توتر بين البرادعي والغرب بشأن معونة سوريا النووية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فيينا، وكالات: إختلف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية مع بعض الدول الغربية بشأن محاولتها وقف المعونة الخاصة بمحطة سورية للطاقة النووية قائلا أن معلومات المخابرات الأميركية التي تشير لانشطة نووية سورية سرية مازالت غير مثبتة. وقال دبلوماسيون حضروا اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤلف من 35 دولة ان الولايات المتحدة ودولا رئيسية في الاتحاد الاوروبي وحلفاء غربيين اخرين يفضلون تجميد المشروع بينما تجري تحقيقات للوكالة بسبب التقارير الامريكية عن سوريا.
وتشعر الدول الغربية بالقلق بسبب تقرير لوكالة الطاقة الذرية قال الاسبوع الماضي ان مبنى في سوريا قصفته اسرائيل عام 2007 يشبه المفاعلات النووية من بعض الاوجه وان المفتشين عثروا على كميات كبيرة من جزيئات اليورانيوم في رمال الصحراء هناك. وذكر التقرير ان ذلك لا يكفي للجزم بأن الموقع كان به مفاعل نووي ذو تصميم كوري شمالي اقيم سرا لانتاج البلوتونيوم لصنع قنابل ذرية كما تشير المخابرات الاميركية. لكنه قال انه من الضروري لاستخلاص النتائج اجراء مزيد من الفحوص في الموقع وزيارة بضع مواقع عسكرية الى جانب تعاون سوريا بتلبية الطلبات المتكررة لتقديم أدلة تؤكد نفيها وجود نشاط نووي سري.
وحث المدير العام للوكالة محمد البرادعي المجلس على الموافقة على المشروع قائلا انه لا يوجد أساس قانوني لتقييد حقوق سوريا كعضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية استنادا الى اتهامات لم يتم التحقق منها. وقال في تصريحات خلال تجمع مغلق نقلت لرويترز "هناك مزاعم ضد سوريا نعكف على دراستها. وكانت هناك مزاعم ضد العراق ثبت أنها كانت مجنونة. وبعدها كانت النتيجة حربا فظيعة."
وثبت أن تأكيدات الولايات المتحدة بأن نظام صدام حسين يمتلك أسلحة للدمار الشامل غير صحيحة. وكانت تلك المزاعم هي الاساس الذي استندت عليه الحكومة الاميركية حينما قادت حربا لاسقاط صدام حسين عام 2003. وأضاف البرادعي "ولذا يتعين أن نكون حذرين للغاية حينما نتحدث عن التحقيق.. حتى غير المحامين يعلمون بأن الناس والدول بريئة حتى تثبت ادانتهم. وسنظل نعمل على هذا الاساس."
والقضية التي تسبب خلافا علنيا نادرا في مجلس محافظي الوكالة هي الخطة الخاصة بدراسة "الجدوى الفنية والاقتصادية واختيار الموقع" التي أعدتها أمانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاقامة محطة للطاقة النووية في سوريا. وستتكلف الدراسة 350 ألف دولار وتجرى في الفترة من 2009 الى 2011 . وقال شون مكورماك المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية ان تقرير الوكالة يظهر أنه من الخطأ تقديم مشورة فنية لسوريا كي تبني محطة للطاقة النووية. وقال "في اعتقادنا أن الامر غير ملائم تماما.. في ضوء حقيقة أن سوريا تخضع لتحقيق من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسبب بناء مفاعل نووي خارج حدود التزامتها القانونية الدولية."
وقالت كوبا متحدثة نيابة عن الدول النامية غير المنحازة في مجلس محافظي الوكالة ان المعونة النووية من الوكالة "يجب عدم تعطيلها او تأجيلها او عرقلتها بأي شكل اخر لمجرد الاشتباه او مزاعم غير مثبتة." ولاقى الموقف الامريكي تأييدا في بيانات من بريطانيا وفرنسا وكندا واستراليا والاتحاد الاوروبي. لكن دبلوماسيين قالوا ان دول الاتحاد الاوروبي ليست متحدة في موقفها إزاء ما يجب عمله اذا عرض الامر للتصويت في وقت لاحق من الاسبوع.
وحيث ان الصين وروسيا والدول النامية غير المنحازة تؤلف أغلبية بين اعضاء مجلس المحافظين فان السؤال الذي ثار هو هل ستجبر واشنطن على اجراء تصويت يبدو انه من غير المحتمل ان تفوز فيه او تسمح بموافقة اجماعية وهي الطريقة التقليدية لاتخاذ قرارات في الوكالة؟
وفي عام 2006 قرر مجلس المحافظين بالاجماع تجريد ايران من دراسة تجريها الوكالة لمدى سلامة التصميم في مشروع مفاعل الماء الثقيل بسبب مخاوف من أن تستخدم هذه المحطة سرا في صنع البلوتونيوم. وتقول ايران انها ستصنع نظائر مشعة للرعاية الطبية هناك.
ولكن ذلك القرار كان قاطعا من الناحية القانونية حيث أن ايران كانت خاضعة لعقوبات الامم المتحدة بسبب عدم التزامها بقوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية حينما لم تبلغ عن أنشطة تخصيب لليورانيوم ومنعت الوكالة من الوصول بصورة حرة الى المواقع الحساسة للتحقق من أغراضها السلمية.
ويرى المراقبون أن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت واشنطن ستسعى للدعوة إلى تصويت، من غير المحتمل أن تضمن نتيجته لصالحها، أم أنها ستسمح بتمرير الموافقة على قرار يمنح سورية المساعدات المذكورة بالإجماع، لطالما أن روسيا والصين ومجموعة دول عدم الانحياز تمثل الأغلبية في مجلس محافظي الوكالة.
يُشار إلى أن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية كان قد قرر بالإجماع عام 2006 تجريد إيران من حقها بالحصول على تمويل الوكالة لدراسة حول تصميم السلامة في مشروع مفاعل للماء الثقيل، وذلك مخافة أن تُستخدم تلك المنشأة لإنتاج اليورانيوم.
ويقضي مقترح المساعدات النووية إلى سورية، والمعروض حاليا على اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن تُمنح دمشق تمويلا بمبلغ 350 ألف دولار أمريكي على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، وذلك من أجل إجراء دراسة جدوى لإقامة منشأة نووية للأغراض السلمية في البلاد واختيار الموقع المناسب لها.
تأتي هذه الخلافات بعد أقل من أسبوع على صدور تقرير سري عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية جاء فيه أن منشأة الكُبر السورية "تحمل سمات الموقع النووي، لكن لا يُستبعد أيضا أن تكون لأغراض لا علاقة لها بأي نشاط نووي".
ففي أول تقرير تعده الوكالة بشأن النتائج التي توصلت إليها تحقيقاتها بشأن طبيعة منشأة الكُبر، قالت الوكالة إن محققيها عثروا على "كميات "هامة" من اليورانيوم، وإن أشار التقرير إلى نفي سورية للضلوع بأي نشاط نووي. لكن مسؤولا رفيعا مقربا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية قال إن نوع اليورانيوم الذي تم العثور عليه في موقع الكُبر لم يكن شبيها بذلك المستخدم عادة في الذخائر.