أخبار

إنتخابات أميركا 2008 تعد الأسوأ بالنسبة لتأثير مرشحي الأحزاب الثالثة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

واشنطن: على خلاف الانتخابات الرئاسية السابقة التي كان يبرز فيها صوت وتأثير كبيرين لمرشحي الأحزاب الثالثة والمستقلين على مجريات الحملات الإنتخابية ونمط القضايا المطروحة بل ونتائجها أيضًا، فإن انتخابات 2008، ربما تعد الأسوأ بالنسبة لفرص تأثير هؤلاء على النتائج الانتخابية.

من مرشحو الأحزاب الثالثة؟

حتى نهاية القرن التاسع عشر، كان يشير مصطلح "الحزب الثالث" إلى أي حزب خارج نظام الحزبين اللَّذين لهما قاعدة دعم انتخابية مهمة. وفي القرن العشرين أصبح ذلك يعني حزبًا لا جمهوريًّا ولا ديمقراطيًّا. فيما يشير مصطلح المرشح المستقل إلى من يخوض الانتخابات، الرئاسية أو التشريعية أو في الولايات، على أساس الهوية الشخصية وليس الانتماء إلى أي حزب. والناخب المستقل هو من لا يعلن عندما يذهب لتسجيل اسمه في لوائح المقترعين انتسابه إلى الجمهوريين أو الديمقراطيين أو أية أحزاب أخرى.

ويضم السباق للبيت الأبيض بجانب مرشحي الحزبين الكبيرين، أربعة مرشحين آخرين، ثلاثة منهم من أحزاب ثالثة، والرابع هو المرشح المستقل رالف نادر. ولكثرة الكتابات عن المرشح المستقل "رالف نادر"، وندرة ـ بصورة واضحة ـ الحديث العربي عن مرشحي الأحزاب الثالثة نشير بإيجاز إلى مرشحي الأحزاب الثالثة الثلاثة وأحزابهم وهم:

أولاً: بوب بار (حزب الأحرار)

بوب بار من مواليد 5 من نوفمبر 1948 بولاية كاليفورنيا. وحاصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1972، وعلى الدكتوراة المعادلة في القانون من مركز دراسة القانون بجامعة جورج تاون عام 1977.

وقبل شغل عضوية مجلس النواب الأميركي عن الولاية (1995 ـ 2003)، حيث كان عضوًا باللجنة القضائية للمجلس، ونائبًا لرئيس لجنة الإصلاح الحكومي، وعضوًا بلجنة خدمات التمويل بالكونغرس. خدم بار محللاً في شئون أميركا اللاتينية في وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية CIA (1971 ـ 1978). وعيَّنه الرئيس رونالد ريجان مدعيًا عامًا في المنطقة الشمالية بالولاية (1986 ـ 1990).

وبعدما ترك مجلس النواب اشتغل بالمحاماة، وأصبح ناشطًا في عديدٍ من التنظيمات والمشروعات المدنية. وله عديدٌ من الإسهامات والمشاركات في مجال الإعلام، وله عمود ثابت في أتلانتا جورنال، ويعمل محررًا بمجلة أميركان سبكتاتور، وعضوًا بمجلس الخبراء في جورنال جورج تاون للقانون والسياسة العامة.

انضم بار لحزب الأحرار في فبراير 2006، وهو المسئول عن المناطق الجنوبية داخل الحزب، وقد رشحه الحزب للرئاسة في هذه الانتخابات. ويقول موقعه على الإنترنت: إن حملته تهدف لتقليل الإنفاق الحكومي والسماح للمواطنين بالحصول على مزايا أكثر وخاصة فيما يتعلق بالحريات والرعاية الصحية.

ويعد حزب الأحرار من أكبر الأحزاب الثالثة في الولايات المتحدة. وقد تأسس الحزب في عام 1971 من مجموعة من النشطاء في ولاية كلورادو، ليكون بديلاً للحزبين الجمهوري والديمقراطي. ويقول الحزب في موقعه على شبكة الإنترنت: إن رؤيته تقوم على أن كل الأفراد لابد وأن يكونوا أحرارًا في ممارساتهم كحق طبيعي، وينادي الحزب بالحرية والرفاهة، وإعادة بناء النظام السياسي لينتخب المواطنون من ينادون بالحريات في كافة الوظائف العامة، وأخذ البلاد نحو اتجاه الحرية. ويرفع الحزب شعار (حكومة أصغر، وضرائب أقل، وحرية أكثر).

ثانيًا: تشاك بالدوين (الحزب الدستوري).

تشاك بالدوين من مواليد3من مايو 1952. تلقى تعليمًا دينيًّا محافظًا، فحصل على دبلوم الكتاب المقدس من معهد توماس رود للكتاب المقدس ، ثم حصل على بكالوريوس وماجستير في دراسة اللاهوت من كلية الكتاب المسيحي المقدس في كاليفورنيا، وعلى درجة الدكتوراة في علم اللاهوت من الجامعة ذاتها، ثم على درجة مماثلة من كلية المعمدانية البروتسانتية "الثالثوث المقدس" في ولاية فلوريدا.

ولبالدوين نشاط ديني كبير، فهو عضو في عدد من المؤسسات ذات الاهتمام الديني، وأستاذ في جامعات دراسة اللاهوت. وله مؤلفان هما: (موضوعات ندر الكلام حولها ، وهذه هي الحياة). ويسهم بعدد كبير من اللقاءات في محطات الراديو والتليفزيون الأميركية المختلفة، وهو أيضًا كاتب في بعض الصحف والمجلات بشكل منتظم.

وقد تأسس الحزب الدستوري في عام 1992 من عدد من المستقلين داخل بعض الولايات الأميركية، واعترفت به اللجنة الانتخابية الفيدرالية ليكون الحزب الخامس من الأحزاب الثالثة. وقد نشأ تحت اسم حزب دافعي الضرائب الأميركي، حيث تمثل هدفه في الحد من التدخل الحكومي الفيدرالي وحفظ حق الولايات في إدارة شئونها الضريبية على وجه الخصوص. ويختصر الحزب أهدافه في (تجاه الحياة ـ تجاه حمل السلاح ـ تجاه سيادة أميركا).

كما أنه الحزب الأميركي الوحيد الذي يرفع شعارات مثل: (ضد العولمة ـ ضد التجارة الحرة ـ ضد ثورة صناعية جديدة ـ ضد هجرة لأميركا غير مفيدة ـ ضد حقوق اللواط).

وقد رشح الحزب رئيسه هوارد فيلبس في انتخابات 1992، ثم رشحه الحزب مرة أخرى في انتخابات 2000، بعد تعديل اسم الحزب إلى "الحزب الدستوري" في عام 1999، ليكون معبرًا عن هدفه، وهو إعادة النظر في الدستور الأميركي وتعديل بعض صلاحيات الحكومة الفيدرالية.

وفي انتخابات 2004، رشح الحزب مايكل بيروتكا رئيسًا وتشاك بالدوين نائبًا للرئيس. ثم اختار الحزب بالدوين مرشحًا رئاسيًّا في انتخابات 2008. وتهدف حملة بالدوين إلى تعزيز الحريات الفردية والمدنية مع الحفاظ على قيم الأسرة في أميركا، وتحويل أميركا إلى بلد مستقل يحد من دخوله في التحالفات الدولية والحروب، وتعزيز صلاحيات حكومات الولايات، وتحسين كافة خدمات الرعاية الصحية للمواطن.

ثالثًا: سينيتيا ماكييني (حزب الخضر).

سينيتيا ماكييني من مواليد 17من مارس 1955 بولاية جورجيا. حصلت على بكالوريوس العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا، ثم الماجستير في الدبلوماسية والقانون من معهد فليتشر للدبلوماسية والقانون. عملت أولاً مدرسة بمدارس التعليم العالي، ثم أستاذة جامعية.

بدأ نشاطها السياسي في عام 1986، حينما رشحها والدها، آن ماكييني، وهو نائب في مجلس النواب عن ولاية جورجيا لمجلس نواب الولاية، فحصلت على 40% من أصوات الناخبين. وأصبحت ماكييني أول نائبة من أصول إفريقية من ولاية جورجيا تشغل عضوية مجلس النواب الأميركي عن الحزب الديمقراطي من 1993 إلى 2003، ثم من 2005 ـ 2007.

وقد عرفت ماكييني بمعارضتها الشديدة لحرب الخليج الثانية عام 1991، ونقدها اللاذع لإدارة بوش الابن، فبعد أن تركت الكونغرس في انتخابات 2002، خاضت صراعًا ضد الإدارة من أجل كشف حقائق أحداث 11 سبتمبر 2001 والتحقق من الرواية الحكومية، وكانت عضوًا باللجنة الوطنية 11/9، ولجنة مدنية تهدف إلى توضيح حقائق ما جرى في هذا اليوم.

وبعد عودتها لمجلس النواب في عام 2004، أيدت مقترحات قوانين ضد خوض أميركا حروبًا خارجية، وكتبت عديدًا من المقالات تطالب فيها بتوقيع العقاب على بوش ونائبه ديك تشيني ووزيرة الخارجية كونداليزا رايس.

وقد حاول الحزب الخضر إقناع ماكييني أن تخوض باسمه انتخابات 2000 وانتخابات 2004 دون جدوى، إلا أنها أعلنت في 11 ديسمبر 2007 أنها مرشحة عن حزب الخضر في انتخابات 2008.

ويعود تاريخ تأسيس حزب الخضر الأميركي إلى عام 1984، ثم تشكل اتحاد أحزاب الخضر في الولايات الأميركية (1996 ـ 2001)، مقتبسًا تجارب أحزاب الخضر الأوروبية في خوض السياسة، وخاصة حزب الخضر في ألمانيا. وفي عام 2001 اعترفت اللجنة الانتخابية الفيدرالية بحزب الخضر كحزب قومي أمريكي ورشح الحزب ديفيد كوب في انتخابات 2004.

وينادي حزب الخضر وبرنامج مرشحته ماكييني بحماية البيئة، ونبذ العنف والحروب، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتجديد الديمقراطية الأميركية، والاهتمام بالرعاية الصحية عالميًّا ومحليًّا، ووضع برامج للطاقة البديلة، وحظر التنقيب عن النفط الأميركي، وإصلاح النظام الانتخابي، وتحسين أحوال العمال وتعديل الأجور.

غياب الاهتمام بالأحزاب الثالثة.

يعتقد كثيرون أن الأحزاب الثالثة لم تحظ بالاهتمام الكافي في هذه الانتخابات رغم أنها تطرح قضايا وبرامج مختلفة. وهو ما دفع كاتب تقرير نشره موقع The Optimist يوم 24من أكتوبر 2008 تحت عنوان "مرشحو الأحزاب الثالثة يقدمون خيارًا بديلاً"، إلى القول: إن انحسار الاختيار بين أوباما وماكين تقييد لأحد مبادئ الحلم الأمريكي، وهو الاختيار الحر، إذ يُجبر الناخبون على الاختيار بين المرشح الأقل سوءًا بينهما، وأن هذا يعد خيارًا ضيقًا بين شرين.

ويقول التقرير: لو أنك من أنصار حماية البيئة، عليك التصويت لسينيتيا ماكييني ، حزب الخضر، وإن أحدث قانون باتريوت أضرارًا لحرياتك وعاملتك إدارة بوش بطريقة خاطئة، فعليك التصويت لبوب بار، حزب الأحرار، ولو أنك ممن يريد الحفاظ على قيم الأسرة الأميركية، فالتصويت يكون لتشاك بالدوين، الحزب الدستوري، وإن مللت نظام الحزبين ربما تلجأ لاختيار رالف نادر، المرشح المستقل".

انتخابات 2008. تأثير محدود

ويشير تاريخ الانتخابات الأميركية إلى أن ظاهرة الأحزاب الثالثة والمستقلين تأتي في السياسات الأميركية على فترات متباعدة، وغالبًا ما يجلب مرشحوها مشاكلَ اجتماعيةً كبرى فشل الحزبان الرئيسان في مجابهتها، ومع ذلك لم يفز أي مرشح من حزب ثالث في أي انتخابات رئاسية، بل وسرعان ما كان يظهر الحزب في انتخابات واحدة ثم يخبو أو يختفي بعد ذلك أو يدخل ضمن أحد الأحزاب الرئيسة.

ومن أشهر الأحزاب الثالثة في التاريخ الأميركي، الحزب المناهض للماسونية، الذي دخل انتخابات 1832، وحصل على 7.8% من الأصوات الشعبية، و7 من أصوات المجمع الانتخابي. وحزب الأرض الحرة، الذي دخل انتخابات 1848، وحصل على 10.1% من أصوات الناخبين دون الحصول على أي صوت بالمجمع الانتخابي. وحزب أنصار أميركا (1856) وحصل على 21.5% من الأصوات الشعبية و8 من أصوات المجمع الانتخابي. والحزب الديمقراطي الجنوبي (انتخابات 1860) وحصل على 18.

مرشحو الأحزاب الثالثة في انتخابات الرئاسة

1% من الأصوات الشعبية و72 صوتًا انتخابيًّا.

وكان الحزب التقدمي أحد أشهر الأحزاب الثالثة، حيث انشق عن الحزب الجمهوري وأدى إلى تفتيت أصواته في انتخابات 1912، وحصل على 27.5% من الأصوات الشعبية و88 صوتًا انتخابيًّا، كما خاض انتخابات 1924 وحصل على 16.6% من الأصوات الشعبية و13 صوتًا انتخابيًّا ثم عاد للحزب الجمهوري، لكنه عاد ودخل انتخابات 1948 ثم اختفى من الحياة السياسية. وهناك حزب حقوق الولايات (1948) وحصل على 2.4% من الأصوات الشعبية و39 صوتًا انتخابيًّا.

ورغم هذا الظهور ثم الاختفاء، بقي دائمًا دور للأحزاب الثالثة وللمستقلين تأثير على نتائج الانتخابات. وعلى سبيل المثال، فإن ترشيح "تيودور روزفلت" من قِبل حزب ثالث هو الحزب الاشتراكي في عام 1912 قسم أصوات الناخبين الذين يصوتون عادة للجمهوريين، ما أدى إلى فوز الديمقراطي "وودور ويلسون" في الانتخابات بأقل من أكثرية الأصوات الشعبية.

وفي عام 1992، اجتذب ترشيح المليادرير "روس بيرو" ناخبين كانوا يصوتون غالبًا للجمهوريين في انتخابات الثمانينيات من القرن الماضي، وبذلك أسهم في هزيمة الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب ووصول بيل كلينتون للبيت الأبيض.

ولا ينسى الجميع تلك المعركة الضارية بين الديمقراطيين والجمهوريين في ولاية فلوريدا في انتخابات عام 2000، حيث حصل "رالف نادر" الذي كان مرشح حزب الخضر وقتها، على 97 ألف صوت بالولاية، وأسهم في خسارة الديمقراطيين وآل جور للانتخابات وفوز جورج بوش الابن بفارق 537 فقط في هذه الولاية، ما جعله يفوز بأصوات الهيئة الانتخابية حينذاك.

ومن أهم المرشحين المستقلين "جو والاس" الذي حصل في انتخابات عام 1968 على 13.5% من الأصوات الشعبية و46 صوتًا من الهيئة الانتخابية، و"جون أندرسون" الذي حصل في انتخابات عام 1980 على 7.1% من الأصوات الشعبية ولم يحصل على أي صوت من الهيئة الانتخابية، و"روس بيروت" الذي حصل في انتخابات 1992 على نسبة 18.9% من الأصوات الشعبية دون الحصول على أي صوت من الهيئة الانتخابية، وأخيرًا برزت ظاهرة المرشح المستقل "رالف نادر" الذي حصل في الانتخابات السابقة على نسبة 3% من الأصوات الشعبية. وربما لن يترك مرشحو الأحزاب الثالثة والمستقل رالف نادر تأثيرًا كبيرًا في هذه الانتخابات خارج الولايات التي يمثلونها.

وقد قام شاون زيللر المحرر بموقع CQ Politics بإعداد تقرير نشره موقع Yahoo يوم 25 أكتوبر تحت عنوان "العام الأسوأ للمرشحين الآخرين"، استطلع فيه آراء خبراء أمريكيين حول ظاهرة إهمال المرشحين الآخرين في هذه الانتخابات وعدم تجاوز نسبة تأييدهم في استطلاعات الرأي العام من 1 إلى 2% فقط، حيث خَلُصَ إلى أن هذه الانتخابات قد بدأت مبكرًا جدًّا، الأمر الذي هيَّأَ الفرصة لأوباما وماكين وحملتهما الانتخابية في الاستحواذ على وسائل الإعلام والرأي العام، وحال دون تقديم الآخرين أنفسهم حق التقديم.

وهناك أيضًا عائق التمويل أمام هؤلاء المرشحين، فحملة نادر جمعت 3.7 مليون دولار، وجمع بوب بار 1.1 مليونًا، وجمعت حملة حزب الخضر 177.195 دولارًا فقط.

وأخيرًا، فإن ثمة قضايا اقتصادية ملحة قد لا تجعل الناخبين يصوتون لمرشحي الأحزاب الثالثة من باب الاحتجاج فقط حتى لا تضيع أصواتهم هباءً، وهو ما يجعل الاستقطاب بين ظاهرة ماكين وبين المرشح باراك أوباما هو عنوان هذه الانتخابات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف