إعادة التفكير بإقامة الدولتين...الخيار الأردني كبديل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: يُعد نموذج الصراع العربي - الإسرائيلي أحد أقدم أشكال النزاعات القائمة في الأساس على إحتلال الأرض، في ظل وجود عديدٍ من أشكال الاحتلال والاستعمار حاليًا، ولعل هذا أهم ما يميزه عن غيره من الصراعات، إلى جانب أن آثاره تمتد إلى أبعد من المعنيين به، لاسيما مع وجود تداخل بين مصالح القوى الإقليمية والكبرى مع طرفي الصراع، حتى بات هذا الصراع أحد أهم أسباب الاضطراب في الشرق الأوسط، على الرغم من الاهتمام الذي يحظى به هذا الصراع من قبل الأطراف الدولية كافة.
وفي هذا الإطار يأتي اهتمام معهد واشنطن لسياسةِ الشرق الأدنى أحد مراكز الفكر الأميركية الموالية لإسرائيل - بقضية الصراع العربي- الإسرائيلي من خلال هذه الدراسة "إعادة التفكير في حل الدولتين" للكاتب "جيورا إيلاند " التي تتناول العقبات التي تعترض سبيل تحقيق تقدم في مسيرة المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وصعوبات إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وهو الأمر الذي يطرح من جديد الخيار الأردني كحل بديل، ذلك الخيار الذي يدعو إلى دمج الضفة الغربية إلى الأردن، من خلال إيجاد صيغة اتحادية بشكل ما فيما بينهما، وهو خيار تطرحه الدراسة بحجة عدم واقعية وصعوبة تحقق الخيارات والمطالب الإسرائيلية من جهة والفلسطينية من جهة أخرى. وقد قَسَّم الكاتب دراسته إلى قسمين تناول الجزء الأول منهما الصعوبات التي تواجه عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فيما تناول الجزء الثاني الخيار الأردني كبديل لحل الدولتين.
تغيرات ما بعد أوسلو والترتيبات الأمنية
أشارت الدراسة إلى أن السنوات الثماني التي أعقبت اتفاقية أوسلو قد حملت في طياتها عديدًا من التطورات التي بددت التفاؤل الذي أعقب الاتفاقية، على خلفية تزايد العمليات الاستشهادية ضد الإسرائيليين، لاسيما منذ الانتفاضة الثانية عام 2000، مرورًا بتكّرس الاعتقاد الإسرائيلي بتقلّص قدرة القيادات الإسرائيلية على إحكام القبضة على حركات المقاومة الفلسطينية، على خلاف الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي تمتع بولاء قوات الأمن وحركة فتح، بعكس الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء سلام فياض غير المدعومين من قبل أطياف الشعب الفلسطيني كافة، بالإضافة إلى تدني القدرات العسكرية لقوات الأمن على الرغم من المبالغ الطائلة التي تستثمر في إعدادهم، وتسلل العناصر الفدائية لصفوفها، وانتهاءً باستيلاء حركة حماس على قطاع غزة، وتزايد قوتها خلال السنوات القليلة الماضية.
ففي أعقاب فشل اتفاقية أوسلو تزايد الاهتمام بعامل التهديد الأمني من قبل إسرائيل، كما تزايد الحديث عن أهمية وضرورة وجود ترتيبات أمنية بين الطرفين تقوض استخدام الفلسطينيين لثلاثة أنواع من الأسلحة هي الصواريخ البدائية، والقذائف المضادة للدبابات، والصواريخ المضادة للطائرات، فيما يعد القاسم المشترك بين هذه الأسلحة هو صعوبة وقف تدفقها لأيدي الفدائيين الفلسطينيين، أو السيطرة على آثارها المدمرة، وفي هذا الإطار تشير الدراسة إلى أن اعتقاد إسرائيل في إمكانية حل مشكلة الأمن من خلال اتفاقية دائمة قد تبددت، وبالتالى لم تعد لديها الرغبة ذاتها في الدخول في اتفاقيات مماثلة. وبالمثل مع اعتقاد الفلسطينيين في عدم وجود رغبة لدى الإسرائيليين في الوصول إلى حل عبر التفاوض ونية لإنجاز ما يمكن أن ينشأ التزامات من خلال اتفاقية دائمة، تزيد من تصلب خياراتهم.
غير أن الكاتب يعود ليؤكد على أنه على صعيد ما تم اتخاذه من ترتيبات أمنية بين فلسطين وإسرائيل، أشارت الدراسة إلى أن المشكلات الأمنية بين الجانبين ليس من العسير حلها، لاسيما مع ما يبديه الجانب الفلسطيني من مرونة في هذا الشأن بالمقارنة بالقضايا الخلافية الأخرى.
الحدود وتعثر المفاوضات
ترجح الدراسة أن تستمر قضية الحدود السبب الرئيس لاستمرار تعثر مفاوضات السلام بين إسرائيل وفلسطين، على خلفية الخلاف حول كيفية تنفيذ العودة إلى حدود عام 1967 في ظل وجود الخلاف حول مشكلتي القدس وحق عودة اللاجئين. في حين تشكل مشكلة الحدود بشكل عام عائقًا أمام الاعتراف الدبلوماسي للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية من قبل الدول الأخرى.
كما أشارت الدراسة إلى أن منطقة الشرق الأوسط لا تزال تعاني من وجود عديدٍ من مشكلات الحدود بين دولها، تلك المشكلات التي تلقي بظلالها على استقرار المنطقة، مثل مشكلات الحدود بين العراق والكويت، والمملكة العربية السعودية واليمن، وقطر والبحرين، ومصر والسودان، ومصر وليبيا، وسوريا ولبنان.
أما على صعيد المشكلات الحدودية التي نشأت بين الدول العربية وإسرائيل، فقد أشار الكاتب إلى أن محكمة العدل الدولية قد وضعت حدًّا للخلاف المصري الإسرائيلي حول مدينة طابا، في حين نظمت اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل إدارة الحدود بين الطرفين، وكذلك انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني قد خلق واقعًا جديدًا للخلاف حول الحدود بينهما، بينما لا تزال مشكلة الجولان قائمة بين سوريا وإسرائيل.
وبالعودة إلى الحدود الفلسطينية الإسرائيلية، أوضحت الدراسة أن المناقشات حولها الآن مستندة إلى سابقتها حتى عام 2000، والتي بموجبها لن تكون إسرائيل قادرة على الاحتفاظ بأكثر من 3 أو 4 % من الضفة الغربية، كما لن يكون لها مستوطنات على طول وادي الأردن. وهو ما يعني استمرار المراوحة بين ثلاثة أولويات ومصالح إسرائيلية : اعتبارات الأمن القومي، والحفاظ على أكبر عدد من المستوطنات، والحاجة لتقليل عدد الفلسطينيين على الجانب الإسرائيليِ للحدود.
نزع سلاح الدولة الفلسطينية ممكن
على خلفية اعتقاد الكاتب في أن الاتفاقات الأمنية ليس من العسير التوافق على صيغة مشتركة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، فإنه يواصل ترجيحه لسهولة التوصل إلى صيغة تفاهم حول طبيعة سلاح الدولة الفلسطينية، حيث يرى الجانب الإسرائيلي إمكانية تكوين الدولة الفلسطينية لقوات عسكرية نظامية دون التسلح ببعض الأسلحة مثل الطائرات والمروحيات المقاتلة، والدبابات، وأي نوع من الصواريخ، وهو ما يمكن أن يوافق الطرف الفلسطيني عليه، غير أنه عاد ليشير إلى صعوبة السيطرة على آليات تنفيذ هذا الاتفاق إذا ما دخل حيز التنفيذ، بسبب سهولة تهريب بل وصناعة معظم الأسلحة التي سيمنع الجانب الإسرائيلي من حيازتها لاسيما على طول شريط نهر الأردن.
وفي هذا السياق يقدم الكاتب خيارين لحل هذه المشكلة، الأول: يتطلب من إسرائيل إحكام الإشراف على الحدود - شريط نهر الأردن- التي يمكن تهريب السلاح منها إلى الداخل الفلسطيني، وذلك من خلال تواجد أمني على الأقل على مساحة 8 -10 كيلومترات. وهو ما يتطلب أيضًا خضوع حوإلى 11 % من أراضي الضفة الغربية للإدارة الإسرائيلية. وهو ما يستبعد قبوله من الجانب الفلسطيني، مما يجبر إسرائيل على اللجوء إلى توكيل الأردن في هذه المهمة، الثاني: اللجوء إلى نشر قوة دولية على طول الحدود. هو أمر مشكوكٌ في جدواه من المنظور الإسرائيلي.
وعلى الرغم من تقديم إسرائيل تنازلاً خلال مفاوضات عام 2000 اعتبر الأكثر جدلاً حينها مفاده تخفيف طلباته بشأن السيطرة على المجال الجوي للدولة الفلسطينية، فإن الكاتب يرجح تغيير هذا الموقف الإسرائيلي والاتجاه ناحية الاحتفاظ بالسيطرة على المجال الجوي للضفة الغربية، لاسيما في ظل التوتر الذي يثيره ملف إيران النووي والحديث بكثافة عن احتمالية ضربة إجهاضية للبرنامج النووي الإيراني من خلال إسرائيل، واحتمالية الرد الإيراني على هذه الضربة، وهو ما يعظم أهمية سيطرة إسرائيل على المجال الجوي لهذه المنطقة التي ستكون قادرة بموجب هذه السيطرة على الرد على أي هجوم جوي آت سواء من إيران أو العراق أو الأردن أو سوريا. في الوقت الذي يتوقع فيه معارضة الجانب الفلسطيني لسيطرة إسرائيل على المجال الجوي للدولة الفلسطينية المأمولة، لاسيما وأن السيطرة على المجال الجوي أحد أهم متطلبات السيادة الوطنية.
وعلي صعيد التواجد الاستخباراتي الإسرائيلي في الضفة الغربية، في ظل تواجد عديدٍ من قواعد الاستخبارات الإسرائيلية حاليًا هناك بهدف مراقبة النشاطات المعادية في الأراضي الفلسطينية وبعض الدول المجاورة. فتتوقع الدراسة أن يطالب الجانب الفلسطيني بإنهاء تواجد هذه المكاتب كمظهر من مظاهر السيادة الوطنية أيضًا، وهو ما سيرفضه الجانب الإسرائيلي أيضًا، وبالتالى سينصب النقاش حول إمكانية وجود أجهزة استخبارات أجنبية على الأراضي الفلسطينية من عدمه وبالتالى من الممكن إيجاد صيغة لتواجد استخباراتي إسرائيلي، على أن يكون التركيز في التفاوض على هذه القضية حول أربعة أسئلة رئيسة هي: كم مكتبًا استخباراتيًّا سيؤسس على الأراضي الفلسطينية؟، لمن ستكون إدارة هذه المكاتب؟، لمن ستكون السيطرة على الحدود والطرق المؤدية لهذه المكاتب؟، وما المدة التي ستمنح للجهات التي ستقوم بفتح مكاتبها من قبل الجانب الفلسطيني؟.
ويشير الكاتب في هذا الإطار إلى أن المسئولين الفلسطينيين سيطالبون بتحديد فترة لتواجد مثل هذه المكاتب على أراضيها، غير أن إسرائيل من جانبها ستصر على أن تكون هذه المكاتب دائمة.
مشكلة المياه عصب الصراع
في ضوء ما تلعبه المياه من أهمية استراتيجية لعديدٍ من دول العالم لاسيما التي تعاني من أزمة في توفير القدر المناسب من المياه، يتوقع أن تضع إسرائيل قضية المياه ضمن أولوياتها في صراعها مع فلسطين، لاسيما وأن معظم مصادر المياه تتوزع بشكل عشوائي تحت الحدود المتنازع عليها بينهما، مما يعني أن الحفر لاستخراج المياه من جانبٍ يؤثر على منسوب المياه في الجانب الآخر.
ومع العلم بأن 60% من مياه إسرائيل تأتي من الطبقات الجوفية المشتركة بينها وبين أراضي الضفة الغربية، يمكن معرفة حجم أهمية واهتمام إسرائيل بمصادر المياه، إذ بات من أهم أهدافها أن تحمي مصادر مياهها من استخدام الفلسطينيين من ناحية، ومن التلوث من ناحية أخرى. في حين يرى الخبراء أن هذه الأهداف لا يمكن إنجازها من دون التعاون بين إسرائيل وفلسطين.
وفي هذا الإطار تأمل إسرائيل أن تدخل الأردن على خط التعاون في مجال اقتسام المياه بين إسرائيل وفلسطين وذلك من خلال خطة طموحة لبناء قناة لجلب المياه من نهر الأردن، وذلك لتفادي أثر نقص المياه الذي يمكن أن تتعرض له إسرائيل من جراء حفر الفلسطينيين الآبار للحصول على المياه، فعلى سبيل المثال عقب الانسحاب الإسرائيلي من غزة قام الفلسطينيون المدنيون بحفر المئات من الآبار الجوفية دون الحصول على رخص، الأمر الذي أثَّر بالسلب على نسبة المياه المتاحة لإسرائيل.
ويشير الخبراء إلى أنه يتوجب وجود خطة إسرائيلية فلسطينية مشتركة تضمن التعاون في مجالات خلق مصادر مياه جديدة لكلا الطرفين، سواء من خلال تنقية مياه الصرف الصحي، والحفاظ على مياه الفيضانات.
قضية اللاجئين صلب القضية الفلسطينية
تمثل مشكلة اللاجئين إلى جانب مشكلات أخرى صلب القضية الفلسطينية، حيث بدأت مشكلة اللاجئين عام 1948، وبالرغم من تعدد الإحصاءات واختلافها حول عدد اللاجئين الفلسطينيين، فإن وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين قد قدرتهم بحوإلى 3 مليون و47 ألف لاجئٍ فلسطيني لجئوا إلى عديدٍ من الدول في الشرق الأوسط، غير أن التجمع الأكبر لهؤلاء اللاجئين في الأردن ولبنان.
على الرغم من قبول بعض الإسرائيليين فكرة إقامة دولتين ليس اقتناعًا بضرورتها، وإنما كسبيل للعيش في سلام وأمن ورفاهة اقتصادية في مرحلة لاحقة، فإن مجريات المفاوضات وما تبرزه من اختلافات عميقة في الرؤى، قد قللت من سقف توقعات إنشاء دولتين، إذا بات من المتوقع أن تكون المفاوضات المستقبلية بين الطرفين أقرب بالمعادلة الصفرية، بدلاً من أن تكون مشروعًا مشتركًا لتحقيق أكبر قدر من مصالح الطرفين معًا.
وقد أسهم في تكريس هذا التوقع عاملان رئيسان هما: زيادة العنف الموجه ضد الإسرائيليين منذ عام 2000 الذي شهد الانتفاضة الثانية في التاسع عشر من شهر سبتمبر من ذلك العام، وتزايد أعداد الفلسطينيين بشكل ملحوظ. ونظرًا لهذين العاملين أصبح التفكير الإسرائيلي منصبًّا على ضرورة عدم تواجد الفلسطينيين على الأراضي الخاضعة للسلطات الإسرائيلية، حتى أولئك الذين يعملون بوظائف داخل إسرائيل.
وطبقًا لهذه الرؤية فإنه من المحتمل أن تنحصر مجالات التعامل بين الدولتين - إذا ما أقيمت دولة فلسطينية - في مصادر المياه، والقضايا البيئية، وقضايا الأمن، ومصادر الطاقة، وذلك نظرًَا لتوقع أن تعمل السلطة الفلسطينية على تقليل اعتمادها على إسرائيل اقتصاديًّا لاسيما وأن العملة النقدية واحدة، وأن غزة وإسرائيل والضفة الغربية يشتركون في مصرف واحد.
وبالنظر إلى القضايا المرشحة لكي تكون مجالات للتعاون بين الدولتين، يمكن القول: إنها في حد ذاتها قضايا خلافية بين الطرفين، الأمر الذي يعني صعوبة التوصل إلى خيار قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. الأمر الذي أتاح الفرصة مجددًا لبروز الخيار الأردني كحل بديل لخيار الدولتين. نظرًا لعلاقة الأردن الوطيدة بالقضية الفلسطينية من الناحيتين الجغرافية والديمغرافية، اعتمادًا على وجود صيغة اتحادية سابقة بين فلسطين والأردن، حينما صوت مجلس النواب الأردني خلال عام 1950، على توحيد الضفة الغربية مع المملكة الأردنية الهاشمية، بالإضافة إلى أن هذا الخيار يحقق بعض الطموحات الإسرائيلية، لاسيما فيما يخص توطين اللاجئين الفلسطينيين واستيعابهم بشكل أكبر في الدولة الأردنية. وجعل مدينة القدس مدينة مفتوحة تضم الثلاث ديانات الإسلام والمسيحية واليهودية.
لماذا الخيار الأردني؟
على الرغم من الرفض الذي قوبل به الخيار الأردني كحل بديل لقيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب الدولة الإسرائيلية، من الأطراف الثلاثة، لاسيما الطرف الأردني الذي رفض إعادة التاريخ مرة أخرى من خلال ضم الضفة الغربية إلى المملكة الهاشمية، فقد عاد الحديث وبقوة عن إمكانية تحقق هذا الاقتراح، لاسيما بعد ظهور محفز جديد أسهم في العودة القوية لهذا الطرح وهو صعود حماس، واستيلائها على الحكم في غزة، إذ بات الأردن متخوفًا من إمكانية سيطرة حماس على الضفة الغربية إذا ما قامت دولة فلسطينية مستقلة كما حدث في غزة، لاسيما وأن صعود حماس قد اقترن بنمو تأثير الأخوان المسلمين في المملكة الأردنية، مما يعني أن حكم حماس على الحدود الأردنية المباشرة يمكن أن يؤدي إلى تغيير النظام الحالى في عمان.
وفي إطار إدراك الخطر الذي بات يهدد النظام الأردني إذا ما حكمت حماس، بدأ عديدٌ من المفكرين الأردنيين يروجون لفكرة أن ضم الضفة الغربية إلى الأردن كسبيل وحيد لتقويض أي تحالف محتمل بين حماس في الضفة الغربية، والفلسطينيين في عمان الذين باتوا يشكلون أغلبية في الأردن.
أما على الصعيد الفلسطيني فتشير الدراسة إلى أن كثيرًا من الفلسطينيين باتوا يؤيدون هذا الاقتراح أيضًا، نظرًا لصعوبة استقرار نموذج الدولة الفلسطينية المستقلة - إذا ما قامت بالفعل- وفي حالة عدم الاستقرار هذه سيكون من السهل على حماس السيطرة على الدولة الجديدة، في الوقت الذي يفضل فيه الفلسطينيون المعتدلون العيش تحت نظام أردني بدلاً من حماس. وعلى الرغم من رفض السلطة الفلسطينية ممثلة بحركة فتح لفكرة اندماج سلطتها مع الأردن وفق أي مشروع إقليمي أو دولي قبل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ثم تقرير الانضمام إلى الأردن من عدمه وهو ما يمكن فهمه في إطار عدم رغبة الحركة في خسران السلطة، فإن القيادة في فلسطين تظل أقلية بالمقارنة بالأغلبية الصامتة التي تريد حل القضية الفلسطينية وفق أي نموذج وهي بالتالى لا ترفض الخيار الأردني نظرًا لرغبتهم العارمة في حياة أفضل.
وعلى الصعيد الإسرائيلي، فيعد الخيار الأردني هو الحل المقبول الوحيد المقابل لرفض قيام دولة فلسطينية مستقلة، حيث تشير الدراسة إلى أن الأحزاب الإسرائيلية في أغلبها لا تريد قيام دولة فلسطينية مستقلة إلا كمقدمة للاتحاد مع الأردن وفق نظام فيدرالي.
ويكفل تنفيذ هذا الاقتراح لإسرائيل حل المشكلات العالقة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعدم تكبد أعباء حلها إذا ما قامت دولة فلسطينية مشتركة، إذ سيعمل هذا الاقتراح على تخليص إسرائيل من مشكلة استيعاب الأعداد الكبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك إنهاء مشكلتي القدس والمستوطنات، كما أن ضم الأراضي الفلسطينية التي ستتخلى عنها إسرائيل إلى الدولة الأردنية سيضمن لإسرائيل سيطرة السلطات الأردنية على الفلسطينيين من خلال سلطة مركزية قوية، مما يوفر لها - أي إسرائيل- عامل الأمن المفقود الآن، بالإضافة إلى أن خضوع الأراضي الفلسطينية لسلطة مركزية أردنية سينقل الهاجس الديمغرافي من إسرائيل إلى الأردن.
ففي السنوات الأخيرة ظهرت حقيقتان أساسيتان بشأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، أولهما : أن الصراع قد أنشأ جوًّا من التناقض والتعارض والاضطراب على الأرض الواحدة، ثانيهما : أن حل الصراع ممكن طالما التزم أطرافه بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه أو قبول الخيار المطروح.
وترى الدراسة أن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يختلف نوعيًّا عن النزاعات الأخرى في العالم، مثل النزاع بين الهند وباكستان على كشمير، بل والصراع بين سوريا وإسرائيل على مرتفعات الجولان، وذلك في ثلاثة أوجه على الأقل:
أولها: أن الشعب الفلسطيني يعيش تحت الاحتلال وفق شروط باتت غير مقبولة دوليًّا وإقليميًّا.
ثانيها: أن إسرائيل غير قادرة على ترسيم الحدود بشكل قاطع ونهائي حتى ينتهي الصراع.
ثالثها: أن للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي عديدًا من التداعيات الدولية والإقليمية. كما أنه يتأثر أيضًا بالتطورات التي تفرز في محيطه الإقليمي، والدولي.
وفي هذا الإطار ترجع الدراسة أسباب فشل المفاوضات الحالية، وبالتالى الفشل في الوصول إلى حل الدولتين، ومن ثم اللجوء إلى الخيار الأردني إلى وجود أربع عقبات أساسية، وهي:
أولاً: وجود حماس وبهذه القوة الحالية، وحتى مع فقدانها الأغلبية في البرلمان، وكذلك سيطرتها على غزة، يمكنها من القدرة ما يكفي لنسف أي عملية دبلوماسية. حيث ستحتفظ حماس بتأثيرها على الفلسطينيين لاسيما في غزة، إلى أن يقدم الفلسطينيون أنفسهم رؤيتهم لحل الأزمة، في الوقت الذي يعتبر فيه الفلسطينيون أن إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة فقط لا يعد حلاًّ للأزمة.
ثانيًا: تعثر المفاوضات وذلك ناتج عن تبني الطرفين وجهتي نظر مختلفتين ومتضادتين على طول الخط ، فعلى الجانب الإسرائيلي، يصر الإسرائيليون على ضرورة نزع سلاح المنظمات الفلسطينية وحل مشكلة الأمن كشرط أساسي لبدء المفاوضات. في حين يصر الجانب الفلسطيني بدوره على إبداء عدم وجود النية في إقناع وحث هذه المنظمات على نزع سلاحها أو تخفيضه حتى يتم الالتزام بالجدول الزمني كحل شامل للأزمة.
ثالثًا: صعوبة تجسير الفجوات. فمنذ عام 2000 تحولت المفاوضات بين الطرفين لمعادلة صفرية، أي أن طرفًا خاسرًا أمام طرف حقق المكاسب كافة، فنظرًا لاعتبارات البقاء السياسي عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تبني استراتيجية واحدة مفادها أن الحد الأعلى لقبول الحكومة الإسرائيلية لعرض فلسطيني هو الموافقة على الحد الأدنى من هذا العرض. الأمر الذي قلص من حافز الطرفين للمضي قُدمًا في المفاوضات.
رابعًا: افتراض إمكانية تحقق المستحيل. وذلك من خلال تخيل إمكانية حل المشكلات الثلاثة السابقة وبالتالى إنجاز اتفاقية سلام شاملة تضمن فيما تتضمن إجلاء 100 ألف إسرائيلي من الضفة الغربية، وحتى مع حدوث ذلك الاحتمال بالفعل تبقى عقبتان أمام نجاح قيام الدولة الفلسطينية على الأقل وهما أن الدولة الفلسطينية لن تكون فاعلة، كما لن تكون الحدود التي ستطرحها إسرائيل مقبولة، وهو ما يدفع إلى زيادة موجات العنف بين الجانبين.
في ضوء تشابك وتشعب الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، تظهر أهمية تدخل بعض الأطراف الإقليمية وإسهامهم في إنجاز حل لهذا الصراع، وعلى رأس هذه الأطراف كل من مصر والأردن والمملكة العربية السعودية.
وفي هذا الإطار يشير الكاتب إلى أهمية دور مصر، التي يجب عليها - من وجهة نظره - أن تقوم بنقل السيادة على منطقة جنوب غزة على طول ساحل البحر المتوسط إلى الدولة الفلسطينية الجديدة، وهي مساحة تقدر بحوإلى 600 كيلو متر مربع، وهو ما سيوفر مساحة كافية لاستيعاب أعداد الفلسطينيين، وإقامة مطار كبير في المنطقة الجنوبية الغربية على بعد من الأراضي الإسرائيلية.
أما بالنسبة للأردن، فيرى "إيلاند " أن عليه أيضًا نقل السيادة على المنطقة القريبة من نهر الأردن إلى الدولة الفلسطينية، بهدف استيعاب الفلسطينيين أيضًا وكتعويض لهم عن ضم الأراضي الفلسطينية.
وبالنسبة لإسرائيل، فطبقًا للكاتب ستعمل على نقل سيطرتها على المنطقة الواقعة في جنوب صحراء النقب على طول حدود سيناء، كما ستسمح إسرائيل بحفر نفق يمر بأراضيها شمال مدينة إيلات يصل إلى الأردن ومصر، ويكون هذا النفق خاضع للسيطرة الكاملة لمصر، على أن يرتبط هذا النفق بشبكة طرق حديدية، وأنابيب لنقل النفط والغاز، وفي الوقت ذاته سيسمح هذا النفق للأردن أن تصبح محطة عبور للصادرات إلى العالم الخارجي في الوقت الذي لا تمتلك فيه الأردن ميناءً على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
أما الدولة الفلسطينية فستتسلم ما يقرب من 105% من أراضي 1967، وهو ما سيسهم في حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، واستيعاب الهجرات المستمرة إلى داخل الدولة الأردنية بسبب ضيق سبل العيش في غزة والضفة الغربية.
تلاقي المصالح في حل القضية الفلسطينية
وأشارت الدراسة إلى أن الوسطاء في النزاع لديهم ما يكفي من الأسباب لدعم حل النزاع، حيث إن المجموعة الدولية من مصلحتها أن تعيد توجيه الأموال التي توجهها للمساعدات الإنسانية الأساسية إلى الشعب الفلسطيني، في بناء القدرات الاقتصادية لدولهم، أو حتى على الأقل توجيه المساعدات للشعب الفلسطيني بشكل أكثر فاعلية، فبدلاً من اقتصار المساعدات على الغذاء. فيمكن أن تتعدد المساعدات في صور آلات ومعدات تساعد الفلسطينيين على الارتقاء بمستوى معيشتهم.
ومن ناحية أخرى يؤثر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على العلاقات بين دول العالم الإسلامي والدول الغربية، وذلك من خلال زيادة المشاعر المعادية للغرب في العالم الإسلامي، وتزايد التخوف في الغرب من المسلمين، كنتيجة لما تتخذه الجماعات الإسلامية من مواقف استنادًا إلى الاحتلال الإسرائيلي لأراضي فلسطين والعنف الإسرائيلي المتزايد من وقت لآخر.
وعلى الرغم من تلاقي المصالح بشكل أو بآخر بين الأطراف الإقليمية والدولية في حل الصراع الفلسطيني، فإن الكاتب قد أنهى دراسته بالتأكيد على أهمية عدم الاعتقاد في تأثر النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي بأي صراع آخر في منطقة الشرق الأوسط ، فعلى عكس الاعتقادات السابقة، ليس بالضرورة أن تؤثر اتفاقية سلام إسرائيلية سورية - محتملة - على مجريات المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية إيجابيًّا، أو أن يؤثر حل الصراع على الوضع في العراق، غير أن حل الصراع قد يؤدي إلى تخفيف حدة المشكلات التي تواجهها المنطقة، لاسيما تلك المشكلات التي يؤججها هذا الصراع، مثل أزمات التعامل مع إيران، وحزب الله في لبنان.
التعليقات
أضغاث أحلام
عربي حر -و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين. إسرائيل إلى زوال باعتراف اليهود و القرآن و السنة أراها أقرب من أي و قت مضى.
أضغاث أحلام
عربي حر -و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين. إسرائيل إلى زوال باعتراف اليهود و القرآن و السنة أراها أقرب من أي و قت مضى.
فلسطين الكبرى
الحل الوحيد -الحل الطبيعي والقريب التحقيق في السنوات القادمة هو فلسطين الكبرى من البحر وحتى الحدود العراقية ودولة واحدة موحدة.
فلسطين الكبرى
الحل الوحيد -الحل الطبيعي والقريب التحقيق في السنوات القادمة هو فلسطين الكبرى من البحر وحتى الحدود العراقية ودولة واحدة موحدة.