعلى استقرار المنطقة بشكل عام. علاوة على ما سبق، يشكل البرنامج النووي الإيراني التهديد الرئيس بالنسبة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، نظراً لما يتضمنه من مخاطر تالية:
1ـ احتمالية استخدام إيران للأسلحة النووية، وهو ما يتعارض مع المصالح الأميركية والإسرائيلية من ناحية، ويدعم في المقابل حلفاء طهران مثل دمشق وحزب الله وتنظيم "القاعدة" من ناحية أخرى.
2ـ إمكانية انتقال التكنولوجيا والأسلحة النووية إلى الدول المتطرفة والمنظمات الإرهابية، سواء كان ذلك بعلم الحكومة الإيرانية أو من وراء ظهرها.
3ـ يمثل البرنامج النووي دافعاً نحو اعتماد الجمهورية الإسلامية لسياسة خارجية أكثر تشدداً، فضلاً عما يترتب عليه من زيادة للنفوذ الإيراني على المستوى الإقليمي.
4ـ سيؤدي برنامج طهران النووي إلى سباق نحو التسلح في هذا المجال في المنطقة، فقد أعلنت ما يقرب من 12 دولة من بينها مصر والسعودية والأردن وتركيا والجزائر، عزمها تطوير قدراتها النووية السلمية كرد فعل على الطموحات النووية للدولة الفارسية.
5ـ قد تقع القدرات النووية لإيران في أيدي نظام أكثر تشدداً من "نجاد" وأعوانه الحاليين، في سيناريو سيؤدي إلى شيوع الفوضى الدولية.
6ـ يمثل البرنامج النووي الإيراني صدمة قوية للجهود الدولية الهادفة إلى منع الانتشار النووي.
وبينما تتفق كل من واشنطن وتل أبيب على ما تمثله طهران من خطر على مصالحهما، إلا أن ثمة ضعفا في التناغم الأميركي ـ الإسرائيلي في ما يتعلق بطريقة التعامل مع هذا الخطر، ويبرز هذا في ناحيتين، الأولى: أن إسرائيل ترى في الطموحات النووية الإيرانية تهديداً لوجودها، لذلك فهي تعطي الأولوية لإيجاد حل لهذه الأزمة النووية على ما عداها من مخاطر أخرى تشكلها إيران سواء ما تمتلكه من أسلحة دمار شامل أخرى، أو دعمها للإرهاب أو حتى معارضتها لعملية السلام في المنطقة.
وعلى الجانب الأخر، تنظر الولايات المتحدة إلى الخطر النووي الإيراني كونه واحداً ضمن مجموعة أخرى من المخاطر الإيرانية على المصالح الأميركية في المنطقة والتي يقتضي الأمر البحث عن حلول لها جميعاً. فوفقاً للمنظور الأميركي تمثل طهران تهديداً لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط سواء إسرائيل أو أصدقاء إدارة "بوش" من الأنظمة العربية الحاكمة، وللقوات العسكرية الأميركية في المنطقة، وللوجود الأميركي في العراق، وأخيراً للموارد النفطية التي تزخر بها المنطقة. أما وجه الاختلاف الثاني فجوهره أن إسرائيل تدعو إلى القضاء على التهديد الإيراني بأي ثمن وباستخدام كل الوسائل والحلول الممكنة الدبلوماسية منها والعسكرية إذا لزم الأمر. أما الولايات المتحدة فلديها خيارات أخرى مثل الردع والاحتواء.
قنوات الاتصال الأميركية ـ الإسرائيلية
تلفت الدراسة النظر إلى أن أميركا وإسرائيل تديران حوارات ثنائية بشكل دائم ومستمر وعلى كل المستويات السياسية والاستخباراتية حول التهديد النووي الإيراني منذ مطلع العقد الأخير من القرن المنصرم. فسياسياً فإنه منذ إسحق رابين وحتى إيهود أولمرت كان ولازال الملف النووي الإيراني على رأس أجندة أي رئيس وزراء إسرائيلي يزور العاصمة الأميركية. كذلك كان هذا الملف حاضراً في اللقاءات التي كانت تعقد بين وزراء خارجية ودفاع الدولتين. وعلى المستوى الاستخباراتي، أصبح مدير الموساد الإسرائيلي زائرا دائما لواشنطن بهدف الاجتماع مع نظرائه في وكالات الاستخبارات الأميركية والمسؤولين في البنتاغون ومجلس الأمن القومي الأميركي.
