الفشل يلازم المفاوضات بين المغرب والبوليساريو حول الصحراء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: ما زالت كلمة الفشل تلازم المفاوضات بين المغرب والبوليساريو حول الصحراء، إذ بعد أربع جولات من المحادثات، في مانهاست بضواحي نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية، لم يجر تحقيق أي تقدم ملموس، باستثناء اتفاق الطرفين في كل مرة على عقد جولة جديدة بالأجندة نفسها التي ما زال يكلف التمسك بما جاء فيها المنطقة غاليا.
ووفق ما ورد في تصريحات المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بيتر فان فالسوم، عقب اختتام الجولة الرابعة الثلاثاء، فإن الأطراف المتفاوضة التزمت بمواصلة مسلسل المحادثات فقط، دون الخروج بإجراءات عملية، كما أنهم تحدثوا حول تنفيذ قرارات مجلس الأمن، ومناقشة قضايا موضوعاتية كالإدارة والعدل والموارد. وأضاف بيتر فان فالسوم أنه "من بين المقترحات المختلفة التي طرحتها من أجل توسيع إجراءات الثقة، اتفاق بين الأطراف لتنظيم الزيارات العائلية عن طريق البر، لتضاف بذلك إلى البرنامج القائم لهذه الزيارات والذي يتم عن طريق الجو".
هذا الجمود أرجعه تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، بالأساس إلى "تمسك كل من جبهة البوليساريو والجزائر بموقفيهما، دون الأخذ بالاعتبار التغيرات الإقليمية والعالمية، ومبادرة الحكم الذاتي المغربية، التي تعد المرجعية التي فتحت على أساسها أبواب المفاوضات الدائرة حاليا لحل مشكلة الصحراء"، مضيفا بأن "هذا التعنت لن يزيد الأمر سوى تعقيدا، كما أنه سيتسبب في تضييع فرصة تاريخية للتسوية".
وبخصوص احتمال إنهاء مسلسل التفاوض دون الوصول إلى حل، قال تاج الدين الحسيني، في تصريح لـ "إيلاف"، "يبدو أن الأطرف اتفقت على جولة خامسة لم يحدد موعدها، غير أن السؤال المطروح حاليا، هل ستغير الجزائر موقفها قبل هذا الموعد وتدخل بشكل جدي في المفاوضات؟ الإجابة عن هذا السؤال تعلوه علامات استفهام كثيرة، إلا أن عجلة المفاوضات قد يساعد في تحريها الضغوط الدولية، خاصة من قبل الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وغيرها من الدول الكبرى".
الموقف نفسه كان قد عبر عنه وزير الداخلية شكيب بنموسى، عقب انتهاء المحادثات أمس، إذ أعرب في مانهاست عن أسفه لإصرار الأطراف الأخرى على التشبث بمواقف مبنية على مخططات متجاوزة موضوعيا. وأكد بنموسى، في تصريح ألقاه باسم الوفد المغربي، أن هذا الموقف لايزيد الوضع بالمنطقة إلا تأزما، مبرزا أن خطابات هذه الأطراف خلال اللقاءات الأربعة والتصرفات الاستفزازية المتتالية تشكل الدليل القاطع على استراتيجية الأسوأ التي تنهجها الأطراف الأخرى.
وأضاف الوزير أن المملكة، إذ تؤكد مجددا عزمها الحفاظ على أمنها الوطني ومصالحها المشروعة، فإنها تعبر مجددا عن استعدادها مواصلة هذا المسلسل من أجل إيجاد حل نهائي لهذا النزاع، وتهيىء الظروف المناسبة للبناء المغاربي وتعزيز التعاون بين دول المنطقة لمواجهة تحديات التنمية والأمن.
من جهته، قال محمد ياسين المنصوري، المدير العام للدراسات والمستندات (الاستخبارات العسكرية)، إن البوليساريو لم يأت، خلال هذه الجولة، بأي جديد، واكتفى باجترار مواقف واستنتاجات قديمة "أكل عليها الدهر وشرب". وأضاف المنصوري أن الوفد المغربي لم يلمس لدى البوليساريو رغبة أكيدة للسير قدما بهذه المفاوضات، معربا عن الأمل في أن تتخذ الأطراف الأخرى "خطوة مقدامة" مستقبلا تسير على المنوال نفسه الذي نهجه المغرب.
وذكر بأن المملكة، التي قدمت مقترحا شجاعا ومفتوحا، لم تجد، في المقابل، لدى الأطراف الأخرى، نفس الرغبة في الدخول في حوار جاد لإيجاد حل لنزاع الصحراء المفتعل. أما خليهنا ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، فأكد أن "هامش استقلالية القرار لدى البوليساريو محدود جدا ما دام يوجد تحت رحمة الجزائر".
وقال خليهنا ولد الرشيد "إن البوليساريو يتواجد فوق التراب الجزائري، حيث يتلقى الدعم والتمويل، وبالتأكيد فإن الذي يمول هو الذي يتحكم".وأضاف أن الجزائر تدعي من جهة أنها ترغب في حل لقضية الصحراء، وفي المقابل، لا تبذل أي مجهود لتسهيل مسلسل المفاوضات والتجاوب مع المساعي الرامية إلى إيجاد حل سياسي لهذه القضية. من جانبه، قال أحمد بوخاري، ممثل بوليساريو لدى الأمم المتحدة، إنه لم يحدث أي تقدم مهم، مضيفا أن "المغرب يصر على أن الحل الوحيد هو اقتراحهم للحكم الذاتي".
وأوضح بوخاري انه لم يتحدد موعدا للجولة المقبلة من المحادثات، و"نحن لا نتوقع شيئا ما في القريب العاجل".وشاركت في الجولة الرابعة من هذه المفاوضات، التي جرت تحت إشراف الأمم المتحدة، وذلك طبقا لقراري مجلس الأمن الدولي رقم 1753 بتاريخ 30 نيسان (أبريل)، ورقم 1783 بتاريخ 31 أكتوبر2007 ، وفود المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا.
وكانت الصحراء سابقا مستعمرة إسبانية، قبل أن يضمها المغرب إليه في 1975، وتطالب جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) باستقلالها عن الرباط. وبعد فترة من المواجهات، وقع المغرب والبوليساريو، في سنة 1991 برعاية الأمم المتحدة، اتفاقا لوقف إطلاق النار لا يزال الطرفان يلتزمان به.