لقاؤ مشرف مع باراك قد يزيد من ضعفه داخليًا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مشرف يقول للأوروبيين أنه خيارهم الأفضل.. أمنيا
لقاؤه مع باراك قد يزيد من ضعفه داخليا
علي مطر من إسلام أباد: حاول الرئيس الباكستاني برويز مشرف خلال إجتماعه مع الزعماء الأوربيين طوال الأسبوع الماضي، أن يقنعهم بأن أمنهم يعتمد على باكستان وأن أمن باكستان يعتمد عليه. إلا أن جهوده لم تفلح جميعها في العثور على من يستمع إليه في العواصم الأوروبية، بل إن بعضهم يعتقد في باكستان بأن الترتيبات تم الإعداد لها خلال زيارته لباريس من أجل لقائه "بمحض الصدفة" مع وزير الدفاع الإسرائيلي، وذلك بهدف الحصول على بعض المواقف الإيجابية لصالحه من واشنطن وغيرها من العواصم الأوروبية، ولكن من يعتقدون بذلك لا يخفون قلقهم بأن مثل هذا اللقاء سيعود بمزيد من إضعاف موقف الرئيس مشرف على الجبهة الداخلية وفي الجوار الباكستاني على ضوء الإشارة إلى أن الإجتماع الذي وصفته المصادر الباكستانية بأنه ذو محتوى سري قد ناقش البرنامج النووي الإيراني، وهذا من شأنه أن يفتح باب المنغصات الكثيرة في العلاقات الباكستانية الإيرانية، في وقت باكستان بحاجة فيه إلى التقليل من أزماتها وعدم فتح مواجهات أخرى جديدة هي في غنى عنها... مثل هذه اللقاءات التي أكثر منها نظام الرئيس مشرف يشير إلى أن الرغبة توفرت في وقت سابق ومحدد لديه للإعتراف الكامل بالدولة اليهودية، ولكنه لم يتراجع عنها إلى بعد تيقنه من أنه سيواجهه نقمة شعبية لا قبل له بها.
الهدف من جولة الرئيس مشرف الاخيرة في اربع عواصم اوروبية هو بناء صورة جديدة لباكستان وله شخصيًا والعمل على اقناع الجميع بأنه ينوي عقد انتخابات حرة ونزيهة وازالة جميع الشكوك المتعلقة بذلك وبالقيود المفروضة على الاعلام وكذلك اخفاقه الذريع في اخماد جذوة النار التي يشعلها من يصفهم بالجهاديين. وفي المقابل طلب من الدول الغربية تفهم موقف باكستان والظروف القائمة فيها وان يقللوا من تعلقهم الزائد كما يقول بالديمقراطية وحقوق الانسان وأوضاعهما في بلاده، ولكنه إضطر لمواجهة صحافة عدائية له في الدول الاربعة التي زارها حيث نصحته الصحافة البريطانية بالاستجابة الى دعوة جمعية ضباط الجيش الباكستاني القدماء إلى الاستقالة من اجل المصلحة العليا لباكستان. وهو الان يقف على المحك انتظارًا لانعقاد الانتخابات القادمة، والتي ان كانت نزيهة وبدون تزوير وعملت على ايصال حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيًا الى الحكم، فإنه سيحصل على الدعم الغربي اللازم للبقاء في السلطة لمدة خمس سنوات اخرى. حيث ان قيام الاتحاد الاوروبي بإرسال ما يزيد عن 100 مراقب للانتخابات، يعني انه يدرك ان حل مشاكل باكستان وعودتها الى الاستقرار ممكن من خلال عقد انتخابات حرة ونزيهة وهذا لن يتاتى إلا من خلال ضمان عدم استخدام النفوذ للتزوير والحفاظ على امن الناخبين وسلامتهم.
ويرغب الاتحاد الاوروبي كذلك في اعادة السلطة القضائية الى سابق عهدها واعادة القضاة الذين عزلهم الرئيس مشرف الى مناصبهم. ويرغب ايضًا في وضع حد للقيود المفروضة على وسائل الاعلام وعلى الاحزاب السياسية. وردًا منه على هذه المطالب فإن الرئيس مشرف توسل الى الدول الاوروبية لمنحه المزيد من الوقت لتحسين العمل الديمقراطي في بلاده ولتحسين اوضاع حقوق الانسان فيها وان يتناسى الاوروبيون لبعض الوقت ما اسماه بولعهم الشديد بالديمقراطية وبحقوق الانسان.
اما في مجال الحرب ضد الارهاب، فإن الرئيس مشرف قام بتعديد ما قامت به حكومته من اقامة نقاط مراقبة لا تقل عن 1000 نقطة على حدودها الغربية مع افغانستان واقامت سياجًا في بعض المناطق المختارة من الحدود من اجل العمل على تقوية سيطرتها على هذه الحدود الطويلة ولاضعاف انشطة طالبان بالمناطق الحدودية. وبهذا فإن الرئيس مشرف لم يعد من جولته إلا بمطالبات متكررة في العواصم الاربعة بأن يضمن لها ان الانتخابات التي سيعقدها ستكون نزيهة ومن دون اي جهود لتزويرها. اي ان الرئيس مشرف لم يكن مقنعًا لزعماء هذه الدول ولا في منتدى دافوس بالحديث عن الجهود التي بذلتها حكومته لمواجهة الارهاب. فالأوضاع الامنية المتدهورة في باكستان أدت الى بروز نوع من التغيير في السياسات الاوروبية العتمدة بالكامل على الرئيس مشرف. حيث ان هناك تغييرًا ملموسًا في الاعتماد على شخص واحد من اجل حماية مصالح الدول الغربية في المنطقة. الاتجاه الجديد يهدف الى تعزيز المؤسسات السياسية في باكستان والتي لحق بها الكثير من الضرر تحت حكم مشرف. وبينما كان الغرض من زيارة مشرف الى بريطانيا هو ابرام صفقة تجارية تضمن للصادرات الباكستانية انتعاشًا كبيرًا في السوق الاوروبية، فإن كل ما حصل عليه هو تعهد بدفع 7 مليون دولار لتعليم الناخبين الباكستانيين ولدعم المفوضية الباكستانية للانتخابات ودعم المراقبة المستقلة لسير العملية الانتخابية.
والملاحظ ان معظم قادة العالم يرسمون صورة جميلة لشعوبهم عندما يزورون دولاً اجنبية، ولكن مشرف يفعل العكس تمامًا. فهو يقول ان الشعب الباكستاني "غير منضبط ودائمًا ينقصه النظام"، ويقول انهم "قبليون لا يفهمون الحضارة ولا تصلح لهم الديمقراطية الا تلك التي يقوم هو شخصيًا بتفصيلها وخياطتها ولباسها لهم" ويختم قوله إن شعب بلاده يعتمد على "النظام الاقطاعي ولا تصلح له الديمقراطية الغربية". أما السياسيون الباكستانيون فإنه يصفهم بأنهم "فاسدون" ويصف قضاة المحكمة العليا بانهم "مسيسون" و"فاسدون" و"منحازون". ويصف افضل الاعلاميين في بلاده بانهم "يخربون صورة القوات المسلحة وصورة بلادهم". ومن ثم يصف قادة باكستان الدينيين وعلماءها بأنهم "متطرفون". فاذا كانت هذه هي تصورات الرئيس مشرف لاوضاع وصفات شعبه فلماذا اذا يصر على قيادتهم؟ لقد طالب خلال حديثه امام البرلمان الاوروبي في بروكسل بألا تقوم الدول الاوروبية بتطبيق مقاييس حقوق الانسان المعمول بها لديهم على الشعب الباكستاني، لأنها وبكل بساطة لا تصلح لهذا الشعب على حد رأيه وربما يصلح لهم طريقته في الحكم الديمقراطي القائمة على تعطيل الدستور واضعاف المؤسسات الديمقراطية... اذا كانت باكستان قادرة على ان تكون دولة حديثة لديها القدرات النووية وجاذبة للاستثمارات الاجنبية فلماذا لا تكون قابلة في الوقت ذاته للعمل الديمقراطي ولمقاييس حقوق الانسان المطبقة في أنحاء اخرى من العالم.