الكونغرس الأميركي يناقش منع الإنتشار النووي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: مع قرب موعد انتهاء الإدارة الحالية ووصول قيادة جديدة إلى البيت الأبيض في يناير القادم وتعدد الملفات التي لم تحسمها الإدارة الحالية، عقدت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأميركي أواخر شهر يوليو الماضي جلسة استماع خاصة للجنة الفرعية المختصة بشؤون الإرهاب وعدم الانتشار النووي والتجارة التي ناقشت ملفي الإرهاب ومنع الانتشار النووي.
شارك في الجلسة عديد من المتخصصين في سياسات مكافحة الإرهاب ومنع الانتشار النووي منهم السفير الأميركي ديل ديلى منسق شؤون مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأميركية بكلمة مكتوبة بعث بها إلى اللجنة، فيما استمعت اللجنة إلى شهادات كل من باتريشيا إيه ماك نيرنى نائب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الأمن العالمي وعدم الانتشار النووي وستيفن إيمرسون المدير التنفيذي لمشروع التحقيق عن الإرهاب وأخيرا دوغلاس فرح كبير المحققين بمؤسسة الحادي عشر لإيجاد الإجابات والباحث بمركز التقدير العالمي والاستراتيجي.
تجفيف مصادر التمويل هدف أساسي
اعتبر السفير الأميركي ديل ديلى في ورقته التي أرسلها إلى الجلسة أنه بالرغم من أن عمليات اعتقال أو قتل عديدٍ من كبار عناصر تنظيم القاعدة في العالم، التي حدثت منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والتي قوضت من قدرة الإرهابيين على التخطيط وشن هجماتهم، مازالت هناك عمليات تجري على المدى القصير هدفها كسب الوقت من أجل إنجاز أهداف بعيدة المدى.
ويضيف أن مكتب منسق شؤون مكافحة الإرهاب يتولى الإشراف على أربعة برامج للمساعدات الخارجية الأميركية يتم تمويلها عبر برنامج منع الانتشار ومكافحة الإرهاب وإزالة الألغام والبرامج المتعلقة وهى: برنامج مساعدة مكافحة الإرهاب وبرنامج تمويل مكافحة الإرهاب وبرنامج منع الإرهاب، التعرف الشخصي ونظام تأمين المقارنة والتقييم وبرنامج الاشتباك في مكافحة الإرهاب.
ومضى ديلى يتحدث بتفصيل أكثر عن كل برنامج على حدةٍ، مُشِيدًا ببرنامج تمويل الإرهاب لتأثيره الكبير وتوفيره لتدريبات لدول العالم على الرغم من صغر حجمه وقلة الدعم المتوفر له. وأكد أن محاكمات ممولي الإرهابيين في أميركا اللاتينية، ومنع عمليات نقل الأموال بطرائق غير شرعية في جنوب شرق آسيا، وتعقب عمليات غسيل الأموال كلها عوامل ساعدت في تعزيز فعالية البرنامج.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تسعى حاليًا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لتطوير إجراءات تبادل المعلومات فيما بين الطرفين على أن يكون من بينها تعزيز الإجراءات المفروضة على المسافرين من قبيل الإعلان عن حجم المبالغ النقدية التي يمتلكونها، كما تبحث مع المؤسسات المالية الخاصة إمكانية تحسين إجراءات تجميد الأصول المالية.
أما عن برنامج مساعدات مكافحة الإرهاب فقد استطاع تدريب أكثر من 5850 طالبٍ من 151 دولة على مدار ربع قرن حيث أمدهم بتدريب متقدم لمكافحة الإرهاب مع منحهم معدات وآليات تساعدهم في العمل بالنظر إلى خصوصية كل دولة وأحوالها المحلية. ويهدف البرنامج لتحسين أداء الدول المشاركة في التدريبات لمنع وقوع هجمات إرهابية مستقبليًّا والتعامل مع تبعاتها في حال حدوثها. وقد أشرف البرنامج العام الماضي فقط على 266 نشاطٍ تدريبيًّ، كما قام بتدريب أكثر من 4500 مشاركٍ من 64 دولة.
وأوضح ديلى أن قائمة الدول التي يتعامل معها البرنامج سوف يتم تعديلها، حيث ستحظى دول بعينها بأولوية كبرى وذلك اعتمادًا على الأخطار الداخلية التي تواجهها المصالح الأميركية في استقرار هذه الدولة. ويقيس البرنامج كما يقول منسق شؤون مكافحة الإرهاب القدرات الوقائية للدولة (طبيعة وجغرافية) وقدرات الرد (قوات الشرطة الخاصة وكيفية السيطرة على الطوارئ وإجراءات مكافحة المتفجرات) وقدرات ما بعد الحدث (من تحقيقات للشرطة تغطي الجانب الجنائي والجانب الاقتصادي) بالإضافة إلى قدرات الأمن الإلكتروني وقدرات الدولة على إدارة التنمية في البلد.
وعن برنامج منع الإرهاب قال ديلى: "إن البرنامج يرجع له الفضل في القبض على مئات المسافرين بجوازات سفر مزورة من المجرمين ومهربي المخدرات والمتاجرين بالبشر". وأضاف "إن البرنامج يحدد حركة الإرهابيين ويعزز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب حيث يمد الدول المشاركة بنظام قوائم على الحاسوب للأشخاص الممنوعين من دخول البلاد برًّا أو بحرًا أو جوًّا.
أما البرنامج الرابع وهو الاشتباك في مكافحة الإرهاب فيعمل على بناء الإمكانات التي تساعد على مكافحة الإرهاب سواء أكانت قدرات عسكرية أم قدرات فرض القانون كما يعزز التعاون الإقليمي والدبلوماسية العامة ويكافح التطرف، إلا أن تمويله يظل هو الأقل. ويقول ديلى :"إنه بالإضافة إلى هذه البرامج الأربعة هناك أيضًا مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط "ومؤسسة تحدي الألفية التي تعمل في مجالات التعليم والرعاية الصحية والإصلاح الديمقراطي والاقتصادي.
وتتلخص استراتيجية ديلى لمكافحة الإرهاب في شن حملة دولية لمواجهة التطرف، وتفكيك الشبكات الإرهابية، وبذل جهود إقليمية تعاونية لمنع الإرهابيين من إيجاد ملاذ آمن فكريًّا كان أو بدنيًّا (أي مكان يتواجدون فيه) أو مرئيًّا عن طريق شاشات التليفزيون. وتشمل الخطة أيضًا وضع برامج ثنائية للتعاون الأمني والتنموي مع الدول الأخرى بهدف بناء مؤسسات ليبرالية ومواجهة جذور الإرهاب.
خطر الإرهاب النووي
أما باتريشيا إيه ماك نيرنى فبدأت حديثها انطلاقًا من أن هناك لاعبين غير مسؤولين على الساحة الدولية سواء أكانوا دولاً أم مجموعات ساعية للحصول على القدرات التي تمكنهم من صنع أسلحة دمار شامل. وحددت كوريا الشمالية وسوريا كمثالين لدول تسعى للحصول على أسلحة نووية، لكنها شددت على أن الخطر الأكبر يكمن في الجماعات الإرهابية وليس في الدول على الرغم من إغلاق شبكة العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان. وأضافت أن الخطر سيتزايد لو أن دولة مثل إيران أو سوريا - التي تعتبرهما راعيتين للإرهاب - حصلتا على أسلحة نووية.
و ترى أن برامج المساعدات الخارجية تعد إحدى الأدوات المتاحة لتحقيق المصالح القومية، معربة عن رفضها التام لوضع شروط على هذه المساعدات؛ حيث تختلف اعتبارات الأمن القومي الأميركي من دولة إلى أخرى. وقالت: "إن هناك جهودًا تُبذل حتى لا تذهب هذه الأموال لصالح التيارات التي تسعى الولايات المتحدة لتحجيمها أو عزلها.
انتقادات للاجتماع مع متطرفين مسلمين
اشتعلت الجلسة بعد كلمة ستيفن إيمرسون المدير التنفيذي لبرنامج التحقيق عن الإرهاب التي وجه فيها انتقادات حادة لوزارة الخارجية الأميركية بسبب خطتها للتواصل مع طوائف مختلفة من المسلمين الأميركيين وهذا ما أوقعها في شباك المتطرفين.
