أخبار

الإفراج عن 7 من "جزائريي غوانتنامو" لن يكون غدا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كامل الشيرازي من الجزائر: أكّد مصدر جزائري مأذون لـ"إيلاف"، أنّ الإفراج المرتقب عن سبعة معتقلين من مجموع المواطنين الجزائريين الـ25 المحتجزين للعام السادس على التوالي في المعتقل الأميركي "غوانتنامو باي" السيئ السمعة، قد يتأخر لفترة غير محدودة، وإذ رفض المصدر ذكر أسباب هذا الإرجاء الجديد، فإنّه لمّح بقوة إلى أنّ ذلك مرتبط باستمرار حالة "التباين والخلاف" السائدة بين الجزائر والولايات المتحدة حول ترحيل 17 معتقلا، والشروط التي تحاول واشنطن فرضها على الطرف الجزائري لإتمام العملية، وهو أمر ترفضه الجزائر جملة وتفصيلا، ولم تكن الزيارات المكوكية لمسؤولين أميركيين للجزائر لتنهي معضلة مستمرة منذ شتاء العام 2002.

ويرى متابعون أنّ إنهاء محنة "أسرى جوانتنامو" سيطول، مع أنّ الجزائر والولايات المتحدة تجمعان -رسميا- على عكس ذلك، خصوصا بعد زيارة دافيد وولش مساعد كاتب الدولة الأميركي المكلف بشؤون الشرق الأوسط للجزائر، وإعلان الجانب الأميركي أنّ اتفاقا ثنائيا سيرى النور قريبا، لكن عدم استساغة الجزائر لـ"ضمانات" تطالب بها الولايات المتحدة بشأن معاملة حسنة للمحتجزين، وعدم تعريضهم للتعذيب، بجانب التزام بلدهم بعدم شقّ هؤلاء عصا التمرّد، أسقط كل شيئ في الماء، رغم محاولة مجموعة من المحاميين الأميركيين لدى زيارتهم الجزائر قبل شهرين، دفع مسار الأشياء.

وتصمّم واشنطن على شروطها رغم "الفيتو" الجزائري، تماما مثل المحكمة الفدرالية الأميركية المصرة على ضرورة تقديم الجانب الجزائري لضمانات تسمح بترحيل الجزائريين، حتى وإن كان بعضهم يرفض فكرة إرجاعه إلى وطنه الأصلي، وأبلغ وولش الصحافيين في ختام جولته المغاربية مؤخرا، إنّ الولايات المتحدة تريد إعادة السجناء، لكن تريد التأكد من عدم تمثيلهم أي خطر، مجددا المطالبة بضمانات تحول دون عودتهم إلى ممارسة ما أسماه "الإرهاب"، واستشهد بحالات لمحتجزين آخرين أفرجت عنهم بلدانهم الأصلية، ومارسوا العنف مجددا.

وفي أحدث تطور للملف، أفيد أنّ 12 جزائريا محتجزا في "الخليج الكوبي" عبّروا صراحة عن رفضهم الترحيل إلى بلدهم الأصلي، في حين أبدى 5 آخرين عدم معارضتهم لاحتمال إبعادهم إلى الجزائر ويطالبون بدلا عن ذلك بترحيلهم نحو ألبانيا، على غرار معتقلين آخرين، في وقت أرجأت محكمة أميركية، ليلة الجمعة، الإفراج عن خامس معتقل جزائري، ويتعلق الأمر بـ"أحمد بلباشا" (38 عاما) الموقوف بباكستان والمحتجز في جوانتانامو، يعارض ترحيله إلى الجزائر، ويفضّل إبعاده إلى بريطانيا التي كان يقيم بها بصفة رسمية أواخر التسعينيات.

وبعدما اعتقل خمسة أعوام في غوانتانامو، وصنف بمثابة "مقاتل عدو"، قبل أن يصار إلى الموافقة على إطلاق سراحه، طالب أحمد بلباشا محكمة مقاطعة كولومبيا، بإبقائه في القاعدة الكوبية، وهو أمر اعتبرته القاضية أمراً "غير واضح المعالم" غير أنها وافقت على دارسة حالته بسبب ما سمته "خطر تعرضه للتعذيب في بلد أجنبي"، رغم تعهّد الجزائر أنّ "المرحلين لن يتعرضوا لأية مضايقات ولن يعرضوا للمحاكمة كونهم لم يرتكبوا في الجزائر ما يعاقبوا عليه".

وأكّد المحامي الأميركي زكري كاتزنلسون الذي رافع عن بلباشا أنّ موكله يفضل البقاء في معسكر غوانتانامو رغم الظروف الصعبة، "إذا كان ذلك الخيار الوحيد المتاح"، زاعما أنّ شبهة الانتماء إلى تنظيم متطرف ودخول سجن أميركي ستدفع أجهزة الأمن الجزائرية إلى مطاردة موكله إذا ما عاد إلى بلاده بسبب أفكاره الدينية، على حد تعبيره.

وكان أحمد بلباشا يعمل محاسباً في إحدى المؤسسات الحكومية الجزائرية، ويقول إنّه تعرض لتهديدات، ما دفعه إلى مغادرة بلاده العام 1999، باتجاه بريطانيا حيث عمل في ورشة تنظيف ملابس ثم نادلاً في أحد المطاعم، حيث خدم جون برسكوت، نائب رئيس الوزراء البريطاني أثناء مؤتمر حزب العمال بمدينة بورتسموث التي كان بلباشا يقيم بها.

ورفضت الداخلية البريطانية طلب أحمد بلباشا للجوء ولكنها منحته حق الإقامة الاستثنائية وكان وقتئذ في سجن غوانتانامو بعدما تم اعتقاله في باكستان سنة 2002، كما أنّ بريطانيا أسقطت قبل عام أحمد بلباشا من قائمة الذين تدافع عنهم وتعتزم ترحيلهم إلى أراضيها، دون أن تعطي أي تبرير آنذاك، علما أنّ بلباشا ينفي بشدة تهمة الانتماء إلى إحدى مجموعات الإرهاب، ويقول إنّه سافر إلى باكستان لمتابعة بعض الدروس الدينية، لكنه وقع في قبضة القوات الأميركية بعدما سلمه أحد الأشخاص طمعاً بالحصول على مكافأة مالية على حد قوله.

ويعدّ بلباشا سادس جزائري توشك السلطات الأميركية على حسم مسألة ترحيله، بعد خمسة آخرين من ذوي الأصول الجزائرية، أطلق سراحهم خلال الأربع سنوات الماضية، إثر تدخل الدول التي كانوا يقيمون بها أو حصلوا على جنسيتها، وهم: "فتحي بوستة" الذي تم ترحيله إلى ألبانيا في نوفمبر 2006، "عبد النور سمور" (34 عاما) الذي استلمته بريطانيا، "مهدي محمد/ع" الذي نال حريته بعد تدخل الحكومة السويدية، و"إبراهيم/ ي" و"عماد.عشاب. ك" الذين تدخلت فرنسا لترحيلهم في 27 يوليو/تموز 2004.

وتقرع عوائل المحتجزين أجراس الإنذار، إثر تسريبات عن معاناة هؤلاء من أمراض مختلفة بينها مرض السل، وداء السكري وارتفاع الضغط الدموي والصداع النصفي، ناهيك عن مواجهتهم لمضايقات، في صورة أحدهم الذي رفضت إدارة السجن، بحسبهم، تمكينه من تناول الدواء الموصوف له، بالتزامن مع عدم ظهور أي مؤشرات تفيد بقرب الإفراج عن المحتجزين الجزائريين، ومعها تتفاقم مخاوف أهاليهم من احتمال الإبقاء عليهم لفترات غير محدودة هناك، على الرغم من إقدام البنتاغون بإطلاق سراح 400 معتقل يحملون جنسيات مختلفة أرجعوا إلى بلدانهم الأصلية أو البلدان التي اعتقلوا فيها.

وكان "مصطفى آيت إيدير" المتحدث باسم "عائلات معتقلي غوانتنامو" قال لـ"إيلاف" إنّ المحتجزين: أحمد نشلة - عبد القادر آيت إيدير- صابر لحمر- عبد الرحمان حمليلي - أحمد بلباشا - عبد النور سمور- سفيان برهومي- أحمد بلباشا، إضافة إلى عمر بوصرعة، بلقاسم بن سايح، لخضر بومدين، عامر معمّر، عزيز ناجي وغيرهم، ‬يعيشون‮ ‬ظروفا‮ ‬نفسية‮ ‬سيئة،‮ ‬لاسيما‮ ‬بعد‮ ‬غموض‮ ‬مسألة‮ ‬ترحيلهم‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬السلطات‮ ‬الأميركية‮ ‬إلى‮ ‬الجزائر‮ ‬أو‮ نحو دول ‬أخرى، ويزداد قلق الجزائريين من تأخر عملية ترحيل مواطنيهم، الذين لا زالوا كما اليمنيين قابعين في زنزانات جوانتنامو الرهيبة.

ويطرح حقوقيون في الجزائر، استفهامات بالجملة عن مدى "جدية" السلطات الأميركية ونظيرتها الجزائرية في التعاطي مع المسألة، بهذا الصدد، يتساءل المحامي الجزائري "بوجمعة غشير" رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، عن أفق القضية التي تشغل بال الرأي العام المحلي، منذ الزج بأول جزائري في ''معتقل العار'' بتاريخ 11 يناير/كانون الأول 2002.

وأشارت بيانات نشرها البنتاجون في مارس/آذار 2006، إلى تواجد 25 جزائريا بجوانتانامو، دون أي محاكمة للعام السادس على التوالي، معظمهم يحملون جنسيات أخرى بينهم 7 يحملون الجنسية الجزائرية - البوسنية، وظلت المحكمة الأميركية العليا ترفض تمكينهم من محاكمة عادلة، بعدما عجزت عن توجيه أي تهم لهم، حيث اكتفت واشنطن بتوجيه التهم إلى الجزائري "سفيان برهومي" دون سواه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف