قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
وفاة الرئيس الإندونيسي السابق سوهارتو جاكرتا: قاد سوهارتو رجل اندونيسيا القوي سابقا الذي توفي يوم الاحد بلاده خلال ثلاثة عقود من النمو الاقتصادي السريع والاستقرار ليرى كثيرا من أعماله تنهار في غضون أشهر مع سقوط البلاد في حالة من الفوضي.وأطيح بالجنرال السابق من منصبه في 21 مايو أيار 1998 وسط أزمة اقتصادية ضارية واحتجاجات حاشدة وأعمال شغب في جاكرتا مما أسفر عن مقتل 1200 بينما شوهت اتهامات بنهب اسرته المليارات من خلال صفقات فساد إرثه. ونقل الرئيس السابق (86 عاما) لمستشفى في جاكرتا في الرابع من الشهر الحالي حيث كان يعاني من مشاكل في القلب والرئتين والكليتين. وقال أطباؤه انه عانى من فشل في العديد من أجهزة الجسم يوم الاحد.وقادت السنوات التي اعقبت الاطاحة به والتي شابها اراقة دم لاسباب طائفية وانهيار اقتصادي وضعف الحكومة بعض الاندونيسيين للحنين لعودة نظام حكمه الصارم. وتلاشت هذه النظرة مع تحول اندونيسيا لحكم ديمقراطي وتعافيها اقتصاديا وكثيرون لا يمكنهم غفران أعمال النهب وانتهاكات حقوق الانسان التي تفشت في عهد سوهارتو. ويقول منتقدون ان سوهارتو واسرته جمعوا 45 مليار دولار من رشى أو صفقات حين كان النفوذ السياسي سبيلا للفوز بالعقود ونفى سوهارتو هذه الاتهامات.وفشلت محاولات حكومات متعاقبة وان كان بعضها غير جاد تماما لمحاكمته بتهم الفساد لأن المحاكم قبلت بدفعه بأنه مريض لدرجة تحول دون محاكمته. ورفض سوهارتو الاتهامات باخفاء ثروته في الخارج. وفي العام الماضي اصدرت المحكمة العليا حكما ضد مجلة تايم يقضي بدفع أكثر من مئة مليون دولار كتعويض لسوهارتو في قضية قذف بشأن قصة غلاف عددها الصادر في عام 1999 حيث ذكرت ان ثروته واسرته حوالي 15 مليار دولار. واستأنفت المجلة الحكم.وقال سوهارتو في حديث نادر في اواخر عام 1998 "الحقيقة انني لا أملك مدخرات في الخارج ولو سنت واحد. ليست لدي حسابات في بنوك اجنبية وليست لدي ودائع في الخارج ولا حتى اسهم في شركات اجنبية فما بالك بمليارات الدولارات." ويقول بعض المدافعين ان سوهارتو شخصيا نظيف اليد نسبيا ولكنه تغاضى عن اساءة اقاربه استغلال علاقاتهم به للفوز بعقود مربحة وصفقات مريبة مثل مشروع سيارة محلية ومنجم بري اكس للذهب وهو غير موجود في الاساس.وعلى اي الاحوال فان اندونيسيا احتلت باستمرار مركزا متقدما بين اكثر الدول فسادا في العالم في ظل حكم سوهارتو ولم تحقق نجاحا يذكر في تغيير ذلك منذ سقوطه. وولد سوهارتو في الثامن من يونيو حزيران عام 1921 وكانت خلفيته متواضعة. وكان والده مسؤولا بسيطا في قرية كيوسوك في جاوة الوسطى.وانضم سوهارتو لصفوف الجيش الهولندي وهو في التاسعة عشر من عمره. وخلال الاحتلال الياباني من عام 1942 الى عام 1945 كان سوهارتو ضابطا في "الجيش الاندونيسي" الذي يتلقى تدريبا يابانيا وقاتل فيما بعد مع القوات الاندونيسية ضد الهولنديين. وتقلد السلطة بعدما قاد الجيش في عام 1965 للقضاء على ما وصف رسميا بمحاولة انقلاب شيوعية. وسواء كان ذلك صحيحا ام لا فان دور سوهارتو في هذه الاحداث لا يزال مثار جدل وتلت ذلك عملية تطهير مناهضة للشيوعيين لقي فيها ما يصل الى 500 ألف شخص حتفهم.واستولى سوهارتو على السلطة فعليا من سوكارنو أول رئيس للبلاد في عام 1966 وأصبح رئيسا رسميا في العام التالي. وعلى مدار العقود الثلاثة التالية اكتسب اعجابا على مضض بفضل ذكائه السياسي وتأليبه الجماعات المتناحرة على بعضها البعض وقمع المعارضة السياسية. وحقق نظام القانون الجديد الذي اصدره قدرا كبيرا من الوحدة في اندونيسيا متعددة الطوائف وهي رابع اكبر دولة من حيث تعداد السكان في العالم وذلك بمساندة الجيش القوي الذي سحق اي بادرة تمرد.وكمعارض قوي للشيوعية حظي بمساندة الغرب وبصفة خاصة واشنطن التي اعطت في هدوء الضوء الاخضر لغزو اندونيسيا الوحشي لتيمور الشرقية في عام 1975. ولم تعترف الامم المتحدة ابدا بضمها ولم توافق اندونيسيا على استقلالها الا بعد الاطاحة بسوهارتو.وكانت اندونيسيا في وقت ما احد النمور الاقتصادية وكانت من أكثر الدول تضررا من الازمة المالية في المنطقة في عام 1997-1998. وتبخرت سنوات من التقدم الاقتصادي مع انهيار الروبية الاندونيسية وافلست عشرات الشركات وسقط الملايين في براثن الفقر من جديد. وقادت الازمة لمعارضة سياسية لم يسبق لها مثيل ونزل الاف من الطلبة في ارجاء البلاد الى الشوارع مطالبين باستقالة سوهارتو. واندلعت اعمال الشغب والاضطرابات. واحترقت جاكرتا.وحين استقال سوهارتو في نهاية الامر سلم السلطة لنائبه وتلميذه بي. جيه حبيبي وبدأ الانتقام. ووسط اتهامات بالفساد الغت شركات الدولة صفقات ابرمها اقارب سوهارتو وقالوا انهم اجبروا على ابرامها بشروط غير ملائمة بينما احتاج النظام المصرفي الذي اصابه الشلل لسنوات ليتعافى.وظهرت أدلة متنامية على الاعمال الوحشية التي ارتكبها الجيش الذي ساند سوهارتو واندلعت أعمال العنف الطائفية والدينية والانفصالية في الارخبيل مترامي الاطراف ولقى الآلاف حتفهم. وحتى بعد تنحيه بقي حزب جولكار الذي كان يتزعمه سوهارتو قويا وفاز بمعظم المقاعد البرلمان في عام 2004 رغم انه فشل في الفوز بالرئاسة في وقت لاحق من نفس العام.وبدا ان نفوذه المباشر والمنظور تلاشى بسرعة كبيرة عقب استقالته وقليلا ما ادلى بتصريحات علنية قبل الاعلان عن مشاكله الصحية. ولكن سوهارتو واسرته احتفظوا بصلات وثيقة بمؤسسات مثل الجيش بينما ابدت الصفوة في دوائر السياسة والاعمال توقيرها اياه بزيارته في المنزل وفي المستشفى.ورغم فترات الحنين من وقت لاخر لايجابيات حكمه فان عامة الشعب لم تبد رغبة تذكر للتخلي عن الديمقراطية التي اعقبت حكم سوهارتو والتي لقيت اشادة عالمية.