أخبار

غوانتانامو موريتانيا: ممر المخفقين في الهجرة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

نواكشوط: كان مدرسة في يوم من الأيام فتم ترميمها وتجهيزها بتمويل أسباني ليتم تحويلها إلى "غوانتانامو موريتانيا" حيث على المهاجرين السريين الأسوإ حظا أن يقضوا الفترة الفاصلة ما بين القبض عليهم في نواذيبو وترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية. تطول إقامتهم فيه أو تقصر لكنه يظل معبرا لا أكثر.

جدران زنازينه تروي فصولا من قصة الفشل في اللحاق بالفردوس الأوروبي: مقاطع شعرية، عبارات سب وشتم ووعيد بالعودة فضلا عن رسومات جدارية ولوحات تشكيلية مستوحاة من "الفردوس المفقود" لذا لا غرابة في أن تظهر فيها سفن متجهة إلى الشمال في رحلة بات المهاجرون السريون يمارسونها عبر الخيال الأدبي رغما عن الرقابة الأمنية المشددة وإجراءات الترحيل التي يجري بشأنها تنسيق إقليمي محموم.

"غوانتانامو" الاسم الذي يصطحب ما يكفي من الإيحاءات السلبية بات أخيرا على الأراضي الموريتانية بعد أن ظل الموريتانيون يطالبون بإلحاح بإطلاق سراح ثلاثة من رعاياهم يقبعون فيه.

"الأخبار" تقدم إطلالة على داخل مركز اعتقال المهاجرين السريين في نواذيبو أو "غوانتانامو موريتانيا" كما باتت تصف جهات إعلامية وحقوقية وذلك اعتمادا على مشاهدات الصحفي لويس دي بيغا من الـ a.b.c الأسبانية:

"ليس سجنا وليس فندقا..!"

"لا يتعلق الأمر بسجن شبيه باغونتانامو" على الإطلاق كما يؤكد أحمد ولد اعليه المدير الجهوي للأمن لكن "لا يتعلق الأمر بسجن ولا يتعلق كذلك بفندق مريح. ليست الأمور مثالية قطعا لكن هنا تحترم قواعد حقوق الإنسان" حسب المدير الجهوي.

داخل السجن كان على كل 36 مهاجرا أن يزدحموا، وسط حرارة خانقة، في غرفة أبعادها 10 أمتار طولا و5 أمتار عرضا على أسرة مستعملة تبرع بها الجيش الأسباني عام 2006 لدى تجهيز المعتقل هي كل تجهيزات الغرفة إضافة إلى السبورة التي كانت يوما ما تستخدم للتدريس.

جدران الغرف مليئة برسوم وكتابات مختلفة: رسائل تحوي تواريخا وأسماء أشخاص وعبارات عن مشاعر مختلفة للمهاجرين، لكن أكثر ما يثير الداخل هو الرسومات العديدة لسفن وهي تتجه إلى أسبانيا في ممارسة تخيلية لحلم الرحلة التي منع المهاجرون من المضي فيها إلى النهاية.

على أرضية الغرف توجد بقايا "العشاء الأخير" الذي تناوله المهاجرون قبل الترحيل فمنذ أسبوع كان مركز اعتقال المهاجرين هذا على موعد مع ترحيل دفعة من المهاجرين السريين إلى بلدانهم الأصلية. وتصر السلطات على أن لا "ليس ليها ما تخفيه" في عملية الترحيل لذا سمحت للصحفيين بمتابعتها. كانوا يناهزون المائة. ستة وستون منهم من مالي والسنغال وبقيتهم من غانا وغامبيا وغينيا وليبريا وساحل العاج يعتزم السلطات الموريتانية ترحيلهم من نواذيبو حتى حدود السنغال ومالي.

"رحلة شاقة"

يتم شحن المهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء في باصات صغيرة متهالكة اصطفت في فناء مركز الاعتقال مع حلول الظلام. وتجري العملية بحضور ممثل عن الهلال الأحمر الموريتاني يحضر "من أجل السهر على احترام حقوق الإنسان" كما يقول وهو ما لا يوافق عليه المهاجرون الذين يؤكدون أنه تم سلبهم أوراقهم الثبوتية.

تنطلق القافلة وسط ليلا وسط هالة من الغبار ترفعها عجلات السيارات وتخترقها أنوار مصابيح الحافلات. ستتجه حافلتان إلى الحدود السنغالية في رحلة تستمر 12 ساعة بينما ستتجه بقية القافلة عبر طريق طويل حتى حدود مالي في رحلة تستمر يوما كاملا ولو أنه يظل من غير الوارد مقارنتها بالرحلة الشاقة التي كان يحلم بها المهاجرون: أربعة أيام من السير في أعالي البحر توصل، إن سار كل شيء على ما يرام، إلى الأرخبيل الكناري.

كان بعضهم أثناء الرحلة يغني بينما يصرح آخرون بعزيمتهم العودة إلى نواذيبو أسرع ما يمكن. يسير الموكب تحت حراسة مجموعة من أفراد الشرطة، و"قل أن تحصل مشاكل في الطريق بل تقريبا لا تحصل. فهم يفهمون أنه يجب أن تسير الأمور بهذا الشكل" كما يؤكد مولود أحد أفراد الشرطة المشرفين على العملية.

ورغم صرامة إجراءات الترحيل وطول الرحلة فإن من المهاجرين المرحلين من يعودون إلى نواذيبو حتى قبل أن يعود أفراد الشرطة الذين رافقوهم كما يقول السكان.

انتقادات حقوقية

وكانت منظمة العفو الدولية قد شكت في تقرير تم نشره في يوليو الماضي من أنه باتت تتم "إساءة معاملة المهاجرين غير الشرعيين" في موريتانيا منتقدة ما وصفته "بترحيلهم جماعيا من موريتانيا إلى بلدان ليست بالضرورة بلدانهم الأصلية" وذلك تحت وطأة ما وصفتها المنظمة الحقوقية بضغوط تمارسها دول أوروبية حولت دول غرب إفريقيا إلى "حراس حدود" لصالح الأوروبيين.

وقالت العفو الدولية إنه منذ 2006 عمدت موريتانيا إلى اعتقال آلاف المهاجرين الذين تتهمهم باعتزام مغادرة موريتانيا إلى أوروبا مرورا بجزر الخالدات حيث "يتم اقتياد أعداد كبيرة منهم من قبل قوات الأمن في نواذيبو لسجنهم في مركز الاعتقال الذي يسميه السكان المحليون بـ'غوانتانامو' الصغير" وفق المنظمة الحقوقية التي انتقدت كون المعتقل الذي يستقبل 300 معتقل كل شهر "لا يخضع لأي رقابة قضائية" و"يعاني من الاكتظاظ ويخضع المحتجزون فيه أحيانا لسوء المعاملة" وفق المنظمة.

وبحسب العفو الدولية، في تقرير مطول لها جاء تحت عنوان "موريتانيا: لا أحد يريدنا... الترحيل الجماعي لمهاجري أورويا غير الشرعيين" فإن "إجراءات الاعتقال والترحيل هذه هي نتيجة للضغوط التي يمارسها الاتحاد الأوروبي، وخاصة أسبانيا" وذلك "في إطار الحرب على الهجرة غير الشرعية" حسبم المنظمة الحقوقية.

وفي ذات التقرير طالبت العفو الدولية السلطات الموريتانية بالعمل على أن "تحترم قوات أمنها القانون الدولي" في معاملتها للمهاجرين مطالبة أسبانيا كذلك "بالسهر على أن تتم معاملة المهاجرين في إطار احترام المعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان".

وتحدثت وسائل إعلام أسبانية عن "تليين" أسبانيا موقفها تجاه الحكام الجدد لموريتانيا وذلك بسبب اضطرارها للتعاون مع السلطات الموريتانية في شأن الحرب على الهجرة السرية.

وكانت موريتانيا قد وقعت في 2003 على اتفاق مع أسبانيا تلتزم بموجبه باستقبال الرعايا الأفارقة ممن يحاولون اللحاق بأسبانيا عن طريق الشواطئ الموريتانية. كما تسمح بموجبه موريتانيا للأسبان بتواجد أمني محدود على أراضيها يتيح للأوروبيين، من خلال قوة رقابة تتوفر على طائرات، الاستطلاع ثم الاعتراض المبكر لزوارق المهاجرين السريين.

المصدر: الأخبار الموريتانية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف