البرادعي: أزمة الغذاء هي "الأسوأ" منذ الحرب العالمية والفقراء يدفعون الثمن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فيينا: وصف محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أزمة الارتفاع الحاد بأسعار المواد الغذائية، بأنها "الأسوأ" منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وأكد أن "اكتساب أزمة الغذاء طابعاً عالمياً هو أمر غير مسبوق في العصر الحديث، حيث العديد من العائلات والأفراد في مختلف أنحاء العالم يعانون من قلة الحصول على الأغذية، والتي تلعب دوراً بارزاً في نمو البشر" وفق تعبيره.
وفي معرض تقديمه أهم ما جاء في أحدث تقرير أعده نخبة من كبار الخبراء في الوكالة الذرية ومسؤولون في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، تحت عنوان "العلوم النووية في خدمة الأمن الغذائي"، شدّد البرادعي على القول "لإيجاد حلول مستديمة على المدى البعيد لأزمة الغذاء، علينا أن نستغل كافة الموارد المتاحة، واختيار المحاصيل الزراعية المحسّنة على إطعامنا، هو أحد أهم أقدم العلوم التي عرفتها البشرية" حسب قوله.
واعترف البرادعي في تقريره الذي وزعته الوكالة الذرية اليوم أن "العالم تقاعس عن تهيئة ما يحتاج إليه هذا العلم من دعم واستثمار لتطبيقه على شكل شمولي، الأمر الذي يستدعي ضرورة إحياء تكنولوجيات تحسين المحاصيل الزراعة لمساعدة العالم على التخلص من آفة الجوع". وأوضح قوله أن "الوكالة الذرية، ومنذ إنشائها قبل ستة عقود من الزمن، وبالاشتراك مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ساعدت الدول الأعضاء على إنتاج المزيد من الأغذية ذات الجودة المحسّنة والأمان المعزّز. وبفضل درايتها في ميدان تحسين السلالات النباتية وخصائصها الوراثية، فإنها تساعد البلدان في كافة أنحاء العالم على تحقيق مُخرجات زراعية معزّزة باستخدام التكنولوجيا النووية" حسب تعبيره.
وفي هذا السياق، دعا البرادعي سائر دول العالم إلى زيادة الاستثمارات في التقنية المخصصة لتحسين السلالات الزراعية والنباتية، لأنها تساهم في دعم الجهود الرامية إلى مساعدة الملايين من البشر في الإفلات من براثن الجوع والفقر. وأشار إلى أنه "حتى الآن، تم إطلاق أكثر من ثلاثة آلاف نوع من أنواع المحاصيل الزراعية من حوالي 170 نوعاً مختلفاً بفضل التدخل المباشر من قبل الوكالة، وتشمل تلك الأنواع نوعاً من الشعير ينبت في أراضِ تقع على ارتفاع خمسة آلاف متر، بالإضافة إلى نوع من الأرز ينمو في التربة المالحة". وإلى جانب ما توفره تلك الأنواع من أغذية زراعية أساسية، رأى البرادعي أنها "تؤمن للمزارعين والمستهلكين في البلدان النامية مزايا اقتصادية وعائدات مالية مجزية، تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات" على حد قوله.
واستند تقرير الوكالة الذرية إلى بيانات معهد الاستيلاد الزراعي في اليابان، التي تؤكد أن "الأبحاث الزراعية التي أجراها العلماء اليابانيين، على المحاصيل الزراعية المستنبطة من خلال استخدام حثّ الطفرات، أدت إلى درّ عائدات اقتصادية ناهزت الـ62 بليون دولار أميركي، مقابل 69 مليون دولار استُثمرت خلال الفترة ما بين العام 1959 والعام 2001. أي أن الاستثمارات تمخضت عن عائدات هائلة بلغت 900 ضعف، وذلك في القطاع العام". وأكد معدو التقرير أن "تلك التكنولوجيا يمكن، مع زيادة الاستثمارات فيها والتوسع في تطبيقها، أن تؤثر إيجابياً على الصحة والظروف المعيشية لعدد أكبر كثيراً من الناس". وشدّدوا على القول "لقد باتت الحاجة إليها الآن أكثر من ماسة في أي وقت مضى، نظراً لاتساع أزمة الارتفاع الحاد بأسعار المواد الغذائية وانتشار آفة الجوع والفقر في بلدان ومناطق كثيرة في العالم" وفق تعبيرهم.
وأكد التقرير الدولي أنه "في العام الحالي، اقترنت حالات نقص الأغذية على الصعيد العالمي بتزايد الطلب عليها، فنشأت أزمة غذاء عالمية جديدة. والأسباب الأساسية وراء هذه الأزمة تشمل قسوة الأحوال الجوية المرتبطة بتغيّر المناخ، وتحويل الأراضي إلى زراعة أنواع من الوقود الحيوي، والميل إلى العيش على المخزون الاحتياطي من الأغذية دون الاهتمام بتجديدها"، واعترف بأن "حالات نقص الأغذية، والارتفاع الهائل بالأسعار، أديا إلى إغراق الملايين من البشر بدرجة أعمق في دائرة الفقر والجوع. ونتيجة لذلك، اشتعل فتيل الاضطرابات الاجتماعية والاحتجاجات الغذائية، التي اتسم بعضها بالعنف في شتى البلدان حول العالم" حسب التقرير
وفي هذا السياق، أكدت الوكالة الذرية أن الفقراء هم كالعادة، أكثر من يعاني من ارتفاع الأسعار". وأشارت إلى أن "أكثر من 850 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعانون فعلاً من الجوع، دون مستوى الفقر، وعلى أقل من دولارٍ واحد في اليوم، وهو ما يؤدي إلى إعاقة التقدم باتجاه تحقيق أحد أهم الأهداف الإنمائية للألفية، والبالغ عددها ثمانية أهداف، أي تقليص نسبة الجوع والفقر إلى النصف بحلول العام 2015، بل ويؤثر سلباً على التعليم، وعلى تقليص معدلات وفيات الأطفال والأمهات، وأيضاً على الجهود الرامية إلى احتواء انتشار الأمراض الخطيرة" حسب قولهم.
وختم التقرير بقول نائب المدير العام لشؤون العلوم والتطبيقات النووية فيرنر بوكارت "إن عام 2008 أكد واقعا مفاده أن الإنتاج العالمي للغذاء غير مستديم، بل قابل للتأثر بعوامل كثيرة من بينها المتغيّرات المناخية وتزايد الطلب على الطاقة، وثمة ترابط بين هذه القضايا الكبرى" على حد تعبيره.