فرنسا: التراجع عن فكرة إحياء ذكرى المحرقة النازية التي أعلنها ساركوزي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قصي صالح الدرويش من باريس: بعد الانتقادات العديدة والتي صدر بعضها عن شخصيات يهودية تحظى بالاحترام، تراجعت لجنة مختصة عن فكرة الرئيس نيكولا ساركوزي الداعية إلى إحياء ذكرى المحرقة النازية عبر إلزام كل طفل فرنسي في الصف الخامس الابتدائي (عشر سنوات) بتبني ذاكرة أحد الأطفال الفرنسيين الذين قتلهم النازيون خلال الحرب العالمية الثانية وعددهم 11400 طفل.
اللجنة المكونة من ممثلين عن الجهاز التدريسي وممثلين عن الهيئات العاملة في حقل الحفاظ على ذاكرة المحرقة ومنهم السيدة سيمون فيي والمحامي سيرج كلارسيفيلد والمخرج السينمائي كلود لانزمان الذي خرج بعد اجتماع اللجنة أمس ليعلن أن الاجتماع لم يتطرق لمسالة رعاية تلميذ أو حتى صف دراسي لذاكرة أحد الأطفال الضحايا، لكن لانزمان أضاف أن اللجنة في المقابل أقرت وبالإجماع على أهمية تسهيل فهم مرحلة الاحتلال النازي والمحرقة بشكل أفضل في المناهج الدراسية. ساركوزي وعلى لسان المتحدث باسم قصر الإيليزيه دافيد مارتينون رحب بهذا الإجماع دون التطرق إلى فكرة التبني.
وكان ساركوزي قد أعلن عن هذه الفكرة يوم الثالث عشر من الشهر الجاري في مداخلة ألقاها خلال العشاء السنوي للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية الفرنسية، وأثارت الفكرة فورا استهجانا واسعا في الأوساط السياسية والتعليمية وبالطبع كانت انتقادات الشخصيات اليهودية المعروفة بمثابة الضربة الأقسى لاقتراح الرئيس، خاصة الانتقادات التي صدرت على السيدة سيمون فيي نظرا لكونها ناصرت ساركوزي في حملته الانتخابية رغم كونها من حزب الوسط، كذلك لأنها تتمتع باحترام خاص نظرا لتاريخها النظيف في مختلف المناصب التي احتلتها كوزيرة وكرئيسة للبرلمان الأوروبي سابقا، إضافة إلى أنها هي شخصيا عايشت المحرقة وسجنت في معسكرات النازية. لكن السيدة فيي خففت من حدة موقفها إثر اجتماع الأمسي مقترحة تشكيل مجموعات صغيرة من التلاميذ تعمل على دراسة أوضاع مماثلة وليس دراسة حالة طفل بعينه، مشيرة في نفس الوقت إلى أن الجهاز التدريسي يؤدي عمله بشكل جيد في هذا المجال.
ولا شك أن موقف الشخصيات اليهودية، التي رفضت الفكرة ورأت فيها قسوة قد لا يتحملها الأطفال الصغار، قد شجع مختلف الأطراف المعنية بالملف التعليمي على انتقاد الفكرة دون خوف من أن تلصق بهم تهمة معاداة السامية أو ما شابه، فأعرب أساتذة المدارس وجمعيات أهالي التلاميذ وغالبية السياسيين عن استيائهم من الفكرة.
وأشارت أوساط المعارضة بوجه خاص إلى طريقة ساركوزي الاستعراضية في إعلان فكرته. كما وجهت نقدا حادا لكون هذا الإعلان جاء في عشاء المؤسسات اليهودية مما يجعل المحرقة وكأنها تخص اليهود فقط، في حين أنها تخص ذاكرة الفرنسيين كافة بدون استثناء وكان حريا بالرئيس إعلان فكرته في مكان عام يعني كل الشعب مثل البرلمان أو الإعلام وليس في مناسبة تخص طائفة بعينها.
وتجدر الإشارة إلى أن أهالي الأطفال والشخصيات السياسية والتربوية أكدت بأنه لا يجوز تعريض الاطفال الذي تقل أعمارهم عن ثمانية سنوات الى مشاهدة الصورة المأساوية لقتل الناس والتي توجد في صور المحرقة.