إنتخاب ميدفيديف..الغرب وجد في الكرملين ملكا وعفريتا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
موسكو: ساهمت نتائج الانتخابات النيابية التي جرت في روسيا في شهر ديسمبر 2007 في جعل نتائج انتخابات الرئاسة (2 مارس الحالي) محسومة سلفا. ومنذ ذلك الوقت أصبح رد فعل الغرب على نتائج التصويت في الانتخابات في 2 مارس متوقعا.
في الثالث من مارس وردت على صفحات وسائل الإعلام الغربية المقروءة البارزة دفعة واحدة الفكرة التالية: "هناك زعيمان الآن في روسيا: أحدهما طيب والثاني شرير". ومنذ اللحظة سيتم إدراج العلاقات بين روسيا والغرب في غضون الأسابيع المقبلة في أطر صارمة لهذه المعادلة المصطنعة. وعلى الأقل ستتبع وسائل الإعلام هذه المعادلة حتى وإن لم تتوافق الحقائق معها.
فعلي سبيل المثال ترى وكالة اسوشيتد برس أن "محاميا شابا قد أعطى مبررا للتوقعات بأنه سيخفف من الإجراءات الاضطهادية التي استخدمها سلفه مبتعدا عن الديمقراطية وهو يشبه من باستطاعته إظهار وجه ودي للغرب".
وترى صحيفة "Chicago Tribune" أن "الناخبين هم من وضع ميدفيديف رئيسا غير أن الخبراء يفكرون بما ينتظر روسيا في المستقبل في حال بقاء بوتين بجانبه".
وتشير صحيفة "New York Times" إلى أنه "في حال اتفق ميدفيديف وبوتين فيما بينهما كما وعدا فسيتكون مركزان للسلطة في أي حال . وهذا قد يكون مسوغا لنشوب نزاعات جديدة في الكرملين الذي كثيرا ما كان في عهد بوتين مسرحا للحروب بين مختلف الجماعات والشرائح".
وإجمالا فليس باستطاعة الغرب أن يتخيل الوضع في روسيا دون مواجهات بين "الملك" و"العفريت". وقد وقعت حادثة مماثلة في التسعينات عندما كان يفسر كل ما يحدث في البلاد بالحرب بين الديمقراطيين الإصلاحيين والشيوعيين المحافظين.
ولا نقصد بذلك رد فعل وسائل الإعلام وحسب بل والسياسيين أيضا، فقد أعلن صباح الاثنين أن رئيس الحكومة البريطانية غوردن براون كان يفكر بضعة أيام في إجراء اتصال هاتفي مع دميتري ميدفيديف بهدف "وضع حد للخلافات والتوتر في العلاقات بين موسكو ولندن" انطلاقا من مبدأ أنه مع ميدفيديف "يمكن بدء كل شيء من جديد".
وهناك خاصية أخرى للفلسفة السياسية الغربية وهي عدم الرغبة في الاعتراف جهارا بالحقيقة الجلية بتاتا. فمثلا، أن أكثرية دول العالم لن تكون على الأغلب مهيأة أبدا لتطبيق الأنظمة الأميركية الأوروبية السياسية. وقد يندهش الأميركي من تصويت السكان بالإجماع لصالح زعيم بارز كما في روسيا واليابان وكازاخستان وسنغافورة. لكن من جانب آخر قد يبدو ما يحدث حاليا في الولايات المتحدة لأكثرية سكان العالم أمرا تراجيديا حيث لا يمكن التكهن أبدا بفوز أحد المرشحين في غمرة الانتخابات الرئاسية لأن فرص نجاحهما متساوية!
وفي النهاية يتصف الرأي العام المتكون عند ملتقى السياسة ووسائل الإعلام في الغرب برد فعل بطيء. فقد ينشأ بعض الأحيان شعور بأن هذا الرأي لا يتأثر بالعوامل الخارجية على الرغم من الحقائق. فعلى سبيل المثال بقي الرئيس الروسي بوريس يلتسين "ديمقراطيا يتصدى للمحافظين" حتى بعد قصف مبنى البرلمان عام 1993 بأمر منه.
ولذلك يمكن التنبؤ بأن دميتري ميدفيديف سيبدو في نظر الغرب بهذه الصورة التي صور بها الآن بغض النظر عما سيفعله أو سيقوله فيما بعد.