أخبار

بروكسل تستأنف الحرب على التهرب الضريبي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

برن: يتواصل التجاذب بين برن وبروكسل حول الملف الضريبي في معركة تحتاج، برأي الخبراء، إلى "نَـفَـس طويل" وقدرة فائقة على المناورة.
في أحدث التطورات، قدّمت المفوضية الأوروبية يوم 13 نوفمبر الجاري، العديد من المقترحات الرامية إلى سدّ الثغرات القائمة في التشريع المتعلِّـق بجباية المدّخرات، لكنها لم تضَـع السرّ المصرفي موضِـع التساؤل.

في المقابل، أشارت بروكسل إلى أن سويسرا، التي أبرمت اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي في هذا المجال عام 2004، "مستعدّة للنقاش".

لا مفر من القول بأن الأزمات عموما، والأزمة المالية والاقتصادية خصوصا، تُـغذّي النزعات الشعوبية لدى الساسة والناس العاديين على حدّ السواء.

يوم الخميس 13 نوفمبر، لم يتردّد لاسلو كوفاكس Laszlo Kovacs، (من المجر)، المفوِّض الأوروبي للجباية، في التنديد بأولئك "الأفراد الأثرياء"، الذين يحرِمون الدّول - من خلال استغلالهم للثغرات القائمة في التشريع المتعلِّـق بالجباية على المدّخرات - من بعض الموارد الضرورية ويُـرغمونها على التعويض عن خسائرها، بفرض المزيد من الرسوم على المواطن العادي.

ولدى تقديمه لعدة مقترحات، ستساهم حسب رأيه، في وضع حدٍّ للتهرّب الجبائي، شدّد المسؤول الأوروبي على أن "الضحايا الأولى للمتهرِّبين، هم الفقراء". وفي انتظار أن تُـبحَث هذه المقترحات من طرف وزراء مالية الدول الـ 27 للمرة الأولى يوم 2 ديسمبر القادم، عبّـر لاسلو كوفاكس عن الأمل في أن تُـعتمد في عام 2009 وتدخل حيّـز التطبيق في عام 2011.

على كل حال، لا تعيد بروكسل النظر في الأنموذج القائم المُـلقّـب بـ "التعايش"، الذي تستند إليه التوجيهات الأوروبية (قانون) حول جباية المدّخرات، كما أنها لا تشكِّـك في الاتفاقيات التي أبرمها الاتحاد في هذا المجال مع خمس دوّل أجنبية، من بينها سويسرا، وعشرُ أراضٍ أو مقاطعات، تابعة لهولندا وبريطانيا (الجُـزر الأنجلو - نورماندية، جُـزر الأنتيل الهولندية إلخ..).

اقتطاع الرسوم من المنبع
عمليا، لا مجال للحديث عن إجبار اللوكسمبورغ أو النمسا أو سويسرا، على التخلّـي عن نظام اقتطاع الضرائب من المصدر، (وهو أسلوب يُـتيح إمكانية الحفاظ على السر المصرفي) واستبداله بنظام التبادل الآلي للمعلومات بين الإدارات المسؤولة عن الجباية في البلدان المعنية.

وأقرّ لاسلو كوفاكس أن هذا التعايش بين النظامين، "لم يؤدِّ إلى حدّ الآن إلى بروز أية مشاكل، ولا أعتقد أنه سيؤدّي إلى أي منها في المستقبل"، حسب قوله. في المقابل، أبدى بعض معاونيه قدرا أقل من الثقة، خصوصا وأن ألمانيا كثّـفت هجماتها ضد السر المصرفي، منذ اندلاع فضيحة المؤسسات المالية في إمارة ليختنشتاين في شهر فبراير الماضي، لكنهم لم يُـقدِّروا مع ذلك، أنه من "الواقعي" قيامهم بإطلاق ثورة جبائية من تلقاء أنفسهم.

في مرحلة أولى، يتوقّـف طموح المفوضية الأوروبية عند سدّ ثغرات مهمّـة في القانون الحالي، عبر توسيع نطاق تطبيقه، الذي يقتصر حاليا على فوائد المدّخرات (المتأتّـية من حسابات أو سندات)، المتحصّـل عليها من طرف خواصّ، ليشمل "مداخيل مماثلة" وضمان خضوع الدفوعات التي تمرّ عبر هياكل وسيطة، مثل المؤسسات أو "التراست"، للاستخلاص الضريبي.

توسيع مجال العمل
في هذا السياق، تقترح بروكسل بالخصوص، على الدول الأعضاء الـ 27، توسيع تغطية القانون، لتشمل جميع صناديق الاستثمار، بغضّ النظر عن وضعيتها القانونية، وكل أصناف الأسهم الشبيهة بقروض (عندما يستفيد المستثمر من مردود محدّد مُـسبق ويُـضمن له استعادة 95% من رأسماله لدى انتهاء فترة استثماره) وعقود التأمين على الحياة، التي توفِّـر تغطية ضعيفة للمخاطر المرتبطة بالديمومة المحتملة للحياة البشرية (أقل من 5%) والاستثمار المقتصِـر على ديونٍ وصناديق وأسهُـمٍ متماثلة.

بموازاة ذلك، تقترح المفوضية إنتهاج "مقاربة تعتمد الشفافية" على دفوعات الفوائد، التي تقوم بها مؤسسات مالية، توجد مقراتها في الاتحاد الأوروبي، لفائدة "هياكل أو كيانات قانونية" تتّـخذ من الخارج مقرا لها (في هذا الصدد، وُضِـعت قائمة تضمّ مؤسسات سويسرية) ولا تخضع للضرائب، كما تصلُـح في العديد من الأحيان، واجهة لأشخاص ماديين.

ومن المُـفترض أن تقوم المصارف بشكل آلي، بتطبيق الإجراءات المنصوص عليها في القانون (اقتطاع الضريبة من المصدر أو تحويل المعلومات إلى مصلحة الضرائب في البلد المعني) على هؤلاء الأشخاص. وعلى كل، فإن القانون الأوروبي، المتعلّـق بمكافحة تبييض الأموال، يفرِض على المصارف والمؤسسات المالية، في كل الحالات، تحديد هويتهم، إذا ما كانوا مقيمين داخل أراضي الاتحاد.

سويسرا.. "بلدٌ مفتاحي"
على صعيد آخر، ستكون التراتيب القانونية المطبّـقة على بعض الشركات المماثلة المتواجدة داخل الاتحاد (أعِـدّت قائمة أخرى تُـحدِّدها)، مختلفة، حيث سيتوجّـب عليها القيام بنفسها بتطبيق الإجراءات الواردة في القانون، حالَ قيام فاعِـل اقتصادي بدفع فوائد لها، سواء كان مقره في أوروبا أو في الخارج.

واعترف لاسلو كوفاكس في الندوة الصحفية، التي عقدها يوم الخميس 13 نوفمبر في بروكسل، بأنه إذا ما لم يتمّ إقناع سويسرا، التي وصفها بالبلد "المفتاحي"، بملاءمة الاتفاق المُـبرم بينها وبين الاتحاد حول جباية المدّخرات، فإنه من المشكوك فيه أن تتّـفق الدول الـ 27 يوما ما على هذه المقترحات.

مع ذلك، عبّـر المفوض الأوروبي عن "أملٍ جيّـدٍ" بالتوصّـل إلى مبتغاه، وصرّح بأن سويسرا "مستعدّة للنقاش".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف