قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هل عادت فرنسا للمسرح العالمي من بواية الشرق؟
فرنسا جديدة في شرق أوسط جديد
ترجمة محمد حامد - إيلاف : لم تعد الرمزية لها قوة بالنسبة لفرنسا.
ففي رحلتة إلى الإمارات العربية المتحدة منذ 12 يوما, أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قرارا بفتح قاعدة عسكرية دائمة هناك. وسوف تكون أول قاعدة فرنسية في دولة لم تكن مستعمرة لفرنسا من قبل, وسوف تجعل فرنسا الدولة الوحيدة بعد الولايات المتحدة الأمريكية ذات تواجد عسكري دائم في منطقة الخليج . ويصف المسؤولون الفرنسيون تلك الخطوة على أنها جزء من مجهود أكبر يقوم به ساركوزي من أجل تدعيم تأثير فرنسا في منطقة االشرق الأوسط. ففي الثمانية شهور التي مرت من رئاسة ساركوزي زار ثمانية دول في منطقة الشرق الأوسط, وأعلن عن خطط من أجل بناء المفاعلات النووية, وبيع الأسلحة وحل الأزمات وتعميق التعاون مع تلك الدول. حيث قال وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوتشنير: " لقد عادت فرنسا, نعم لقد عادت فرنسا. إننا نتبع سياسة تقدم شيئا جديدا, تقدم الفعالية والواقعية والمشاركة والثقة. إنها سياسة جديدة حقا. ولكنها ربما لا تكون كبيرة بالشكل الكافي, على الأقل بمعنى أنها ليست كاسحة. ولقد بدأ بعض الناس هنا وفي منطقة الشرق الأوسط في التساؤل إلى أي اتجاه سوف تأخذ تلك التحركات فرنسا. ففي عهد الإمبراطورية الفرنسية, والتي كانت في المناطق التي تتحدث اللغة العربية, كانت أحلام الدولة الفرنسية طموحة جدا. ولكن فيما وراء شمال أفريقيا ولبنان تمت مقاومة مغامراتها الجريئة. فقد قام نابليون بإنزال حوالي 40.000 من القوات في مصر عام 1798, ولكن هذا الإحتلال انتهى في عام 1801. ولكن التواجد الأكثر استمرارية جاء في عام 1830 عندما هبط الجيش الفرنسي في الجزائر عام 1830, حيث بدأت حقبة جديدة من السيادة على الشمال الغربي الأفريقي. وبعد الحرب العالمية الأولى, سيطرت فرنسا على سوريا ولبنان. ولكن بعد الحرب العالمية الثانية, حدثت هزيمة فرنسا, أولا في حرب قناة السويس عام 1956, ثم الحرب الطويلة في الجزائر. ومنذ ذلك الحين, لعبت فرنسا دورا هاما في العالم العربي ولكنه كان عارضا. أما الآن فإن الولايات المتحدة الأمريكية في العراق, ومنذ عهد بعيد ومن خلال العمل كي تكون فرنسا بديلا للولايات المتحدة الأمريكية, والتحول الداخلي في بريطانيا بواسطة القادة الجدد والأسعار المتزايدة للنفط قد خلقت فرصا جيدة لساركوزي. وقد قبض ساركوزي على تلك الفرص بشكل امبراطوري, حيث ينظر إلى المنطقة على أنها كقطعة الموزايك التي ينبغي العمل فيها جزءا جزءا, وليس التعامل معها ككل, وإن نجح ساركوزي فسوف يعيد مجد فرنسا المفقود. وهذا ليس عملا وطنيا فقط وليس مجهودا من أجل أثارة العالم الإسلامي إلى حقبة جديدة من الأزمات من المغرب إلى بنجلاديش نتيجة التهديد الذي لا ينتهي للإرهاب, ومع ذلك فإن المخابرات الخارجية الفرنسية قد تميل إلى فعل ذلك. ففي الواقع, قد حدد ساركوزي اتجاهه على العكس من هذا التفكير, حيث قال في كتاب حملته عام 2006 : " هناك العديد من العوالم المسلمة والعربية, وإن مفهوم السياسة العربية هو مفهوم غير صحيح. وإن الهدف هو ليس الإتحاد مع دول أخرى, ولكنها قد تكون ميزة. حيث أن اتجاهه شخصي, ويعكس نشاطه الزائد وعواطفه وتصميمه على تطوير فرنسا وأعمالها عبر العالم. وأحد الأمثلة هو رفضه للإدانة التي نطق بها سابقه جاك شيراك, من أن الأولوية في الشرق الأوسط هي العمل على حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. فإن ساركوزي مشغول بدرجة كبيرة بإيران حيث قال أن أنشطة إيران النووية تعتبر أكبر تحدي للعالم. وانطلاق من العلاقة الآلية مع الولايات المتحدة واسرائيل, فلقد قال ساركوزي بأن اسرائيل صديقة لفرنسا, ويبدو ان الإسرائيليين قد صدقوه. وبينما تحدث شيراك عن الحاجة إلى عالم متعدد الأقطاب, بالإشارة إلى أوروبا على أنها أحد الأقطاب, فقد اعتدل ساركوزي في حديثه عن مكانة فرنسا داخل الاسرة الأوروبية, وهو التعبير الذي رحبت به واشنطن. ولكن هل سيؤدي هذا الإتجاه الشخصي إلى نتيجة؟ فإن العديد من مبادرات ساركوزي قد انتهت بتصريح, إن لم تكن قد فشلت. ففي الزيارة التي قام بها الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي والتي انتقد فيها صراحة ضيفه وحث على غلق الكباري فوق نهر السين عندما قرر القذافي فجأة أن يقوم برحلة نهرية في القارب, قد نظر إليها على أنها إهانة. وإن الرحلات العديدة التي قام بها كوتشنير للتوسط لإنهاء الأزمة السياسية في لبنان قد نظر إليها بعض المؤيدين على أنها مضيعة للوقت. حيث قال أوليفر روي, الباحث في شؤون العالم العربي والإسلامي ومؤلف كتاب " سياسيات الفوضى في الشرق الأوسط" قال : " لا توجد هناك رؤية, ولا توجد هنا استراتيجية, إنه فقط اسلوب جديد قائم على التدخل الشخصي للرئيس والإعتماد على الجاذبية الشخصية. وإن هذا العامل العاطفي قد تمت المبالغة فيه لدرجة أنه لا يوجد هناك أي تغير في السياسة الخارجية لفرنسا." أما في داخل فرنسا, فقد واجه ساركوزي نقدا على كسر الإتجاه العلماني الضحل لفرنسا من خلال التحدث كثيرا عن الرب, ليس فقط في روما, ولكن أيضا في السعودية العربية. كما أنه تم توجيه النقد إليه أيضا لفشله في جعل الحقوق الإنسانية هي مركز مقابلاته مع القذافي. وقرر أن هدفه ليس هو نشر الديمقراطية في العالم.
ومن خلال التأكيد على أهمية التنوع السياسي خلال المؤتمر الصحفي في بداية هذا الشهر, قال: " لماذا التنوع في السياسات غير الديمقراطية فقط؟ لكنه عندما تحارب من أجل الديمقراطية, تقول دولا معينة أنك استعماري, وأنك تريد أن تفرض علينا نظامك الخاص. فإذا كان هناك نظاما سياسيا واحدا فإنه لن يصمد. وتعتبر فرنسا بعد الولايات المتحدة في مجال مفاعلات الطاقة النووية, وقد قال ساركوزي بأن الدول العربية والإسلامية لها نفس الحق الرئيسي في الطاقة النووية السلمية مثلها مثل أي بلد آخر في العالم. وإن هذه السياسة تتناقض مع مخاطر تشجيع إيران على الاستمرار في تخصيب اليورانيوم, منتهكة قرارات مجلس الأمن, فيما تسميه ايران البرنامج السلمي للطاقة النووية. ومع ذلك, فقد وقع ساركوزي تعاونا مع الإمارات العربية المتحدة, وهي الخطوة الأولى لبناء مفاعل نووي بتكلفة 9 مليار دولار أمريكي في الإمارات, كما قدم تعاونا مدنيا نوويا للسعودية العربية والجزائر, ومصر وليبيا وتونس والأردن والمغرب. وفي موجة النقد التي تقول بأنه قد يمكن تحويل الطاقة النووية إلى الإستخدام في القنابل في أي مكان في العالم, أوضح المسؤولون الفرنسيون بأن ذلك قد يأخذ حوالي 15 عاما قبل أن يتم بناء المفاعلات النووية, وأنه قد لايتم بناؤها أيضا. وإن كل هذا مع الأعمال المحيرة التي قام بها, أدت إلى التعليقات المحيرة أيضا في خارج فرنسا, وزادها رد ساركوزي من خلال إظهار التواضع أو الفكاهة. ففي شهر ديسمبر, قالت صحيفة فرنسية بأن الملك عبد الله ملك السعودية العربية قد قال: " إن الرئيس ساركوزي يتصف بروح الشجاعة مثل الحصان الأصيل المتمرس الجيد, فهو يظهر التهاون من أجل أن يحقق التوازن" وعندما هبط ساركوزي في الرياض منذ أسبوعين , حيا الملك قائلا: " إن الحصان الشجاع سعيد جدا برؤية صديقه الحكيم."
المصدر : خدمة نيويورك تايمز الإخبارية