أخبار

الجزائر تتحرى حول أموال متمردين قدامى

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
للاشتباه في صلاتها بـ"غنائم" و"تحويلات مشبوهة"
الجزائر تتحرى حول أموال متمردين قدامى
كامل الشيرازي من الجزائر: أعلن "عبد المجيد أمغار" رئيس خلية الاستعلام المالي في الجزائر، عن شعور هيئته في تحريات حول أموال ناشطين قدامى في صفوف مجموعات متمردة، وامتنع أمغار عن إعطاء تفاصيل أكثر، قائلا إنّ الأمر يخص عدد غير محدود من (التائبين) الذين يتمّ حاليا التحقيق معهم حول مصادر أموالهم، إثر بروز علامات ثراء مفاجئ عليهم، حيث تشتبه السلطات في صلة ثروة هؤلاء بتحويلات بنكية مشبوهة، وما جرى الاصطلاح عليها بـ(الغنائم) التي قيل عنها الكثير منذ نشوب الفتنة الدموية في الجزائر مطلع تسعينيات القرن الماضي. ولم يستبعد رئيس خلية الاستعلام المالي أن يتّم إحالة العديد من المسلحين السابقين الذين تثبت علاقة أموالهم بـ"غسيل أموال" على القضاء الجزائري، علما أنّ الأخير سينظر قريبا في قضية تحويل 300 ألف يورو، لا تزال فصولها غير معروفة، وتأتي هذه القضية بعد أقل من سنة على تمكن الجزائر من كشف خيوط فضيحة تبييض أموال تورط فيها مسؤول سابق في الصندوق الجزائري الكويتي للاستثمار، وأصدرت محمكمة جزائرية وقتذاك حكما بالسجن لمدة 10 سنوات على ذاك المسؤول الذي دين بتحويل 8.7 مليون يورو. وتعكف خلية الاستعلام المالي، منذ فترة ليست بالقصيرة، على معالجة 138 ملفا تخص شريحتي الأثرياء الجدد وبارونات الاستيراد، وتعتزم السلطات الضرب بيد من حديد تجاه كل من يتورط في تبييض أموال قذرة، تبعا لما نص عليه قانون مكافحة تبييض الأموال الصادر قبل ثلاث سنوات. وكشف مسؤول حكومي جزائري، قبل فترة أنّ بلاده دخلت شوطا مهما في محاربة ظاهرة "تبييض الأموال" من خلال تحقيقها الحثيث في نحو 150 ملفا مشتبها، لبحث صلاتها بتبييض أموال وتمويل الإرهاب، وتحدث عن تقديم 40 ملفا لحالات مشتبه فيها لتبييض الأموال وتمويل الارهاب خلال الثلاثي الأول من العام الجاري، مقابل 66 ملفا السنة المنقضية، و38 ملفا العام التي قبلها.
وكان التقرير العالمي حول مكافحة تبييض الأموال والمخدرات الصادر عن الخارجية الأمريكية أعد حصيلة إيجابية حول الجزائر، ووصف حجم عمليات تبييض الأموال في الجزائر بـ"الضئيل"، في وقت يرى آخرون أنّ الجزائر مهددة بشبح تبييض الأموال لكون 80٪ من سيولتها النقدية مودعة خارج المصارف، فضلا عن صعوبة مراقبة الحسابات البنكية ورفع السر البنكي، لافتقار المصارف هناك إلى نظام رقابة فعال مبني على أساس المعايير الدولية، رغم الترسانة التشريعية في مجال محاربة تبييض الأموال.
واستنادا إلى بيانات رسمية اطلعت "إيلاف" عليها"، تسببت الجرائم الاقتصادية، العام الماضي، في تكبيد الخزانة العامة خسائر فادحة زادت عن 7 مليارات دينار جزائري - بحدود 95 مليون دولار-، في انحراف يربطه خبراء بالاختلالات الكبيرة التي صاحبت مسار تحرير القطاع البنكي والمصرفي الجزائري . وذكر ممثلون عن إدارات الشرطة والجمارك، إنّ هذه الجرائم التي تفاقمت في الجزائر خلال السنوات الثمانية الأخيرة، غالبا ما كان أبطالها موظفون أو من يٌعرفون بـ"الوسطاء"، والمثير إنّ كثير من تلك الجرائم جرى اكتشافها بعد سنتين من حدوثها (..)، وهو ما يصفه متابعون بـ"الخطير"، علما إنّ عموم المسؤولين في الجزائر ظلوا يرافعون عن تسريع حلقات الإصلاح المالي وتكثيف أنظمة الرقابة.
ولم تكن فضيحة بنك الخليفة والخسارة التي تكبدتها الخزانة العامة بـ1.7 مليار دولار، سوى مقدمة لتعرية حجم التجاوزات المسكوت عنها في هذا البلد، لاسيما في منظومة البنوك الخاصة التي تمخضت عن كثير من الفضائح، والفوضى التي تضرب قطاع البنوك، في وقت ظلت تتهاطل تقارير المفتشية العامة للمالية من دون طائل.
وشدّد جيلالي حجاج رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الرشوة (شفافية دولية)، في مقابلة سابقة مع "إيلاف"، أنّ الفساد في الجزائر بلغ مستوى خطيرا وبات يتسم باستشراء الرشوة، وعدّد حجاج، جملة من التجاوزات والخروقات المسجلة في الصفقات العمومية، حيث سجل عدة فضائح مالية، مثل تلك التي هزت صندوق الامتياز الفلاحي، وكذا أخرى تسببت بها من عرّفها بـ"مافيا الدواء"، ما جعل الظاهرة تأخذ أبعادا مخيفة تهدد توازنات الاقتصاد المحلي، وأرجع ممثل منظمة ''ترانسبرنسي أنترناشيونال'' بالجزائر، أسباب تنامي ظاهرة الفساد إلى ما أسماه "غياب إرادة سياسية" وافتقاد الجزائر إلى إجراءات ردعية تحول دون تفاقم وانتشار ظاهرة الرشوة هناك، وضرب المتحدث مثلا بالقانون الحكومي للوقاية من الفساد الذي مضى عام على ترسيمه بموجب مرسوم رئاسي لكن أهم دعاماته لم تر النور، ورأى حجاج تراجعا كبيرا في تناغم بلاده مع محتوى الاتفاقية الأممية لمحاربة الفساد، لكونها أهملت، بحسبه، حق المواطن في حرية الحصول على المعلومات.
وأعاب "جيلالي حجاج" وجود ما سماه "نوع من التراخي'' لدى السلطات العمومية في تعاملها مع ملف الفساد الشائك، كما انتقد تعاطي السلطات الجزائرية مع الموضوع برمته، ذاهبا إلى حد الجزم بكون''قانون محاربة الفساد ليس قضية إرادة سياسية، والعبرة بالملموس، حتى لا يبقى هذا القانون مجرد ذرا للرماد في الأعين"، وركّز "جيلالي حجاج" على أنّ إلغاء المادة السابعة من القانون التي تنص على عقوبات في حق المنتخبين والنواب وكبار المسؤولين إذا ما تأخروا أو رفضوا التصريح بممتلكاتهم ''غيّر جوهر المشروع''.
وفيما ينظر الرأي العام في الجزائر بشزر إلى استشراء ظواهر الرشوة والفساد، رغم الحرب المعلنة التي أعلنتها الدولة ضدّ بارونات الفساد ولوبيات المصالح، أكّد مسؤول حكومي جزائري أنّ بلاده عازمة على الذهاب بعيدا في معركة قطع دابر الفساد، وكشف المدير العام للشؤون القانونية محمد عمارة، إنّ ثمة مخطط يشمل 55 ضابطا في جهاز الأمن، سيخضعون إلى تكوين متخصص يمكّنهم من تفكيك مغاليق الملفات ذات العلاقة بالجرائم الاقتصادية والمالية، وكذا أخرى مرتبطة بإبرام صفقات عمومية مشبوهة، ما سيعين على تفادي قصور التحري في قضايا التسيير المالي العام، ويساعد على الحيلولة دون استنساخ مهازل اختلاس مجددا، علما إنّ مسؤولين حكوميين أبدوا غداة اغتيال القاضي نبيل بوطرفة (33 عاما) الشتاء الماضي، عندما كان بصدد التحقيق في ملفات لها صلة بقضايا فساد، اعتزامهم توفير "حماية خاصة" للقضاة المكلفين بمعالجة قضايا الفساد وتعزيز شروط أمنهم لضمان فعالية أكبر، ناهيك عن تشديد الرقابة على سيرورة ملفات الفساد، وكذا تأمين عموم المجالس التي بحوزتها قضايا تتعلق بالفساد، إضافة إلى التفكير في إقامة محاكم خاصة تتولى التحقيق في قضايا الفساد.
بيد أنّ كل هذه النقاط "المشرقة" ظلت مراوحة لمكانها، لأنّه بمنظار خبراء، أثبتت تجربة إنشاء أجهزة لمحاربة الفساد، فشلها، كونها لم تنجح في أغلب الدول، ويشدّد مختصون على ضرورة إنشاء جهاز جزائري فعّال لمحاربة الفساد وإشراك منظمات المجتمع المدني في تشكيلته بغرض تمكين الرأي العام من الإطلاع عن كثب على سيرورة الأشياء، كما أبدى حجاج قلقه إزاء احتمالات تفاقم الظاهرة بالنظر لكون الجزائر تستثمر ما يربو عن مائة وخمسين مليار دولار منذ العام 2005 بموجب الخطة الخمسية لدعم النمو، سيما بعد استمرار حالة الغموض التي تلّف عديد الصفقات، بجانب إقدام قطاع من المسؤولين على منح صفقات ضخمة عن طريق ''التراضي" وقال حجاج بأنّ ''هذاالإجراء لابد أن يبقى إجراء استثنائيا له شروطه الخاصة، لا يتم اللجوء إليه إلا في الحالات الاستعجالية الكبرى كحدوث الكوارث الطبيعية''.
وكانت منظمة " شفافية دولية "، مؤخرا، ما سمته " فساد قطاع الصحة في الجزائر"، وصنّفت في تقريرها الخاص بالفساد في قطاع الصحة الجزائري كأنموذج، في صدارة القطاعات الأكثر استفحالا لمظاهر الفساد والرشوة في الجزائر، ولاحظ التقرير الصادر قبل شهرين، تفشي ما نعته التقرير "ممارسات مالية شاذة" و"مظاهر اختلاس وسرقة وابتزاز" في تسير أموال الصحة العمومية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، كما ركّز بوجه خاص على مختلف إدارات المؤسسات الاستشفائية العمومية وسوق الدواء، معتبرا أنّها " مسرح الفساد المفتوح وتحويل المال العام". يشار إلى أنّ منظمة شفافية دولية في ترتيبها الأخير، صنفت الجزائر في المرتبة الـ 99، حيث حلت الجزائر بمؤشر(3.0)، ويتراوح سلم المؤشر المعتمد بين (10) التي تعني نظيف جدا، و(0) التي تعني فاسد جدا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
وما خفي كان اعظم
اكرم -

وما خفي كان اعظم الجزائر منذ الاستقلال وهي تتعرض للسرقات والاختلاسات المتوالية ولكن دون مراقب او من يتكلم او يحاسب اين من قضية 26 مليار دولار في سنوات الثمانينيات من القرن الماضي واين سرقات الجنرالات التي فاقت كل تصور وهذا الامر لا يخص الجزائر فقط بل كل الدول العربية سمعنا عن كوارث في الاختلاس في هذه الدول فلا حول ولا قوة الا بالله وانا لله وانا لله وانا اليه راجعون.