التهدئة بين الفلسطينيين والاسرائيليين تراوح مكانها !

وسط تخوف فلسطيني من تكرار خرقها اسرائيلياً
التهدئة بين الفلسطينيين والاسرائيليين تراوح مكانها !

نجلاء عبد ربه من غزة: رغم بروز بوادر تهدئة فعلية في قطاع غزة نظراً للجهود المصرية في هذا الإتجاه، إلا أن تخوفاً فلسطينياً من عودة الأمور لأكثر دموية، ينعكس على حجم المعاناة والهاجس الذي يعيشونه في قطاع غزة، خاصة بعد أن نقدت إسرائيل الإتفاق السري مع حركة حماس، والذي سرّبت وسائل الإعلام المختلفة فحواه. فبعد إعلان حركتي حماس والجهاد الإسلامي عن قبولهما الخوض في تهدئة وفق شروط فلسطينية تتمثل في فك الحصار، وفتح المعابر، جاءت عملية الاغتيال التي نفذتها وحدات خاصة إسرائيلية في وسط بيت لحم بحق أربعة فلسطينيون، الأسبوع الماضي، ويعود الفلسطينيون إلى مربع الموت والقتل والقصف، لم تفتأ جراحهم بعد مقتل 226 منهم في العدوان الإسرائيلي الأخير عليهم.

التهدئة بحد ذاتها مطلباً فلسطينيا كما يقول الكاتب الصحافي يوسف صادق، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، فالرئيس محمود عباس طالب في لقاءات وتصريحات صحافية إسرائيل بوقف العدوان على الشعب الفلسطيني والدخول في حوار جدي للتوصل إلى تهدئة شاملة. وحماس من جانبها تعتبر أن التهدئة بين الفلسطينيين وإسرائيل أمر قد يتمك تنفيذه في حال إلتزمت إسرائيل بوقف جرائم القتل ضد الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، وفكت الحصار عن مليون ونصف مليون فلسطيني يعيشون في غزة.

ويضيف الكاتب لـ " إيلاف " : " أن الوضع على شفير هاوية تماماً"، خاصة وأن إسرائيل سرّبت معلومات كاذبة حول إصابة طائرة عمودية تابعة لجيشها، لتكون ذريعة لعدوان غير مسبوق، منوها إلى أن إسرائيل إعتمدت نفس الفكرة في العام 2003، عندما إتهمت قوات الـ 17 التابعة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أنها وراء إصابة مروحية عمودية إسرائيلية، تلاها بحسب ما يقول، قصف مهبط الطيران والطائرتان اللتان كانا يستقلاهما الرئيس الراحل ياسر عرفات، إضافة لقصف جميع المدرعات التابعة للأمن الوطني الفلسطيني.

سيناريو يؤكده خبير عسكري فلسطيني فضل عدم الكشف عن إسمه، الذي مضى قائلاً "إسرائيل غير معنية بأية تهدئة، فهي تعد العدة للإنقضاض على غزة من جديد، وضرب معاقل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة"، موضحاً أن ما قامت به من عدوان قبل ثلاثة أسابيع ما هي إلا تجربة إسرائيلية لمعرفة أنواع الأسلحة التي تمتلكها الفصائل الفلسطينية المقاومة.

وأضاف الخبير العسكري الفلسطيني لـ "إيلاف" ، أن إسرائيل تنهزم أمام الصواريخ الفلسطينية المحلية الصنع، سيما وأن تلك الصواريخ لا تملك إشعاعاً موجهاً، وبالتالي " لا تستطيع إسرائيل إيقافها". وأضاف في حال تمكنت إسرائيل من إعتراض تلك الصواريخ، فهي بذلك تعطي ضوءاً أخضراً لجيشها وطائراتها لشن هجوماً كاسحاً على مدن قطاع غزة، "لأنها ستضمن عدم جدوى رد المقاومة الفلسطينية في قصف البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة".

