هل استطاع أوباما أن يخلق أمة لا ترى فرقا في الألوان ؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أسئلة جوهرية على هامش الانتخابات الرئاسية الأميركية
هل استطاع أوباما أن يخلق أمة لا ترى فرقا في الألوان ؟!
ففي يوم الثلاثاء ظهر من خلال نتائج الاستفتاء على الانتخابات الرئاسية ما يوضح التغيير الذي تريده الأمة الأميركية، وكيف أن توجه الأميركان قد تغير خلال الأعوام الأربعة الماضية. من يفوز وأين سوف يلقي الضوء على مشاعر الأمة تجاه العنصرية، ودور الحكومة والشراكة في الحوار العام. ها هي أربع أسئلة هامة تفرض نفسها وقد ظهرت من خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2008:
هل ضاقت هوة الانقسام العنصري في أميركا؟
انظر إلى أوباما على شاشات التليفزيون وسوف تراه مزينا بأعلام وشارات المكتب البيضاوي. وخلال رحلته الخارجية في فصل الصيف الماضي، استمتع أوباما بمزاح دافئ مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وقد شاهد الأميركيون أوباما يمثل الدور الرئاسي ، حيث عمل على جعلهم مرتاحين ويتقبلون فكرة كونه رجلا أسود وأنه أصبح قريبا من المشهد الوطني، كقائد للدولة.
إذا منحه الناخبون تلك المهمة فسوف تكون هناك سنوات من التقدم في العلاقات العنصرية. فمازال هناك صوت للعنصرية وعدم المساواة، ولكن طبقة السود الوسطى المتنامية وضع الكثير من الأميركيين البيض في صلة مع السود، وبخاصة في أماكن العمل. وبالتالي، ضعفت الانتماءات العنصرية. ومن خلال الوقوف على قدم المساواة في المناظرات مع ماكين في الإعلانات الرئاسية التليفزيونية التي تظهر البيض ينصتون بإمعان إلى كلماته، هل استطاع أوباما أن يخلق أمة لا ترى فرقا في الألوان؟
فقد قال عالم الاجتماع ، رينولدز فارلي ، الذي يدرس العلاقات الاجتماعية بين الأجناس، في جامعة ميتشغن : منذ عشرين عاما، لم يكن من المتخيل لدى العديد من الناس أن يفكروا في أن يكون رئيس الولايات المتحدة شخصا من الزنوج. لقد تطلب الأمر هذا التغير الديموغرافي في الشباب ذوي الاتجاهات التحررية الذين أصبحوا في المقدمة. فمن خلال الرأي العام الأكثر تقبلا له استفاد أوباما كثيرا بخلق جو للرئاسة في صوره العامة والتي ساعدت في التغلب على الأنماط السلبية السائدة منذ زمن والتي مازال بعض البيض يعتنقونها عن السود.
وقد أظهر الاستفتاء الإخباري الذي أجرته النيويورك تايمز الأسبوع الماضي أن الاستفتاءات التي أجريت على الرأي العام أظهرت أن الاتجاهات العنصرية قد تغيرت أثناء الحملة الانتخابية. حيث أن عددا كبيرا من الناس يعتقدون أن السود والبيض أمامهم فرصة متساوية للتقدم في مجتمع اليوم.
حيث رأى 64% من المجيبين على الاستفتاء أن الفرص متكافئة في أميركا وذلك بزيادة معدلها 13 بالمائة عما كانت عليه في شهر يوليو الماضي. وبين السود ظهر أن هناك تزايدا معدله 13 نقطه في عدد أولئك الذين يرون أن هناك فرص متكافئة أمام الجميع كي تصل إلى 43% في الوقت الحالي.
وإذا نظرنا إلى الوراء قليلا، فمن الصعب تذكر كم العقبات التي كانت تقف أمام المرشح الرئاسي الأسود. فقد فاز أوباما في ولاية إيوا التي بها 2.3% من الناخبين من السود، وفي الولايات الأخرى التي يسود فيها البيض مثل ولاية ويسكونسين. ولكن بعد ذلك استغاثت هيلاري كلينتون بالأميركان البيض العاملين من أجل إضعاف حملة أوباما حينما احتشد الملايين من البيض وراءها.
ولكن نجح أوباما في تقديم نفسه بنجاح على أنه مختلف عن القادة السود المعروفين محليا من الماضي، فهو لا يغضب ولا يثور. وقد رآه الأميركيون بوضوح شخص عادي مثلهم. كما ذكر حوالي 55% أن أوباما له قيم وخلفية يمكنهم التعامل معها مثل ماكين تماما. وقد حقق أوباما بذلك 10 نقاط زيادة عما كان عليه الحال في شهر أبريل الماضي. وفي عام 2004، حصل المرشح الديمقراطي جون كيري على 41% من نسبة المصوتين البيض من غير الأصول اللاتينية. وسوف يكون يوم الثلاثاء يوما فاصلا لتحديد إذا ما كانت الاتجاهات العنصرية قد تغيرت في أميركا أم لا.
هل مازالت أميركا مقسمة إلى أحمر وأزرق؟
إن حروب الثقافات المألوفة تتأجج. ولكن على العكس من حملة عام 2004، عندما كانت قضايا الرب والأسلحة وزواج الشواذ كانت هي التي تحرك جماهير الناخبين، إن ثقل الحوار هذا العام تكون من مطالب للمركز السياسي. لقد شق كل من أوباما و ماكين طريقهما على أسس متشابهة بالتوجه إلى قضايا العراق وظاهرة الاحتباس الحراري وأبحاث الخلايا الوراثية. كما وعد كل منهما بتخفيض الضرائب. وقد نادى كلاهما بتناغم كامل في واشنطن. في الحقيقة، عندما عادت الحملات الانتخابية إلى لغة الانقسام واجهوا اللوم والتوبيخ. حيث اعتذرت رفيقة ماكين في السباق سارة بالين لوصفها المدن الصغيرة على أنها المناطق الموالية لأميركا - ذلك التعليق الذي قرئ على نطاق واسع والذي يقول بأن المناطق الأخرى ليست وطنية. وربما تكون السيناتور الجمهوري إليزابيث دول، في ولاية كارولينا الشمالية المحافظة، قد فقدت مكانتها بعد أن وصفت خصمها بأنه "كافر".
هل يريد الأميركيون الكثير من الحكومة؟
في أحد ليالي شهر أغسطس، توجه ملايين الأميركيين لمشاهدة أوباما وهو يقدم عرضا للحكومة التي ينوي تكوينها : على أنها تلك الحكومة التي ستصون الصحة، تدعم مصادر الطاقة البديلة، وتستثمر في التعليم وأكثر من ذلك. فلم يعد هناك وقت للخطط الصغيرة كما قال أوباما وهو يقبل ترشيح حزبه له. وبعد أسبوع، وبعد ترشيح حزب ماكين له ، وضع ماكين رؤيته الخاصة للحكومة، حيث وصف حكومة مصغرة تهتم بالاعتماد على الذات. حيث قال: إننا نؤمن بالضرائب المنخفضة، والأسواق المفتوحة المنظمة.
ومن خلال وجهات النظر تلك المتعارضة، فإن الانتخابات تقدم للناخبين فرصة كي يقرروا ما يريدون من الحكومة. وتشير الاستفتاءات التي تتم على أن الشعب الأميركي يريد بشكل كبير قائد ماهر بعد العيش في ظل إدارة بوش التي أدت إلى الحرب في العراق وعدم القدرة على التعامل مع إعصار كاترينا و تدهور الاقتصاد. وقد قال جيري ميلز، عامل اللحام في ولاية أوهايو الذي يخشى أن يفقد منزله : لقد منحت صوتي لبوش ولكني لا أصدق ما حدث، لا أريد أن أعترف بذلك، فأنا لست سعيدا بما فعله بنا. وقال البعض بأن هذه الانتخابات هي انتخابات على الأداء أثناء الحملات الانتخابية وليس على الفكر السياسي.
هل تغير جمهور الناخبين بشكل مفاجئ؟
عندما صوت الناخبون في كاليفورنيا هذا العام في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، كانت 30% من عمليات التصويت يقوم بها الأميركان من اصل لاتيني، وهي نسبة كبيرة تزيد على نسبة الـ 7% التي كانت في عام 2000. وفي اللجان الحزبية التنظيمية في إيوا في شهر يناير، أدى الإضراب الذي قام به الناخبون إلى مضاعفة النسبة ثلاث مرات خلال عام 2004. وعندما فتحت ولاية كارولينا الشمالية عملية التصويت المبكرة، احتشد الناخبون السود بأعداد كبيرة أكثر مما حدث من قبل.
وهذه دلائل على أن جمهور الناخبين الأميركان قد تغير إلى نوع من الجمهور أكثر تنوعا فمجموعة الشباب تحت سن الثلاثين تميل إلى أن تكون ديمقراطية. علاوة على ذلك فإن أوباما قد بذل جهودا من أجل تسجيل الناخبين الصغار. وهذا من الممكن أن يدفع بالشقاق السياسي لأعوام إذا ذهب الناخبون الصغار إلى صناديق الاقتراع فعليا. وعلى الرغم من أن النسبة المئوية لمن هم دون الثلاثين الذين صوتوا قد ارتفعت من عام 2000 إلى عام 2004 فإنه لا توجد دلائل على أنهم سوف يزيدون هذا العام.
ونسبة الأميركان اللاتينيين المتزايدة في جمهور الناخبين، قد بعدت عن الحزب الجمهوري بعد أن استخدم بعض قادة المعارضة نغمة صارمة عن الهجرة غير الشرعية. وقد فاز بوش بنسبة 40% من نسبة أصوات الأميركان من ذوي الأصول اللاتينية في عام 2004، في حين أن هناك مسح حديث أظهر أن ماكين قد حصل على نسبة 23% من أصوات هؤلاء اللاتينيين. وساعد هذا الانخفاض في نسبة الناخبين اللاتينيين إلى وضع بعض الولايات الجنوبية الغربية مثل ولاية نيومكسيكو وكلورادو وفلوريدا في مجال التأثير.