وقال :"إن جهود وزارة الخارجية الأميركية لمحاربة الإرهاب عن طريق التواصل مع المسلمين في الولايات المتحدة أثمرت عن تنظيم ورعاية عديدٍ من المناقشات التي تضم متحدثين إسلاميين وعقد لقاءات مع مستشارين إسلاميين وتمويل برامج عمل مع منظمات وشخصيات إسلامية وخاصة بالنسبة للسفارات الأميركية حول العالم، لكن الأمر انتهى بها لاستضافة بعض النماذج الإسلامية ــ التي وصفها بالخطرة وغير المسؤولة ــ بما أضفى عليها الشرعية " وقد رصد هذه النماذج في تسع شخصيات ومنظمات كالتالي:
أولاً: عبد الرحمن العمودي، فبالرغم من علاقاته بتنظيم القاعدة وحماس، إلاأن الخارجية الأميركية أوفدته في الفترة من 1992-2001 للمشاركة في ندوات بالخارج نيابة عن الأميركيين المسلمين ووصلت تكلفة هذه الرحلات 40إلى ألف دولار. وعمل العمودي منذ 1994-1999 مديرًا لمركز "يونايتد أسوشيتد" للدراسات والأبحاث، الذي له صلات بحركة حماس قبل أن يعترف عام 2004 باشتراكه في عمليتين مرتبطتين بالقاعدة لاغتيالعاهل السعودية.
ويقضي العمودي الآن عقوبة في السجن لمدة 23 عامًا. وقد اكتشفت وزارة المالية الأميركية عام 2005 أن العمودي كان يجمع الأموال لتمويل الحركة الإسلامية .
ثانيًا: يحيى هندي، بلغ مجموع نفقات الخارجية الأميركية على رحلات هندي الخارجية إلى إفريقيا وأوروبا وجنوب آسيا ممثلاً لأميركا في الفترة من 2003-2007، 178 ألف دولار بينما كان في الفترة ذاتها يرتبط بعلاقات مع تنظيم القاعدة. وعمل هندي مديرًا في مؤسسة بينيفولنس العالمية حيث كان مسؤولاً عن تمويل عمليات القاعدة.
ولا تقتصر قائمة الشخصيات الإسلامية المدعومة من الخارجية الأميركية على هندي فقط وإنما تشمل أيضا أحمد يونس المسؤول بالمجلس الإسلامي للشؤون العامة الذي قلل دومًا من خطر الإرهاب المحدق بأميركا ورفض اتخاذ إجراءات ضد مؤسسة الأراضي المقدسة ومؤسسة بينيفولنس العالمية ومؤسسة الإغاثة الدولية المتهمة بتمويل منظمات إرهابية، ومنهم أيضًا على أبو زقزوق المدير التنفيذي السابق للمجلس الإسلامى الأميركي والذي عمل سابقًا بالمعهد العالمي للفكر الإسلامى.
وتضم القائمة أيضًا "هبة أبو جديري "التي تعمل في منظمة تابعة للجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية "أسنا" وزاهد بخارى الذي كان أمينًا عامًا للدائرة الإسلامية لأميركا الشمالية وإيدينا ليكوفيتش التي عملت بالمجلس الإسلامي للشؤون العامة.
ثالثًا: سلام المرياتى، المؤسس والمدير التنفيذي للمجلس الإسلامي للشؤون العامة دعته الخارجية الأميركية في يناير 2002 للحديث في منتدى مفتوح رغم تصريحاته الإعلامية التي أعلن فيها دعمه لحزب الله باعتباره جماعة مقاومة لبنانية تقاتل الإسرائيليين على الأراضي اللبنانية.
رابعًا: مؤسسة الأراضي المقدسة للإغاثة والتنمية، فقد اكتشفت الوكالة الأميركية للتنمية الدوليةأنها كانت تقدم دعمًا ماليًّا لحركة حماس عبر مؤسسة الأراضي المقدسة التي اتهمت لاحقًا بغسيل الأموال لصالح حماس.
خامسًا: مجلس الأبحاث الفلسطيني الأميركي الذي أُنشئ عام 1998 ويتلقى تمويله من مصادر حكومية من بينها وزارتا الخارجية والتعليم في الولايات المتحدة على الرغم من أنه يتبنى وجهة النظر الفلسطينية، أي يلقي اللوم على إسرائيل في معظم المشكلات على حد قول إيمرسون.
سادسًا: برنامج الزائر الدولي القيادي، وقد تعاون البرنامج مع عدة منظمات إسلامية أميركية خلال العقد الماضي ومن أبرزها مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية الذي تربطه علاقات مع حماس.
سابعًا: برنامج تبادل المواطنين. أعطى هذا البرنامج في العام الحالي منحة لمؤسسة السلام الوطنية لتمويل مشروع تحسين فهم حياة المسلمين في الولايات المتحدة، لكن ما لم يذكر هو أن المشروع كان يدار بالتعاون مع الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية "أسنا" منذ عام 2006 التي تنطوي تحت جناح جماعة الإخوان المسلمين.
ثامنًا: المعهد العالمي للفكر الإسلامى ومنسق شؤون مكافحة الإرهاب. في مارس 2006 شارك السفير المتجول هنرى كرامتون ومنسق شؤون مكافحة الإرهاب بالخارجية الأميركية في مؤتمر أقيم تحت رعاية المعهد عن أوضاع المسلمين في أميركا. وبعد تحقيقات مكثفة حول المعهد أُدين الأستاذ الجامعي د.سامي العريان لانضمامه لمنظمة الجهاد الإسلامى الفلسطينية.
تاسعًا: كارين هيوز وكيلة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الدبلوماسية العامة والشؤون العامة السابقة. فقبل استقالتها التقت هيوز مع ممثلين لجماعات مرتبطة بالإخوان المسلمين مثل جمعية الطلاب المسلمين وشاركت في مؤتمرات لمنظمات إسلامية كان من بينها منظمة "أسنا".
وينصح ستيفن إيمرسون المدير التنفيذي لبرنامج التحقيق عن الإرهابِ الخارجيةَ الأميركيةَ بوقف تعاونها مع الجماعات الإسلامية لأن ذلك يضفى شرعية على الأصوات الإسلامية المتطرفة. وينتقد أيضًا بعض الخطوات التي تُقْدِمُ عليها الخارجية الأميركية للتقرب من المسلمين والتي تتنافى مع المبادئ الأميركية وهنا يذكر إيمرسون على سبيل المثال طباعة نتيجة لشهر رمضان المبارك خاصة بوزارة الخارجية الأميركية والذي يتنافى مع مبدأ الفصل بين الكنيسة والدولة أو الدين والدولة.
تعاون كبير بين المنظمات الإرهابية وعصابات التهريب
وأخيرًا تحدث دوغلاس فرح قائلاً :"إن العالم يشهد تغييرات تجعل الفروق التقليدية بين المنظمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة وخاصة مهربي المخدرات تتلاشى لتنشأ كيانات هجينة تمزج بين الاثنين تعمل بأطر غير شرعية مستغلة حالة الضعف التي تعيش فيها دولهم. وأشار إلى تقديرات الوكالة الأميركية لمكافحة المخدرات التي تفيد بأن 19 منظمة إرهابية أجنبية من أصل 43 حددتها وزارة الخارجية الأميركية ترتبط بعلاقات مع عصابات تهريب المخدرات فيما تحيط الشبهات ببعضٍ آخرَ.
وأكد فرح أن محاربة الإرهاب لا يمكن أن تنجح من دون محاربة الأحوال الاقتصادية والاجتماعية التي أدت لسلطوية النظام في دولة ما فأفرزت الإرهاب، كما يتوقف النجاح في هذه الحرب على قطع مصادر التمويل عن الجماعات الإرهابية. وفى هذا الصدد، شدد على أن الحرب ضد " طالبان" لن تنجح إذا ما لم يتم قطع تمويل الحركة الذي يأتي من تهريب المخدرات ليصب في عمليات التخطيط والهجوم على القوات الأميركية وقوات الناتو في أفغانستان. وفى سياق شهادته أمام لجنة الكونغرس، عرض فرح بعض المناطق في العالم التي يمكن اعتبارها "مناطق سوداء" التي تعد ملاذًا آمنًا لمنظمات إرهابية وإجرامية تعمل في تهريب المخدرات.