أولمرت عاريا أمام الكنيست
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أسامة العيسة من القدس: قبيل انعقاد جلسة الكنيست يوم الاثنين، لمناقشة تقرير لجنة فينوغراد، أعلن ايهود اولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه سيحضر الجلسة الطويلة بأكملها، وهذا يعني بأنه سيكون عليه تحمل الانتقادات والاتهامات وحتى الشتائم التي ستوجه إليه.
وعندما وصل اولمرت إلى الكنيست، كانت في انتظاره مفاجأة غير متوقعة، وهي عملية ديمونا التفجيرية، مما زاد وضعه حرجا أمام أعضاء الكنيست المتربصين والمحبين للكلام، والضرب تحت الحزام.
جاء دور اولمرت في الكلام، مساء، في ختام كلمات الأعضاء وبعضها جارح فخاطبهم بالقول "لم آت هذا المساء لخوض أي سجال أو مواجهة مع خصومي السياسيين أياً كانوا. إنني أتطلع إلى نقاش جاد ومسؤول ومحترم كما يقتضيه الموضوع الذي نتناوله".
واستعرض اولمرت بدايات حرب لبنان الثانية، منذ هجوم حزب الله يوم 12/7/2006 على دورية إسرائيلية، والذي أسفر عن مقتل 8 جنود إسرائيليين فيما تم اختطاف جنديين آخرين هما أودي غولدفاسر وإلداد ريغف، وترافق ذلك مع إطلاق وابل من القذائف الصاروخية على المنطقة الشمالية مما أدى إلى إصابة 11 إسرائيليا.
ويقول اولمرت، انه وجد نفسه أمام وضع متوقع، وانه خلال نصف العام من تسلمه لرئاسة الحكومة الإسرائيلية كان أجرى نقاشات أمنية عديدة حول ما اسماها "المخاطر التي تتربص بنا في المنطقة الشمالية وسبل مواجهتها".
وخلص جميع الذين شاركوا في المناقشات الأمنية من ممثلي كافة دوائر الأمن والاستخبارات والقيادة في دولة إسرائيل ابتداءً من وزير الدفاع مرورا برجال العمليات وانتهاءً بأفراد المخابرات في مجالات تخصصهم. إلى ما اسماه اولمرت "وجود خطر حقيقي وراء استمرار الاحتكاك بين مقاتلي جيش الدفاع وأفراد حزب الله على الحدود الشمالية ووقوع محاولات اختطاف وإصابة من شأنها أن تشعل النار في المنطقة بأسرها".
وحسب اولمرت فان توصية هذه القيادات الأمنية كان "في حالة وقوع محاولة اختطاف آخر وإطلاق قذائف صاروخية على شمال البلاد، فإنه من الضرورة أن ترد إسرائيل بقوة على امتداد الشريط الحدودي كله وبصورة لا تتماشى مع حجم الهجوم سعيا لتغيير نمط أداء حزب الله في شمال البلاد وإزالة التهديد اليومي الذي كان عشرات الآلاف من المدنيين الإسرائيليين يعيشون في ظله". وهذا اول اعتراف من اولمرت، بان الهجوم الكبير والواسع على لبنان لم يكن يتناسب مع حجم ما فعله حزب الله.
وبعد نجاح حزب الله في خطف الجنديين، يقول اولمرت بأنه في يوم 12 تموز (يوليو) جرت مناقشات تمهيدية، وعقد مجلس الوزراء الإسرائيلي في ختامها جلسة خاصة، تم خلالها عرض صورة كاملة وشاملة على وزراء إسرائيل، واشتملت هذه الصورة كما استعادها اولمرت أمام الكنيست على المكوّنات التالية:
1. إن حزب الله يمتلك آلاف القذائف الصاروخية التي تطال بمداها حيفا وحتى المنطقة الواقعة إلى جنوبها وصولاً إلى الخضيرة.
2. إن أي رد فعل إسرائيلي مكثف سيحدو بحزب الله إلى إطلاق قذائفه الصاروخية على المنطقة الشمالية برمتها.
3. إن إسرائيل لا تستطيع بأي طريق أن تمنع بشكل مطلق إطلاق القذائف الصاروخية لكن يمكنها إزالة نسبة ملحوظة من تهديد القذائف الصاروخية بالاستناد إلى خليط من العمليات الجوية والبرية.
4. إن عمليات إطلاق القذائف الصاروخية وسط هذه الظروف مرشحة للاستمرار أياما بل أسابيع وقد تطال العديد من التجمعات السكنية، مما يعني أن الجبهة الداخلية ستتضرر بالفعل.
5. تطرق اولمرت إلى سؤال طرحته وزيرة الخارجية تيسبي ليفني على رئيس أركان الجيش آنذاك الجنرال دان حالوتس عما يمكن اعتباره انتصاراً في مواجهة كهذه، فردّ عليها بالقول "لن تكون هناك ضربة قاصمة أو حالة من استسلام العدو تماما. إن الهدف يتمثل بضرب حزب الله بقوة وجعل الجهات السياسية الدولية تتدخل وتفرض التسوية التي تؤدي بدورها إلى انتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان".
6. لم يتحدث حالوتس في أي مرحلة أو نقاش، بما في ذلك جلسة مجلس الوزراء يوم 12 تموز (يوليو) عن انتصار ساحق بواسطة ضربة جوية وحدها.
7. في ختام النقاش الذي أجمعت فيه كافة الجهات الأمنية في مختلف مجالات اختصاصها على التوصية بتسديد ضربة إسرائيلية مضادة "ملحوظة" حزب الله، جرى التصويت حيث أجمع أعضاء الحكومة دون تحفظ أو امتناع أي منهم على تخويل اللجنة الوزارية السُباعية برئاسة اولمرت صلاحية الإيعاز للجيش بالتحرك.
8. اصدر اولمرت تبعاً لذلك، كما يقول الأوامر لجميع الجهات التي تتولى المسؤولية عن السكان المدنيين - قيادة الجبهة الداخلية وخدمات الإنقاذ والمستشفيات وسائر الهيئات المعنية - بالاستعداد لأداء واجباتها على اعتبار أن هناك تكهنات ترجح حتما وقوع هذه المواجهة.
أما في جانب اهدف الحرب فقال اولمرت، بان مجلس الوزراء الإسرائيلي صاغها بناء على المعلومات التي تلقاها حول حجم التهديد وقدرات الدوائر الأمنية على تقديم الرد المناسب له.
وكانت هذه الأهداف التي وصفها اولمرت بأنها "تتّسم بالدقة والتوازن" أولاً إعادة الجنديين المخطوفين وعن ذلك قال اولمرت "لم نحقق بعد هذا الهدف. لقد عرفنا مسبقا أن فرصة إعادتهما في عملية عسكرية ضئيلة طبقا للتقديرات التي تم إطلاع جميع أعضاء الحكومة عليها خلال جلسة مجلس الوزراء، ولكن هل كان بإمكاننا أن نتغاضى عنهما ونتحدث عن أهداف المواجهة دون ذكرهما؟ هل كان بوسعنا أن نطالب المجتمع الدولي بالعمل على الإفراج عنهما في الوقت الذي لا نقوم نحن بذلك، حتى وإن عرفنا بالفعل أن الفرص العملية لتحقيق ذلك ضئيلة؟".
وجعل هذا الاعتراف لاولمرت أمام الكنيست يبدو عاريا حين اقر بان الهدف الأول المعلن للحرب كان مستحيل التحقيق.
أما الهدف الثاني للحرب فحسب اولمرت "إبعاد تهديد الإرهاب من الحدود الإسرائيلية وإجبار حزب الله على الانسحاب شمالاً، وأخيرا كان هناك هدف يقضي بالسعي لتطبيق قرار مجلس الأمن 1559 القاضي بنشر قوات الجيش اللبناني في جنوب لبنان بدلاً من حزب الله، وكانت هذه الأهداف تلبّي معايير المعقولية وكانت حتمية لا غنى عنها، كما تم تحقيق معظمها، إن قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي تم اعتماده بالإجماع يمثل إنجازا لإسرائيل".
واضاف اولمرت "كما أن الواقع الذي تشهده منطقة شمال البلاد منذ 14 آب (أغسطس) 2006 وحتى اليوم تشكل إنجازا بالنسبة لإسرائيل. إذ إن الهدوء والطمأنينة والازدهار والانتعاش في شمال البلاد والعيش دون التعرض لتهديد فوري، يومي، بممارسة الإرهاب العنيف - كلها تشكل إنجازا لإسرائيل".
وبعد هذا الكلام الجدي لاولمرت، أمام أعضاء الكنيست، اخذ يذكرهم، بان جميع "ألوان الطيف السياسي والإعلام الإسرائيلي والجمهور بأسره" أيد الحرب، وان جميع المتحدثين خلال النقاش الذي أجرته الكنيست يوم 17 تموز (يوليو) 2006 كالوا المديح لقرار الحكومة والأهداف التي عرضتها للقتال وكيفية اتخاذ هذه القرارات.
وقال "صحيح أنه كان هناك من طعن في صواب هذا القرار وسداده وإنجازاته لكنه أقدم على ذلك بأثر رجعي. لم يكن هناك مَن قال ذلك في ذلك الوقت نفسه، لا بل لم يكن هناك مَن شكك في سداد وأهمية وحتمية هذا القرار. وقد تسابق أعضاء الكنيست من الائتلاف والمعارضة على السواء فيما بينهم في الإطراء على الحكومة، وكان من المحللين والخبراء من بالغوا في أهمية الرد الإسرائيلي، بل كان بعضهم قد بلغوا مستويات قياسية من الإشادة بالحكومة بصورة تُشتم منها رائحة التملق الرخيص وانعدام قدرة قياس الأمور بمقاييسها والمزايدات الكلامية التي لا تخضع للنقد".
واضاف "أما فيما بعد الحرب فقد بدأت جهات مختلفة بتوجيه انتقاداتها للقرار الأولي ولعدم إنهاء القتال بسرعة وعدم تحقيق النصر، إلى درجة الحديث عن هزيمة إسرائيلية مفترضة في القتال نفسه، لا بل كان مَن فقد تمامًا أي معيار أخلاقي وإنساني واتهمني ووزير الدفاع ورئيس الأركان بممارسة حيلة إعلامية فاسدة فيما يتعلق بعملية جيش الدفاع خلال الساعات ال-48 الأخيرة من القتال".
واستخدم اولمرت نفس أساليب خصومه السياسيين، واخذ يوجه حديثه لزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو مذكره، بأنه تم وضعه في صورة قرار الحرب، وما يحدث على الجبهة بشكل يومي، وكذلك قرار المعركة البرية، خلال الستين ساعة التي سبقت وقف القتال.
واعلن اولمرت، انه يتحمل المسؤولية عن ما اسماها جميع نقاط الخلل، والتقصيرات، وقال بأنه سيسعى لتصحيح العيوب.
وعن ما تم إنجازه لتصحيح ما يسميها عيوبا ذكر اولمرت:
*حددت الحكومة و"لأول مرة في التاريخ" حسب تعبير اولمرت إطار ميزانية الدوائر الأمنية لعشر سنوات، ويشمل ذلك زيادة الميزانية بـ100 مليار شيقل.
*إعادة إعمار المنطقة الشمالية واستثمار مليارات الشواقل في ترقية جودة الحياة فيها.
*اعتمد الجيش والأجهزة الأمنية "سلسلة دراماتيكية" من التغييرات والتعديلات الخاصة بإجراءات استخلاص العبر وتغيير أنماط التدريب والتأهيل والتزود بالسلاح والاستعداد للقتال.
وقال اولمرت بان تقرير لجنة فينوغراد يتحدث عن واقع "كان سائداً في آب (أغسطس) 2006. أما اليوم، أي في شهر شباط (فبراير) 2008 ، فقد أصبح الجيش مغايرًا، وأكثر تهيؤًا وتدريبًا واستعدادًا".
وتحدث عن أن الجيش الإسرائيلي هو الأقوى في منطقة الشرق الأوسط، وان من وصفهم بالأعداء يعرفون ذلك جيدا، وما قاله اولمرت بين السطور بان الجيش جاهزا لأية جولة حربية أخرى مع "الأعداء"، ولكن هل هؤلاء جاهزون؟