أخبار

دعوات إلى تشريح استعجالي لظاهرة "الحراقة" في الجزائر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أحبطت هجرة 400 من شبابها خلال 60 يوماً
دعوات إلى تشريح استعجالي لظاهرة "الحراقة" في الجزائر

كامل الشيرازي من الجزائر: تتعالى الأصوات في الجزائر داعية الفاعلين إلى تشريح استعجالي لظاهرة " الهجرة السرية " أو ما يصطلح عليها محليا بـ" ظاهرة الحراقة " في الجزائر، على خلفية بلوغ الأخيرة منحنيات مقلقة في صورة 1500 شاب حاولوا العبور إلى الشاطئ الآخر خلال العام الماضي، وإعلان السلطات الجزائرية، الاثنين، أنّها أحبطت هجرة أربعمائة من شبابها خلال 60 يوماً. ويرى مراقبون إنّ ظاهرة الهجرة غير الشرعية مؤشر قوي على عمق الأزمة التي تتخبط فيها الجزائر، حيث فشلت جميع الحكومات المتعاقبة في حل المعضلة، ورغم تدخل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة شخصيا قبل شهرين، وإعلانه عن إجراءات سياسية تهدف إعادة إدماج الشباب اليائس عبر إشراكه في شتى المشاريع الإنمائية، إلاّ أنّ الخطوة لم تكن لتقنع (الحراقة) بجدوى التخلي عن شعارهم الشهير (يأكلني الحوت ولا يأكلني الدود!)، وهي ظاهرة محيرة لم يجد لها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وصفا غير فقدان الروح الوطنية.

ويعتبر خبراء جزائريون إنّ نقص الإعلام والفراغ القانوني المسجل في مجال مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، سببان مباشران لتفشيها، وينادون بتبني إستراتيجية شاملة للتكفل بالشباب الباحث عن إثبات ذاته، فيما لا يفهم الكثير كيف يمكن لهؤلاء الشباب الغض أن يفروا من بلد غني كالجزائر؟، وكيف تقول شابات متعلمات في العشرينات من عمرهنّ، أنّهنّ حاولن الهجرة مرات ولن يندمنّ، بل سيعدن مجددا، ما يحيل على حالة من اليأس المستشري في الجزائر جراء تراكمات وحصائل غاصت في الهزال.

من جانبه، يرى الخبير الاجتماعي الجزائري د/عبد الناصر جابي، أنّ ظاهرة "الحراقة" تعد بشكل ما "نتيجة نسب البطالة العالية، وسوء الحالة الثقافية والاجتماعية للشباب، ما أفرز فشل اندماج الشباب في المجتمع المحلي"، وقال جابي في مقابلة مع "إيلاف" أنّ "ظاهرة (الحراقة) تتطلب مقاربة أكثر شمولية من تلك التي تحصرها في الاعتبارات الاقتصادية" لأنها تعد تعبيرا عن فشل اندماج الشباب في المجتمع، واعترف جابي أنّ البحث الجامعي لم يول قدرا كبيرا من الأهمية لهذه الظاهرة وأبعادها المقلقة في بلد تزيد احتياطاته عن 110 مليار دولار، ويدرج محدثنا أيضا بعض العوامل الاجتماعية على غرار "تفكك" خلية الأسرة و "اختلال ميزان" القيم.

ويتصور عبد الناصر جابي أنّه ينبغي أخذ الاعتبارات الاقتصادية بعين الاعتبار في دراسة هذه الظاهرة، والبحث عن تفسيرات انطلاقا من التغيرات الديمغرافية، طالما أنّ الجزائر تجد نفسها اليوم أمام تحديات كبيرة بالنظر إلى العدد الكبير للشباب وثقل الطلب الاجتماعي، مؤكدا على "المجهودات الضخمة التي يجب بذلها في مجال التربية والترفيه والتسلية ومكافحة البطالة".

وينتهي الدكتور جابي إلى التركيز على النماذج المقولبة التي يقترحها الغرب عبر وسائل الاتصال الجديدة سيما جعل ظاهرة العنف الناجم في رأيه عن ظاهرة الإرهاب الذي تكتوي به الجزائر أمرا عاديا، مشيرا إلى أنّه "يتعين على الجزائر من الآن فصاعدا التفكير في مشروع إدماج".

من جانبه، صرح متحدث باسم القوات البحرية الجزائرية المقدم سليمان دفايري، أنّ الشباب الذين حاولوا الهجرة والمشهورين محليا بـ"الحراقة" بلغ عددهم 419 مهاجر غير قانوني كلهم جزائريين حاولوا المغامرة على شكل فرق صغيرة في السواحل الغربية للبلاد، وقال أنقذت حياة غالبية هؤلاء بعد أن جرى العثور عليهم في أوضاع حرجة، بينهم 103 شخص تم توقيفهم خلال عطلة نهاية الأسبوع الفارطة.

وشهدت سنة 2007، توقيف أكثر من 1500 مهاجر غير شرعي في الجزائر، بينهم 45 أجنبيا، إضافة إلى 87 لقوا مصرعهم بعد أن فشلوا في العبور إلى الضفة الأخرى، في حين أنقذ 376 شخصا بأعجوبة من موت محقق، ومقارنة مع السنتين الماضيتين، تُبرز الأرقام المقدمة الارتفاع المحسوس في معدلات الظاهرة خصوصا وأنّ البيانات لا تأخذ في الحسبان الموتى والمفقودين والأشخاص الذين قد وصلوا إلى وجهتهم، كما يعكس هذا المعطى تفاقم موجة الهجرة غير المشروعة في الجزائر، وانتشارها بين الشباب الذي يطلق عليهم محليا "الحراقة"، حيث يركب هؤلاء قوارب الموت بحثا عن فردوس مجهول، لم يتذوقوا طعمه في وطنهم الأمّ.

كما بلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين أوقفتهم السلطات الجزائرية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، نحو 2340 شخصا، علما أنّ عدد المهاجرين السريين أو غير الشرعيين، تضاعف خمس مرات خلال سنتين، بعد أن كان عددهم لا يتجاوز العام 2005، 335 شخص، ويضيف محدثنا إنّ السلطات لم تتمكن من تحديد هوية 60 بالمائة من الجثث المنتشلة بسبب حالة التعفن المتقدمة التي آلت إليها، علما إنّ عدد الجثث المنتشلة شهد هو الآخر ارتفاعا مقارنة مع السنتين الماضيتين، أين انتشل 29 و73 جثة على التوالي، مع الإشارة أنّ 10 مهاجرين غير شرعيين لقوا مصرعهم وفقد 9 آخرين، بينما أنقذ 16 شابا قبل 25 يوما، حينما كانوا يحاولون العبور إلى السواحل الإسبانية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف