اليمن في انتظار الكارثة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
صنعاء: كفاح اليمن الشاق لبناء دولة حديثة قد يربكه نمو سكاني سريع وموارد متضائلة والفساد والصراعات الداخلية.ونادرا ما يحتل اليمن وهو أفقر دول الشرق الاوسط العناوين الرئيسية في وسائل الاعلام الا عندما يتعرض سياح للخطف على أيدي رجال قبائل منفلتين أو للقتل على أيدي متشددين مرتبطين بالقاعدة لكن أي انزلاق نحو الفوضى في اليمن سيؤدي الى مخاطر هائلة في السعودية المجاورة وللعالم من ورائها.ويحتل اليمن موقعا يطل على البحر الاحمر وخليج عدن وهما ممران حيويان لنقل النفط من الخليج الى أوروبا. وتجرف الامواج كل عام الافا من اللاجئين من الصومال واثيوبيا أمام سواحله.ويحظى اليمن موطن أجداد أسامة بن لادن زعيم القاعدة باهتمام مكثف في اطار الحرب التي تخوضها واشنطن ضد "الارهاب".
وقال رامون سكوبل وهو خبير مياه نيوزيلندي يعمل في اليمن "لا اعتقد أن هناك دولة أخرى في العالم... قريبة الى هذا الحد من كارثة العلاقة بين السكان والموارد."
ويواجه الرئيس علي عبد الله صالح الموجود في السلطة منذ 30 عاما تحديات متزايدة منذ اعادة انتخابه في سبتمبر/أيلول عام 2006 لفترة ولاية أخرى مدتها سبع سنوات.ولم ينته جيشه بعد من سحق تمرد القبائل الشيعية الزيدية الذي بدأ قبل ثلاث سنوات في منطقة صعدة في شمال غرب البلاد والذي يعرف باسم تمرد "الحوثي" رغم صمود هدنة أخرى هشة تم التوصل اليها في وقت سابق من هذا الشهر.
وفي الجنوب يهدد الغضب مما يتصور أنه سلب من قبل الشمال الانجاز الرئيسي لصالح والمتمثل في اتفاقية عام 1990 والتي وحدت بين شمال اليمن التقليدي وجنوبه الماركسي.وكثير من المناطق القبلية لا يزال خارج سيطرة الحكومة أو يتحداها في بلد اشتهر بأن كميات الاسلحة فيه تفوق أعداد البشر.
ويلوح فوق هذه الصراعات أزمة اقتصادية بدأت بالفعل تشجع الاضطرابات وتهدد بدفع اليمن الى الوراء.وقال عبد الكريم الارياني وهو مستشار مخضرم للرئيس اليمني انه اذا لم يكن هناك انقاذ سياسي لليمن خلال السنوات الثلاث القادمة فان التحديات ستكون أكبر من الحوثيين أو ما يسمى بالانفصاليين الجنوبيين.وتابع قائلا ان شح الموارد الشديد في اليمن ومعدل مرتفع للغاية للنمو السكاني قدره ثلاثة بالمئة وتضاريس صعبة تجعل التنمية في حاجة الى موارد هائلة مشيرا الى أن ذلك من سوء حظ اليمن.
وتضاعف سكان اليمن الى 22 مليونا منذ مجيء صالح للسلطة في اليمن الشمالي السابق في عام 1978 . وقد يقفز الى 40 مليونا في السنوات العشرين القادمة اذا لم يتم التحكم بشدة في النمو السكاني.
وقال سكوبل الذي يعمل مستشارا مع هيئة المعونة الالمانية " الكارثة تلوح بمعدل أسرع مما يمكن لاي أحد أن يتصور." وأضاف أن المطر المتساقط على اليمن يكفي شعبا تعداده مليونان فقط.
وطبقا لتقديرات الحكومة اليمنية فان الميزان المائي في 19 من 21 مصدرا للمياه الجوفية أصبح سلبيا حيث تفوق كمية المياه المستخرجة منها كمية المياه التي تغذيها. ومعظم المياه يذهب لري القات وهو نبات مخدر يتعاطاه كثيرون على نطاق واسع في اليمن.
والنفط وهو دعامة الاقتصاد اليمني ينضب سريعا رغم التنقيب لقلب مسار هذا الاتجاه. وقدر الانتاج رسميا هذا العام بحوالي 300 ألف برميل في اليوم متراجعا عن 320 ألف برميل في عام 2007 .
والتراجع في الانتاج يجعل دعم الحكومة لاسعار الوقود المرتفعة والتي تمتص أكثر من مليار دولار سنويا أو حوالي ثلث ايرادات النفط أكثر صعوبة. لكن الغاء الدعم قد يشعل اضطرابات عنيفة بين اليمنيين الذين أضيروا بالفعل من ارتفاع أسعار السلع الغذائية.
وقال دبلوماسي أوروبي "اليمن يضع نفسه في موضع خارج السياق بسبب عدم قدرته على السيطرة على الوضع الامني... انه (الوضع الامني) أسوأ ما رأيت في ثلاثة أعوام."وضخ مانحون دوليون على علم بأهمية اليمن الاستراتيجية والامنية مليارات من دولارات التنمية في العقود الاخيرة رغم الاشمئزاز من الفساد.
وقال نبيل خوري نائب السفير الاميركي في اليمن والمنتهية ولايته لصحيفة يمن أوبزرفر اليمنية في العام الماضي "الفساد يضر بأي هدف لدينا أو لدى اليمنيين سواء كان بناء الديمقراطية أو الامن" مشيرا الى الجيش كواحد من أسوأ بؤر الفساد.
وانضم اليمن للحرب التي تشنها واشنطن على القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول عام 2001 لكن فرار متشددين من السجون يثير انزعاج الاميركيين الذين تساورهم أيضا شكوك في سياسة صنعاء لاعادة دمج اليمنيين الذين حاربوا من قبل في أفغانستان.
ووصف الارياني البرنامج بأنه مفيد للغاية لكنه قال ان القاعدة قادرة على تجنيد اخرين بدلا منهم واعترف بأن الولايات المتحدة غير راضية عن النتيجة.وأرجع السبب في ذلك الى أن بعض الذين تعهدوا بعدم ارتكاب أعمال ارهابية في اليمن تسللوا الى العراق لذا يقول الاميركيون ان الحكومة اليمنية لم تغير عقولهم حقا واكتفت بتعهدهم بعدم شن هجمات في اليمن.وتميل الحكومة الى التهوين من أثر عدم الاستقرار في الجنوب والارهاب وانعدام الامن العشائري مشيرة الى امكانية أن تبدل السياحة والاستثمارات الاجنبية حظوظ اليمن.
وهذه الاراء تجد صدى لدى فارس السنباني رئيس تحرير مجلة يمن توداي (اليمن اليوم) الشهرية الصادرة بالانجليزية الذي يرى أن الرخاء الاقليمي مهدد.وقال "لا ينبغي أن يتحول اليمن الى دولة فاشلة ولن يكون.. اذا انهار اليمن فستنهار السعودية معه."