كما تمت مناقشة القضية الإيرانية في العديد من المحافل الأميركية ـ الإسرائيلية المشتركة، ومن أبرزها الجماعة السياسية ـ العسكرية ( (JPMGالتي تضم ممثلين عن المؤسسات الدبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية في البلدين. وقد اتخذت الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية مؤخراً قراراً بزيادة اجتماعات الجماعة لتصبح أربع مرات سنوياً بدلاً من اثنين فقط، وهو ما يعكس قلق الدولتين بالمتاعب التي تسببها إيران. وهناك محفل آخر وهو ملتقى "الحوار الاستراتيجي" الذي ينعقد بشكل نصف سنوي بحضور مساعد وزير الخارجية الأميركي ومسؤول الحوار في الحكومة الإسرائيلية.
وبالإضافة إلى ما ساهمت به هذه اللقاءات وتلك الاجتماعات المشتركة من تبادل للمعلومات بين تل أبيب وواشنطن، فإن هذين الحليفين اتخذا عدداً من الخطوات العملية الهادفة إلى حماية أمن إسرائيل في مواجهة التهديد الإيراني، وفي هذا الصدد تم بيع أسلحة أميركية للدولة العبرية، ناهيك عن الدعم المالي الأميركي للنظام الإسرائيلي المضاد للصواريخ.
خيارات التعاطي مع الخطر النووي الإيراني
تحت هذا البند تشير الدراسة إلى ثلاثة خيارات رئيسة، هي:
1ـ الخيار الدبلوماسي والعقوبات: فقد فشلت الضغوط الدولية التي تزايدت حدتها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، في إحداث تغيير على السياسة الإيرانية، فالجمهورية الإسلامية مازالت تتحدى المجتمع الدولي في ظل رئاسة راديكالية بزعامة أحمدي نجاد الذي يبدو وكأنه مرحب بعلاقاته المتوترة مع الجماعة الدولية.
وتؤشر التطورات الراهنة على أن طهران غير عابئة بالضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي عليها، بيد أن الدراسة تبرز أهمية الخطوات المحدودة التي اتخذها مجلس الأمن بصدد إيران والتي أسهمت في إثارة جدل داخلها محوره ليس فقط مدى أهمية البرنامج النووي ذاته، ولكنه دار حول الثمن أو التكلفة التي سيدفعها نظام "نجاد" والتدابير القاسية التي تنتظره لسلوكه المتعارض مع المجتمع الدولي.
وتنتقل الدراسة إلى طرح تساؤل رئيس مفاده ما إذا كانت الجهود الأميركية الطامحة لتطبيق العقوبات على إيران ستكون مصاحبة بمحاولات لإقامة حوار ثنائي بين واشنطن طهران؟ وفي هذا الصدد توضح الدراسة أن إدارة بوش ترفض تماماً مسألة التحاور مع "محور الشر" الذي يضم ـ وفقاً للتصنيف الأميركي ـ إيران وكوريا الشمالية وبعض الدول الأخرى المارقة مثل دمشق، لكن الدراسة ـ وبالتعارض مع هذه الرؤية الأميركية ـ تؤكد ضرورة وأهمية هذا الحوار، على اعتبار أنه سيكون من السهل حشد التأييد والدعم الدولي للعقوبات على إيران إذا بدت الإدارة الأميركية وكأنها انتهجت كافة سبل التفاوض مع طهران.
2ـ الخيار شبه العسكري: وهنا تطرح الدراسة إمكانية فرض الحصار البحري على إيران سواء كان شاملاً أو جزئياً، ومن الممكن أيضاً أن يمتد هذا الحصار أرضاً وجواً. وتدعو الدراسة كذلك إلى ابتكار وسائل شبة عسكرية جديدة مثل استعراضات القوة.
3ـ الخيار العسكري: تعد هذه المرحلة هي الأكثر خطورة وتصل إليها الولايات المتحدة وإسرائيل عندما تدركان عدم فعالية الحلول الدبلوماسية وشبة العسكرية. ويتضمن هذا الخيار شن عمليات عسكرية سواء من جانب الجيش الأميركي وحده أو بالتعاون مع نظيره الإسرائيلي أو أن تتخذ هذه العمليات شكل العمل الجماعي من خلال حلف الناتو أو مجلس الأمن. وفي كل هذه الحالات سيكون على الولايات المتحدة تحمل العبء الأكبر، بيد أنها ستتمتع من جانب آخر بمظلة دبلوماسية كبيرة وبعض المساعدات العسكرية.
ووفقاً لرؤية الدراسة، فإن مشاركة تل أبيب لواشنطن في أي ضربة عسكرية تستهدف طهران، ستكون لها نتائج سلبية على علاقة الولايات المتحدة بالعالمين الإسلامي والعربي. وتؤكد الدراسة ضرورة أن يشمل الحوار الأميركي ـ الإسرائيلي بشأن إيران تحديد الأهداف المراد تدميرها وعما إذا كانت العملية العسكرية ستقتصر على المنشآت النووية أم ستمتد لتشمل القدرات الحربية وموارد الطاقة لدى إيران.
وتشير الدراسة إلى الصعوبات التي تواجه الولايات المتحدة أو إسرائيل في مناقشة خيار شن عمل عسكري ضد إيران، حيث إذا كان لدى إسرائيل الرغبة في شن حرب بشكل منفرد عن الولايات المتحدة، فإن الدولة العبرية سيساورها القلق في هذه الحالة من إثارة تلك المسألة مع واشنطن تفادياً للرفض الأميركي المتوقع. ومن ثم فإن تل أبيب ستعمل على تجنب هذا الفيتو مثلما فعلت عام 1981 عندما عقدت النية ودمرت مفاعل أوزراك العراقي دون أن تخبر أميركا.
هل يمكن التعايش مع دولة إيرانية نووية؟
في حالة فشل الحلول الدبلوماسية وإدراك الولايات المتحدة وإسرائيل صعوبة القيام بعمل عسكري ضد إيران لدرء خطرها، فلن يكون هناك من خيار سوى التعايش مع إيران النووية. وتشير الدراسة الصادرة عن "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، دراسة تحت عنوان: "الحديث عن المحظورات: الحوار الأميركي ـ الإسرائيلي حول البرنامج النووي الإيراني". وقد أعد هذه الدراسة "تشك فريليتش" وهو يعمل أستاذاً للعلوم السياسية في جامعتي هارفارد وتل أبيب، كما تقلد عدة مناصب مهمة في الحكومة الإسرائيلية أبرزها نائب رئيس مجلس الأمن القومي، ومستشار سياسي لمجلس الوزراء، فضلاً عن كونه أحد كبار المحللين في وزارة الدفاع، إلى موقف كل من أميركا وإسرائيل من هذا الخيار، موضحة أن تل أبيب ستكون مترددة في مناقشة ذلك الخيار، ومبعث هذا التردد هو خوف إسرائيل من أن تكون موافقتها على مناقشته بمثابة إشارة ضمنية على استعدادها للتخلي عن العمل العسكري، واعترافها بالبرنامج النووي الإيراني.
