ساركوزي رئيسا للإتحاد الأوروبي في الأزمات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
باريس: اظهرت رئاسة نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي للاتحاد الاوروبي على مدار ستة أشهر قوته كزعيم براغماتي يبرز في اوقات الازمات وعززت مكانته كلاعب رئيسي على الساحة العالمية.
وقبل اقل من ثلاثة اسابيع من تسليم فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي لجمهورية التشيك ابرم ساركوزي يوم الجمعة الماضي اتفاقا بين الدول السبع والعشرين الاعضاء في الاتحاد الاوروبي لخفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بمقدار الخمس بحلول عام 2020 لينجز اصعب الاهداف التي وضعها لنفسه منذ البداية.
وهيمنت احداث غير متوقعة على رئاسة ساركوزي مثل الحرب بين روسيا وجورجيا ثم الازمة المالية العالمية التي استغلها لدعم مؤهلاته كرجل دولة ودعم القضايا التي تهم الاتحاد الاوروبي وفرنسا.
وقال دومينيك مويسي المستشار الخاص بمركز أبحاث (اي.اف.ار.اي) المتخصص في الشؤون الخارجية "كانت رئاسة ايجابية على الساحة العالمية".
وتابع "اعطت اوروبا انطباعا بانها موجودة على الساحة الدولية خلال ازمة القوقاز وعلى المستوى المالي بتطبيق ساركوزي خطة براون على نطاق واسع".
كما ساعدت انشطته الدبلوماسية على تعزيز صورته في الداخل. وزادت شعبيته كثيرا منذ بداية رئاسته للاتحاد الاوروبي في حين كان هناك استياء بين الناخبين في فرنسا من اسلوبه التصادمي واسلوب حياته الاقرب لحياة المشاهير وعدم قدرته على التصدي لارتفاع تكلفة المعيشة.
وبعد اسابيع من بداية رئاسته للاتحاد الاوروبي طار ساركوزي الى روسيا وجورجيا للتوسط من اجل هدنة.
وسريعا ما تراجعت القوات الروسية التي كانت تقترب من عاصمة جورجيا وانسحبت الى حد كبير داخل منطقتين انفصاليتين في جورجيا تدينان بالولاء لروسيا وهما محور سلسلة محادثات بين موسكو وتفليس يبدو انها ستستغرق وقتا طويلا.
ولم يسبق ان انفرد الاتحاد الاوروبي بحل ازمة دولية كبرى وكان اتفاق السلام الذي ابرم اول عدة انتصارات دبلوماسية حققها ساركوزي. ولكن فيما يتعلق بهذه الازمة وغيرها من الازمات التي تلتها لم تضح النتائج كليا بعد.
وحذر مويسي "من السابق لاوانه الحكم وسيتضح بعد ستة اشهر.. مع نهاية رئاسة جمهورية التشيك ما اذا كانت رئاسة ساركوزي كافية لوضع اوروبا على المسار الصحيح ام أنها مجرد وهم استمر اشهرا قليلة ولم يسفر عن تسوية اي مشاكل رئيسية".
ومع امتداد اثار انهيار بنك ليمان براذرز الاستثماري الاميركي الى اوروبا في الخريف انتهز ساركوزي الازمة مرة أخرى حين دعا لاول قمة للقادة في الدول الخمس عشرة الاعضاء في الاتحاد الاوروبي.
وضغطت فرنسا قبل توليها الرئاسة لعقد قمة لدعم عمل منسق اكثر جرأة ولكنها تخلت عن الفكرة في مواجهة مقاومة عنيفة من المانيا.
وفي قمة باريس التي حضرها رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون اتفق رؤساء الدول والحكومات على خطوات منسقة لدعم القطاع المالي. وكانت خطة براون لانقاذ البنوك العمود الفقري للبرنامج الاوروبي.
وقال نيكولا فيرون الباحث في مركز بريجيل للابحاث ان البرنامج "كان مهما للغاية في وقف التراجع الاستثنائي الخطير الذي يقود لانهيار الاسواق ومن وجهة النظر تلك ستظل لحظة تاريخية".
وقال وزير الشؤون الاوروبية الفرنسي جان بيير جوييه "لن تعود الامور لسابق عهدها ابدا".
وأضاف انه قضى على احد المحظورات وان زعماء منطقة اليورو سيلتقون كلما تستدعي الظروف الاقتصادية.
كما ان التبعات النهائية لن تتضح قبل اشهر على الاقل ولكن فشل فرنسا في اقناع جميع الشركاء وألمانيا بصفة خاصة بالحاجة لصندوق لانقاذ بنوك الاتحاد الاوروبي او خطة تحفيز اقتصادية ضخمة يبين ان هناك حدودا لما حققته من نجاح.
واشيد باسلوب ساركوزي المباشر في المحادثات بين دول الاتحاد الاوروبي ولكنه قد يصل الى حد الارتجال المتهور كما حدث في اعلانه خطته للاتحاد من اجل المتوسط دون تشاور مع المانيا.
واسس الاتحاد في قمة في باريس في يوليو تموز ولكن فقط بعد تقليص سلطاته الى حد كبير بناء على طلب المانيا التي انتابها الغضب.
وقال مارتن كوبمان منسق السياسة الاوروبية بمؤسسة كونراد ادينور "لا توجد رؤية لساركوزي بشأن سياق العلاقات الفرنسية الالمانية باي حال من الاحوال. انه براجماتي يتدبر امره من موقف الى اخر".
واغضب ساركوزي برلين مرة اخرى في الشهر الماضي حين اشتكى من انها لا تبذل قصارى جهدها في خطة تحفيز اقتصادي لجميع دول الاتحاد الاوروبي وقال علنا "المانيا تفكر بينما تتحرك فرنسا" ولكن كوبمان قال ان الضرر كان محدودا.
وقال "سارت (الرئاسة) بصورة افضل عما كان يخشاه الجانب الالماني".
وكانت الصين نقطة ضعف اخرى. وقال محللون ان عدم اتساق موقف ساركوزي كان سببا في الغاء بكين قمة مع الاتحاد الاوروبي عقب مقابلته الدلاي لاما الزعيم الروحي لاقليم التبت.
والسؤال الآن كيف سيكون أسلوب تعامله بعد أن يفقد عباءة الاتحاد الاوروبي ويتولى الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما مقاليد السلطة.
وقال مويسي "لم يعد ملك العالم".