الإرهاب وحرب صعدة محطات رئيسية باليمن عام 2008
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
صنعاء: شهد اليمن خلال العام 2008 ثلاث محطات رئيسية تعد الأكثر قسوة وعنفا : أولاها عمليات الإرهاب التي تبناها تنظيم القاعدة ، وبروز مخاوف من اندلاع حرب سادسة في محافظة صعدة، واستمرار الاحتجاجات المنادية بالانفصال في الجنوب . وسجلت مرحلة جديدة من المواجهة بين الحكومة اليمنية و تنظيم القاعدة الذي لم يكن يعتبر اليمن ساحة للمواجهة إلا بعدما أمر الرجل الثاني في التنظيم أيمن الظواهري بإشعال حرب مع السلطات اليمنية ،وذلك ضمن مخطط زعزعة الاستقرار في هذا البلد الذي ينحدر منه والد مؤسس التنظيم أسامة بن لادن.
ونفذ فرع القاعدة في اليمن على مدار العام 2008 سبع عمليات استهدفت مراكز للشرطة وسائحين إسبان وبلجيك ،لكن اعنف تلك العمليات استهدفت السفارة الأميركية في 17 سبتمبر / أيلول الماضي،وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات.
وقال الأكاديمي اليمني الدكتور محمد الميتمي ليونايتد برس انترناشونال " بعدما فتحت الأبواب الموصدة لقرون في اليمن أمام المذهب الوهابي المتشدد، تعايش المذهب الزيدي المعتدل مع المذهب السني الشافعي الأكثر اعتدالا لقرون طويلة من دون أن يلمح اليمنيون أية ملامح لصراع أو شقاق ". وأضاف الميتمي "لقد حل هذا المذهب الدخيل، وتخرج على يديه آلاف من الشباب اليمني الذين يتدفقون على سوق التطرف ويمدونه بأحد أهم روافده".
وأضاف " أنهم (الإرهابيون) تدربوا وتعسكروا وقاتلوا في أفغانستان في مواجهة الجيش الأحمر وعادوا إلى اليمن ومعهم بعض رفاقهم من الأفغان العرب ليشكلوا رصيدا قتاليا مهما لجماعات الإسلام السياسي في اليمن، والدول الممولة والمساندة للإرهاب في العالم". وقال الميتمي وهو أيضا المدير العام لإتحاد الغرف التجارية بصنعاء "إن قوى العرض والطلب تعمل بتآزر في سوق الإرهاب والتطرف في اليمن فيتولد هذا الرواج غير المعهود للإرهاب في البلاد".
ولا يخلو التوصيف الأكاديمي لظاهرة الإرهاب في اليمن من تأكيدات حكومية على نجاحها في الحد من تلك الظاهرة عبر الحوار الفكري الذي خصصت له احد أهم رجالاتها وزير الأوقاف حمود الهتار،الذي يعلن بين وقت وآخر عن " توبة " المئات من أنصار القاعدة في اليمن وتعهدهم بعدم التعرض للمصالح الأجنبية في اليمن وبالأخص الأميركية . من جهة أخرى تتمثل المحطة الثانية بالمخاوف من اندلاع حرب سادسة في محافظة صعده بعدما تسببت الحروب الخمسة السابقة في مقتل وجرح وتشريد الآلاف.
وقال مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" جو ستورك ليونايتد برس انترناشونال في معرض تفسيره للأسباب التي تدعوه الى الخوف من اندلاع الحرب في صعدة " كل كبار المسؤولين اليمنيين اللذين التقيت بهم المحوا إلى إمكانية اندلاع حرب سادسة بين الحكومة والمتمردين الحوثيين" .
وشدد ستروك على أن مبعث مخاوفه الإعلان " الهش " عن إيقاف الحرب فيما تدور مواجهات بين فترة وأخرى بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين تسفر عن ضحايا من الجانبين، بالإضافة الى عدم وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة من الحرب حتى الآن برغم ترحيب طرفي النزاع بذلك .
وكانت شرارة المواجهات بين القوات الحكومية وأتباع الزعيم الديني المتمرد حسين الحوثي انطلقت في يونيو/ حزيران 2004 و انتهت بمقتله والمئات من أتباعه في سبتمبر/أيلول من نفس العام . وخلف حسين في قيادة الحوثيين شقيقه الأصغر عبد الملك الحوثي مؤسس ما يسمى جماعة " الشباب المؤمن " والذي قاد أربع مواجهات مع الحكومة انتهت بإعلان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إنهاء الحرب في يوليو/ تموز الماضي .
لكن المخاوف من تجدد الحرب من قبل ستروك بددها البرلماني الشيخ حسين عبد الله الأحمر الذي قال ليونايتد برس انترناشونال "لا نية لدى الجانبين للقيام بجولة سادسة بعدما أعلن الرئيس صالح إيقاف الحرب والى الأبد وان كان لنا بعض التحفظات على إيقاف الحرب الخامسة".
وأضاف الأحمر وهو عضو في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم " اليمن دولة منهكة ودخلت في حروب أهلية كثيرة ولم تعد تحتمل الأزمات، وما يجب فعله هو التفرغ للتنمية والعمل على إيجاد حلول لتحسين أوضاع الناس المعيشية ". وتشكل المحطة الثالثة امتدادا لاستمرار الاحتجاجات في الجنوب منذ مارس /آذار 2006 على خلفية مطالب بإعادة نحو 70 ألف كادر وظيفي عسكري ومدني الى أعمالهم اثر الحرب الأهلية التي وقعت صيف العام 1994 بين الشمال والجنوب.
وتحولت تلك المطالب التي يتبناها قادة من الحزب الاشتراكي اليمني احد صانعي الوحدة اليمنية عام 1990 الى دعوات من قبل البعض بعودة الانفصال. وبلغت ذروة المواجهات بين المحتجين الجنوبيين وقوات الأمن خلال الاحتفالات الرسمية ،حيث كان يتم تنظيم احتجاجات تسفر عن قتلى وجرحى من الجانبين .
وحاول صالح امتصاص نقمة المحتجين على سوء الأوضاع في الجنوب ،وسارع الى الإعلان عن بناء وحدات سكنية تحمل اسمه في عموم المحافظات الجنوبية بنحو 20 مليار ريالي يمني أي ما يعادل عشرين مليون دولار. كما أفرج صالح في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن قيادات المحتجين وفي مقدمهم حسن باعوم عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني الذي قاد التظاهرات في الجنوب ولم تستطع السلطات القبض عليه بعد خروجه من السجن لاحتمائه بقبائل الجنوب .
وسعى المحتجون الى تصعيد قضية الجنوب باستمالة دول الجوار وخاصة السعودية التي قالت في أكثر من مناسبة أنها مع وحدة اليمن وليست مع تجزئته ، بل وقامت بتسليم مطلوبين للسلطات اليمنية في أكتوبر الماضي بعد قيامهم بنشر تقارير حول الجنوب عبر مواقع الكترونية انطلقت من السعودية . وحول دعوات المحتجين الى انفصال الجنوب، أعرب الناشط السياسي حسين العرولي عن قناعته بأنه لن يحدث انفصال طالما أن الرئيس صالح يحكم البلاد لكن " الخشية هي مما سيحدث بعده". و قال العرولي أن "سياسة التحريض وإثارة الفتن ليست في مصلحة الوطن والهدف منها الوصول للكرسي والساعين إلى ذلك لن يحكموا اليمن موحدا بهذا الأسلوب".