نووي طهران يوقظ سياسة الأحلاف العسكرية
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نووي طهران يوقظ سياسة الأحلاف العسكرية
خلف خلف- إيلاف: التطورات التي عايشها العالم جميعه، خلال الشهور الماضية، أنعشت سياسة الأحلاف العسكرية، وبحكم موقع الشرق الأوسط، وسخونة ملفاته، ومنها العراقي، والفلسطيني- الإسرائيلي، والنووي الإيراني، فقد تبؤ معظم الوقت قلب الأحداث، بل تحول في أحيان كثيرة إلى مركز شد وجذب على المستوى الدولي. ولعل المعلومات والتقارير التي تتحدث عن سماح تركيا لإسرائيل بالتدرب على شل فعالية منظومات دفاعية تحمي النووي الإيراني، تمثل دليلاً دامغًا على أن المنطقة في طريقها نحو المزيد من التصعيد، وليس الحلحلة. فقد أفادت صحيفة "زمان" التركية في تقرير لها، بان أنقرة ستشتري منظومات الصواريخ المتطورة "اس300" من بلروس ومن أوكرانيا وستنصبها في منشأة التدريبات كونيا حيث تتدرب أسلحة الجو للناتو وإسرائيل في مناورات مشتركة مع طائرات حربية تركية. وهذا التقرير، يؤكد، أن تركيا قررت حسم الأمور، والاصطفاف علنًا إلى جانب إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية في مواجهة المشروع الإيراني. وهو ما يفتح الباب على مصراعيه، لإلقاء نظرة تاريخية معمقة على التعاون العسكري بين أنقرة وتل أبيب، خلال العقود والأعوام الماضية، وهذا الموضوع بالذات، كان محورًا لتقدير استراتيجي، أصدره مركز بيغين- السادات للأبحاث الإستراتيجية مؤخرًا، وأعده افرايم عنبار مدير المركز، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان.
إيران تهديد مشترك
التقدير يشير بوضوح إلى أن مطامح إيران الذرية تقرب إسرائيل وتركيا، بعضهما من بعض. حيث إن الدولتين تشتركان في الخوف من إيران ذرية. وفي الجهد الدولي لمنع تزودها بسلاح ذري. لا سيما أن متخذي القرارات في إسرائيل يرون حصول إيران ذات النظام الإسلامي المتطرف على القدرة الذرية تهديدا وجوديا. وتركيا أيضا أعلت من تقدير التهديد الذي مصدره إيران. وأكد تشادي غونول وزير الدفاع التركي في 2003 أن إيران أصبحت تهديدا جديا لأمن تركيا. كما قال فاروق لوغولو السفير التركي في الولايات المتحدة معبرا عن أراء حكومته أن "سلاح إيران الذري سيكون تهديدا جديا لأمن الشرق الأوسط". وعلى نحو ذلك ذكرت الوثيقة التي تحدد سياسة الأمن القومي لتركيا والتي صيغت في تشرين الثاني 2005 ان إيران مصدر محتمل لعدم الاستقرار في المنطقة بسبب برنامجها الذري. في هذا السياق ينبغي الإشارة كذلك إلى رد تركيا المعتدل، عندما تبين للكثيرين انه قد تكون طائرات سلاح الجو الإسرائيلية قد اخترقت مجال تركيا الجوي متجهة إلى مهاجمة ما سمي بالمنشأة الذرية السورية في أيلول 2007. طائفة من الاتفاقات العسكرية
ويوضح التقدير الإستراتيجي الإسرائيلي أن أنقرة وتل أبيب وقعتا في التسعينيات طائفة من الاتفاقات العسكرية التي وسعت التعاون الاستخباري الذي كان موجوداً من قبل، وبدأت تدريبات عسكرية مشتركة وقوي التعاون العسكري بين الطرفين في مجالات كثيرة، وبحسب التقدير فقد كان تطوير العلاقات بإسرائيل الخارج عن نطاق المألوف نتاج ترتيب دولي جديد بعد انحلال الاتحاد السوفياتي، وبعد تبني تركيا توجهاً مختلفاً إلى الشرق الأوسط. وبحسب مركز بيغين- السادات، فان هذه العلاقات المتبادلة بين إسرائيل وتركيا أفضت إلى صفقة كبيرة جداً للصناعة الجوية في إسرائيل، التي حظيت بأكبر عقد في تاريخها (حتى ذلك الحين) - لتطوير طائرات الفانتوم اف4 لتركيا. كما باعت الصناعات الأمنية الإسرائيلية تركيا أيضا نظم سلاح من أنواع مختلفة وفيها طائرات بلا طيار، وأجهزة رادار وصواريخ من نوع "دليلة" ومن نوع "بوبي"، ونظم حل شفرة من طراز "ايهود" وسلاحاً متقدماً آخر. وفي سنة 2002 أحرزت الصناعات العسكرية عقداً كبيراً لتطوير دبابات المعركة التركية الرئيسة من طراز أم-60. تفحص تركيا أيضا عن إمكان أن تشتري قمراً صناعياً إسرائيليا وصواريخ حيتس 2. الأراضي التركية مجال جوي استراتيجي
وفي مقابلة ذلك، زودت تركيا سلاح الجو الإسرائيلي بمجال جوي استراتيجي استطاع فيه الطيارون الحربيون الإسرائيليون التدرب في مناطق غير معروفة، والتمرين على هجمات لمسافات طويلة. مع الإشارة أن تركيا تحادّ سورية، والعراق وإيران التي لم تستحسن هذه الطلعات الجوية التدريبية. عوض ذلك زودت إسرائيل طيارين تركيا الحربيين بإمكانات تدريب متقدمة في مواقع سلاح الجو في النقب. ووجه آخر للتعاون العسكري هو التدريبات المشتركة للأساطيل الإسرائيلي والتركي والأميركي في الشرق الأوسط. وأتمت أسلحة الجو للدول الثلاث أيضا تدريبات مشتركة من آن لآخر. واستغلت تركيا على السنين الشراكة الإستراتيجية الجديدة مع إسرائيل، وعملت في ردع لاعبات إقليمية عملت في مواجهتها. في أثناء سنة 1998 أرغمت سوريا على أن تطرد من دمشق زعيم المنظمة الكردية عبدالله اوجلان، الذي قاد التمرد الكردي في تركيا. في السنة نفسها منعت تركيا (بمساعدة الولايات المتحدة) نشر صواريخ ارض - جو اس300 من إنتاج روسيا في قبرص وكانت تهديداً لمجالها الجوي. وفي سنة 2001 عملت تركيا بتأييد هادئ كما يبدو من إسرائيل والولايات المتحدة في مواجهة إيران عندما هددت هذه نفط اذربيجان في بحر قزوين. بل أن تركيا منعت إيران عدة مرات تزويد حزب الله بالسلاح من طريق المجال الجوي التركي. وتمت جميع هذه الصلات والبيوع بتشجيع الولايات المتحدة الهادئ بطبيعة الأمر والتي بدت معنية بالتعاون بين أفضل حليفتين لها في المنطقة. أنقرة وتل أبيب في القرن 21
يبين التقدير الصادر عن مركز بيغين- السادات للأبحاث الإستراتيجية، أن جدول العمل الواسع والمشترك في المجال الاستراتيجي أصبح في التسعينيات أساسا لشراكة إستراتيجية إسرائيلية - تركية. لكن التغيرات في المحيط الدولي والإقليمي استطاعت أن تضعف المصالح المشتركة وان تزيد الفروق بين الدولتين. حيث استطاعت تطورات سياسة داخلية المس أيضا بالعلاقات بين الطرفين. ويضيف التقدير الذي أعده افرايم عنبار، أن ميل تركيا إلى مضاءلة العلاقات بإسرائيل، حصل، منذ أيلول 2000، عندما دارت حرب بين إسرائيل والفلسطينيين. لاسيما أن انتفاضة الأقصى حملت معاني إسلامية واضحة. ورأى أتراك كثيرون أن الحرب التي بدأها الفلسطينيون أبدت عن الجانب الديني للنزاع. ولذلك أيد الأتراك الذين حصروا عنايتهم في الجانب القومي للنزاع الفلسطينيين في الأكثر. أيضا أعطت حرب لبنان في صيف 2006 فرصة أخرى للعنصر المعادية لإسرائيل في المجتمع الإسرائيلي أن تندد بإسرائيل. كما في أماكن كثيرة أخرى في العالم. ومن جهتها، اكتفت حكومة تركيا باحتجاجات (قاسية جدا أحيانا) من آن لآخر على العلاقة بالفلسطينيين أو على استعمال إسرائيل "المفرط" للقوة في حربها للفلسطينيين أو في لبنان. لكن استمرت العلاقات الجيدة بين إسرائيل وتركيا. بل ان تركيا مكنت من زيارة الرئيس الإسرائيلي موشي قصاب في تموز 2003 التي حظيت بشهرة كبيرة وهي زيارة استدعت خطابة ايجابية جدا عن فضل العلاقات الثنائية وآمال تعاون واسع آخر. كانت الزيارات الأخيرة عند أرفع مستوى لرئيس الحكومة ايهود اولمرت في شباط 2007 والرئيس شمعون بيرس في تشرين الثاني من العام نفسه. زار اردوغان نفسه إسرائيل زيارة رسمية في أيار 2005 والمح بذلك ان العلاقات ستبقى كالمعتاد. مع العلم أن تركيا قررت في نيسان 2005 منح شركات إسرائيلية عقدا بمائتي مليون دولار لإنتاج خمسين طائرة صغيرة بلا طيار من طراز "هاروب". واشتملت صفقات محتملة أخر على شراء أسلحة توجيه بعيدة المدى، وعلى نظم مختلفة من أجل طائرات أف 4 و أف 16 وصواريخ ارض من نوع لورا ومركبات غواصات. واشترت أنقرة أيضا جدار امن إسرائيلي لإقامته في جنوب شرقي تركيا. وعليه، فقد استمر التعاون بين الدولتين في مجال الأمن بلا تشويش. النزاعات تبقي التحالف قائمًا
ويخلص التقدير الاستراتيجي الإسرائيلي إلى أن توقعات واقعية للمشهد الاستراتيجي في القرن الواحد والعشرين لا تبشر بالسلام العالمي، بل باستمرار النزاعات الأمر الكفيل بالإبقاء على النسغ الاستراتيجي بين إسرائيل وتركيا. لكن منظومة علاقات كهذه آثار جغرافية - إستراتيجية واسعة، تتجاوز القوة التي تمنحها لكل مشارك. فالتقارب بين إسرائيل وتركيا، هو عنصر هام في المشهد الاستراتيجي الجديد في الشرق الأوسط الكبير، والذي يضم وسط أسيا وأجزاء من شواطئ المحيط الهندي. بحسب التقدير. الذي يضيف: "العلاقة مع إسرائيل تعزز قدرة الردع لدى الهند وتركيا، واللتين تعتبران كل منهما بحد ذاتها قوة عظمى إقليمية هامة. لا ريب أن هذه الشراكة تعزز إسرائيل، بل وتثبت التسليم الاضطراري للدول العربية بإسرائيل كحقيقة ناجزه".
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف