جدل في الجزائر حول مصير "أسرى غوانتنامو" بعد إعتقال ست سنوات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كامل الشيرازي من الجزائر: يحتدم الجدل حاليا في الجزائر، حول مصير 25 جزائريا تستمر واشنطن بإحتجازهم للعام السادس على التوالي في المعتقل الأميركي "غوانتنامو باي" السيئ السمعة، وعاد القلق ليلف ملف "أسرى" الجزائر في الخليج الكوبي، بعد عدم ظهور أي مؤشرات تفيد بقرب الإفراج عنهم، علما إنّه كان يفترض تتويج العملية قبل نهاية العام الماضي، بيد أنّ رفض الجزائر الإلتزام بالشروط الأميركية المتمثلة في المعاملة الحسنة للمحتجزين، وعدم تعريضهم للتعذيب، بجانب التزام الجزائر بعدم تمكين هؤلاء من شقّ عصا التمرّد، واعتبارها المسألة "مساسا بسيادتها"، جعل الموضوع برمته رهين المدّ والجزر، سيما مع إصرار وزارة الدفاع الأميركية على لسان المتحدث باسمها ''جيري جوردن'' أنّ واشنطن مصرة على عدم تسليم أي معتقل للسلطات الجزائرية في حالة رفضها الضمانات المذكورة.
ورغم الإعلان الأميركي الرسمي قبل أشهر عن قرب تسليم 17 من هؤلاء إلى بلدهم الأصلي، بيد أنّ الأمور بقيت على حالها ومعها زادت متاعب عوائل المحتجزين، وتفاقمت مخاوفهم من بقاء جزائريي غوانتنامو لفترة غير محدودة في القاعدة الأميركية بكوبا، على الرغم من إقدام البنتاغون بإطلاق سراح 400 معتقل يحملون جنسيات مختلفة أرجعوا إلى بلدانهم الأصلية أو البلدان التي اعتقلوا فيها، وقال "مصطفى آيت إيدير" المتحدث باسم "عائلات معتقلي غوانتنامو" لـ"إيلاف" إنّ المحتجزين: أحمد نشلة - عبد القادر آيت إيدير- صابر لحمر- عبد الرحمان حمليلي - أحمد بلباشا - عبد النور سمور- سفيان برهومي- أحمد بلباشا، إضافة إلى عمر بوصرعة، بلقاسم بن سايح، لخضر بومدين، عامر معمّر وغيرهم، يعيشون ظروفا نفسية سيئة، لاسيما بعد غموض مسألة ترحيلهم من قبل السلطات الأميركية إلى الجزائر أو نحو دول أخرى، ويزداد قلق الجزائريين من تأخر عملية ترحيل مواطنيهم، ففي وقت أفرج عن أسرى من أفغانستان والسعودية، بقي الجزائريون كما اليمنيين قابعين في زنزانات جوانتنامو الرهيبة.
وبينما أحجم مسؤولون جزائريون اتصلت بهم "إيلاف" عن الخوض في هذا الموضوع الشائك، وأحالونا على تأكيد "الطيب بلعيز" وزير العدل الجزائري عن اقتراب تحويل 17 من مواطنيه في غضون الفترة القليلة القادمة بعد أن تم التأكد من هوياتهم"، لكن أهالي المحتجزين قرعوا أجراس الإنذار لدى تلقيهم معلومات من محامين أميركيين عن معاناة محتجزين جزائريين بغوانتنامو، من مرض السل، والبعض الآخر يعانون من أمراض مزمنة، بينهم سجناء مصابون بداء السكري وارتفاع الضغط الدموي والصداع النصفي، وضربوا مثلا بالجزائري ''زاوي'' الذي رفضت إدارة السجن، بحسبهم، تمكينه من تناول الدواء الموصوف له، وهو ما دفع بمجموعة من ممثلي أهم مكاتب المحاماة الأميركية المحامين الأميركيين لزيارة الجزائر الشهر الماضي، بغية الظفر بضمانات من السلطات الجزائرية، بما يكفل إنهاء محنة مواطنيها الـ25، خصوصا مع إصرار المحكمة الفدرالية الأميركية على ضرورة تقديم الجانب الجزائري لضمانات تسمح بتجسيد ترحيل هؤلاء.
ويطرح حقوقيون في الجزائر، استفهامات بالجملة عن مدى "جدية" السلطات الأميركية ونظيرتها الجزائرية في التعاطي مع المسألة، بهذا الصدد، يتساءل المحامي الجزائري "بوجمعة غشير" رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، عن أفق القضية التي تشغل بال الرأي العام المحلي، منذ الزج بأول جزائري في ''معتقل العار'' بتاريخ 11 يناير/كانون الأول 2002.
على صعيد آخر، يرى المحامي "مصطفى فاروق قسنطيني"رئيس اللجنة الجزائرية لحماية وترقية حقوق الإنسان (حكومية)، بانتفاء كل القلاقل بشأن المسألة، طالما نّ الولايات المتحدة وافقت رسميا ـ بحسبه ـ على تسليم الجزائر 25 من "أسراها"، وأفاد قسنطيني، إنّ واشنطن تنازلت كلية عن شروطها السابقة، وتخلت عن مبدأ محاكمة ومراقبة المرحلين مع حرمانهم من جوازات سفر، وهي خلفية أدت إلى عدم تقدم مفاوضات الطرفين حول تتويج العملية، في وقت من الأوقات، ما دفع بأكثر من مسؤول جزائري إلى التوكيد على أنّ بلادهم لن ترضخ لأي شروط لإعادة مواطنيها المحتجزين في الخليج الكوبي، بعدما اعتبرتها الجزائر مساسا بسيادتها.
وتكذب الجزائر بصورة قاطعة ما يراج عن رفض عدد من أسراها هناك تحويلهم إلى مسقط رأسهم خوفا من تعرضهم للتعذيب، وتفضيلهم التوجه إلى بلدان أخرى بعد إطلاق سراحهم، أو إلى دول يحملون جنسياتها، واعتبر مسؤول حكومي هذا الأمر ''مجرد تخمينات ومغالطات لا أساس لها من الصحة''، مشيرا إلى أنّ "المرحلين لن يتعرضوا لأية مضايقات ولن يعرضوا للمحاكمة كونهم لم يرتكبوا في الجزائر ما يعاقبوا عليه".
من جانبه، صرّح السفير الأميركي بالجزائر روبير فورد، إنّ أسيرا جزائريا واحدا رفض الترحيل إلى بلاده، قائلا إنّه يعاني من اضطرابات عقلية، في وقت أفيد أنّ سبعة معتقلين آخرين أبدت السلطات القضائية الأميركية استعدادا لإخلاء سبيلهم رفضوا ترحيلهم باتجاه الجزائر، وطالبوا بترحيلهم إلى ألبانيا، تماما مثل جزائريين حوّلا الربيع الماضي إلى هناك.
كما أنّ "أحمد بلباشا" (38 عاما) الموقوف بباكستان والمحتجز في جوانتانامو، يعارض ترحيله إلى الجزائر، ويفضّل إبعاده إلى بريطانيا التي كان يقيم بها بصفة رسمية أواخر التسعينيات، علما أنّ الأخير لم تدرجه وزارة الخارجية البريطانية في طلبها المرفوع إلى الولايات المتحدة قبل أشهر، واكتفت بالمطالبة باستلام الجزائري الآخر عبد النور سمور (35 عاما)، الذي فرّ من الجيش الجزائري، ووصل إلى بريطانيا عام 1999 وطلب اللجوء فمنحته سلطات الهجرة البريطانية حق الإقامة مدى الحياة سنة 2000 وكان يقيم بمنطقة "ساوث هاراو" الراقية غربي لندن، لكنه وبسبب تشدده الديني سافر إلى أفغانستان بعدما وجد صعوبات في التأقلم مع عادات وتقاليد المجتمع البريطاني، وبعد الحرب الأميركية على أفغانستان، تم اعتقال سمور بمنطقة جبلية في قندهار على الحدود الباكستانية مع مجموعة من العرب الأفغان، واعترف حينها، بعلمه المسبق بهجمات 11 سبتمبر 2001، لكنه سرعان ما تراجع عن اعترافاته، وقال إنّ ضباط في الجيش الأمريكي هدّدوه بعدم علاج ساقه التي أصيبت بشظية، وكان يمكن أن تبتر في حال ما لم تعالج على الفور.
وأشارت بيانات نشرها البنتاغون في مارس/آذار 2006، إلى تواجد 25 جزائريا بجوانتانامو، دون أي محاكمة للعام السادس على التوالي، معظمهم يحملون جنسيات أخرى بينهم 7 يحملون الجنسية الجزائرية - البوسنية، وظلت المحكمة الأميركية العليا ترفض تمكينهم من محاكمة عادلة، بعدما عجزت عن توجيه أي تهم لهم، حيث اكتفت واشنطن بتوجيه التهم إلى الجزائري "سفيان برهومي" دون سواه.