شرطة أبوظبي تحذّر من الباعة المتجولين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أبوظبي: حذّرت القيادة العامة لشرطة أبوظبي من المخاطر التي تنجم من استجابة بعض أفراد الجمهور للباعة المتجولين "الليلام" داعية إلى ضرورة الإبلاغ عنهم، لاجتثاث هذه الظاهرة السلبية من جذورها، وحماية المجتمع من مخاطرها العديدة.
وكشف مدير عام العمليات الشرطية بالإنابة اللواء محمد بن العوضي المنهالي عن عدة جرائم، تراوحت بين السرقة والاحتيال، وصولا إلى الاعتداء، اقترفها باعة "الليلام" الذين يتخذون من الأحياء السكنية مكاناً آمناً لترويج بضائعهم المسروقة من دون التورّع عن توظيف المعلومات والأسرار التي يطلعون عليها داخل البيوت المحصنة، وتزويدها لشركاء آخرين لهم، بهدف السطو أوالابتزاز أو ما شابهها من الأعمال الإجرامية الأخرى التي ثبت ضلوعهم فيها بشكل وثيق الصلة.
ورأى مدير إدارة العلاقات والتوجيه المعنوي بالإنابة العميد محمد صالح بداه أن الباعة المتجولين هم أكثر خطراً من المتسولين، لأن المتسول يكون واضحاً للعيان، ويمكن تجنب التعامل معه، والإبلاغ عنه بسهولة، فيما يتخذ البائع المتجول من الأحياء السكنية مكاناً يختبئ فيه، ومن أصحاب المنازل زبائن دائمين له، يوطد معهم علاقات الثقة والصدقة التي يسهل استغلالها لاحقاً.
وروى بداه ان إحدى النساء اشترت من بائع آسيوي بما قيمته 200 درهم من بخور العود، لتكتشف فور استخدامه انه لايتعدى كونه نشارة خشب ملونة بطلاء وبعض الروائح المؤقتة، كما تبين لها أن غالبية نساء الحي قد اشترين تلك البضاعة من دون التمكّن من القبض على الفاعل لكونه مجهول الهوية ومكان الإقامة أو العمل.
ووفقاً للعميد بداه فإن مهنة الباعة المتجولين تعدّ بوابة للإجرام نظراً لسهولة اتصالهم بفئة الخدم، وتكوين علاقات ذات منافع متبادلة بين الطرفين، ضحيتها الأسرة دائماً، إذ يمثل "الليلام" وسيلة سهلة لإخفاء المسروقات وترويج أعمال الشعوذة والأدوية الخطرة، خلافاً للمخدرات والأفلام الإباحية، التي تستهدف جيل المراهقين، ناهيك عن المخاطر الصحية لبعض البضائع سيئة الصنع، كمواد التجميل والأطعمة والحلوى والألعاب غير الآمنة للأطفال وسواها.
وذكّر بحادثة طريفة وقعت مطلع العام الماضي، حيث القي القبض على بائع متجول أثناء بيعه "ماء مقدسة" يزعم قدرتها على شفاء بعض الأمراض المستعصية، حيث روقب من قبل الشرطة وألقي القبض عليه، أثناء قيامه بتعبئة قواريره الملونة من ماء إحدى القنوات المخصصة للري الزراعي، منتقداً بعض الذين يتخذون من الدين ستاراً للإضرار بالمجتمع، حيث يعمد بعض الباعة إلى ترويج مطبوعات وأدعية دينية للوصول إلى مبتغاهم الإجرامي.
من جهته، أكّد مدير إدارة شؤون القضايا المقدم حمد سعيد الظاهري أن كل من يثبت تورّطه بالبيع عبر التجوّل في الأحياء السكنية أو في الطرقات أو أمام المساجد وغيرها، ستتخذ بحقه تدابير الإبعاد عن الدولة والحبس أو الغرامة، وأوضح ان الإمارات تمنع بموجب قانون صادر العم 1995 التسول في أنحاء الدولة كافة، وتمنع جمع التبرعات من قبل الأشخاص الذين يدّعون أنهم يعملون لمصلحة جمعيات خيرية، فضلاً عن منع مزاولة الأفراد لمهنة غسل سيارات الآخرين كمهنة للكسب.
وأشار إلى أن عدد القضايا التي ضبط متهمين فيها لمخالفتهم القرار المشار إليه خلال السنوات الخمس الأخيرة، تراوح نحو 38 شخصاً في العاصمة وحدها، غالبيتهم من الجنسية الآسيوية، كانوا دخلوا الدولة بطريقة غير مشروعة، موضحاً أن غالبية البضائع المضبوطة مع الباعة المتجولين تعدّ غير مهمّة، كبيع اللبان والمساويك والساعات والأقمشة والفول السوداني أو الفستق وأنواع الحلوى والألعاب وغيرها.
ويرى مدير إدارة الشؤون القانونية في وزارة الداخلية ومستشار الجنسية والإقامة المقدم راشد سلطان الخضر ان ظاهرة الباعة الجائلين لا تختلف كثيراً عن ظاهرة التسول، حيث ان ما يروّجونه من بضائع تخدع الجمهو،ر وتدرك الغالبية العظمى من الناس أن ما يشترونه قليل النفعوقصير العمر، مشدّداً على أهمية تعاون الجمهور في الإبلاغ عن الباعة المتجولين، لاسيما وأن الشرطة تقوم بواجبها في القبض عليهم والتحقيق.
وأوضح أن جهات الترخيص في الدولة ليس لديها رخصة باسم بائع متجول، كما لا توجد مهنة في وزارة العمل مسجّلة بهذا الاسم وبالتالي فهم في نظر القانون مخالفون يستوجبون الملاحقة.
ولفت إلى أن الغالبية العظمى من ممارسي هذه المهنة لا يملكون إقامة في الدولة، وقدموا إليها بتأشيرات زيارة أو سياحة، بحثاً عن مزيد من المال، وترويج بضاعتهم وتضليل الجمهور. وكشف عن أن بعض الحالات التي ضبطت ثبت أنها تعمل لحساب محال تجارية مرخصة لا يكتفي أصحابها بعرض بضاعتهم فيها، ويسرحون هذه الفئة مقابل أجر يومي.
كما أن بينهم بعض الأشخاص الذين جلبوا كميات قليلة من هذه البضائع من بلادهم، ويسعون إلى بيعها في الإمارات، مستفيدين من فارق الأسعار.
وقال مدير إدارة الشرطة المجتمعية بالإنابة الرائد مبارك بن محيروم إن الشرطة المجتمعية، رغم حرصها على رصد هذه الظاهرة والتعامل معها بصورة صحيحة، إلا أن جهودها لن تحقق الأهداف المنشودة منها، ما لم يبادر أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين بالإبلاغ عن "الليلام" أو الباعة المتجولين لحظة ظهورهم.
وأشار إلى أن مساعدة الأسر لدخول هؤلاء الباعة المتجولين إلى البيوت هو بمثابة فتح الباب إلى خطر محقق، عليهم وعلى الأطفال في غياب الآباء، حيث لوحظ أن الباعة المتجولين يفضّلون البيع دوماً في الفترات الصباحية، موضحاً انه وخلال عملية البيع لا يوجد ضمان للمستهلك حول صلاحية المنتج أو نوعيته أو أي من الضوابط التي تطبق على المحال التجارية.
وحول رأي الشرع في هذه الظاهرة، أفاد رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف حمدان بن مسلم المزروعي أن الأصل في التجارة هو الإباحة، بغض النظر عن مكان ممارستها، على أن تتوافر شروط إباحتها، والتي يدخل من ضمنها عدم الاتجار بما هو ضار على الصحة وعلى المجتمع.
وحثّ المزروعي على عدم التعامل مع الباعة المتجولين، وعلى عدم التردد في التبليغ عنهم للجهات المختصة، التي أوكل إليها أمر تنظيم شؤون البيع والشراء وتقنينه، بما فيه نفع المجتمع وصلاحه، مشيراً إلى أنه وعلى الرغم من عدم وجود فتوى رسمية تحرّم التعامل مع البائع المتجول، إلا أن أخطار التعامل مع هذه الفئة قد تكون كبيرة.
حيث إن معظمهم مخالف لقوانين الإقامة والجنسية، ولا يعملون على كفالة من جلبهم إلى البلاد، وبعضهم يلجأ إلى تداول سلع ضارة أو محرّمة أو منتهية الصلاحية، دالاً إلى أن التعامل مع الباعة المتجولين فيه غبن وضرر للتجارة الرسمية وللتجار المرخصين الذين يلتزمون بالقوانين وبأن العملية فيها إضرار للاقتصاد الوطني بشكل عام.
من جانبها، شددت مديرة فرع البحوث والدراسات الأمنية بكلية الشرطة الرائد إيمان الجابري على أن خطورة عمليات بيع المتجول تكمن في عشوائيتها وعدم تنظيمها وصعوبة ملاحقة أفرادها، حال حصول مخالفات، داعيةً إلى تقنين عمليات البيع التي لا تتطلّب الحصول على مكان رسمي أو رخصة تجارية، والنظر في إمكانية منح بعض الباعة المتجولين رخصاً رسمية لممارسة أعمال بيع قد تكون ذات فائدة على المجتمع، حاثّة على دراسة أوضاع البائعين بهذه الطريقة والقيام بتقديم المساعدات الاجتماعية لمن يحتاجها منهم، حيث إن كثيرا منهم يلجأ إلى البيع بطريقة التسول والاستجداء.
بدوره، حضّ الباحث الشرعي إبراهيم نجيب المهلاوي على الامتناع عن التعامل معهم، معتبراً عدم الإبلاغ عنهم محرّم شرعاً، لكونهم قد يلحقون ضرراً بالمجتمع، أسفاً لأن الكثير من المطبوعات الدينية التي يبيعها الجائلون لا تخضع للرقابة من قبل الجهات المختصة، مما يجعلها تحتوي أخطاء شرعية فادحة، مشوهة الصورة الحضارية للإسلام التسامحي ونهجه القويم، خاصة ان الباعة لايفرقون بين المنازل التي لايقطنها بالضرورة عرب أو مسلمون. كما لا يراعون خصوصية أوقات الراحة أو النوم ما يجعلهم ضيوفا غير مرغوب فيهم أصلاً.
وتشير إحصائيات الشرطة إلى أن 93 % من المقبوض عليهم خلال الأعوام الخمسة الأخيرة بممارسة بيع التجوال خلافاً لما نصت عليه القوانين الناظمة لهذا المجال دخلوا الدولة بطريقة غير مشروعة "تسلل"، فيما أثبتت التحقيقات تورّط 20% منهم في أعمال السرقة، و13 % بالنصب والاحتيال، و11 % خيانة الأمانة، و7 % أعمال تتنافى مع الآداب العامة، والنسبة الباقية تراوحت بين التهديد والابتزاز والدجل وغيرها.