المناطق الفقيرة تفضح تفشي الفساد في الصين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بويانج (الصين): تحسم مناطق فقيرة مثل بويانج معركة الحزب الشيوعي الحاكم في الصين ضد الفجوة المتزايدة في الثروات في البلاد. ويقول كثيرون من سكان هذه البلدة التي تقع جنوبي بكين على بعد رحلة ست ساعات بالسيارة ان حياتهم تحسنت بفضل تخفيضات ضريبية وزيادة الانفاق على التعليم والتأمين الصحي والرعاية الاجتماعية.
ولكن لا يشعر الجميع بالرضا اذ ان بويانج التي تقع في الركن الشمالي الشرقي من اقليم هنان نموذج للتناقضات جدير بالدراسة.
وتقف منازل انيقة من طابقين او ثلاثة طوابق الى جوار اكواخ متداعية مشيدة من القرميد الاحمر يصارع قاطنوها لتلبية احتياجاتهم.
ويقول لي ويبو سائق سيارة اجرة في الثلاثينات من عمره "الاغنياء يزدادون ثراء والفقراء يضحون افقر."
واكثر المباني فخامة في البلدة كما هو شائع في ارجاء الصين مكاتب للسلطات المحلية تكلف تشييدها 32 مليون يوان (4.4 مليون دولار) من الاموال الحكومية وهو مبلغ اثار الدهشة في هذه البلدة الفقيرة وبصفة خاصة حين اوردت وكالة انباء الصين الجديدة (شينخوا) انه تمت معاقبة 18 مسؤولا محليا في يونيو حزيران الماضي لاستغلالهم اموالا عامة بشكل غير سليم لتشييدها.
وتظهر دلائل اساءة استعمال السلطة وعدم المساواة -ان لم يكن فسادا صريحا- في بويانج في تحد مباشر لهدف الرئيس الصيني هو جين تاو الرامي لتوزيع الثروة بعدالة أكبر ومن ثم اقامة "مجتمع متجانس".
وبالفعل حذر الحزب الشيوعي الحاكم من ان قبضته على السلطة مهددة ما لم ينجح في الحد من الفساد.
ودفع الفساد وتزايد الفجوة في الثروة الخبراء ومن بينهم وانج سانجوي الاستاذ المتخصص في التنمية الريفية في جامعة رنمين في بكين لاقتراح ان تعطي الحكومة لمكافحة الفساد نفس الاولوية التي توليها للانفاق الاجتماعي. وقال "يحظى وضع نظام للمساءلة باهمية مساوية."
ويقول وو جينج ليان من اكبر الاقتصاديين في الصين "تقود السلطة للفساد. انها حقيقة لا يمكن انكارها لذا كيف نقيد السلطة.. ينبغي ان نعتمد على حكم القانون."
ويقترح بعض الاقتصاديين ان تخفض الحكومة الضرائب بدلا من زيادة الانفاق العام تاركة النقود في جيوب المواطنين بدلا من اللجوء الى خزانة الدولة.
وقال وانح يي جيانج استاذ الاقتصاد بجامعة تسينجهوا ببكين "عادة ما يكون لدى الفرد افكار واضحة عما يفعله بنقوده بينما تشعر الحكومات دائما انها لا تملك مالا كافيا للانفاق."
واشار وانج الى ان الغاء الضرائب الزراعية المفروضة منذ 2600 عام في الصين عزز الدخول في المناطق الريفية بشكل كبير.
وذكر ان بكين ينبغي ان تتبع ذلك بالغاء الضريبة على دخل الفرد التي تتراوح حاليا بين خمسة و45 في المئة.
وسو تشانج لين سائق جرار سابقا كان من بين المستفيدين من استراتيجية بكين الخاصة بزيادة الانفاق على التعليم والخدمات العامة الاخرى بدلا من المرافق كوسيلة لرفع مستوى المعيشة في الريف ويقول "طالما تحسن مستوى معيشة الناس فلن يأبهوا كثيرا بالفساد."
ويبلغ معاش التقاعد الذي يتقضاه شو 900 يوان ويزيد كثيرا عن أجره كسائق جرار في مزرعة تابعة للدولة والذي بلغ 200 يوان قبل ثلاث سنوات.
وقال وهو يجلس في فناء منزله يستمتع باشعة الشمس "انا راض عن حياتي الان."
ويمضي شو وزوجته معظم وقتهما في رعاية احفادهما وتربية الدجاج والارانب ويضيف "الحياة أفضل كثيرا من السابق."
كما ان تشانج ميفنج وهي معلمة تقترب من سن التقاعد افضل حالا بعد ان زاد راتبها اكثر من المثلين في ثلاث سنوات الى 1700 يوان شهريا.
وتضيف "يعامل المعلمون معاملة افضل الان والمنافسة على الفرص الجديدة تشتد."
غير ان الانفاق في اوجه غير سليمة والفساد من جانب مسؤولي الحكومة ومن بينها الحالة الاخيرة حين حول مسؤولون محليون اموال معاشات تقاعد عمال تم الاستغناء عنهم لبناء مكاتبهم ومركز تدريب اوجد اعتقادا على نطاق واسع بان جزءا كبيرا من الاموال العامة التي تخصص لاماكن مثل بويانح لا تصل ابدا للمحتاجين والمستحقين.
وقال ون وهو صاحب متجر رفض ذكر اسمه كاملا "المسؤولون وحدهم من يمكنهم بناء منازل كبيرة."
وأضاف انه يشك في ان العقوبة التي صدرت بحق بعض المسؤولين المحليين الذي امروا بتسليم منازلهم لبيعها في مزاد علني قاسية لدرجة رادعة.
وتابع ون "يملك هؤلاء المسؤولون سلطة ومالا. ستتم ترقيتهم مرة اخرى ان اجلا ام لاحقا."