شبح الاجتياحات الماضية كابوس مزعج يطارد سكان حدود قطاع غزة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مع بدء العد التنازلي لاتفاق التهدئة
شبح الاجتياحات الماضية كابوس مزعج يطارد سكان حدود قطاع غزة
ميرفت أبو جامع من غزة: "كأن الريح تحتهم" لسان حال سكان المناطق الحدودية في قطاع غزة الذين يراقبون بقلق وخوف الموعد المحدد للإعلان عن انتهاء المدة المقررة لاتفاق التهدئة التي أبرمت في حزيران الماضي بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل برعاية مصرية ،أو تمديدها لمدة ستة أشهر كما تضمن الاتفاق وان كان الخيار الأخير في ظل تصاعد حدة التصريحات من كلا الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني مستبعد تماما.
وبعد ستة أشهر يشعر سكان الحدود أن التهدئة رغم علاتها ،وفرت لهم أجواء أكثر هدوءا واقل توترا خاصة أبعدت عن أعينهم ومسامعهم ملامح الموت الذي كان لعبة الجنود المتمركزين على مقربة منهم، ويخشى هؤلاء من عودة الأيام التي خلت بملامحها الساخنة والمضطربة حيث صبغت لياليهم ونهارهم بالقلق والرعب وأسكنتهم بيوت من صفيح ساخن يتقلبون لياليهم على فراش من توتر ومطرز بخيوط شتى من صنوف المعاناة.
إسرائيل وعلى لسان قادتها تهدد بشن عملية عسكرية على قطاع غزة بحجة إيقاف صواريخ المقاومة على البلدات الإسرائيلية، من جهتها تواصل الفصائل الفلسطينية ضرب المواقع العسكرية و المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لحدودها مع قطاع غزة بالصورايخ والهاون ردا على الخروقات الإسرائيلية.
وبحسب مصادر إسرائيلية فإن الجيش الإسرائيلي استدعى جنود الاحتياط ، ربما للمشاركة في العملية العسكرية الإسرائيلية لاجتياح قطاع غزة في حال عدم تمديد التهدئة مع الفصائل الفلسطينية في غزة.
خوف وقلق
سكان مناطق التماس يجدون في التهدئة ووقف لنزيف قلقهم وخوفهم، فلم يعد بإمكان المواطنة ناريمان القرا من عبسان الجديدة شرق خان يونس أن تقف في دكانتها الصغيرة قبل ستة شهور كما هو الحال اليوم ، بل الدكان ذاته أجهضته الدبابة الإسرائيلية اثر اجتياحها في بداية حزيران الماضي، فدمرتها بالكامل وأتلفت جميع ما بداخلها من بضاعة وأجهزة كهربائية .
نريمان تصف أجواء الحدود اليوم بالهدوء الحذر متمنية في ذاتها أن تستمر التهدئة أكثر ، وتذكر أنها لن تستطع أن تنسى الأيام الماضية التي عاشتها وأسرتها في رعب، فتشير بيدها اليسرى إلى بيت جارتها الشهيدة وفاء الدغمة التي قتلوها الجنود الإسرائيليون أثناء اقتحام منزلها و بيمينها بيت الشهيدين الحاجة صبحية القرا وابنها عمر الذين استشهدوا في بداية العام ، ثم تلتفت إلى صغيرتها التي تحتضنها بيديها ، قائلة " لقد كادت رصاصة اخترقت جدران البيت أن تقتلها لولا عناية الله ، وتضيف " كتب لها عمر جديد " .
ألواح من الزينك هي جدران جديدة بدل تلك التي هدمتها الدبابة ، تبيع ناريمان احد الأطفال حلوى وتواصل :" كانت دكانتنا مليئة بالبضائع وعبارة عن غرفة مسقوفة فهدمتها الدبابات الإسرائيلية في اجتياحها للمنطقة ، هي مصدر دخلنا الوحيد ،لم نستطع إعادة بنائها لا يوجد اسمنت كما أن إعادة ذلك صعب في ظل هذه الظروف خاصة أننا لا نثق بالنوايا الإسرائيلية بعد ذلك .
أيام عصيبة
وشهدت المناطق الحدودية من قطاع غزة الأشهر التي سبقت التهدئة أياما عصيبة عانى سكانها الويلات جراء الاجتياحات المتواصلة للمنطقة والتوغلات التي دمرت أراضيهم مصدر دخلهم الوحيد ، وخلفت عدد من الشهداء والمصابين وحتى أول أمس توغلت قوة إسرائيلية خاصة بالمنطقة واعتقلت ثلاثة شبان .
ورغم عدم التزام إسرائيل بالبنود المنصوصة في اتفاق التهدئة الشفوي والمعلن بفتح المعابر ورفع الحصار تدريجيا عن غزة، إلا أن السكان على الحدود لهم وجهة رأي مختلفة تماما عما يتداوله السياسيون، فلم يعد توفر الغاز والكهرباء حاجة لهم إذا فقدوا معها الحاجة إلى الأمن والأمان على حياتهم ،هذا ما قالته النسوة اللواتي عشنا أياما صعبة في تلك المناطق .
" لو توفر الغاز والكهرباء وعشنا الخوف والقلق هل ستكون هناك حياة " سؤال تطرحه الطالبة حنان الدغمة " 18 عاما" القاطنة في عبسان الجديدة شرق خان يونس بالقرب من الحدود مع إسرائيل وتضيف يناقشون التهدئة بينهم هل استمعوا إلينا وشعروا بألمنا ومعاناتنا هل سألونا أن كنا نريد التهدئة أم لا .
وتشاركها التساؤلات والتوجسات ذاتها المواطنة القرا وتضيف بعناية الله نجونا بداية العام الحالي من مجزرة محقة خلال القصف وإطلاق النار العشوائي نحن نريد التهدئة أن نشعر بالأمان وإلا تعود أيام الرعب والخوف لأطفالنا نريد أن نعيش حياة طبيعية .
فرص التمديد ضئيلة
ويتصاعد الحوار والنقاش في إسرائيل حول التهدئة مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة ، ويرجح القادة الإسرائيليون إن تنتهي التهدئة قبل موعدها المقرر، في ظل استمرار إطلاق الفصائل الفلسطينية الصواريخ باتجاه إسرائيل، وبالمقابل يتوقع أن تستكمل الفصائل الفلسطينية مشاوراتها مع حركة حماس التي بدأتها قبل أيام بشان التهدئة وبات شبه إجماع بان التهدئة منذ إعلانها هشه لم توفر إلا الأمن لسكان البلدات الإسرائيلية فيما لم تلتزم إسرائيل بها ومارست عدوانها على قطاع غزة .
وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفي ليفيني صرحت امس بان التهدئة لم تعد قائمة على ارض الواقع وأنه في حال استمر قصف الصواريخ فان إسرائيل لن تسمح ببقاء قطاع غزة تحت سيطرة حركة حماس. مؤكدة " ان إسرائيل ستلزم باستخدام كل الوسائل المتوفرة لديها من اجل حماية مواطنيها في حال استمرت الصواريخ بالتساقط على المستوطنات المحاذية لقطاع غزة ".
في حين قللت قيادات من حركة حماس من إمكانية نجاح فرص تمديد التهدئة وشدد خليل الحية القيادي في حركة حماس في تصريحات صحافية على أن الاحتلال مزق التهدئة وشروطها وبنودها ومزق الأوراق التي كتبت بها بنود التهدئة والتي رعتها مصر. وقال:" لا أتوقع أن الفصائل ستمدد التهدئة أمام إصرار الاحتلال على عدم الالتزام بشروطها ، " وأشار الشيخ نافذ عزام القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في أحاديث إذاعية إلى أن كافة المعطيات على الأرض أكدت أن التهدئة ليست في صالح الفلسطينيين، وأن إسرائيل هي التي استفادت وتستغل التهدئة لصالحها دون أن تقدم مقابل يشعر به الفلسطينيون.
هدوء أكثر وتوتر أفل
أم وائل القرا التي تسكن على مقربة من الحدود مع إسرائيل تقول :"نريد راحة البال رغم أن مقومات الحياة غير متوفرة لدينا ، فلا غاز ولا كهرباء ، ولكننا نصمد ،ونحتمل كل ذلك مقابل أن نعيش حياتنا بأمان ، وألا تعود المنطقة إلى الاجتياحات والتوغلات مطالبة الفصائل قبل الإعلان عن انتهاء التهدئة التفكير بجدية والنظر إلى أحوالهم بإنسانية .
ويراقب توفيق أبو طعمية" 48 عاما" نشرات الأخبار والتصريحات حول التهدئة ويقول :"نريد ان نعيش بأمان هنا ، لا احد يشعر بمعاناتنا ، كل مسئول في بيته أما نحن فنتصدى وحدنا لهذه الاجتياحات ".
مجرد الحديث عن الأيام الماضية كان كفيلا بأن يرتعش جسد زوجته فاطمة أبو لطيفة المريضة بالقلب مستحضرة الصور المؤلمة للأحداث التي عايشتها من قبل وتقول " عشنا أيام مرعبة ، كنا كالدجاج ننام إجباريا من المغرب أو نتشرد في بيوت أقاربنا البعيدة عن المنطقة لننجو وأطفالي من الموت ".
وعلى الرغم أن منزل أبو لطيفة يبعد مسافة 500 متر مع الحدود مع إسرائيل إلا أن بيته تعرض سابقا للاجتياح وأصيب احد أبنائه.
الطالبة الدغمة تشعر اليوم بهدوء لم تنعم به من قبل، بل تشير أنها لم تكن تستطع أن تذهب لمدرستها وتعيش حياة طبيعية قبل ذلك ،وتعرب الدغمة عن أملها أن تستمر التهدئة حتى تتمكن من إكمال دراستها التوجيهي هذا العام مشيرة أنها عزمت ان تنجح بمعدل مرتفع لتستطيع دراسة التمريض الذي تقرر .
واختيار الدغمة لتخصص التمريض لم يكن عبثا وإنما بحسب قولها :" بأن منطقتها تبعد عن المراكز الصحية وعرضه دوما للاجتياحات الإسرائيلية وبحاجة لها، لذا تقرر دراسته وتتمنى أن يستمر الهدوء لتتمكن من تحقيق حلمها في مواصلة تعليمها .
كابوس الاجتياحات هل يعود؟
وحتى تنطوي الأيام القليلة القادمة التي بقيت على مدة صلاحية التهدئة التي أعلنت قبل ستة شهور بين إسرائيل وحركة حماس بتوافق الفصائل الفلسطينية ، وأوقفت بموجبها فصائل المقاومة الفلسطينية إطلاق الصواريخ لفترة وجيزة من تلك الفترة بينما لم تلتزم إسرائيل ببنودها، يبقى الخوف والقلق والحذر يصاحب المواطنين وشبح الموت في صورته القديمة وربما الجديدة أشد شراسة بحسب التهديدات الإسرائيلية كابوس مزعج يطارد أحلام الدغمة في تفوقها بالثانوية العامة لهذا العام ،والباقين في العيش بسلام وأمان .