وزير الداخلية اللبناني: زيارة سوريا كانت إيجابية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: شكّل تأليف لجنة أمنية لبنانية سورية مشتركة للتنسيق في مجالات مكافحة الإرهاب والجرائم ووضع آلية لضبط الحدود المشتركة الحصيلة الأولى لزيارة الوزير زياد بارود إلى سوريا امس، وهي اول اطار رسمي للتنسيق الامني على هذا المستوى بين البلدين منذ الانسحاب العسكري السوري من لبنان ربيع العام 2005. في وقت دعا النائب وليد جنبلاط الوزراء الذين يزورون دمشق إلى أهمية الابتعاد عن تشكيل لجان أمنية مشتركة "قد تتطور في وقت لاحق لتبرير التدخل السوري مجدداً في الشؤون الداخلية اللبنانية من البوابة الأمنية".
وعاد الوزير بارود بانطباع مفاده أن الزيارة "نجحت في كسر الجليد والحواجز، كما في مقاربة الملفات الأمنية الشائكة القائمة، والتي يفترض أن تحصل لها متابعة تفصيلية لاحقا، ما يؤمن تطبيع العلاقات بشكل سليم وهادئ بعيدا عن المزايدات والحسابات وبما يؤمن مصلحة حقيقية"، وفق ما قالت مصادر رسمية لبنانية لـصحيفة "السفير". وقد تكتم بارود حول تفاصيل المحادثات مكتفيا بالقول لـ"السفير" إن جو الزيارة كان وديا وايجابيا وصريحا جدا، وحقق ما يفترض انه لمصلحة البلدين في معالجة الإشكالات الأمنية القائمة، وبكل لباقة، وهو ما يفترض أن تتم متابعته عبر لجنة لمتابعة الأمنية التي تقرر تشكيلها بعد موافقتي الحكومتين.
ومهّد حصول اللقاء عملياً للقاءات ثنائية اخرى مرتقبة بين وزراء البلدين ربما اقربها زيارة وزير الدفاع الى دمشق حيث رسم اطار لطبيعة التعاطي الجديد بين البلدين رغم ما رفقه من اجواء ناجمة عن شريط الاعترافات الذي بثه التلفزيون الرسمي السوري لعناصر مفترضة من تنظيم"فتح الاسلام" اتهمت "تيار المستقبل" بتمويل التنظيم.
وصدر امس الرد المنتظر من المعني الاول في هذه الاتهامات رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري، فاعلن انه لم ير جديداً "في الإدعاءات الكاذبة التي بثّها التلفزيون السوري سوى أنّها نسخة مكرّرة عن الفيلم الرديء لـ"أبو عدس" والفيلم الأكثر رداءة لـ"هسام هسام". ودعا جامعة الدول العربية إلى وضع يدها على هذا الملف، وتشكيل لجنة عربية لتقصي الحقائق في موضوع "فتح الإسلام" و"قطع الطريق أمام محاولات توريط لبنان بلعبة تصدير الإرهاب كما يتقنها النظام السوري".
وترافق موقف الحريري مع تعليقين لركني "14 آذار" رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع. فأكّد الاول أن هذه الادعاءات "المختلقة" لا تساهم بتاتاً في بناء علاقات جديدة بين لبنان وسوريا، وأن هذا التزامن بين إقرار العلاقات الديبلوماسية وبين سلوكيات تعكس الإداء السابق لا يبشّر بأننا أمام مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين مختلفة نوعياً عن النمط السابق". وكشف الثاني أنه كان يفضّل "لو أن مجلس الوزراء اتخذ قراراً بتأجيل زيارة بارود إلى سوريا لفترة وجيزة، وفي هذا الوقت يطرح على المسؤولين السوريين إرسال مسؤولين أمنيين لبنانيين للإطلاع على الملفات التي بحوزتهم حتى ننهي على ضوئها التحقيقات الجارية". كما دعا الحكومة اللبنانية إلى أن تطلب من السلطات السورية تسليم المتهمين إلى لجنة التحقيق الدولية لكشف الحقيقة.
وكان الوزير بارود زار والوفد المرافق فور عودتهم الى بيروت رئيس الحمهورية العماد ميشال سليمان ثم رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة واطّلعهما على أجواء الزيارة ونتائجها. مصادر واكبت محادثات بارود مع نظيره السوري اللواء بسام عبد المجيد، قالت لصحيفة "النهار" ان المحادثات ابرزت اتجاهات ايجابية تصب في اطار تنفيذ البيان الرئاسي الذي صدر عن قمة الرئيسين ميشال سليمان وبشار الاسد في آب الماضي وتجيب عن هواجس وتحفظات ابديت في بيروت قبل الزيارة، كما تلتزم ما اتفق عليه من مراجعة الاتفاقات المعقودة بين البلدين. واشارت الى ان الوفد اللبناني لمس ارتياحاً سورياً ملحوظاً الى النهج الذي يتبعه الرئيس سليمان، وان المحادثات جرت في ظل ما تضمنه اتفاقه مع الرئيس السوري. واوضحت ان البيان الصحافي المشترك الذي صدر عن المحادثات صيغ بدقة ووضوح لتبديد الانطباعات التي سادت عن محاذير التعامل مع التنسيق الامني المطلوب بين البلدين بنهج العموميات والغموض. وفي ضوء ذلك ادرج البيان نقاط جدول الاعمال الذي طرح على البحث وجاءت البنود التي اتفق عليها بمثابة تأسيس لصفحة جديدة وليس استعادة لمرحلة سابقة.
وركزت مصادر "النهار" في هذا المجال على ان الطرفين اتفقا على "تشكيل لجنة متابعة وتنسيق للبحث في السبل المؤدية الى تفعيل التعاون والتواصل بين الوزارتين"، مشيرة الى ان هذه الخطوة لا تعني احياء لجان قديمة بل تنطلق من ضرورة معالجة وضع جديد. كما لفتت الى ان مهمة اللجنة حددت بـ"اقتراح اسس التعاون والتنسيق في مجالات مكافحة الارهاب والجرائم، ووضع آلية مشتركة لضبط الحدود والاجراءات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ، واعداد مشروع مذكرة تفاهم للتعاون والتنسيق الامني ورفعها الى الجهات المختصة دستورياً لاقرارها".
وقالت ان ذلك يعني بوضوح ان اي خطوة لن تقر وتنفذ الا بعد العودة الى مجلس الوزراء، وان بنداً صريحاً بذلك لحظ في البيان، مما سيفسح لجميع الجهات السياسية المعنية في مناقشة كل خطوة وتحديد مواقفها منها. واضافت ان الجانب اللبناني أصر على ادراج حصر موضوع "اعترافات الموقوفين" في تفجير دمشق ضمن "تبادل المعلومات من خلال المراجع المختصة"، ولحظ البيان هذا الامر صراحة.
من جهة اخرى، أشارت مصادر "السفير" إلى أن الجو السوري كان ايجابيا جدا ومتعاونا جدا ولم يتوقف عند الشكليات والمشكلات السابقة "بحيث لم يشكل وجود المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي ضمن الوفد أي حساسية بل كان وجوده طبيعيا وضروريا، ولم يكن هناك أي مطلب سوري خاص من لبنان، كما لم يكن هناك أي مطلب لبناني خاص من سوريا، بل تم التوافق على العمل من خلال مؤسسات الدولتين في كل المجالات الأمنية".
وعلمت صحيفة "الحياة" ان بارود "أبلغ عبد المجيد استعداده للتعاون التام، لما فيه مصلحة البلدين، لكنه شدد على ان القرار النهائي يعود الى مجلس الوزراء المخول وحده تحصين القرارات وتغطيتها سياسياً". ولفتت المصادر الى ان بارود سيضع تقريره في شأن حصيلة محادثاته مع عبدالمجيد في الساعات المقبلة لإحالته على مجلس الوزراء لدراسته واتخاذ القرارات المناسبة في شأنه.
واليوم يغادر رئيس الجمهورية بيروت ظهر اليوم الى نيويورك للمشاركة في مؤتمر "حوار الحضارات والاديان" الذي يبدأ اعماله غداً في الامم المتحدة. وسيلقي سليمان امام المؤتمر كلمة يجدد فيها دعوته الى اعلان لبنان مركزاً دولياً لحوار الحضارات والاديان، وهو الاقتراح الذي سبق له ان طرحه امام الجمعية العمومية للمنظمة الدولية في دورتها العادية، وكذلك في القمة الفرنكوفونية ومحادثاته في الفاتيكان. كما غادر ليلاً النائب جنبلاط الى باريس في طريقه الى لوس انجلس في الولايات المتحدة حيث يقوم بزيارة تتخللها لقاءات مع الجالية اللبنانية هناك. هذا، وينتظر ان يكون للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله كلمة اليوم لمناسبة "يوم الشهيد" يتطرق فيها الى آخر المستجدات.