ولم تدخر إسرائيل جهداً، تحسباً لإندلاع موجة عنف جديدة بينها وبين الفلسطينيين، فأجرت الأسبوع الماضي أول تجربة على صاروخ يمكنه اعتراض صواريخ قصيرة المدى من الطراز الذي تطلقه مجموعات فلسطينية مسلحة من غزة على جنوب إسرائيل. وأعلن رئيس قسم الأبحاث في وزارة الحرب الإسرائيلية الجنرال "داني غوتليب" أن هذا النظام من الأسلحة سيبدأ العمل به فعلياً في العام 2010م.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت الذي زار شركة (رافائيل) التي تعكف على صنع هذا النظام، حث المسؤوليتين في الشركة على تسريع العمل لكي يكون نظام الاعتراض الجديد للصواريخ قصيرة المدى عملانيا بشكل سريع ونشره في المنطقة القريبة من قطاع غزة من حيث تطلق المجموعات الفلسطينية صواريخها.

وتشكل البلدات والقرى الزراعية الإسرائيلية المجاورة لقطاع غزة وخصوصا مدينة سديروت، التي يسكنها 24 ألف إسرائيلي، هاجساً للجيش الإسرائيلي كلما نفّذ أية عملية في قطاع غزة، فهي في مرمي الصورايخ الفلسطينية، وأدت إلى مقتل 14 إسرائيلياً بينهم 11 في سديروت لوحدها، وإصابة العشرات، فضلاً عن تدمير مبانٍ ومنشئات صناعية.

وكانت سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين هددت بتصعيد هجماتها الصاروخية على إسرائيل، مشيرة في بيان وصل إيلاف نسخة عنه، إنها طورت صاروخا جديدا بعيد المدى يمكنه ضرب أماكن في عمق الكيان الإسرائيلي. وهو ما أكدته إسرائيل بأن الصاروخ الذي طورته سرايا القدس يبلغ مداه 22 كيلومتراً ويصل إلى ما بعد مدينة المجدل "عسقلان".

ولم يخفِ قائد سلاح الجو الإسرائيلي الجديد الميجر جنرال "عيدو نحوشتان" رغبته في إجتياح الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة، مبرراً ذلك "كي يسهم في إحباط عمليات إطلاق القذائف الصاروخية وتهريب السلاح". وقال الجنرال الإسرائيلي في تصريحاتٍ صحفية نشرت اليوم:" إن إنتاج السلاح في القطاع منوط بخبرة التنظيمات الإرهابية الفلسطينية، ولكن تواجداً عسكرياً إسرائيلياً على غرار ما يطبق في الضفة الغربية بإمكانه وقف عمليات إنتاج الأسلحة وتطويرها".

وأعتبرت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن إسرائيل وغاراتها الجوية على قطاع غزة، والتي راح ضحيتها ثلاثةٌ من مقاتلي حركة الجهاد الإسلامي، هي من أشّر بنهاية أسبوع "تجربة التهدئة" الذي تم رعايته مصرياً للتوقف عن القتال في قطاع غزة، مبديةً قلقها من استمرار سقوط الصواريخ على البلدات الإسرائيلية المحاذية للحدود مع غزة.

وقالت الصحيفة "عملياً، التوقف عن النار لفظ أنفاسه يوم الأربعاء، عندما قتل أفراد من وحدة "يمام" الخاصة خمسة "مطلوبين" فلسطينيين في الضفة الغربية، فردت الجهاد في ذات الليلة بنار الصواريخ على "سديروت" حيث أطلقت صواريخ عديدة "، مبينةً أن إسرائيل لم ترد على الصواريخ التي أطلقت نظراً لحالة الطقس التي جعلت الأمر صعباً على الطيران سيما الطائرات التي تحلق دون طيار.

وبحسب الصحيفة :"السطر الأخير هو أن الجيش الإسرائيلي والجهاد الإسلامي استأنفا القتال بينهما". وتضيف الصحيفة "في كل هذه المحافل داخل إسرائيل، يعترفون بأن التقليص الكبير للصواريخ الفلسطينية، لن يتم إلا من خلال تواجد طويل لقوة برية في مناطق إطلاق الصواريخ شمالي القطاع، والذي من جانبه سيكلف الجيش الإسرائيلي إصابات عديدة".