وعلى الجانب الآخر فإن الولايات المتحدة ستتردد هي الأخرى ـ وإن كانت بدرجة أقل من إسرائيل ـ في إثارة خيار التعايش مع طهران في ظل امتلاكها السلاح النووي، حيث ستخشى أميركا من تداعيات هذا التوجه الذي قد يدفع تل أبيب إلى شن هجوم عسكري منفرد على الجمهورية الإسلامية. وبحسب الدراسة، فإنه في ظل خيار التعايش مع إيران النووية توجد سبعة بدائل، وهي:
البديل الأول: الردع الأميركي الأحادي لإيران، في هذه الحالة ستتبنى الولايات المتحدة سياسة معلنة وصريحة تجاه إيران، تعلن فيها أنها ستدرس استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية ضد أي دولة في المنطقة تمثل تهديداً لأميركا، وستحشد كل قوتها لمنع ذلك التهديد. وترى الدراسة أن إسرائيل بقدرتها الإستراتيجية الهجومية والدفاعية إذا ما تم تعضيدها بقوة الردع الأميركية فسيكون ذلك رداً فعالاً على التهديد الإيراني.
البديل الثاني: الضمانات الأمنية الأميركية المباشرة لإسرائيل، فمن أهم الوسائل لزيادة الحماية الأميركية لإسرائيل أن تتم صياغة تلك الحماية في صورة وثيقة مكتوبة (معاهدة دفاع مشترك، قرار الكونغرس، اتفاق تنفيذي) أو تصريح رئاسي. ويمكن أن تأخذ تلك الضمانات صيغة تعهد عام لأمن إسرائيل أو أن تكون أكثر تركيزاً على التهديدات النووية الخالصة.
وبافتراض تقديم الولايات المتحدة تعهد رسمي بحماية إسرائيل، ففي هذه الحالة ستصبح الأخيرة تحت حماية المظلة النووية الأميركية، وستدرك إيران حينها أن أي تهديد لإسرائيل سيكون تهديداً لأميركا وستواجه دماراً مؤكداً. إضافة إلى ذلك فإن الضمانات الأمنية تقدم فوائد مباشرة لتل أبيب مثل تمكينها من خفض حجم إنفاقها العسكري، والتركيز على القضايا الداخلية. ورغم ذلك، توجد أربعة أسباب تجعل إسرائيل مترددة بعض الشيء في بناء أمنها القومي على علاقة أمنية من هذا النوع، وهي:
1ـ نظراً لأن شرط التعاقد (التحالف) يتضمن التشاور حول الوسائل الملائمة للتعامل مع التهديد، فإن إسرائيل تخشى أن يضعف ذلك من سلطاتها في اتخاذ القرار تجاه التهديدات المباشرة القادمة من إيران.
2ـ ربما تكون إسرائيل قلقة من أن تطالب الولايات المتحدة، في مقابل الضمانات الأمنية، أن تكشف تل أبيب عن قدراتها الإستراتيجية الخاصة إليها على الأقل، وربما تفكيكها.
3ـ رغم إدراك إسرائيل أن للولايات المتحدة سجلا حافلا في الوفاء بوعودها الأمنية، فقد ظهرت استثناءات على ذلك مثلما حدث مع حلفاء الناتو خلال الحرب الباردة. ومن ثم تخشى إسرائيل ألا تتمكن الولايات المتحدة من الالتزام بتعهداتها عند حدوث الأزمة، علاوة على ذلك فإن إمكانية تعرض إسرائيل للهجوم من قبل عملاء إيران كحزب الله مثلاً ربما يمنع واشنطن من الوفاء بتعهداتها.
4ـ خشية إسرائيل من أن تقع تحت الوصاية الأميركية.
الثالث: ضمانات من أكثر من طرف، فلدى إسرائيل الكثير من الدوافع التي تجعلها راغبة في تطوير علاقاتها مع حلف الناتو، كما أن الولايات المتحدة كذلك ربما تعلق أهمية على تطوير هذه العلاقة. ومع ذلك، فإذا كانت إسرائيل تبدو مترددة تجاه وضع ثقتها الكاملة ومصيرها في اتفاق ثنائي مع أميركا، فإنها ستكون كارهة لفعل ذلك مع تحالف من 26 دولة. تلك النتيجة لا تعني أن الناتو لن يكون له دور في مواجهة التهديد النووي، إلا أنه لا يبدو البديل الأمثل بالنسبة إلى الولايات المتحدة.
الرابع: نظام أمن إقليمي، فهذا الخيار يقوم على تأسيس نظام أمن إقليمي تعطي من خلاله الولايات المتحدة ضمانات لدول المنطقة. ذلك الخيار يمكن أن يمنح أمريكا وإسرائيل عنصر استقرار في المنطقة ككل وتخفيف الغضب العربي من إعطاء إسرائيل وحدها تلك التعهدات.
ومن ناحية أخرى، فإن اتساع هذه الضمانات الأمنية يمكن أن يكون أحد أسباب فشل ذلك الخيار، وهنا تثير الدراسة تساؤلا حول عدد الدول التي سترغب في التمتع بهذه الضمانات خاصة عندما تكون إسرائيل مشتركة فيها، فما لا شك فيه أن إيران وسوريا سترفضان ذلك حتى وإن تخلت أميركا عن رغبتها في تغيير الأنظمة الحاكمة فيهما وضمان أمنهما. وإلى جانب هاتين الدولتين فإن السعودية سترفض هي الأخرى دخول إطار عمل إقليمي مع إسرائيل الآن أو حتى في المستقبل القريب. والحل الأمثل للولايات المتحدة في هذا الصدد هو أن تعلن عن التزام واضح أحادي بأمن الدول في المنطقة دون تخصيص إسرائيل بذلك، وأن تحدد ـ بصورة غير رسمية ـ الدول التي ستقوم بدعمها، وأن تعلن ـ رسمياً ـ أنها لن تساند الدول التي تستخدم أو تهدد باستخدام أسلحة الدمار الشامل. وسيكون من شأن هذا الخيار حل مشكلة أميركا الدبلوماسية مع الدول العربية وربما يكون مقبولاً لإسرائيل أيضاً.
الخامس: إحداث تغيير على الغموض النووي الإسرائيلي، فالتغيير في سياسة الغموض النووي التي انتهجتها إسرائيل على مدار عقود، ربما يكون من الوسائل الممكنة للرد على قدرة إيران النووية. فمن المفترض أن إسرائيل دولة نووية وأن أميركا تدرك ذلك لكنها لن تضغط على تل أبيب طالما أن الأخيرة ترفض الإفصاح عن قدراتها.
السادس: تغيير النظام الحاكم في إيران، لقد طُرحت هذه الفكرة منذ سنوات طوال، حيث يوجد اعتقاد بأن وقوع الإمكانيات النووية في أيدي نظام إيراني معتدل لن يشكل تهديداً كبيراً. ورغم التركيز الذي وجه لمحاولة تغيير هذا النظام، إلا أن أحداً لم يستطع تقديم إستراتيجية عملية لذلك. ومع أنها السياسة المفضلة لإدارة بوش، إلا أنه لا تبدو هناك أي بوادر للتغيير حتى الآن. وحتى مع افتراض القدرة على تغيير النظام في طهران، فلا توجد هنا أي ضمانات على أن النظام القادم سيكون أكثر اعتدالاً وتوجهاً نحو الولايات المتحدة وإسرائيل من نظيره الحالي.
البديل السابع: دعم عملية السلام، ويتمثل هذا الخيار في تشجيع عملية السلام في الشرق الأوسط كوسيلة لوقف النفوذ الإيراني في المنطقة، ومن ثم خفض مساحة الصراع بين إسرائيل وإيران واحتمالية التصعيد النووي. ومن الناحية النظرية، فإن التقدم في العملية السلمية من شأنه أن يقوض النفوذ الإيراني في إحداث ضرر غير مباشر بإسرائيل عن طريق عملاء طهران (حماس وحزب الله وجماعة الجهاد الإسلامي)، كما أن التسوية السلمية مع الفلسطينيين والسوريين يمكن أن تنهي ارتباطاتهم العسكرية مع إيران.
وترجح الدراسة أن إيران لن ترضى عن ذلك التوجه في عملية السلام مما قد يدفعها إلى التدخل أكثر في المنطقة لهدم هذه العملية، أيضاً لا أميركا ولا إسرائيل مستعدة لتعديل سياستها تجاه عملية السلام كوسيلة للتعامل مع الخطر الإيراني.