مصارف الحمض النووي تثير ضجة أوروبية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
طلال سلامة من روما: تواصل قواعد البيانات (المصارف المعلوماتية) الخاصة بالمواطنين إثارة الجدل في الاتحاد الأوروبي. على الصعيد الإيطالي، يعد روبرتو ماروني، وزير الداخلية، بتأسيس مصرف بيانات خاصة بالحمض النووي للمواطنين في عام 2010 مما يخول السلطات التعرف على المواطنين بصورة أحدث وأسرع تستبدل تدريجياً نظام البصمات الرقمية. من جانبها، أمرت محكمة ستراسبورغ الشرطة البريطانية بتدمير المعطيات الخاصة بالحمض النووي والبصمات الرقمية لحوالي 1.6 مليون مواطن مقيم ببريطانيا لم يتم تجريمهم قط. وتتهم محكمة ستراسبورغ الشرطة البريطانية بانتهاك أبسط الحقوق الإنسانية عن طريق استعمال مثل هذه المعطيات "التجسسية".
ويبدو أن روبرتو ماروني لا يأبه بنفوذ محكمة ستراسبورغ. فحكومة روما تريد استعمال معطيات مصرف الحمض النووي للعثور على آلاف المفقودين هنا. في العام الجاري مثلاً، عثرت الشرطة على أكثر من 650 جثة لا هوية لها، بعد. بالطبع، فان كل جثة من هذه الجثث تعود الى شخص توارى عن الأنظار دون أن يترك أثراً ورائه. إذن، تحتاج ايطاليا لنظام فعال قادر على التعرف، بصورة جازمة، على الجثث. من جانبه، يسعى ماروني الى تكثيف الجهود الحكومية الرامية الى العثور على المفقودين، أحياء أم أموات، بأسرع ما يمكن. لذلك، يحاول ماروني ورجاله تسريع الإقرار بقوانين استثنائية، من المرتقب أن يسري مفعولها اعتباراً من العام القادم. يذكر أن ثمة اتفاقية، تدعى اتفاقية "بروم" (Prum)، وهي اتفاقية دولية تنوي ايطاليا الانضمام إليها ابتغاء تأسيس مصرف معلومات وطني، خاص بالحمض النووي، مما سيشهد ولادة نظام من المستحيل "قرصنته" لا يتغير مع مر السنين وإذن فانه يمثل مرجعاً ثابتاً للجميع.
ان الإقرار باتفاقية "بروم" جزء من إجراءات السلة الأمنية التي وافق عليها مجلس الوزراء الإيطالي في شهر مايو(أيار) الماضي والتي يدرسها مجلس الشيوخ، في الوقت الحاضر. هكذا، قد تصبح ايطاليا أول دولة أوروبية تعتنق رسمياً نظام الحمض النووي بدلاً من هوية التعريف عبر بصمات اليد الرقمية. مع ذلك، يدور الجدل اليوم في الأوساط السياسية حول المشاكل التي ستثيرها عملية أخذ عينات الحمض النووي من المواطنين المعتقلين. فالأمر يتعلق بحريات شخصية قد تتقوض بفعل تأسيس مصرف معلوماتي جديد. وهذا يثير غيظ عدد غير قليل من المواطنين هنا.
على صعيد بريطانيا، فان حكومتها مضطرة الى التراجع عما اتخذته من إجراءات قاسية، في السابق. اعتماداً على القوانين البريطانية الحالية، فان الشرطة البريطانية لها الحق في أخذ عينات الحمض النووي والبصمات الرقمية لجميع الموقوفين للاحتفاظ بها في أرشيفات خاصة حتى لو تم إطلاق سراح هؤلاء الموقوفين أم تبرئتهم أم إسقاط الدعاوى بحقهم. بيد أن محكمة ستراسبورغ، بقضاتها ال17، ترى أن أخذ عينات الحمض النووي عملية غير ضرورية في قلب مجتمع أوروبي ديموقراطي. لذا، تغلق أوروبا ملفاً قضائياً دام سبع سنوات بين محكمة ستراسبورغ وحكومة لندن. فهل ستكون حكومة روما المرشحة المقبلة لجولة صراع قضائي جديد مع هذه المحكمة المتعقلة؟