دعوة جادة لتعاون أميركي إسرائيلي بشأن إيران
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: تتصدر أزمة البرنامج النووي الإيراني (أي محادثات أميركية - إسرائيلية)، حيث لدى تل أبيب هاجس من أن إمتلاك إيران لتكنولوجيا عسكرية نووية سوف يؤثر في ميزان القوى والتفوق العسكري الذي هو في صالح إسرائيل حاليًا، ولعل هذا ما يفسر تزايد الحديث عن احتمالية توجيه ضربة إجهاضية - أميركية أو إسرائيلية - للمنشآت النووية الإيرانية، والتي تعززت بعد تسريبات صحفية بشأن إجراء إسرائيل تدريبات واختبارات عسكرية لكشف مدى قدرة الجيش الإسرائيلي على توجيه ضربة إجهاضية للمنشات النووية الإيرانية.
ورقة عمل لتعزيز التعاون
ومع قرب نهاية الإدارة الحالية وتولي إدارة جديدة الحكم في يناير 2009، عقد معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ورشة عمل، والتي يعقدها منذ انتخابات 1988، ضمت عددًا من الدبلوماسيين، ورجال القانون، والخبراء المهتمين بقضايا الشرق الأوسط. وتقدم ورش العمل توصيات للإدارة الجديدة فيما يخص قضايا الشرق الأوسط. وقد أثبتت تلك الورش نجاحًا ملحوظًا في طرح فكر جديد بشأن السياسة الخارجية الأميركية بصورة عامة، وتجاه منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص.
في هذا العام قرر المعهد تكوين ثلاث مجموعات عمل مستقلة. كل منها مسئول عن بحث قضية تحتل أهمية على أجندة السياسة الخارجية الأميركية تجاه المنطقة. وسيعرض التقرير التالي الورقة الصادرة عن ورشة العمل التي تناولت مستقبل العلاقات الأميركية_ الإسرائيلية بشأن البرنامج النووي الإيراني. ونُشير في هذا المجال إلى أن المعهد يسعى لنشر تقريرين آخرين: أحدهما بشأن مواجهة الأيديولوجية الإسلامية الراديكالية المتطرفة، والثاني عن منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط.
خرجت مجموعة العمل المختصة ببحث مزيدٍ من فرص التعاون بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل بشأن الملف النووي الإيراني بورقة أقرب لبيان تضم تحليلاً سياسيًّا مُختصرًا نسبيًّا، وتوصيات مقترحة بهذا الصدد بعنوان " كيف يمكن تقوية التعاون الأميركي -الإسرائيلي بشأن التحدي النووي الإيراني؟ . وتلقي الورقة الضوء على أهم ما تم التوصل إليه خلال المشاورات التي عقدتها لجنة العمل. وقد أقرَّ الأعضاء المشاركون في لجنة العمل هذا البيان بصفتهم الشخصية، وهم أكثر من اثني عشر مشاركًا. نذكر منهم نائب مستشارة الأمن القومي في إدارة بوش السابقة روبرت بلاكويل، والمنسق السابق لشئون الإرهاب بالبيت الأبيض ريتشارد كلارك، ومساعد وزير الخارجية في إدارة كلينتون للشئون العامة توماس دونيلون، والمبعوث الأميركي السابق لمنطقة الشرق الأوسط السفير دينيس روس ، إلى جانب روبرت ساتلوف المدير التنفيذي للمعهد، والذي عمل منسقًا لمجموعة العمل . وقد تضمن البيان الرؤى التي خرجت بها ورشة العمل عن مستقبل العلاقات الأميركية - الإسرائيلية.
مدركات التهديد الإيراني
تُشير الورقة إلى أن التوقعات بشأن قدرات تطوير الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأسلحة النووية، يُعد أحد التحديات التي تواجه العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، فالقضية مطروحة على رأس أجندة العلاقات بين البلدين. فبالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، يُشكل هذا تحديًّا كبيرًا يمكن أن يدمر نظام منع الانتشار النووي دوليًّا ويحرض على سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط على نطاق غير مسبوق وخطير. أما الجانب الإسرائيلي، فيرى أن النظام الإيراني يشكل تهديدًا لوجوده خاصة بعد إنكار الرئيس الإيراني للهولوكست، وتصريحه بضرورة مسح إسرائيل من الخريطة، وقوله بأن العد التنازلي لتدمير إسرائيل قد اقترب، ومن ثم عمل النظام الإيراني على جمع الأموال الضرورية، والتدريب، والدعم المادي للجماعات الإرهابية المكرسة لهذا الهدف.
ويتضح التحدي الذي يفرضه الملف الإيراني على العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية في انعكاساته على تطور فرص المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية. إلى جانب ما يطرحه من احتمالات مزيدٍ من الحروب وإراقة الدماء بين كلٍّ من حزب الله وإسرائيل، حماس وإسرائيل، أو حتى على جبهتي لبنان وغزة.
وقد أشارت الورقة بأن القدرة على نشر السلام أو منع الصراع بالمنطقة سيتوقف بشكل أو آخر على نجاح الطموح النووي الإيراني، ومن ثم ترى الورقة أن النفوذ الإقليمي لإيران سلبي وأنه يؤثر في قدرة كل من الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب على تفعيل معاهدات السلام المبنية على وجود دولتين.
ضرورة وقف تطوير السلاح النووي الإيراني
أشارت الورقة إلى أن قضية الملف النووي الإيراني ليست مشكلة أيركية أو إسرائيلية فقط وإنما هي أيضا مشكلة لأصدقاء وحلفاء آخرين للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط ومنطقة جنوب آسيا. وأن الاتفاق الدولي بشأن اتخاذ اللازم لمواجهة هذه المشكلة ربما يكون هو مفتاح لمنع إيران من الحصول على إمكانات تؤهلها لامتلاك السلاح النووي. وتشير الورقة إلى تقرير التقديرات الاستخباراتية الوطنية الأميركية الصادر في أواخر 2007، والذي جاء مخالفًا لما كانت تصرح به الإدارة الحالية والذي أوضح أن إيران أوقفت العمل في برامجها النووية عام 2003، وتنتقد الورقة هذا التقرير فتقول:" إن الواقع لا يضمن أن إيران سوف تستمر في هذا المنحى. الأمر الذي أثر سلبيًّا على الدفع الدولي تجاه اتخاذ سياسات دولية ترفع من تكلفة استمرار إيران في برنامجها النووي.
وفي هذا الصدد أشارت الورقة إلى أنه بينما تشترك الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل في رؤية كون إمكانات إيران النووية تُشكل تهديدًا خطيرًا. إلا أن واشنطن لديها أساليب تختلف عن أساليب الإسرائيليين لإجبار إيران على أن تقلع عن طموحها بشأن السلاح النووي. ففي حين يعتمد الأميركيون على سياسة الردع لا يري الإسرائيليون أن الردع خيار ناجح لمنع إيران، على أساس أن سياسة الردع لو فشلت ستعاني إسرائيل بشكل فظيع. الأمر الذي يصور للإسرائيليين أنهم قد يُتركوا بمفردهم في النهاية مما قد يدفعهم ويحثهم على التفكير باتخاذ إجراء مستقل.
الحاجة إلى حوار استراتيجي أميركي - إسرائيلي
تأسيسًا على ما سبق أشارت الورقة إلى ضرورة عقد حوار استراتيجي بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على أعلى مستوى ، الأمر الذي يعد أكثر ضرورة من أي وقت مضى في علاقاتهم.
فالعلاقات الأميركية الإسرائيلية تعاني من تطوريين سلبيين. يتمثل التطور الأول في أن الإسرائيليين رأوا أن الحرب الأميركية على العراق أثرت في تقييم إسرائيل للقدرات الأميركية ونواياها بشأن الطموح النووي الإيراني، نتيجة زيادة الوعي بنقص النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط والمقاومة الشديدة للتفكير في مبادرات ربما تؤدي للتورط (خاصة تورط الأميركيين) في صراع جديد بالشرق الأوسط. وقد أدى ذلك إلى تآكل ثقة إسرائيل في قدرة الولايات المتحدة الأميركية على الرد بقوة على التحديات الأمنية التي تطرحها منطقة الشرق الأوسط. ونتيجة للروابط الوثيقة بين أمريكا وإسرائيل فإن إدراك زوال النفوذ الأميركي يؤثر في الأمن الإسرائيلي.
على الجانب الآخر يُلاحظ أن التطور الثاني يكمن في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية ذاتها والتي وقعت لهجوم غير مسبوق. فبعض الآراء ترى أن إسرائيل قد استخدمت الولايات المتحدة الأميركية لتقوم بعمل مضاد للمصلحة القومية الأميركية. وإعمالاً لهذه التحليلات فإن المصالح القومية الأميركية تتطلب العمل عن بعد وليس التعاون عن قرب مع إسرائيل، وإن كانت الورقة قد أشارت إلى رفضها لهذا الرأي. وفي هذا الصدد أكدت أنه ليس هناك دليلٌ يدعم الفرضية التي تقول بأن الدول العربية يمكن أن تقوم بأداء مختلف فيما يخص مصالح الولايات المتحدة الأميركية، مثل مواجهة الطموحات الإقليمية الإيرانية، في حال تخلصت الولايات المتحدة الأميركية من علاقاتها بإسرائيل.
إلى جانب ذلك فقد سجلت السنوات المنصرمة- أن الغالبية العظمى من الأميركيين تدعم إسرائيل وبحثها عن الأمن والسلام، الأمر الذي يرجع إلى الإحساس بوجود قيم وتهديد ومصالح استراتيجية مشتركة، ورؤية مشتركة للسلام.
ورغم أن قادة البلدين يجتمعون بصورة دورية، إلا أن هناك اعتقادًا بأن هذه الاجتماعات لا تسمح بعرض القضايا الرئيسة بالعمق والوضوح الذي يتطلبه الموقف الحالي. ويدل على ذلك ـ على سبيل المثال ـ غياب المناقشات الجادة بشأن تحديد خارطة الطريق لعملية السلام في الشرق الأوسط في 2004، والأهداف العسكرية الإسرائيلية وخططها في لبنان في صيف 2006، والخيارات المتنوعة للطموح النووي الإيراني.
توصيات لجنة العمل
تأسيسًا على ما سبق أشارت الورقة إلى عدد من التوصيات، منها ما يلي:
أولاً: أن يقوم الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بالمبادرة على مستوى عالٍ بشأن الأحداث الأمنية المهمة المطروحة على الأجندة الاستراتيجية للبلدين، والتأكد من أن مدركات التهديد المشترك والمصالح المشتركة يتم ترجمتها إلى سياسات يمكن تنسيقها على قدر الإمكان. واقتراح منتدى جديد يتم من خلال هذا الحوار.
ثانيًا: أن يُطرح على أجندة هذا المنتدى نقاش بشأن الجهود الحالية والمحتملة للتغيير في السلوك الإيراني بشأن القضية النووية وعمل تقييم شامل لتكلفة وعائد كل خيار. الأمر الذي يشمل كل الخيارات السياسية المتاحة، والتي تشمل: الخيار الدبلوماسي بما يتضمنه من تنسيق الأجندة ووضع جدول زمني لحوار محتمل بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران. وفرض ضغوط سياسية واقتصادية، والخيار الإكراهي الذي يتضمن فرض الحصار على بيع إيران للبترول أو تصدير منتجات البترول. وأيضًا القيام بعمل عسكري إجهاضي.
ثالثًا: أن يوجه المنتدى جهوده الدبلوماسية نحو السلام العربي الإسرائيلي وما يشمله ذلك من فهم نهج واستراتيجيات المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية التي تهدف لإيجاد دولتين كحل للصراع. مع تحديد الدور الأميركي المناسب في الحفاظ على سلام دائم، مع خلق سياسة يتم التوافق عليها تجاه حركة المقاومة الإسلامية حماس وذلك تأسيسًا على حاجة حماس للقبول الدولي. إلى جانب القيام بجهد مشترك لمواجهة الدعم الإيراني للعناصر المناهضة للسلام بين الفلسطينيين وفي لبنان. وأيضا سبل التوفيق بين الرغبات الإسرائيلية ومحادثات السلام مع سوريا وحفظ الاستقلال اللبناني من التحكم السوري.
وأخيرًا: هناك حاجة ملحة للحوار بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل بشأن إيران والعلاقات الإسرائيلية مع جيرانها العرب. فإيران قد تدفع إلى الصراع بين حزب الله وإسرائيل أو الصراع بين حماس وإسرائيل وذلك كجزء من استراتيجية أكبر لمواجهة جهود إجبارها - يقصد إيران- على تغيير استراتيجياتها النووية.
وفي هذا الإطار أكدت الورقة على أهمية أن يقوم الرئيس الأميركي الجديد بالحوار على المستوى القومي مع الشعب الأمريكي بشأن التحديات والمخاطر والمشاكل التي قد تلحق بالمصالح الأميركية في حال حصول إيران على قدرات نووية بحجة أن منع إيران من حصولها على قدرات نووية ليس أمرًا يخص التحالف الأميركي الإسرائيلي وإنما هو أمر حيوي لأمن أميركا الخاص.